Home»Islam»نصائح غالية من كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي رحمه الله

نصائح غالية من كتاب أدب الدنيا والدين للماوردي رحمه الله

0
Shares
PinterestGoogle+
 

كتاب أدب الدنيا والدين لأبي الحسن علي بن محمد بن حبيب البصري الماوردي رحمه الله من أنفس الكتب فيه من العلم والحكم كنوز لا تقدر بثمن. ويجدر بكل مؤمن ومؤمنة أن يتصفح هذا الكتاب بين الحين والآخر ففيه أدب الدنيا والدين بالفعل ، وهو كتاب يصدق عليه وصف الشافي والكافي. ومما جاء في هذا الكتاب وفي سياق الحديث عن أدب الدين ما يلي :
 » اعلم أن للإنسان فيما كلف من عباداته ثلاث أحوال : إحداهما أن يستوفيها من غير تقصير فيها ،ولا زيادة عليها ، والثانية أن يقصر فيها ، والثالثة أن يزيد عليها.
فأما الحال الأولى فهي أن يأتي بها على حال الكمال ، من غير تقصير فيها ، ولا زيادة تطوع على راتبتها فهي أوسط الأحوال وأعدلها ، لأنه لم يكن منه تقصير فيذم ، ولا تكثير فيعجز.
وأما الحالة الثانية وهو أن يقصر فيها فلا يخلو حال تقصيره من أربعة أحوال :

1ـ أن يكون لعذر أعجزه عنه ، أو مرض أضعفه عن أداء ما كلف به ، فهذا يخرج عن حكم المقصرين ، ويلحق بأحوال العاملين لاستقرار الشرع على سقوط ما دخل تحت العجز.

2 ـ أن يكون تقصيره فيه اغترار بالمسامحة فيه ، ورجاء العفو عنه ، فهذا مخدوع العقل ، وغرور بالجهل ، فقد جعل الظن ذخرا ، والرجاء عدة ، فهو كمن قطع سفرا بغير زاد ، ظنا بأنه سيجده في المفاوز الجدبة ، فيفضي به الظن إلى الهلكة.

3 ـ أن يكون تقصيره فيه ، ليستوفي ما أخل به من بعد فيبدأ بالسيئة في التقصير قبل الحسنة في الاستيفاء اغترارا بالأمل في إمهاله ، ورجاء لتلافي ما أسلف من تقصيره وإخلاله ، فلا ينتهي به الأمل إلى غاية ، ولا يفضي به إلى نهاية.

4 ـ أن يكون تقصيره فيه استثقالا للاستيفاء ، وزهدا في التمام ، واقتصارا على ما سنح ، وقلة اكتراث بما بقي.
وأما الحالة الثالثة ، وهو أن يزيد فيما كلف ، فهذه ثلاثة أقسام :

1 ـ أن تكون الزيادة رياء الناظرين ، وتصنعا للمخلوقين ، حتى يستعطف به القلوب النافرة ، ويخدع به العقول الواهية ، فيتبهرج بالصلحاء وليس منهم ، ويتدلس في الأخيار وهو ضدهم ، وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرائي بعمله مثلا ، فقال : (( المتشبع بما لا يملك كلابس ثوبي زور )) يريد بالمتشبع لما لا يملك المتزين بما ليس فيه ، وقوله كلابس ثوبي زور ، هو الذي يلبس ثياب الصلحاء ، فهو بريائه محروم الأجر ، مذموم الذكر ، لأنه لم يقصد وجه الله تعالى ، فيؤجر عليه ، ولا يخفى رياؤه على الناس فيحمد به. وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( أخوف ما أخاف على أمتي ، الرياء الظاهر ، والشهوة الخفية )) ، وروي عنه صلى الله عليه وسلم أيضا : ((أشد الناس عذابا يوم القيامة من يرى أن فيه خيرا ولا خير فيه )).

2 ـ أن يفعل الزيادة اقتداء بغيره ، وهذا قد تثمره مجالسة الأخيار الأفاضل وتحدثه مكاثرة الأتقياء الأماثل ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ((المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل )) فإذا كاثرهم المجالس ، وطاولهم المؤانس ، أحب أن يقتدي بهم في أفعالهم ، ويتأسى بهم في أعمالهم ، ولا يرضى لنفسه أن يقصر عنهم ، ولا أن يكون في الخير دونهم ، فتبعثه المنافسة على مساواتهم ، وربما دعته الحمية إلى الزيادة عليهم ، والمكاثرة لهم ، فيصيرون سببا لسعادته .

3 ـ أن يفعل الزيادة ابتداء من نفسه ، التماسا بثوابها ، ورغبة في الزلفة بها ، فهذا من نتائج النفس الزاكية ، ورواعي الرغبة الوافية، الدالين على خلوص الدين ، وصحة اليقين ، وذلك أفضل أحوال العاملين ، وأعلى منازل العابدين ، وقد قيل : الناس في الخير أربعة : منهم من يفعله ابتداء ، ومنهم من يفعله اقتداء ، ومنهم من يتركه استحسانا ، ومنهم من يتركه حرمانا . فمن فعله ابتداء فهو كريم ، ومن فعله اقتداء فهو حكيم ، ومن تركه استحسانا فهو رديء ، ومن تركه حرمانا فهوشقي . » رحم الله الماوردي ويا ليتنا ننتصح بنصحه.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.