Home»International»مطلب العلمانية في دولة إسلامية رهان خاسر

مطلب العلمانية في دولة إسلامية رهان خاسر

0
Shares
PinterestGoogle+

حسمت الثورة الفرنسية سنة 1789م الصراع ضد الإكليروس لصالحها، و استطاعت التخلص من هيمنة الكنيسة . ومعلوم أن الماسونية لعبت دورا مهما في هذه الثورة وكانت محافلها تدعوا إلى تحرير المواطن من جور الملك وظلم الكنيسة، فكان شعارها (اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قسيس). ثم جاء إعلان حقوق الإنسان الذي نصت مادته الأولى على ما يلي: ( يولد الناس أحرارا متساوين في الكرامة والحقوق…. وقد وهبوا عقلا وضميرا وعليهم أن يعاملوا يعضهم بعضا بروح الإخاء.). وهكذا نلاحظ أن شعار الماسونية الذي تبنته الثورة الفرنسية متضمن في هذا البند  وهو: (حرية، مساواة، إخاء). وفي عهد الجمهورية الثالثة بزعامة جيل فيري الماسوني، دافع محفل الشرق الأعظم الفرنسي عن استعمار شمال إفريقيا وانتشرت خلاياه ومحافله في ربوع الوطن، وحاربت التعليم الأصيل واللغة العربية وبثت بذور التفرقة بين العرب والأمازيغ ، و حاولت علمنة التعليم في المغرب على غرار ما تم بفرنسا.
و اضطرت الكنيسة في عهد البابا لاون الثالث عشر في نهاية القرن 19 أن تعلن التفريق بين السلطتين الدينية والمدنية واستقلال كل منهما في حقل نشاطه وصلاحياته، فميزت بين المجتمع الديني و المجتمع المدني، باعتبار أن الأول مكلف بالنظام الروحي والثاني مكلف بالنظام الزمني… و تواصل تطور القضية في فرنسا حتى استقرت على صفة قانونية أقرها المجلس النيابي الفرنسي في قانون سنة 1905م الذي نص على حرية المعتقد وعلمانية الدولة.  وفعلا نجح الفرنسيون من التحرر من سطوة الكنيسة و فسادها. فهي التي كانت تعين الملوك وتباركهم، وهي التي كانت تقرر ما ينشر وما لا ينشر، ومن يدخل الجنة ومن يحرم منها، وهي التي كانت تحتكر العلم وتمنعه عن المواطنين، وهي التي كانت تحرق العلماء وتنصب لهم محاكم التفتيش.
و يرى غلاة العلمانيين المنبهرين بالغرب من بني جلدتنا أن ذلك المشروع يمكن إسقاطه على مجتمعاتنا الإسلامية، فنجدهم يرددون ببلادة نفس المصطلحات (رجال الدين، الظلامية، محاكم التفتيش، حرية العقيدة، المجتمع المدني….)، مع العلم أن المسلم رجل دين و دنيا في نفس الآن ولا يمكنه أن يتصور الفصل بين الأمرين، و هو يزداد حرة و انعتاقا وكرامة كلما اقترب من الإسلام و تمثل قيمه الحالدة. ويتحدثون عن الإكلروس في الإسلام ، في حين لا وجود لوساطة بين الإنسان وربه في ديننا. ولم يحارب الإسلام العلم أبدا ولم يمنع من الاستفادة من منجزات الإنسانية من أجل النهضة والتطور والرقي. ولهذا كان عندنا دائما حركات إصلاحية تجديدية أصيلة، ولم يخل تاريخنا من علماء عاملين معتدلين ينفون عن الدين انتحال المبطلين أو تأويل الغالين. ولم يقل عاقل بإقصاء الدين من المجتمع أو من الحياة.
و إذا كان الجيل الذي عايش الاحتلال الفرنسي قاوم ولم يستسلم مضحيا بالغالي والنفيس من أجل الحرية والكرامة، فإن جيلنا من واجبه أن يقاوم جيوب الاستعمار وأذنابه. و مطلوب منا أن نحمي الوطن ونحصنه من الغزو الفكري ومن كل تيارات الهدم والتجزئة والتبعية. لقد تشبثت الحركة الوطنية بمطالب أربعة بخصوص التعليم وهي :التعميم و المغربة والتوحيد والتعريب، و جيلنا اليوم مؤتمن عليها لأنها ضمان استقلالنا ووحدتنا. و هذا التحدي تواجهه اليوم دول الخليج العربي مع مشروع الأمركة. وفي هذا السياق يتساءل الكاتب القطري محمد القحطاني:
 « لماذا لا يتم الإصلاح والتطوير التعليمي العربي إلا بوجود مخبر تربوي أميركي يتابع «الترويض» آسف أقصد «التغيير» عن كثب؟!
لماذا لا يقوم المخبر الأميركي ومعه زمرة الليبراليين العرب الجدد بتوجيه عيونهم لمناهج بنت العم الدولة الدينية العبرية، هل هناك تعصب وانغلاق واستعلاء وتضخيم للذات وكراهية للآخر أكبر وأقسى وأشد من الاستعمار الاستيطاني الاحتلالي وثقافته وتعليمه الذي تقوم به « بنت الشيطان » إسرائيل، هل هناك تعليم تمييزي أو إقصائي أكبر من التعليم الإسرائيلي الذي يرفض حتى الآن أن يقر أو يعترف -حتى من ناحية المبدأ- أن تقوم دولة علمانية واحدة على أرض يهودا والسامرة تتكون من قوميتين ودينين.
هل هناك تعليم دعائي أو تمجيدي أكبر من التعليم اليهودي الإسرائيلي الذي يعتنق مبدأ الصفاء العرقي، وأن اليهود قاطبة هم شعب الله المختار، ولهم الحق في إزاحة وإبادة السكان الأصليين والاستيطان مكانهم في الأرض الموعودة!! »
و صفوة القول إن رهان العلمنة بالمفهوم الفرنسي رهان فاشل و مضيعة للوقت والجهد. وخير دليل التجربة التركية. فقد عاد الحجاب إلى المدارس والجامعات بقوة وثبات واستوعب الإسلاميون كل عناصر القوة في المدنية الغربية وأخرجوا البلاد من التضخم الاقتصادي وأنقذوها من الإفلاس في جميع القطاعات.  وأضحت تركيا شوكة في حلق إسرائيل وارتبكت حسابات العملاء وتحرر الشعب التركي من فسادهم.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *