Home»International»حرية التعبير ونفاق الغرب

حرية التعبير ونفاق الغرب

0
Shares
PinterestGoogle+

بقلم لحسن بنمريت روتردام هولندا

ٌكمدخل الى هذا الموضوع ، أريد ان اسرد عليكم تجربة قصيرة شخصية عشتها هذه الأيام وهي كالتالي: أثناء متابعة دراستي لنيل دبلوم الماستربالمدرسة العليا للأسا تذة بمدينة روتردام ، جمعتني صداقة مع أستاذ تركي يدرس اللغة التركية في نفس المدرسة . وكنا في غالب الأحيان نتحدث عن أحوال جاليتينا والظروف المتاحة للطلبة في هولندا وكان دائما يبدي لي غيضه من رفض الاوروبيين لدخول تركيا الى أوروبا الى غير ذلك من المواضيع . لكن في نفس الوقت كان دائما يبدي اعجابه بالمجتمع الهولندي ، ويمدح أسلوبه في الحياة ، رغم أني كنت دائما امزح معه واقول له أنتم الأتراك شوفينيون حتى النخاع تجاه بلدكم ولا زلتم تحملون جينات كمال أتتاتورك وكثيرا ماكان يرد علي بابتسامة عريضة . لكن مرت أزيد من 3 سنوات لم أعد أراه وٍسألت عنه أحد الطلبة الأتراك وقال لي بانه هو الآخر لم يعد يراه كذلك بالمدرسة .

قبل اسابيع قليلة التقينا صدفة في مطعم تركي وبطبيعة الحال سالته عن سبب غيابه . فأجابني بما يلي :  »   – لقد اشتغلت لمدة 30 سنة في نفس المدرسة وكانت علاقتي بالطلبة وبزملائي الهولنديين جيدة للغاية . طيلة هذه السنوات المتواصلة من العمل لم أتغيب سوى يوما واحدا فقط بسببب المرض . لكن شاءت الظروف أن اعطيت درسا لطلبتي  حول موضوع يدخل في اختصاصي . كانت القاعة مملوءةعن آخرها وتكلمت عن بعض المجموعات الاسلامية وعلاقتها بالارهاب وقتل الأبرياء وتشويه الدين الحنيف ، ولكني ذكرت ايضا ان قتل الأطفال والنساء وتدميرالبيوت في فلسطين يعد كذلك ارهابا تقوم به اسرائيل وافضل شيء هو التوصل الى سلام دائم يجعل الشعوب تعيش جنبا الى جنب في أمان وطمأنينة . مرت يومان بالضبط  بعد هذه المحاضرة، توصلت برسالة الطرد من العمل من طرف مدير المدرسة . والحجة هي انني أستاذ غير نشيط وغير منسجم مع زملائي . ورغم مساندة بعض الأساتذة الذين وقفوا الى جانبي ، الا أنني أجبرت على التقاعد المبكررغم ان السنين المتبقية من تقاعدي الكامل هي 12 سنة  » .انتهى كلام الأستاذ التركي .
تلكم ليست هي القصة الأولى . قبل سنوات خلت ، كان الأستاذ طارق رمضان قد تعاقد مع بلدية روتردام وجامعتها لمدة سنتين . ومنذ الشروع في عمله  بدأت السهام تنزل عليه من طرف اللوبي الصهيوني المتوغل ومن طرفا الأحزاب اليمينية الآخرى ،  خصوصا أن تمكنه من اللغتين الانجليزية والفرنسية جعتله متميزا وبارعا في تمرير افكاره وتحدثه عن الاسلام بطريقة ذكية وهادئة  وهذا ما لا يعجب الكثيرين كما هو معروف .

Dr. Tareq RAMADAN

المرة الأولى اتهم فيها الأستاذ بانه ضد المراة وضد الشذوذ الجنسي . وبعد بحث طويل وعلى اثر الملتمس الذي تقدم به الحزب العنصري ببلدية روتردام ، لم يعثروا على اي دليل بثبت ذلك ، سواء في كتب الدكتور طارق رمضان أو في محاضراته المسجلة وهدأت العاصفة . لكن لم  تمرحتى أشهرقليلة ، حتى ألصقوا له تهمة أخرى وهي أنه أصبح يقوم با ستجوابات حول موضوع الاسلام مع اذاعة تابعة لايران ، وحيث أن هذه الأخيرة ـ اي ايران ـ دولة غير صديقة في نظرهم ، فانهم طالبوا بتوقيف الدكتورطارق رمضان عن العمل فورا، وهو ما تم فعلا . وباقي القصة ربما يحكيها لكم الأستاذ طارق رمضان الذي يزور المغرب باستمرار. مع الاشارة هنا ، أننا نلاحظ كيف ان اغلب الدول الأوروبية اصبحت الآن تهرول الى مغازلة ايران و تحاول ربط علاقات معها .
نعم ، تلكم هي حرية التعبيرالذي يتشدق بها الغرب،  وتتباهى بها فرنسا كدولة سباقة في هذا المجال وتسمح بالاساءة الى الأديان والتهكم على اشرف المرسلين، لكن في المقابل تصدرالعقوبات الصارمة على كل من تسول له نفسه أن يشك في « الهولوكوست » اي المحرقة ، أو ينقص من عدد ضحاياها كما يمنع منعا كليا القيام بأي  بحث علمي او أكاديمي حولها . ولقد حضرت في هذا الصدد الى عدة ندوات عقدت  بعد أحداث شارلي ، ولاحظت كيف ان بعض الحاخامات يروجون الى حرية التعبير لغرض في نفس يعقوب ، أي الاستمرار في سب الاسلام لاستفزاز المسلمين وانتظارردود فعل بعض الغيورين منهم ، ليكون الهدف هو تهييج وسائل الاعلام الموالية لهم والمتعاطفة معهم، بغية  تشويه الاسلام و كسب المزيد من الابتزازالسياسي .
في المقابل و بعد أحداث 11 شتنبر، ظهرت نخب مسلمة انتهازية  ،هلل لها الغرب وأصبحت هي الممثلة  الحقيقية للمسلمين والمتحدثة عن الاسلام الذي كانت تريده امريكا  طبعا برئاسة بوش الابن . و من بين هذه الأمثلة هنا في هولندا ، هناك  جائعة صومالية قدمت الى هولندا تبحث عن لقمة عيش تملأ بها بطنها، فاستطاعت أن تحصل على أوراق الاقامة بعذ ما كذبت على الهولنديين  وزورت تاريخ ومكان ميلادها و نسجت قصة خيالية قامت فيها  بتشويه أبويها ونعتتهم باقبح الصفات مثل العنف والقهر والاضطهاد . لكن المشكل لن يكمن هنا ، لأن هناك العديد من اللاجئين من قام بنفس الشيء للحصول على أوراق الاقامة وهذا الأمر مفهوم الى حد ما ، نظرا للظروف الذين يمربها بعض الاخوان والأخوات المهاجرين من مختلف الأقطار وربما يدخل هذا حتى في باب الكذب الأبيض رغم انني لست فقيها .

Hirschi Ali

لكن ،المصيبة هي  أن  الصومالية « هرشي علي » شمرت على  ذراعيها وكشرت عن أنيابها وبدأت في سب واساءة الاسلام والمسلمين ، مما جعل الحزب اليميني اللبرالي يحتضنها ويضعها في قائمة المرشحين في الانتخابات التشريعية. وحيث كان من المنطقي أن تنجح الأحزاب اليمينية والعنصرية خصوصا بعد الموجة المعادية للاسلام بعد احداث 11 شتنبر، فلقد وجدت مكانا لها في البرلمان واصبح شغلها الشاغل هو التهجم على الاسلام والمسلمين ولعل أغرب ما روجته عن الاسلام هو ختانة الفتيات رغم اننا نعلم جميعا أنها عادات موجودة في بعض البلدان مثل الصومال والسودان ومصروغيرهم  ولاعلاقة لهذه الظاهرة بالاسلام .ولقد لعبت « هيرشي علي »  على الجانب العاطفي لشريحة كبيرة من المجتمع وحكت لكم عن المعاناة والألم اللذان يرافقان هؤلاء الضحايا طوال حياتهم وروجت لها بعض وسائل الاعلام لذلك .ومن خلال تفاعلها واثارتها لهذا الموضوع وبهذه الحدة ،فانني لا أستبعد أنها تكون قد فقدت جزءا من جهازها التناسلي  ـ والله أعلم ـ  أفقدها رغبتها الجنسية و جعلها تثورعلى الاسلام بهذه الطريقة .  نعم ، وفي  ظرف وجيز، اصبحت « هيرشي علي » نجمة ساطعة في أوروبا ،استقبلها بوش في امريكا والسيدة ميركل بألمانيا بالجوائزوالورود على انجازها الباهرتجاه الاسلام  . بعد ذلك ، التحقت بأمريكا للعمل مع لجنة موسعة تشتغل مع بوش الابن ضد مايسمى بالتطرف حسب الفلسفة الأمريكية  لكن و بعد أشهر قليلة  تخلت أمريكا عن أميرة الصومال لأنها صلاحيتها انتهت. وتخلت هولنداعن تقديم أجرحراسها الشخصيين ودخلت مزبلة التاريخ من بابها الواسع وأصبحت عبرة لمن يحذو حذوها لان الله يمهل ولا يهمل .

ختاما لهذا المقال المختصر، سأل صحافي الوزيرالأمريكي هنري  كيسنجر ذات يوم عن المبادئ التي ترتكزعليها أمريكا . فأجاب قائلا: مبادئ أمريكا هي مصالحها أولا، ومصالح حلفائها ثانيا . ترى اين  تكمن مصالح شعوبنا العربية والاسلامية؟ ومن يتحمل مسؤولية الدفاع عن معتقداتنا وديننا؟ وما دور ثرواتنا  وبترولنا، اذا لم نستطع حتى فرض قانون دولي يجرم اساءة الأديان كما حصلت اسرائيل على ذلك حول معاداة السامية؟  هل هو ضعف من حكامنا أم تقصيرمن شعوبنا ومثفينا وأحزابنا أم ان الأمرلايعدو أن يكون الطاعة والامتثال الكاملين لأمريكا وحلفائها .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. Mimoun(touissit)
    26/02/2015 at 00:16

    تحية خاصة للأخ لحسن

  2. abo lokman
    26/02/2015 at 10:55

    salaaaaaaaaaaaaaaaaam,
    Hada ma3rouf .
    tahiyaaati algalisah.

  3. عبيد
    26/02/2015 at 23:03

    إذاً، حرية الرأي ليست بلا حدود في الغرب، وهذا مفهوم لأن هناك حساسيات لدى كل فئة أو تجمع ديني أو اجتماعي، لكن من غير المقبول أن يُسمح لاستفزاز فئة معينة مع تجريم استفزاز فئة أخرى، فإما لا يوضع أي اعتبار لكل الفئات أو أن تراعى كل الفئات دون تمييز، وإلى أن يحين ذلك الوقت سيبقى الغرب في نظرنا منافقا ومزدوج المعايير.

  4. Anonyme
    28/02/2015 at 13:46

    أشكرك اخي الحسن على هذا المقال، الذي لخص مفهوم الحرية عند الغرب و أشاطرك الرأي فحسب تجاربي الشخصية وأخرها نقاش كان لي مع زميل لي في العمل يدرس مادة الاقتصاد حول واقعة شارلي أعطيت رايي حول تدخل أحمد أبوطالب عمدة روتردام (الذي وصل البيت الأبيض بتدخله حول واقعة شارلي) فزميل الذي اعتبره كصديق كان رده
    ‘ niemand heeft recht om onze beschaving aan te rakken’
    ليس لأحد الحق في المساس بحضارتنا هذا يعني بأن الرأي الذي يخالف رأيهم فهو من التخلف و العصبية و هذه ليست حرية

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *