Home»International»فريق العدالة والتنمية في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2006 : المحور السياسي

فريق العدالة والتنمية في مناقشة مشروع قانون المالية لسنة 2006 : المحور السياسي

0
Shares
PinterestGoogle+

في اطار مناقشة  قانون المالية  لسنة 2006 بمجلس النواب قدم فريق العدالة والتنمية مداخلة مهمة  تتعلق بالمحور السياسي  ، وبحكم ان حزب العدالة والتنمية  اصبح الحزب الذي يتحدث عن معاناة  الفئات العريضة من الشعب المغربي بحيث يمكن القول انه يمثل في الساحة السياسية المغربية الحالية  الصوت المدافع بالفعل عن هموم  ومشاكل وانشغالات هذه الفئات بمختلف  مكوناتها … لاسيما تحت قبة البرلمان … وحتى لا أنعت بالأنحياز فسأتركك اخي القاريء  لتحكم بنفسك على  مواقف  الفريق النيابي للعدالة والتنمية  من خلال  مناقشة هذا الفريق لمشروع قانون المالية  لسنة 2006…والذي قدمه النائب  الحبيب الشوباني …- – فقط الفت انتباهك اخي القاريء انني لا انتمي لأي حزب بما في ذلك حزب العدالة والتنمية  … وانما من باب الموضوعية  سأترك لك أخي القاريء  ان تعلق بنفسك على مداخلة حزب العدالة والتنمية …واليكم المداخلة كاملة…
**********************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************************

النائب الحبيب الشوباني

السيد الرئيس،

السادة الوزراء المحترمين،

السيدات والسادة النواب المحترمين،

بداية لا بد أن نهنئ أنفسنا جميعا بأمطار الخير التي عرفتها بلادنا، ونسأل الله تبارك وتعالى أن تكون أمطار خير نافع لا ضار، كما نهنئ أنفسنا جميعا بأجواء الاستقلال المجيد، وذكرى عودة المغفور له فقدي الإسلام والعروبة محمد الخامس رحمة الله عليه، وإن كان لنا أسف على أسلوب تخليد هذه الذكرى الخمسينية، ذلك أننا كنا نتمنى أن تفكر حكومتنا وتبدع احتفالات تليق برمزية هذه المناسبة في التضحية والكد والعمل، لا أن يحتفل بها بالتعطل عن الدراسة والعمل وإفراغ المدارس والإدارات من روادها.

ذلك أننا في حاجة كشعب إلى كل الأوقات، وكل الفرص والمناسبات لنعبئ كل طاقاتنا وإمكاناتنا، خصوصا المعرفية والنفسية، لنتوحد لحل مشاكلنا ونرفع تحدياتنا العديدة.

السيد الرئيس،

السادة الوزراء المحترمين،

السيدات والسادة النواب المحترمين،

لقد اخترنا لهذه المداخلة عنوانا يلخص مضمونها في مقابل العنوان الذي طرحته الحكومة، وعيا منا بأن الأمر على غير ما ذهب إليه المشروع موضوع الدراسة، والعنوان: تضريب المحتاجين وضرب المحتجين، إن مشروع ميزانية 2006 الذي قدمته الحكومة للشعب تحت شعار التضامن والإرادية والمسؤولية غير صحيح وقد يخدع البعض بالاعتقاد أن الحكومة ماضية في تنفيذ مخطط استراتيجي شامل ومحكم منبثق من إرادة حكومية متلاحمة ومنسجمة تسندها قوى اجتماعية معبأة ويقودها فريق حكومي متناغم في مرجعياته الفكرية وأطره النظرية أو كأنه ملتزم أمام المواطنين ببرنامج سياسي واضح المعالم والأهداف يجد عناوينه الرئيسية في وثيقة مرجعية هي التصريح الحكومي .

إننا لا نريد بهذا المدخل أن نردد ما يقوله العديد من المراقبين ويحسه ويعانيه عموم المواطنين من كون الوضع الاجتماعي والاقتصادي يزداد تراجعا ويتجه مع الأسف نحو مزيد من الهشاشة وهو ما استدعى بالمناسبة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بسبب أن الحكومة تعيش أزمة هوية سياسية ناتجة عن بلقنتها وأنها فاقدة للوجهة ووضوح الاختيارات..إنما نريد أن نقول شيئا آخر معلوما أيضا من الواقع بالضرورة: وهو أن سياسة الحكومة سياسة محتشمة وأداؤها ضعيف متواضع أمام تعاظم التحديات التي تواجه بلدنا على كافة الأصعدة .

ونحن نعتقد أن هذا الوضع ومن باب الإنصاف لا يرجع إلى كفاءة أو نزاهة بعض أعضاءها..فنحن نشهد أن منهم كفاءات وطنية مثابرة تستفرغ وسعها في فعل ما يمكن فعله لمصلحة البلاد والعباد. و إن كان منهم ـ وللحقيقة أيضا ـ من كان يجب أن تشملهم المغادرة الطوعية لو انتبهت الحكومة لتقديم القدوة في مجال  شفط زوائدها التي جاء بها منطق الترضيات والقرابات لا منطق الحاجة والكفاءة والالتزام السياسي!

إننا بهذه الإشارة نريد أن نعيد التأكيد مجددا على أن هذا التردي في الأداء الحكومي ومكمن الداء الذي طالما نبهنا عليه ..وهو أنه حين لا يتشكل أي ائتلاف حكومي على أسس عقلانية: مذهبيا وسياسيا وبرنامجيا… وحين يتسع كشكول الحكومة ليشمل الكائن السياسي ونقيضه ..وحين توزع الحقائب الوزارية توزيع المغانم والأنفال ..فأي إصلاح وأية فعالية ترجى من وضع كهذا..؟ وبأي حديث سياسي سيؤمن المواطنون وبأي منطق بعد هذا الخلط سيثقون ؟

إن هذا العطب الأساس في أصل تواضع ما نحن بصدده من مشاريع حكومية هو إخلاف آخر للموعد مع التاريخ، هو الكفيل بتأويل مظاهر وتجليات اضطراب الحكومة واستحالة وفائها لعناوين هذا المشروع والمتمثلة في ثالوث التضامن والإرادية والمسؤولية.

ونحن نتساءل ونسائل هذا الشعار ونقول:

 ü   هل يمكن اعتبار غياب المخطط الاستراتيجي كنسق جامع لمشروع التنمية ببلادنا وترك الحبل على الغارب لكل وزارة تبلور استراتيجيتها الخاصة بها عملا إراديا؟

 ü  وما معنى التناقض الحاصل بين تقليل السيد الوزير الأول، من جهة، من شأن التخطيط وأهميته باعتبار ذلك عملا تقليديا، رغم دستورية الموضوع بلا جدال، وبين انتشار عدوى الاستراتيجيات القطاعية، من جهة أخرى، حتى صار لكل قطاع مخططه: فهدا يخطط لـ 2020 ( الفلاحة ) وهذا لـ 2010 ( السياحة والتربية الوطنية ) وذاك لـ 2015 ( الصناعة والصناعة التقليدية ) والآخر لـ 2007 ( الإسكان والصحة ) والبعض بلا مبالغة ..! لا مخطط له..؟

 ü  فهل يعتبر تعدد المخططات الفرعية وغياب المخطط الجامع مظهرا من مظاهر الإرادية والمسؤولية في التعامل مع الشأن العام الوطني خصوصا وأن بعض هده المخططات جزر معزولة رغم تدخلها أحيانا في مجالات متقاربة أو متكاملة ؟

  ü  هل نحن حقيقة أمام حكومة يفترض فيها الانسجام أم نحن أمام جزر حكومية تتحرك كل واحدة بمعزل عن الأخرى.؟

 إن تغييب منهجية التخطيط العام يمكن القول عنه دون تحفظ أنه من مساوئ التدبير الحكومي الحالي لعجزه البين عن تقييم المخطط السابق واستخلاص منجزاته وإخفاقاته وتحويلها في مخطط لاحق متكامل ومندمج تنبثق عنه في مرحلة أولى الاستراتيجيات القطاعية المطلوبة. وفي مرحلة ثانية مخططات التنفيذ بمستلزماتها من تتبع وتقويم واستدراك. فالمنهجية السليمة تقتضي أن يكون هناك تسلسل وتراكم في المخططات والأعمال لمواجهة التحديات وإحداث التغيير المنشود.

إننا نتساءل أمام هذا المشروع الذي تقدمه الحكومة إلى البرلمان أين هذه الإرادية والمسؤولية؟

فالمشروع المعروض على أنظارنا يترجم الهاجس الموروث الذي سيطر على الحكومة منذ توليتها للحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية بتغليب المنطق المحاسباتي الضيق في الإعداد لمشاريع القوانين. ومع ذلك فحتى هذا الحفاظ على التوازنات الماكرو اقتصادية والمنطق المحاسباتي لم يسعفا الحكومة في تدبيرها للإشكاليات الاقتصادية والاجتماعية لبلدنا. فمن جهة عرفت المؤشرات الماكرو اقتصادية تراجعات بنيوية خطيرة تذكرنا بالسنوات التي سبقت التقويم الهيكلي. فسنة 2005 كنموذج لما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية وحسب التوقعات الحكومية الأكثر تفاؤلا لن يتجاوز معدل نمو الاقتصاد الوطني عتبة 1.8% وهو الأسوأ من نوعه في السنوات الأخيرة وعجز الميزانية سيبلغ مع نهاية العام 5.3 %من الناتج الداخلي الإجمالي والحساب الجاري لميزان الأداءات يواصل انحداره سنة بعد سنة ليصبح رصيده سالبا مع نهاية العام مع عجز بنيوي متفاقم في الميزان التجاري ثم ارتفاع مستوى المديونية العامة بسبب الارتفاع المهول في المديونية الداخلية.

وحتى بالرجوع إلى المعدلات المتوسطة للسنوات الأخيرة نلاحظ أنها تعرف انخفاضا في النمو وميزان الأداءات والميزان التجاري إذا استثنينا بعض الطفرات في معدل النمو ..وتعرف تصاعدا في المؤشرات الأخرى (عجز الميزانية).

ومن جهة أخرى فإن الحكومة في سعيها وراء التحكم ـ بأي ثمن ـ في أرقام الميزانية استسهلت القفز على الحائط القصير للمستضعفين من أبناء الشعب ولجأت إلى فرض الضريبة على القيمة المضافة أو الرفع من سعرها على عدد من المواد الاستهلاكية التي تمس هذه الشرائح الواسعة من المجتمع المغربي. فبدلا من أن تتحلى الحكومة بالجرأة والقوة لاسترداد ما تم نهبه من أموال المواطنين في المؤسسات العامة وشركات الدولة وهي تقدر بعشرات ملايير الدراهم  وتفعيل مطلب العدالة الجبائية من خلال تضريب ملاك الأراضي والضيعات الفلاحية الكبيرة ومختلف الثروات التي يكتنز ها المترفون بحق ( الاستثمار المشروع ) وبغير حق (الثروات الريعية) والمواد التي يستهلكها بعضهم من سيكار وخمور وسجائر غالية الثمن نجد الحكومة تتعلل بتعلات واهية لإطالة أمد هذه الوضعية غير العادلة والتمييزية ضد شرائح واسعة من المواطنين:

 ü   ففي قطاع الفلاحة تتعلل الحكومة بالجمود على موعد 2010 الذي قرر في سياق خاص لتأهيل قطاع الفلاحة والذي أصبح الوضع اليوم يقتضي التعجيل بمراجعته من منظور تكريس خيار العدالة الضريبية. وهو ما يؤكد أن مطلب العدالة الاجتماعية في إجراءاته النوعية والجذرية غير مستحضر في الحقيقة في برامج الحكومة التي تنعت بأنها برامج اجتماعية

 ü   وفي مجال الرفع من سعر الضريبة على القيمة المضافة على المواد السالفة الذكر أيضا نجد التعلل الضعيف بالتخوف من تصاعد وتيرة التهريب. كما لو أن السياسة الحكومية في مجال التهريب ناجعة وفاعلة ولا تنقصها سوى هذه الإجراءات الفئوية والطبقية المكشوفة!

 فهل يا ترى يعتبر حماية الأثرياء من أن تمتد إليهم إجراءات العدالة الضريبية وتضريب المواطنين المستضعفين وضرب المعطلين من أبنائهم وبناتهم حين يحتجون على مختلف الأوضاع القاسية التي تطحنهم هي وفاء لعنوان التضامن الذي جعلته الحكومة من ركائز شعارها لمشروع القانون المالي 2006 ؟!

 ألسنا أمام سياسة تكرس بإرادية ولا مسؤولية ثقافة اللاتضامن المجتمعي وتوسع الفوارق الطبقية وتخصب التربة لتنامي كل الشرور والموبقات الاجتماعية من إقصاء وفقر وأمية وهشاشة اجتماعية وهجرة سرية ودعارة وتعاطي المخدرات …وما شابه ذلك من ظواهر مدمرة لإنسان هذا الوطن وبالتالي مهددة لتقدم وتماسك الكيان الوطني برمته؟

 السيد الرئيس،

السادة الوزراء السيدات والسادة النواب المحترمين،

إننا في فريق العدالة والتنمية وبمناسبة مناقشة هذا المشروع الذي تعرضه الحكومة على أنظار المؤسسة التشريعية نذكر بجملة من القضايا التي سبق لنا أن أثرناها في عدد من المناسبات ونحن نناقش مشاريع القوانين المالية المعروضة علينا وكذا بمناسبة مناقشتنا ـ مؤخراـ لمضامين تصريح السيد الوزير الأول المقدم أمام مجلس النواب يوم الاثنين 14 ربيع الثاني 1426هـ الموافق لـ 23 ماي 2005.

أولا: الظرفية الدولية

فخطاب تقديم الميزانية جاء كتصريح السيد الوزير الأول أيضا خال من أي تأطير سياسي يستحضر تطورات ومستجدات الوضعين الدولي والجهوي، مما يؤشر على ذهول الحكومة عن استحضار التحولات المتسارعة في هذين المحيطين وعجزها عن مواجهة تحديات الانفتاح والعولمة الأمر الذي يضاعف من حجم التهديدات والمخاطر الخارجية على بلادنا ويحول دون استثمارها لفرص ومكاسب الانفتاح المتاحة ويضعف موقعها في الساحة الدولية والإسلامية والإفريقية والعربية.

فعلى المستوى السياسي الدولي يتأكد أن الحكومة لا تستحضر السمة الغالبة لهذه المرحلة من تاريخ البشرية والمطبوعة باستمرار زحف القوى اللبرالية المتوحشة والاستعمار الجديد بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية ..هذا الزحف غير الإنساني المدمر للسلم العالمي والمعتمد على العنف والإرهاب لتحقيق مآربه غير المشروعة في إفقار شعوب الجنوب ونهب خيراتها والتدخل في شؤونها الداخلية وضرب استقرارها بعنجهية غير مسبوقة وفي مخالفة معلنة وصريحة لما بنته البشرية من مواثيق وعهود ومحافل راهن عليها العقلاء لتحفظ السلم والعدل والإخاء بين بني البشر.

 وغني عن البيان أن عالمنا الإسلامي ناله النصيب الأوفر من هذا الظلم والطغيان سواء تعلق الأمر بمأساة شعبنا الفلسطيني ومظلمته الفريدة في التاريخ أو الاحتلال الغاشم للعراق وأفغانستان أرضا وشعبا وخيرات بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية التي انتقلت للتحرش بدول أخرى كسوريا وإيران في إطار تنفيذ أجندة ترمي إلى ضمان أمن واستمرار تفوق الكيان الصهيوني على دول المنطقة بما يتيح له تنفيذ سياساته الاستيطانية والعدوانية في فلسطين المحتلة وعموم المنطقة.

إن السياسة التي دأبت عليها الولايات المتحدة الأمريكية والقائمة على "الكيل بمكيالين" واعتماد المفاهيم العنصرية والعدوانية للتيار المسيحي الصهيوني المحافظ من قبيل مفهوم " الفوضى الخلاقة " والانحياز الدائم لطروحات ومواقف الكيان الصهيوني المستمر في تقتيل الشعب الفلسطيني وتوالي تهديداته لاستباحة المسجد الأقصى وإمعانه في توسيع الاستيطان في الضفة الغربية ومحاصرة قطاع غزة بعد تدمير كامل لبنياته التحتية وتسميمه الرئيس الشهيد ياسر عرفات والانسحاب الخادع من غزة ..كل هذه الأشياء لمما ينذر ـ بفعل التطورات المتسارعة التي يعرفها الشرق الأوسط وآخرها ما يجري في لبنان وسوريا ـ بكوارث وخيمة العواقب سيكون لها أبلغ الأثر على المغرب كدولة كانت دائما معنية بما يجري لأشقائنا المسلمين ولتداعياتها الاقتصادية بفعل الزيادات المهولة التي ستعرفها أسعار النفط.

وإن مما يثير قلقنا وانزعاجنا الحضور الحكومي الباهت والهامشي جدا في التفاعل والتعاطي مع هذه التطورات وغيرها مما لا يتسع المجال للإسهاب فيه، بل إننا نجد استعدادا غريبا للهرولة إلى التطبيع الاقتصادي والسياسي والفني والرياضي مع الكيان الصهيوني الغاصب واحتضان بعض الأنشطة التي تمهد أو تسير في هذا الاتجاه، وهو ما نجدد استنكارنا له ودعوتنا لاحترام الشعب المغربي الذي عبر بالمسيرات المليونية عن التضامن مع الشعب الفلسطيني ودعمه اللامشروط لنضاله من أجل الحرية والانعتاق وبناء دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف.

أما على المستوى الاقتصادي الدولي فلازالت الفوارق صارخة ومتفاحشة بين دول الشمال ودول الجنوب. فالأولى تهمين على أكثر من ثلثي الناتج الإجمالي الدولي رغم بعض الأقطاب الجنوبية كالصين والهند. ونسجل أن دول الشمال لازال هاجسها الأول والأساسي هو تعميم فتح الأسواق الجنوبية دون مراعاة لمستويات التنمية بهذه البلدان ودون مراعاة لتوازناتها الاجتماعية التي تعاني من الهشاشة بفعل عوامل داخلية وخارجية ساهمت فيها دول الشمال بنصيب وافر تاريخيا منذ الحروب الاستعمارية. ولقد جاءت معظم الاتفاقيات التجارية سواء الدولية أو الجهوية أو الثنائية مكرسة لهذه الهيمنة حيث نلاحظ أن تطبيق مقتضيات الاتفاقيات التجارية جنوب – جنوب ومنها العربية والإفريقية ليست في مستوى الجدية والحزم في تطبيق مقتضيات نفس النوع من الاتفاقيات شمال – جنوب. وللأسف فإن استعراضنا لما ذكر يقودنا إلى الإقرار إلى أن جهود الحكومة في التعامل مع نتائج وتداعيات تنفيذ مقتضيات الاتفاقيات الموقعة في إطار منظمة التجارة العالمية أو الموقعة بشكل ثنائي (الولايات المتحدة، تركيا ) أو الجهوية (رباعي أكادير، المنطقة الحرة العربية) لم يكن في المستوى المطلوب وهو ما انعكس وينعكس بحدة على القطاعات الإنتاجية ببلدنا كالنسيج والصناعات الغذائية والفلاحة والصناعة وبالتبع على التوازنات الاجتماعية التي تعاني أصلا من الهشاشة. ولنا أن نتساءل ماذا أعدت الحكومة المغربية مثلا للقاء المرتقب لوزراء منظمة التجارة العالمية بهونغ كونغ في دجنبر 2005 في قضايا الفلاحة والخدمات وتيسير المبادلات؟ وهل سعت الحكومة إلى تنسيق مواقفها مع مواقف عموم الدول التي تعاني من نفس الإشكاليات ونفس الإكراهات التي يعاني منها بلدنا؟ أم أن حكومتنا حكمت على نفسها بالعزلة عن نظيراتها في العالم النامي ؟

ولابد أن نذكر الحكومة، السيد الرئيس، أن تدبير الشأن العام بمعزل عن تقلبات المحيط الدولي والإسلامي ودون التأثير الفاعل والمؤثر في مساراتها وفي غياب مقاربة استشرافية يمثل أحد أبرز الاختلالات في مجال التدبير الحكومي يوشك أن يفقد بلادنا إشعاعها الدولي والإسلامي والإفريقي والعربي.

إن ما وقع للحكومة هذه السنة في هندسة ميزانية 2005 على فرضية 35 دولار لبرميل النفط وجه من أوجه غياب المقاربة الاستشرافية حيث بدا المغرب كأنه ينسج وحده بمعزل عما يجري حوله وحتى عندما أظهر فريقنا النيابي تهافت هذه المسلمة تعاملت معها الحكومة بالصمم المزمن المعروف والمألوف.

إن ما يقع الآن للحكومة التي لازالت في عموم حركيتها الاقتصادية والسياسية تدير ظهرها للأسواق والحكومات والشعوب الإفريقية دليل آخر على غياب هذه المقاربة الاستشرافية لأن عددا من التحليلات المستقبلية تعطي لنمو الأسواق الإفريقية معدلات مرتفعة يمكن أن يقع معها التحريك المطلوب لاقتصادياتنا إذا عرفنا كيف نوظف رصيدنا التاريخي مع هذه الدول بدل أن نربط مصائرنا فقط بمنطقة الأورو التي ظلت معدلات نموها في السنوات الأخيرة متواضعة ويعاني فيها المغرب بالإضافة إلى ذلك من منافسة شديدة.

ونؤكد من جهة أخرى أن على الحكومة الحذر من الانزلاق إلى لعب دور الشرطي أو الدركي في المنطقة توكل إليه الأدوار القذرة ، أو أن يضحي بعلاقاته التاريخية المتميزة بدول إفريقيا علما أن المغرب هو ضحية للهجرة السرية وأن معالجة هذه المسألة يقع الجزء الأكبر من المسئولية فيه على عاتق الدول الأوروبية لعلاقاتها التاريخية الاستعمارية بالدول الإفريقية وكون المأساة التي تعيشها هذه الشعوب اليوم هي نتيجة طبيعة لظلم الاستعمار بالأمس واليوم أيضا !

وعلى المستوى الجهوي فإننا نؤكد على أهمية أن تسارع الحكومة إلى الاستفادة من الانعطاف الاقتصادي الذي ستعرفه الشقيقة موريتانيا بعد اكتشافها للنفط مما سيجعلها في السنوات المقبلة في قائمة الدول الإفريقية العشر الأولى المصدرة للنفط وما سيتبعه بالتأكيد من أوراش تنموية كبرى تستطيع أن تستفيد منها اقتصادياتنا إذا أحسنا التدبير خاصة في ظل الركود السياسي والاقتصادي الذي يعرفه محور الرباط –الجزائر والذي قد يستمر لسنوات !

ثانيا: الظرفية السياسية الوطنية

السيد الرئيس،

على المستوى السياسي الوطني تميزت الظرفية الوطنية في السنة المنصرمة بفتح أوراش أساسية بمبادرة من أمير المؤمنين الملك محمد السادس حفظه الله:

* ورش التأهيل السياسي من خلال مشروع قانون الأحزاب السياسية.

* ورش مبادرة التنمية البشرية.

* ورش الوحدة الوطنية من خلال تعميق الاستشارة مع الفاعلين حول الحكم الذاتي

* ورش الاستحقاقات الانتخابية لـ 2007 وتمثيل المغاربة المقيمين في المهجر بمجلس النواب.

 السيد الرئيس،

السيد الرئيس،

إننا ونحن نثمن فتح هذه الأوراش برغبة ومبادرة ملكية نذكر بما سبق أن طالبنا به بارتباط مع هذه الأوراش.

 1ـ الورش الأول: التأهيل السياسي

لقد بادر حزب العدالة والتنمية خلال المشاورات التمهيدية حول مشروع قانون الأحزاب السياسية عبر مذكرة في الموضوع إلى تقديم مقترحاته التي تمحورت حول تيسير إجراءات تأسيس الأحزاب ونمو سلطات القضاء على ما سواها واعتماد عتبة معقولة للتمثيل. وقد بادر فريق العدالة والتنمية إلى الإسهام في مدارسة مشروع القانون الذي تقدمت به الحكومة أمام مجلس النواب. وتقدم بتعديلات نوعية ليصبح المشروع بحق نقلة نوعية في المسار السياسي لبلدنا اصطدمت كالعادة بالرفض المنهجي للحكومة.

ونحن بالمناسبة ندعو الحكومة إلى أن تنكب بالجدية المطلوبة على باقي حلقات هذا الورش خاصة وأن ما يفصلنا عن الاستحقاقات المقبلة هو سنة وبضع أشهر. وينبغي أن تتجه المبادرة الحكومية في هذا الصدد صوب مدونة الانتخابات والتقسيم الانتخابي الذي يجب أن يصدر بقانون والمراجعة الشاملة للوائح الانتخابية وتعميم البطاقة الوطنية .

وعلى أهمية الإصلاحات السياسية فلا يمكن أن نتصور تطور الأمور في الاتجاه الصحيح ما لم يباشر الإصلاح لدستوري الذي من شأنه أن يصحح توازن الصلاحيات بين مختلف المؤسسات الدستورية.

2- الورش الثاني: المبادرة الوطنية للتنمية البشرية

لقد أشرنا في معرض ردنا على التصريح الذي تقدم به السيد الوزير الأول إلى ما يلي: "إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية جاءت لتقدم تشخيصا يتسم بالدقة والصرامة للأوضاع الاجتماعية وأوضاع الفقر والتهميش، كما وضعت اليد على معضلة التنمية الإنسانية التي تعوق تقدم بلادنا". وقد سجلنا في حينه أن هذه المبادرة التي دعت إلى اعتماد مقاربة مندمجة عكست عجز العمل الحكومي عن الاستجابة لتطلعات المواطنين وحاجيات الفئات والجهات الأكثر فقرا والأشد تهميشا وجاءت لتكشف تواضع المقاربة الحكومية وطابعها التجزيئي المحكوم باعتبارات وحسابات حزبية في مواجهة المشكلات في شموليتها وتعقدها.

وقد اعتبرنا أن العجز الحكومي هو نتاج طبيعي لأزمة هيكلية وبنيوية لم تسعف معها الحلول الترقيعية التي تمثلت في تعديل جزئي لم ينتج تحسنا جوهريا في الأداء الحكومي".

إننا في فريق العدالة والتنمية وبين يدي هذا الورش الحيوي والمصيري ننبه إلى أنه ـ في ظل المرونة المالية والإجرائية التي ستصاحب تنفيذ مشاريعه ـ وجب مصاحبته باليقظة اللازمة وبالضرب بيد من حديد على محترفي الفساد المالي والإداري . ودون ذلك ستذهب المقاصد النبيلة لهذا الورش أدراج الرياح ،وستؤول الأموال المرصودة إلى جيوب ألفت أن تقتات من دماء شرائح المجتمع الفقيرة. وسينتهي ألأمر لا قدر الله إلى مآلات كارثية بالنظر إلى ملحاحية هذه المبادرة وتوقيتها أي كونها قد جاءت في وقت عرفت فيه معدلات الفقر ارتفاعا مهولا وازدادت فيه الفوارق الاجتماعية تفاحشا.

3- الورش الثالث: تطورات الوحدة الوطنية

لقد سبق أن نبهنا إلى ضعف المبادرة الحكومية في ملف وحدتنا الترابية، حيث نؤاخذ على الحكومة اكتفاءها بردود الفعل والانفعال أمام تطور الأحداث. وهذا ما وقع مؤخرا على هامش أحداث سجن العيون مقتل مواطنين بأحداث العيون الأخيرة  التي استغلت بعض تجاوزاتها الحقوقية الإنسانية من طرف البوليساريو وحكام الجزائر. وقد نبهنا الحكومة في حينه إلى ضرورة التحلي بالاحترافية وضبط النفس في مواجهة مثل هذه الأحداث كما دعونا إلى مقاربة ملف الهجرة السرية مقاربة شاملة تحضر فيها الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية.

إن الخطاب الملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء جاء في الوقت المناسب لتحريك الحوار الوطني من خلال دعوة القوى الحية في المجتمع المغربي للإسهام في مقترح الحكم الذاتي ومناقشة أسسه ومقتضياته وحدوده، علما أن حزبنا سبق له أن دعا في غير ما مناسبة إلى ضرورة التفكير وإرساء جهوية موسعة لجهاتنا الجنوبية.

وبهذه المناسبة نحيي ما جاء في الخطاب الملكي الذي قرر فتح تشاور واسع مع الأحزاب السياسية، كما أننا نحيي تأكيده على دور الدبلوماسية الحزبية والدبلوماسية الموازية التي أبانت عن فاعليتها في عدة مناسبات كما هو الشأن في العمل الكبير الذي قام به وفد نقابي مكون من عدة منظمات نقابية مغربية في التصدي وإجهاض مناورات خصوم وحدتنا الترابية خلال مؤتمر نقابي بإيطاليا.كما نحيي بالمناسبة مختلف الفعاليات الوطنية التي ساهمت في إنجاح مبادرة صلة الرحم ونترحم على شهداء الوحدة الترابية ونسأل الله الشفاء العاجل للجرحى.

4 – الورش الرابع: ورش الاستحقاقات الانتخابية 2007

إن هذا الورش يعتبر مكملا كما قلنا آنفا لمشروع قانون الأحزاب السياسية. ويستدعي وقفة جادة بمناسبة مناقشة سبل تمثيل جاليتنا بالخارج بمجلس النواب حول القضايا الأخرى المرتبطة بإنجاح هذا الاستحقاق والتي سبق ذكرها استعدادا للقطع النهائي مع كل الأشكال الماسة بحرية ونزاهة الناخب في اختيار من يراه مناسبا لتمثيله في مؤسسات تدبير الشأن العام خاصة أن ما وقع في الانتخابات الجماعية لـ 2003 والانتخابات الجزئية لمجلس المستشارين التي تلتها تجعلنا متخوفين على مصير ديمقراطيتنا الفتية من المتلاعبين بإرادة المواطنين.

السيد الرئيس،

السادة الوزراء المحترمين،

السيدات والسادة النواب المحترمين،

ثالثا : الظرفية الاقتصادية الوطنية

لقد جاء في عرض السيد وزير المالية والخوصصة عند تقديمه لمشروع قانون المالية 2006 عدد من الأرقام والمؤشرات استند عليها السيد الوزير لإظهار صوابية توجهات المشروع وإبراز متانة الشعار الذي قدمه أي: "التضامن والإرادية والمسؤولية".

والملاحظ على أرقام السيد الوزير أنها أرقام مجتزأة من سياقاتها ولم تقدم ضمن مرجعيات تمكن من مقارنتها وبالتالي الوقوف على ما أنجزته الحكومة وما أخفقت فيه. وهذه بعض الملاحظات على عدد من خلاصات العرض ومؤشراته:

1- الفاتورة النفطية:

جاء في العرض أن ثقل الفاتورة النفطية وبلوغها مستوى قياسيا بفعل الارتفاع المهول المسجل في السوق الدولي دفع إلى اعتماد استراتيجية طاقوية تعتزم الحكومة تعميق التفكير فيها لتتجاوز هذا الإكراه الخارجي. وهذه الخلاصة متناقضة مع ما تصرح به الوزارة الوصية عن القطاع التي تتحدث عن وجود استراتيجية طاقية محكمة ومنذ عدة سنوات. وهذا يؤكد ما ذهبنا إليه سابقا من غياب البعد الاستشرافي لدى الحكومة وتدبيرها المتسم بقصر النظر وكأنها معزولة عن محيطها ولا تتابع مجمل التطورات الدولية، وهو ما يتأتى حتى للمواطن العادي فما بالك بحكومة تشرف على إدارة توجد بها كفاءات جيدة من مستويات عالية. فهل يعقل أن لا تنتبه حكومتنا الموقرة إلى أن أسعار النفط التي دخلت في منعرج تصاعدي بفعل عوامل موضوعية مرتبطة بالمخزون العالمي وعوامل جيواستراتيجية ؟

2- أرقام القطاع الفلاحي

جاء في عرض السيد الوزير أن بلادنا استطاعت في السنوات الأخيرة تدشين مسلسل استقلالية متصاعدة عن تقلبات المناخ وذلك بفضل دينامية التنوع القطاعي وانبثاق قاطرات جديدة للنمو" وهذا سيدفع إلى بلورة استراتيجية جيدة… ولسنا ندري عن أي استقلالية يتحدث السيد الوزير ؟ لقد أضحى من المعروف لدى كل متتبع للشأن العام ببلادنا وبشهادة الأرقام أن النمو الاقتصادي الوطني يرتبط ارتباطا هيكليا بالقطاع الفلاحي بل وداخل القطاع الفلاحي يرتبط أساسا بإنتاج الحبوب. واستبيانات تطور معدل النمو الاقتصادي منذ أكثر من عشر سنوات تبرز هذا الارتباط الهيكلي الواضح. والحكومة نفسها عندما تبرز ضعف نسب النمو تربطها بالقطاع الفلاحي وتقلباته المناخية. ثم ما معنى الحديث عن الاستراتيجية في القطاع والحال أن عمل الحكومة الحالية يفترض أنه مندرج في استراتيجية أفقها المحدد هو سنة 2020، وهي الاستراتيجية التي أعدت في عهد الحكومة التي ترأسها السيد عبد الرحمان اليوسفي.

3- الإجراءات المتخذة لحل إشكاليات صناديق التقاعد:

إننا إذ ننوه بالجهد الذي بذل لحل هذه الإشكالية نشير إلى أنه لم يكن أمام الحكومة خيار غير أداء متأخرات الصندوق المغربي للتقاعد التي تراكمت في عهد  الحكومات السابقة. وإلا كان المغرب لا قدر الله أمام كارثة اجتماعية غير مسبوقة في غضون بضع سنوات. وسيكون على الحكومة الحالية أو التي ستأتي بعدها مواجهة مشكلة الصناديق الداخلية للتقاعد لعدد من المؤسسات العامة التي عانت من سوء التدبير ومبالغها تقدر بالملايير، وهي قنابل موقوتة إذا لم تتم معالجتها ستنفجر في أي وقت. وسيكون على الملزم المسكين تحمل أعباء سوء التدبير الذي شهدته معظم المؤسسات العامة وتمت التغطية عليه.

4- مؤشرات المبادلات التجارية:

إن الاستدلال بعدد من الأرقام عن الحوامض والصيد البحري الساحلي والفوسفاط والطاقة والبناء والأشغال العمومية واتصالات المغرب والسواح وإيرادات القطاع السياحي والقروض البنكية، استدلال غير ذي موضوع لأن العبرة في الاستدلال يجب أن تبنى على تطور البنيات خلال السنوات الأخيرة للقطاعات الثلاث: أي القطاع الأولي والقطاع الثانوي والقطاع الثالثي. والناظر إلى نتائج هذه القطاعات الثلاث والنتائج التي سجلتها خلال السنوات الأربع المذكورة يجد أنها لم تعرف تغييرا يذكر في حجم قيمها المضافة أو نسبتها في الناتج الداخلي الخام كما يتضح في الجدول التالي:

القطاع
    

السنة
    

نتائج القطاع على مستوى القيمة المضافة
    

النسبة

القطاع الأولي
    

2001
    

19.6 مليار درهم
    

13,7%

2002
    

20.7   مليار درهم
    

14,0%

2003
    

24.5 مليار درهم
    

15,7%

2004
    

24.9 مليار درهم
    

15,3%

2005
    

21.8 مليار درهم (توقع)
    

13,1%

2006
    

ـ
    

ـ

القطاع الثانوي
    

2001
    

43,6 مليار درهم
    

30,4%

2002
    

44.8 مليار درهم
    

30,3%

2003
    

45.9 مليار درهم
    

29,4%

2004
    

48.3 مليار درهم
    

29,6%

2005
    

ـ
    

ـ

2006
    

ـ
    

ـ

القطاع الثالثي
    

2001
    

80.1 مليار درهم
    

55.8%

2002
    

80.4 مليار درهم
    

55.7%

2003
    

85.7 مليار درهم
    

54.9%

2004
    

88.4 مليار درهم
    

54.3%

2005
    

ـ
    

ـ

2006
    

ـ
    

ـ

يلاحظ بالنسبة للقطاع الأولي أنه لم يعرف أي تحول نوعي بل إنه تأرجح بين الصعود والهبوط تبعا لأحوال المناخ وكان بالإمكان أن يعرف هبوطا مطردا بفعل إرادي من الحكومة يوازيه صعود في نسب تطور القطاع الثانوي والثالثي ولكن شيئا من هذا لم يقع, وتنطبق نفس الملاحظة في القطاع الثاني حيث لم يعرف في حجم قيمته المضافة أو نسبتها تحولا يذكر كما أن القطاع الثالثي هو الآخر لم يقع فيه أي تطور علما أن نسبة هذا القطاع مؤشر دال على مدى تحرر اقتصاد معين من الاعتماد على القطاع الأولي وبالتالي تحرره من التقلبات المناخية، ومعلوم أن نسبة هذا القطاع من الناتج الداخلي الخام في الدول المتقدمة يصل أحيانا إلى 80%.

وإذا أضفنا إلى هذه المؤشرات مؤشر العجز التجاري الإجمالي بالنسبة للناتج الداخلي الإجمالي سنجده يرتفع سنة بعد سنة:

2001  11.5%

2002  11.1%

2003  12.4%

2004  15.8%

2005  أكثر من 19%

2006  أكثر من 20%

الشيء الذي توضحه نسبة تغطية الصادرات للواردات في الميزان التجاري الإجمالي حيث انتقلت من 64.7% سنة 2001 إلى أقل من 50% سنة 2005.

وإذا أخذنا مؤشر نسبة الاستثمارات الخارجية المباشرة من التكوين الإجمالي للرأسمال الثابت وجدنا أنها لا تتطور بشكل مضطرد بل إنها تتأرجح هي الأخرى بين الصعود والهبوط من سنة لأخرى، وبالرجوع إلى معدلات 2001-2004 نجد متوسطه السنوي 1.1% ويبقى السؤال حتى مع تطور المؤشر بالنسبة لفترة 97-2000 إلى أي مدى يعكس هذا التطور ثقة المستثمرين الأجانب في المغرب ؟ علما أن بعض المحللين يؤكدون أن عملية الخصخصة في المغرب لم تتحول إلى وسيلة لجلب الاستثمارات المباشرة. وغني عن البيان أن عدد من معيقات الاستثمار المرتبطة بالإدارة والقضاء وضعف قدرة الحكومة على حل نزاعات الشغل لازالت قائمة وهي تعتبر من القضايا الأفقية التي تحول دون إنجاح عدد من المبادرات والأوراش الكبرى ومن ضمنها جلب الاستثمار الأجنبي.

رابعا: الأداء العام للحكومة

السيد الرئيس،

انطلاقا مما سلف بسطه وبالرجوع إلى الأوراش التي التزمت الحكومة بالاشتغال عليها والإنجاز فيها ومنها كما جاء في التصريح الحكومي:

1- تعزيز التوازنات الماكرو اقتصادية

2- تسريع وتيسير التنمية وعصرنة التجهيزات الأساسية.

3- المركب المينائي والصناعي والتجاري لطنجة المتوسط.

4- تمديد شبكة السكك الحديدية.

5- التأهيل التنافسي للمقاولة

6- المصادقة على مدونة الشغل

7- إعادة محورة برنامج التكوين للإدماج وتفعيله.

8- تكثيف برامج تعليم الكبار

9- تسريع وتيرة إنجاز السكن الاجتماعي.

10- تحسين مؤشرات الصحة العمومية وتطبيق التأمين الإجباري عن المرض.

11- تسريع البرامج الوطنية للبنيات.

12- الإصلاح الإداري.

إن التذكير بهذه الالتزامات الحكومية يدفعنا إلى الإقرار بأن عددا من الأوراش المرتبطة بالبنيات التحتية من طرق سيارة وسكك حديدية وكهربة قروية وسكن لائق قد عرفت في عمومها قدرا لا بأس به من الإنجاز رغم بعض الإشكاليات التي لازالت طافية على السطح مثل تعويض الذين نزعت ملكياتهم لصالح مشروع طنجة المتوسطي أو بعض المشاريع السكنية التي لم تجد إقبالا وبعض إشكاليات العقار التي لم تجد حلا بعد.

لكن في المقابل لازالت بعض الأوراش التي راهنت الحكومة عليها حبرا على ورق، إن لم نقل أن الحكومة قد فشلت فشلا ذريعا في البعض منها من مثل تعزيز التوازنات الماكر واقتصادية والتأهيل التنافسي للمقاولة كما أن بعض الأوراش عرفت مدا وجزرا مثل مدونة الشغل التي رغم المصادقة عليها لازالت تعتريها كثير من الإشكاليات على مستوى مراسيمها التطبيقية وضعف فعالية الحكومة في تطبيق الآليات التي وضعتها المدونة من أجل حل نزاعات الشغل وإقرار سلم اجتماعي متوازن.

ومن جهة أخرى نجد أن برنامج التكوين للإدماج لم يترجم إلى الواقع بإجراءات ملموسة يمكنها أن تعيد بصيصا من الأمل إلى الخريجين العاطلين، فضلا عن الإجراءات المحتشمة التي جاءت بها الحكومة في لقاء مبادرات التشغيل ولجوئها إلى نفس الآليات التي أنتجت نتائج كارثية في السابق، كما أن محو الأمية يتحرك ببطء شديد.

 أما تطبيق التأمين الإجباري عن المرض فهو مشروع لم تلتزم فيه الحكومة بتاتا بالأرقام التي أعلن عنها تصريح الوزير الأول والتي جاءت فلكية تتحدث عن شمول التغطية لـ 19 مليون مغربي في أفق 2008 والواقع أن هذا المشروع يتحرك حبوا ويظهر عجزا حكوميا ظاهرا في حل إشكالياته.

أما عن الإصلاح الإداري فإن مقاربة الحكومة له تبقى مقاربة غامضة خاصة في ظل إهمال رد الاعتبار للغة الرسمية كلغة للتواصل إداري وتأخر إصدار المرسوم التطبيقي المتصل بالموضوع منذ سنة 2001. وكذا في ظل إنفاذ مغادرة طوعية يبدو أنها لا تدخل في إطار متطور شامل ومتكامل لإصلاح الإدارة العمومية بقدر ما هو استجابة لإكراهات محاسباتية في إطار توازن الميزانية ليس إلا.وحتى في إطار هذا المنظور المحاسباتي الضيق جاءت مقاربة الحكومة متسرعة ومرتجلة وفي غياب أي مخطط زمني أو تصور واضح ومدروس للتعاطي مع الآثار المتوقعة على التأطير في بعض القطاعات الحساسة مثل التعليم والصحة.

والخلاصة أن أداء الحكومة يبقى متواضعا وقاصرا عن معانقة انتظارات أوسع الشرائح الاجتماعية وينذر بأوخم العواقب إذا استمرت وتيرة العمل على هذا المنوال وعدد من الاتفاقيات التجارية الثنائية يفصلنا عن انطلاقها بضع شهور وفي ظل مؤشرات سوسيو اقتصادية متدنية وهذا ما سنعود إليه ببعض التفصيل في المداخلة الثانية لفريق العدالة والتنمية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. hanan
    03/11/2006 at 20:50

    المسيرة الخضراء

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *