فاتورة الدم الــعــربي

بقلم  :ذ. عبد الفتاح عزاوي

            لاأحــد يعــرف كــم عدد الأرواح التي أزهـقـت في سنوات ماسمي بالربيع العربي ، فالعديد من الأقطار العربية أصبحت تعيش أسوء مراحل تاريخها ،و التطورات التي تمر منها  لازالت متسارعة وغير معروفة  النتائج ، والإنسانية لم  يعد لها معنى في زمن التشدق بحقوق الإنسان  وفي ظل وقوف المنتظم الدولي مشدوها أمام  هول مايحدث.

            الكل يعـلم  حجم  الضجة الإعلامية وعشرات التقاريرالدولية التي ترفع ،عندما يتعلق الأمر بحياة المواطن الغربي ، فالدنيا تقام ولاتقعد ، و اللقاءات والاتفاقات تدار بسرعة البرق . أما عندما يتعلق الأمر بالمواطن العربي، فـالدم رخيص ولاقيمة له في سوق البشرية ، وكأن الحق في الموت للجنس العربي دون غيره من الأجناس الأخرى، أصبح شعار الضمير العالمي . إننا نعيش اليوم حصارا عالميا لايختلف  كثيرا عن حصار الشعب الفلسطيني ،إذ ليس هناك أدنى رغبة في حلحلة مـــشاكل المنطقة وإنهائها .

                لقد انهار التضامن العربي الإقليمي واستسلمت المنطقة للأطماع الخارجية التي زادت من تعميق مأساتها عن طريق إذكاء الحروب الطائفية  ، وشيطنة انتفاضات الشعوب العربية  تحت مسمى الفوضى الخلاقة ، حتى  يضمن الصهاينة استقرارهم وينعم الأمريكان ووحوش أوربا بخيرات الأرض العربية  .

               مهما تكن الأسباب والمسببات ، فالتطاحنات لاتجري إلا في الوطن العربي الذي أريد له أن يفجر من الداخل ، في مواجهات مباشرة بين أبناء الوطن الواحد وبأدوات دنيئة مسخرة من الخارج رافعة الرايات السـود ، فازدادت بشاعة المنطقة ولم يبقى للإنسان والحيوان أدنى قيمة .فلا صوت يعلو على صوت الرصاص ، والنهب والسلب أصبح شعار المرحلة،  إذ تم نهب وتدمير التراث الثقافي والحضاري للأمة ، ولعل أسوء تجلياته تتمظهر في ما حدث ويحدث لتراث العراق وسوريا من محو وإبادة  .

          لقد آن الأوان لهذه الأمة أن تستفيد من ماضيها ومن دروس حاضرها البئيس ،وأن تدرك خطورة الأوضاع السياسية والإقتصادية والإجتماعية الراهنة ، فالأرض ارتوت بمايكفي من الدماء ،والمستشفيات عجزت عن تحمل أنين المعطوبين والمصابين ، ودرجة الكسب أو الخسارة  أصبحت رهينة بوقف شلال الدم قبل أي شيء آخر ،فإلى متى يستمر هذا النزيف القاتل ؟

fattahazz@yahoo.fr