Home»International»منع وضع النقاب في الأماكن العمومية بفرنسا صيانة لكرامة المرأة أم مصادرة لحريتها ؟

منع وضع النقاب في الأماكن العمومية بفرنسا صيانة لكرامة المرأة أم مصادرة لحريتها ؟

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد وضع الرئيس ساركوزي نفسه في مأزق ليس من السهل الخروج منه عندما اجتهد وبسبق إصرار من أجل إصدار قرار منع وضع المرأة المسلمة النقاب على وجهها في الأماكن العمومية بفرنسا . وذريعة ساركوزي أقبح من قراره ، ذلك أنه زعم أن النقاب يعتبر إهانة للمرأة فوق التراب الفرنسي لا يمكن السكوت عنها أو السماح بها . ولست أدري على أي أساس اعتمد هذا الرئيس لاعتبار وضع المرأة المسلمة النقاب على وجهها إهانة لها ولفرنسا ؟ فهل تقدمت النساء المسلمات المنقبات بشكاية لسيادته ؟ أم أنه رفع مستوى ثقافته الفرنسية فوق مستوى ثقافات غيره من الأمم ، وصارت بموجب ذلك ثقافته هي الثقافة المهيمنة والمسيطرة والسيدة على غيرها ؟ كما صارت هي الثقافة التي بها توزن الثقافات المختلفة بالضرورة ؟ والرئيس الفرنسي ومن وراءه من الذين أصدروا قرار منع النقاب ، بل ومعاقبة المنقبات لم ينتبهوا إلى تناقض صارخ أوقعوا أنفسهم فيه وهو أن فرنسا ترفع شعار الحرية ـ يا حسرتاه ـ . فهل من الحرية أن تتدخل فرنسا أو الثقافة الفرنسية في أحوال الناس الشخصية بل في أجسادهم ؟ فإذا كانت ثقافة الرئيس الفرنسي تعتبر وضع المرأة المسلمة النقاب عبارة عن إهانة لها ولفرنسا ولشوارعها وأماكنها العمومية ، فهل سأل ماذا يعني خروج المرأة الفرنسية شبه عارية أو حتى عارية بالنسبة لثقافات غيره ، ومنها الثقافة الإسلامية ؟ فبأي حق تفرض الثقافة الفرنسية وصايتها على النساء المسلمات دون غيرهن من ملل ونحل أخرى ؟ فلو أن الثقافة الإسلامية أجبرت النساء الفرنسيات على وضع الخمار لحق للرئيس الفرنسي أن يتذرع بذريعته الواهية ، ولو أن بلدا إسلاميا فرض على النساء الفرنسيات المسافرات أم المقيمات وضع الخمار لحق له أيضا أن يطالب هذه الدول باحترام حرية النساء الفرنسيات ، ولكنه مع الأسف الشديد تدخل فيما لا يعنيه ، وحشر أنفه في شؤون النساء المسلمات اللواتي يضعن الخمار على وجهوهن عن اقتناع وبموجب عقيدتهم وثقافتهن المخالفة لعقيدة وثقافة الرئيس الفرنسي.

وعلى الرئيس الفرنسي أن يختار بين شعار الحرية الذي ترفعه فرنسا ، وبين منع الخمار لأنهما ضدان لا يجتمعان ، ذلك أنه إما أن تكون فرنسا بلد احترام الحريات فيلبس الناس فيها ما يشاءون وفق عقائدهم وثقافاتهم ، أو تفرض عليهم الثقافة العلمانية فرضا وبالقوة والعنف والابتزاز . فليست الثقافة العلمانية منزهة لا يأتيها باطل من بين يديها ولا من خلفها ، بل هي مجرد نمط عيش من بين مجموعة أنماط مختلفة باختلاف العقائد والثقافات ، وللناس كامل الحرية في اعتمادها أو عدم اعتمادها دون تجريمهم إن رفضوا العلمانية أو غيرها . ولو أن دول العالم حذت حذو فرنسا لفرضت كل دولة على من يعيش فيها من أصحاب العقائد والثقافات المختلفة عقيدتها وثقافتها ، وهو ما يعني الاستبداد والطغيان الذي كان في العصور الغابرة حيث كان الملوك يتشبهون بالآلهة ويفرضون على الناس وجهات نظرهم وقراراتهم الجائرة . وعلى ساركوزي اليهودي الأصل أن يعلم بأن المغرب على سبيل المثال لا الحصر احتضن أجداده اليهود لقرون طويلة وأعطاهم الحرية الكاملة لممارسة طقوس عقائدهم ولممارسة ثقافتهم حيث لبسوا ما شاءوا دون أن يفرض عليهم لباسا معينا ودون أن يعتبر لباسهم إهانة للثقافة المغربية الإسلامية. وليكن في علم ساركوزي أن العديد من عادات وتقاليد الثقافة الفرنسية تسيء إلى الثقافة الإسلامية من قبيل استباحة شرب الخمور والعري والزنا الذي ترخص له فرنسا والقمار وغير ذلك مما يعد رذائل في عقيدة الإسلام ، ومع ذلك لم يعتبر أي بلد إسلامي ممارسة الفرنسيين لشرب الخمر وللعري وللقمار وللزنا إهانة له بل هو يتفهم اختلاف ثقافة الفرنسيين عن الثقافة الإسلامية ، ولا يحاسب الفرنسيين على عاداتهم وثقافتهم في لباس أو شرب أو أخلاق كما حاول ساركوزي محاسبة النساء المسلمات على نقابهن وتدخل في حريتهن الشخصية ، واعتدى على حرمتهن وعلى كرامتهن . فالمرأة المسلمة من صميم اعتقادها أن تحجب جسدها وما شاءت من جسدها لئلا تكون عرضة للامتهان ، ولئلا يصير جسدها بضاعة ينال منه بالنظر والتفرج كل من هب ودب لأن في الثقافة الإسلامية يوجد زنا العين الذي لا يوجد في ثقافة ساركوزي الذي اعتبر منع المرأة المسلمة الكشف عن وجهها إهانة لفرنسا ،ولا يعتبرمع الأسف الشديد وقوع أنظار كل من هب ودب من الفرنسيين وغيرهم على وجهها إهانة من فرنسا لهذه المرأة .

على المسلمين أولا تلقين دروس لساركوزي وأمثاله في محو الأمية المتعلقة باختلاف وتباين الثقافات ، وثانيا تلقينه تواضع الثقافة الفرنسية أمام غيرها من الثقافات إذ لا وجود لتفاضل بين الثقافات ذلك أن الاختلاف بينها يسقط بالضرورة التفاضل بينها ، وثالثا تلقينه احترام دين اسمه الإسلام له ثقافته وله خصوصياته .وإذا كان ساركوزي يريد التنفيس عن مكبوتات يهويدية صهيونية أوصليبية متصهينة فعليه أن يكون شجاعا ويصرح بذلك للمسلمين عوض اللف والدوران والتمويه من أجل النيل من دين الإسلام بطريقة ماكرة خبيثة. ومن العار على شعب فرنسا المتنور الذي يدعي الحضارة أن يوافق رئيسه على قرار جائر ظالم في حق النساء المسلمات واحتقارهن بشكل مكشوف .فاليوم منع ساركوزي النقاب وغدا سيطالب المرأة المسلمة أن تكشف عن جسدها كما تفعل الفرنسية العلمانية ، وبعده سيطالبها بالزنا على طريقة العهر الفرنسي ، وبعده سيمنع اللحى ، وبعد اللحى سيمنع المساجد والصلوات لأنه وجد الساحة خالية كما يقول التعبير العامي المغربي، ولم يجد من يلقنه كيفية احترام ثقافة وعقيدة الغير.

 

والمحزن أن تسبح في شواطئنا المخصصة للعري الفرنسيات عاريات ، وتمارس الزنا في فنادقنا المروجة لما يسمى السياحة الجنسية ، ويمارس الفرنسيون الشذوذ الجنسي عندنا ، ولا نحرك ساكنا في حين تمنع المرأة المسلمة في فرنسا من ستر وجهها من عيون المتحرشين المتوحشين الذين أباحوا الأعراض وأجازوا الزواج المثلي والعهر والزنا والشذوذ وما يندى لذكره الجبين . فعلى الحرائر المسلمات المنقبات التشبث بحقهن في حريتهن والصبر على كل إذاية حتى يحكم الله لهن وهو خير الحاكمين ، وسيعلم ساركوزي أي منقلب سينقلب سيخزى المتملقون لساركوزي من بني جلدتنا الخزي الأكبر يوم الفزع الأكبر.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *