Home»Islam»الاستقامة سعادة في الدنيا والآخرة

الاستقامة سعادة في الدنيا والآخرة

0
Shares
PinterestGoogle+

ختار
الحق سبحانه وتعالى الأمة الإسلامية لتكون
خير امة أخرجت للناس لا لذاتها ولكن لأنها
انزل عليها القران الكريم وبعث فيها سيد
الخلق وإمام الأنبياء والمرسلين محمد عليه
الصلاة والسلام. وهذا الاختيار يعطيها
الفضل والمزية طالما هي قارئة، دارسة للقران       
الكريم وعاملة به وداعية إليه ومبشرة به.
ولكن المتأمل المتدبر في واقع الأمة الآن
يجذ فرقا شاسعا واختلافا كبيرا في المنطلقات
والغايات والأهداف، بل يرى أكثر من ذلك:
إفراطا وتفريطا، غلوا وجفاء.وهذا ناتج
عن ابتعاد الأمة عن منهج رب العالمين، أي
عن القران الكريم: وحي السماء الذي كان
يجعل أتقى رجل حملته الأرض يتفصد جبينه
عرقا في اليوم الشديد البرد كما أخبرت بذلك
أم المؤمنين عائشة رضوان الله تعالى عليها
في الحديث الذي رواه الإمام البخاري.                         

« وقال الرسول
يأرب إن قومي اتخذوا هذا القران مهجورا ».
الفرقان 30

      القران
الكريم الذي أراده الله تعالى لنا د ستورا،
جعله الكثير من أفراد الأمة خاصا للمناسبات:
فقرؤوه على الأموات وفي افتتاح مناسباتهم
الدينية خاصة وهجروه في باقي أوقاتهم حتى
انك تجد من إتباع رسول الله صلى الله عليه
وسلم من إذا سألته كم مضى عليه من الوقت
لم يفتح المصحف أجابك أنه لا يحصي ذلك من
شدة طول المدة. وهذا ما كان يخافه النبي
صلى الله عليه وسلم على أتباعه لان الاستقامة
تحصل بالحضور القوي للقران الكريم الذي
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.                                                           

      فما
الذي جعل من أرسل رحمة للعالمين يشيب؟ تحدث
المفسرون والعلماء عن بعض السور القرآنية
وعلى رأسها سورة هود المكية ذات 121 آية.
وقال البعض منهم أن الآية 112 هي التي فعلت
فعلتها لان النبي صلى الله عليه وسلم خاف
على أمته ألا تستقيم على أمر الله تعالى
الذي خاطبه ب:                                          

      « فاستقم
كما أمرت ومن تاب معك ولا تطغوا. إنه بما
تعملون بصير. ولا تركنوا
إلى الذين ظلموا فتمسكم
النار وما لكم من دون الله من
أولياء ثم لاتنصرون.
وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل.
إن الحسنات يذهبن السيئات.
ذلك ذكرى للذاكرين. واصبر فإن الله لا يضيع
أجر المحسنين ».                
   

      فرسول
الله صلى الله عليه وسلم هو المثل الأسمى
في الاستقامة وخوفه الذي جعل الشيب يظهر
هو ذاك المتعلق بأتباعه »ومن تاب معك« .
والملاحظ الآن أن كثيرا من المسلمين قد
طغوا طغيانا ماديا وفسقوا عن أمر ربهم،
ومنهم من ذهب بعيدا فركن إلى الذين ظلموا
وقلدهم حتى في جزئيات حياتهم الخاصة :فوقع
أمر الله تعالى الذي لا مرد له وهو « ثم
لا تنصرون
« .                             

      من
هذا المنطلق وجب على الأمة الرجوع إلى الأصل
والاستقامة على أمر رب العالمين، فم الاستقامة
وما المقصود منها إذا؟              

      سئل
صديق الأمة و أعظمها استقامة عن الاستقامة
فقال رضي الله عنه:

                                                                             

  • الاستقامة
    أن لا تشرك بالله شيئا :

      كلام
في منتهى البساطة، يمكن لأي كان وكيف ما
كان مستواه أن يفهمه، وهذه قمة روعة فن
التواصل.فالصديق رضي الله عنه يريد الاستقامة
على محض التوحيد،فإن من استقام على محض
التوحيد الصادق الذي دان به الصديق واستقام
له توحيده على العلم الصادق بأسماء الله
تعالى وصفاته وآثارها في الأنفس والآفاق،استقام
في كل شأنه على الصراط المستقيم،فاستقام
له كل عمل وكل حال.

      فلا
يعقل أن نقول لا إله إلا الله بأفواهنا
وتأبى قلوبنا وأعمالنا إلا أن تقول عكس
ذلك:فمن صدق في القول،صدق في العمل فهو
لا يكذب ولا يفسق ولا يأخذ الرشوة ولا يتعامل
بها ولا يقر المعاملات الاقتصادية الربوية
ولا يحكم غير الله تعالى ولا…

      فأبو
بكر رضي الله تعالى عنه صدق رحلتي النبي
صلى الله عليه وسلم-الإسراء والمعراج- حينما
أخبره بها كفار قريش وأجابهم بذلك الجواب
الكافي والشافي لما في صدور المؤمنين:إن
كان قد قالها فقد صدق وأنا أصدقه على أكثر
من ذلك.فكيف الآن بالكثير من أفراد الأمة
لا يصدقون بعض التعاليم وإذا صدقوها أكثروا
الجدال وأرادوا لأنفسهم مخارج فركنوا إلى
الذين ظلموا.

      ولقد
سار كثير من السلف ومن الخلف على نهج أبي
بكر رضي الله عنه وأرضاه وعلى رأسهم مجاهد
رحمة الله تعالى عليه الذي أجاب حينما سئل
عن الذين استقاموا فقال:

  • إستقاموا على
    لا إله إلا الله حتى لحقوا به :

      ولا
شك أن من استقام على لا إله إلا الله حتى
لحق بربه، سيكون لا محالة من الذين ثبتهم
الله تعالى بالقول الثابت.

       
ومن كان حظه كذلك فقد فاز برضا ربه ثم بالجنة:
وهذا هو أمل كل عالم عامل مخلص:
« يثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت
في الحياة الدنيا وفي الآخرة ».
إبراهيم 28

      أما
الفاروق رضي الله تعالى عنه فقد عرف الاستقامة
بما يلي:

  • الاستقامة
    أن تستقيم على الأمر والنهي، ولا
    تراوغ روغان الثعالب  :

      هذا
تعريف الرجل الذي فرق الله تعالى به بين
الحق والباطل:الفاروق عمر رضي الله تعالى
عنه وأرضاه الذي لا يداهن أحدا من مخلوقات
الله ولا يخاف في الله لومة لائم.فالبنسنة
له،من كان يبحث عن تحقيق الاستقامة،فليدعن
لأوامر رب العالمين ولنواهيه. والحقيقة
هو أنك تجد من الموحدين من يراوغ روغان
الثعالب:يأتي الرجل بصلاة وزكاة وصيام
وحج وأعمال بر وطاعة ولكنه لا يتحرج أن
يتعامل بالربا أو بالرشوة أو يتاجر في ما
حرم الله جل وعلا أو… واللائحة طويلة.

      كان
الرعيل الأول رضوان الله عليهم كلما أنزلت
آيات إلا وقالوا سمعنا وأطعنا، وكلما خاطبهم
سيد الأولين والآخرين إلا واستجابوا.وكان
من ثمرة هذه الاستجابة وهذا الادعان أن
مكن الله لهم في الأرض وجعلهم سادة أهل
الأرض، فقادوا العالم إلى أمن ورخاء وعدل
ومساواة لم يشهد التاريخ لها مثيلا.

« وكان حقا
علينا نصر المؤمنين »
الروم 46

« إن تنصروا
الله ينصركم ويثبت أقدامكم  »
محمد 8

      فالنصر
آت لاشك في ذلك ولكن بعد تحقيق الاستقامة
وعدم المراوغة. وقد يتساءل كثير ممن استقاموا
فعلا قائلين:لماذا نضل مستضعفين وفينا
الصالحون المستقيمون؟ والسؤال سبق وأن
طرحته أمنا عائشة رضي الله عنها على رسول
الله صلى الله عليه وسلم:

      *
أنهلك وفينا الصالحون؟ قال صلى الله عليه
وسلم: نعم، إذا كثر الخبث » صدق الصادق
المصدوق ورب الكعبة.

      إن
المتأمل في كل من التعريفين يجد أن من استقام
على توحيد رب العالمين، ما وسعه إلا أن
يسلم أمره كله لله تعالى ويأتمر بما أمره
به سيده ومولاه وينتهي عما نهاه عنه: وهذه
قمة العبودية والخضوع.

      *
عن سفيان بن عبد الله رضي الله عنه قال،
قلت:  » يارسول الله قل لي في الإسلام قولا
لا أسأل عنه أحدا غيرك؟ » قال النبي صلى
الله عليه وسلم: « قل آمنت بالله ثم استقم »
رواه مسلم

      فرسول
الله صلى الله عليه وسلم أوتي جوامع الكلم،
لذا أمر السائل أن يؤمن بالله ثم يستقم.

      وفي
فن التواصل الدقيق هذا تظهر بلاغة وحكمة
النبي صلى الله عليه وسلم، فهو يعطي وصية
كافية وشافية وموصلة إلى الأمل المنشود
الذي دندن حوله الأولون ويدندن حوله المعاصرون
الصالحون-الجنة- في خمس كلمات: « قل آمنت
بالله ثم استقم » .

      أما
سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وأرضاه،
وهو من هو، فقد أجاب حينما سئل عن الذين
استقاموا لربهم في قوله تعالى: « إن
الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا »
فقال: إستقاموا أي أخلصوا العمل لله تعالى.

      تأمل
معي قول ذي النورين، وهو الذي قال فيه رسول
الله صلى الله عليه وسلم بعد أن جهز ما شاء
الله تعالى من جيش العسرة: « ما ضر
عثمان ما فعل بعد اليوم ».
إنه من المهاجرين الأولين إلى الحبشة،
ومن الذين أنفقوا من أموالهم على رسول الله
صلى الله عليه وسلم وعلى الدعوة إلى الله،
وثالث الخلفاء الراشدين، وهو الذي رفض
أن يحارب المؤمنون أصحاب الفتنة وقدم حياته
حقنا لدماء المسلمين… رجل بالمعنى القرآني: « من المومنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله
عليه »
، له كل الحق أن يتحدث عن الإخلاص,
ما أحوج الأمة إلى الإخلاص في العمل، سواء
تعلق الأمر بالعبادات أو بالمعاملات مصداقا
لقول رب العالمين في سورة البينة: « وما
أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين
حنفاء ويقيموا الصلاة ويوتوا الزكاة وذلك
دين القيمة »
، وقول رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه ابن ماجة: « من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده،
لا شريك له، وأقام الصلاة،
وآتى الزكاة، فارقها والله عنه راض »
الآية والحديث دليل ساطع على أن صلاح النية
وإخلاص الفؤاد لله يرتفعان بمنزلة العمل
الدنيوي البحت فيجعلانه عبادة متقبلة،
ولكن الصلاة، وهي عماد الدين، مع الرياء
تصبح جريمة يعاقب عليها صاحبها، وهذا ينطبق
على كل ما نقوم به في الحياة الدنيا لأن
روح الإخلاص، إذا فقدت من عمل، بات العمل
صورة ميتة لا خير منها.

      فتخيل
معي إنسانا يهبط بقيمة جهده إلى مستوى الدابة
التي تكدح طيلة اليوم نظير طعامها، فيكون
عمله لقاء راتبه الشهري فقط. فلو كان عاقلا
فعلا، لغالى بتفكيره ونشاطه، فيجعلهما
للأجل: وهو رب العالمين. ومع الأسف، نجد
في مجتمعاتنا المسلمة أناسا لا يفقهون
إلا منطق المال، والترقية، والتعويضات
و…ويربطون نشاطهم في العمل أو فتورهم،
وكدا قوة أو ضعف الإنتاج بما يتقاضونه.
فلنتدبر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:  » إذا كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز
منها ما كان لله، وما كان لغير الله رمي
به في نار جهنم »
رواه البيهقي.

      ولنعلم
أن القلب المقفر من الإخلاص لا ينبت شيئا
كالحجر المكسو بالتراب لا يخرج زرعا، وكذلك
القشور الخادعة لا تغني عن اللباب الرديء
شيئا. فما أنفس الإخلاص وما أغزر بركته
لأنه يخالط القليل فينميه حتى يزن الجبال
كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
 » أخلص دينك يكفك العمل القليل »
رواه البخاري

      والإخلاص
يسطع شعاعه في النفس، وهو أشد ما يكون تألقا
في الشدائد: فتجد المخلص لربه ينسلخ من
أهوائه، ويتبرأ من أخطائه، ويقف عند باب
الله تعالى أوابا يرجو رحمته ويخاف عذابه.
وقصة نبي الله يوسف عليه السلام غنية بهذه
المعاني: إخلاصه لربه وحده لا شريك له أثمر
عصمة من الزلل في ذلك الوقت الحرج الذي
لا يثبت فيه إلا من عصمه المخلص له، قال
تعالى: « كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء.
إنه من  عبادنا المخلصين ».
يوسف 24

      أما
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله
عنه، فقد عرف الاستقامة بأنها أداء الفرائض.
ولا شك أن القصد من أداء الفرائض إتيانها
كاملة دون زيادة أو نقصان: فمن زاد شيئا
في دين رب العالمين فهو رد عليه كما أخبر
بذلك الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى
والذي على يديه أكمل الله تعالى الدين للبشرية
لمن أراد أن يستقيم: »اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت
عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا »
المائدة 4

      
فكل زيادة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة،
وكل ضلالة في النار عياذا بالله.

      أما
من نقص شيئا مما افترضه عليه ربه، فقد أصبح
يشرع لنفسه الأمارة بالسوء ويتبع هواه
ولا يأخذ من الدين إلا ما يناسب النفس والهوى،
وهذه قمة الضلالة والفسوق عن أمر رب العالمين
القائل سبحانه: « ولا تكونوا كالذين
نسوا الله فأنساهم أنفسهم.أولئك هم الفاسقون »
الحشر 19. وقال جل من قائل:  » وما يضلون
إلا أنفسهم وما يشعرون »
آل عمران
68.

      سئل
الحسن البصري رحمة الله عليه عن الذين قالوا
ربنا الله ثم استقاموا فقال: إستقاموا على
أمر الله، فعملوا بطاعته واجتنبوا معصيته:
كلام جامع ومانع لا نشك في أن هذا الإمام
الفذ قد عمل بمقتضى ما يقول ولا نزكي على
الله أحدا. فالإنسان الذي يستقيم على أمر
الله تعالى، ويعمل بطاعته ويجتنب معصيته
يكون على هدى من الله.

      أما
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمة الله عليه وهو
من هو، فقد أجاب عن نفس السؤال بقوله: إستقاموا
على عبوديته ومحبته، فلم يلتفتوا عنه يمنة
ولا يسرة. وفعلا، لقد جسد ما يقول وما يحس
به فعلا على أرض الواقع فكان سجنه خلوة،
وقتله شهادة، ونفيه سياحة لان جنته كان
يحملها في صدره وقلبه.

      وصدق
رحمه الله حينما تحدث عن العبودية الحقيقية
لله رب العالمين لأن من كان عبدا خالصا
لله فقد ارتقى إلى مدارج سالكي طريق الأنبياء
والمرسلين. والله تعالى كلما أراد أن يرفع
من قدر رسوله محمد عليه الصلاة والسلام
وصفه بالعبد كما في مطلع سورتي الكهف والإسراء:

« الحمد
لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل
له عوجا »

« سبحان
الذي أسرى بعبده ليلا »

      فمن
كان عبدا خالصا لله رزق محبة سيده ومولاه
الذي يتكرم عليه بالرضا الذي لا يبلى ولا
يفنى، وهذا كان مدار الأنبياء والمرسلين
والصالحين.

      ولو
أردت أن تجمع كل هذه الأقوال وهذه التعارف
في نقط تمكنك من العمل بها من أجل حصول هذا
الخلق الرفيع الذي يجمع الأخلاق كلها لوجدت
مايلي:

      
أ) عقيدة صحيحة لا تزحزحها رياح التيارات
الهدامة؛

      
ب) أداء للفرائض واجتهاد في النوافل من
أجل سد الذرائع؛

      
ج) الإخلاص لله تعالى في القول والعمل؛

      
د) العمل بكل طاعة واجتناب كل معصية؛

      
ه) عبودية خالصة ومحبة لله رب العالمين :

      وهكذا
عاش سيد الأولين والآخرين وإمام المتقين،
سيد المستقيمين، سيدنا محمد عليه الصلاة
والسلام.

      فلنكن
جميعا من الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا
مقتدين في ذلك بإمامنا، من أرسل رحمة للعالمين،
صلى الله عليه وسلم، ومقتفين آثار سلفنا
الصالح رضي الله عنهم جميعا نسعد في الدنيا
والآخرة:

      « إن
الذين قالوا ربنا الله ثم آستقاموا تتنزل
عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا
وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون، نحن
أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها
ما تدعون نزلا من غفور رحيم »
فصلت
الآيات 29, 30, 31.

      وصلى
الله وسلم وبارك على سيدنا ونبينا ومولانا
محمد وعلى آله وأصحابه وذرياته وأزواجه
الطاهرين أمهات المؤمنين، والحمد لله رب
العالمين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *