Home»International»دلالة انزعاج البيت الأبيض من عدم توقع مخابراته ما حدث في مصر وتونس

دلالة انزعاج البيت الأبيض من عدم توقع مخابراته ما حدث في مصر وتونس

0
Shares
PinterestGoogle+

عبرت الخارجية الأمريكية عن انزعاج البيت الأبيض من عدم توقع أجهزة مخابراته بما وقع في تونس ومصر. ولفظة انزعاج تدل على درجة كبرى من القلق. وهذا التصريح من وزارة الخارجية الأمريكية كشف القناع عن دور أجهزة المخابرات الأمريكية وتغلغلها داخل دول العالم وخصوصا الدول العربية ذلك أن الانزعاج ما كان ليحدث لو أن تونس ومصر لم تكونا مباحتين للمخابرات الأمريكية. ولن يكون وضع باقي البلاد العربية أفضل من وضع تونس ومصر فيما يتعلق باستباحة المخابرات الأمريكية لسيادتها .

وهذا التصريح الخطير يفرض أسئلة لا بد منها وهي : هل الأنظمة العربية على علم تام باختراق المخابرات الأمريكية لبلدانها ؟ وهل يوجد نوع من التنسيق بين هذه الأنظمة والمخابرات الأمريكية ؟ وأين هي مخابرات الدول العربية ؟ أم هل المخابرات العربية مجرد أجهزة تابعة للمخابرات الأمريكية ؟ وهل ما حدث في تونس ومصر كان يقتضي علم وتوقع المخابرات الأمريكية قبل المخابرات التونسية والمصرية ؟ وما هو حجم جاهزية المخابرات العربية أمام جاهزية المخابرات الأمريكية ؟ وهل المخابرات الأمريكية وحدها المتغلغلة في البلاد العربية أم إلى جانبها مخابرات صهيونية وأوربية ؟ وهل واقع البلاد العربية تتوقعه المخابرات الأمريكية وغيرها من المخابرات الموالية ؟ فماذا لو أن المخابرات الأمريكية استطاعت توقع ما حدث في تونس ومصر، فهل يعني ذلك أن الوضع سيكون مختلفا عما آل إليه وسيظل نظامان ديكتاتوريان في تونس ومصر رغم إرادة الشعبين التونسي والمصري ؟ وإذا كان الأمر كذلك فهل وجود النظامين في تونس ومصر عبارة عن إرادة أمريكية رغم أنف الشعبين التونسي والمصري ؟ لقد تأكد من خلال الحركة الدبلوماسية الأمريكية والغربية المحمومة و المكثفة الأخيرة بخصوص أحداث مصر ضلوع أو تورط الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل ودول أوروبية في محاولة إنقاذ النظام المصري المرفوض شعبيا مهما كان الثمن بالرغم من محاولات التباكي مع الشعب المصري الذي يقدم يوميا شهداء من أجل العدالة والحرية والاستقلال. ولم يكن من قبيل الصدف أن يصير المسؤول الأول عن جهاز المخابرات المصري نائبا للرئيس ، ومعلوم أن نائب الرئيس يسد مسد الرئيس.

وما أظن المناورات المكثفة الحالية في البيت الأبيض إلا من أجل ضمان نيابة رئيس جهاز المخابرات عن الرئيس المرفوض الذي تأكد للإدارة الأمريكية أنه في حكم النافق . وكان بالإمكان إعلان انصراف أو صرف الرئيس المرفوض شعبيا ولكن ليس قبل التأكد من أن الشعب سيرفض أيضا مسؤول المخابرات مما سيوقع الإدارة الأمريكية وحلفاءها الصهاينة والغربيين في حرج كبير لأن ذلك يعني أن مصر ستصير خارج تغطية المخابرات الأمريكية والصهيونية والغربية. ولا أعتقد أن المخابرات الأمريكية لم تتوقع ما حدث في تونس ومصر بل لعلها لم تستطع فعل شيء بالرغم من عملها المسبق بما سيحدث خصوصا وأنها تتبجح دائما بأنها تنجح في التوقعات بنسب عالية . إن ما حدث في تونس ومصر ليس بالأمر المستغرب لأن الأوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية كانت تنذر منذ عقود بالانفجار الذي تأخر كثيرا ، كما أن أوضاع باقي الدول العربية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ليست بأفضل من أوضاع تونس ومصر، بل ربما كان الرائج أن تونس ومصر هي أكثر البلاد العربية استقرارا بسبب وجود أنظمة بوليسية قمعية فيها وفق النصح الأمريكي والصهيوني والغربي ، ومع ذلك حدث ما حدث لأن كل القوانين الطبيعية والبشرية تؤكد أن الضغط يولد الانفجار. لقد كانت الإملاءات الأمريكية والصهيونية والأوروبية الغربية على الدول العربية هي نموذج السياسة المصرية والتونسية التي تقوم على القمع وعلى التمكين للاستثمارات الأجنبية في البلاد العربية بتسهيلات خيالية من جهة لصرف الرأي العام العربي عن القضية القومية المقدسة التي هي أرض فلسطين السليبة ، ومن جهة أخرى لخلق درع دفاعية متقدمة في كل البلاد العربية ضد ما تسميه الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أوروبا الغربية بالأصولية المتطرفة التي لا تقبل المساومة في القضية الفلسطينية .

لقد نجحت الولايات المتحدة وإسرائيل ودول غربية أوروبية عن طريق أنشطتها المخابراتية في توريط بعض الأنظمة العربية في محاربة ما تسميه الإرهاب بعد أحداث الحادي عشر من شتنبر التي أكد الخبراء والمتخصصون أنها تدبير مخابراتي أمريكي للتغطية على التحرك من أجل السيطرة على موارد الطاقة في الشرق الأوسط خصوصا في العراق الذي لم يكن داخل بيت الطاعة الأمريكي. وسوقت الإدارة الأمريكية لهذه الاستراتيجية في جل البلاد العربية من أجل إجهاض كل صوت يطالب بتحرير فلسطين واتهامه بتهمة العصر الخطيرة وهي الإرهاب . وهكذا صار شغل معظم الأنظمة العربية هو الانخراط فيما يسمى محاربة الإرهاب دون اهتمام بأوضاع شعوبها التي ازدادت سوء سواء عن طريق الشعور بالإذلال أمام طغيان الكيان الصهيوني أو الشعور بالحرمان أمام الاستثمارات الأجنبية التي تستنزف خيرات بلادها وتخلف لها الفقر وغلاء المعيشة ،وما يترتب عن ذلك من مشاكل اجتماعية معقدة. وليس من قبيل الصدف أن تستنكر الإدارة الأمريكية تصريحات النظام الإيراني الذي طمع هو الآخر في الاستفادة من ثورة الشعب المصري ليخفف من شدة الحصار المضروب عليه في المنطقة .

فالإدارة الأمريكية ترى في الحركات الإسلامية سواء في تونس أم في ومصر أم في باقي البلاد العربية عدوا خطيرا يهدد مصالحها الاستراتيجية وأمنها القومي المرتبط بأمن الكيان الصهيوني ويهدد وجود هذا الكيان المستنبت في المنطقة ، لهذا تحاول قياسه على النظام الإيراني . ولقد أذاعت قناة س.ن.ن الأمريكية برنامجا حاول التذكير بعودة الخميني إلى إيران عقب سقوط نظام الشاه مشيرا إلى الدور الشبيه بدور الخميني المحتمل لجماعة الإخوان المسلمين في مصر. وليس من قبيل الصدف أيضا أن يتهم رأس النظام المصري المرفوض الإخوان المسلمين بأنهم يريدون ركوب ثورة الشعب من أجل الوصول إلى سدة الحكم . وليس من قبيل الصدف أيضا أن يعبر الكيان الصهيوني عن انزعاجه من وصول الإخوان المسلمين إلى الحكم في مصر لأن ذلك سيعني تبخر أحلام هذا الكيان بالوجود والاستمرار. وأخيرا أقول لم يكن انزعاج البيت البيض من عدم توقع أجهزة مخابراته ما وقع في مصر وتونس بل كان انزعاجه بسبب عجز هذه الأجهزة عن إجهاض الثورتين التونسية والمصرية اللتين بشرتا بثورات عربية متلاحقة الشيء الذي سيفسد المشاريع الأمريكية في البلاد العربية ويهدد أمنها القومي على حد تعبيرها المألوف.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *