اكفلوا الصغـــــار نحطّـــم الحــــــصــــار

تقرير : ايناس علي
قد يعتقد البعض منا ان الحصار في غزة يعني حرمان الشعب الفلسطيني من ملذات الحياة وأطايبها وان اطفالها سيشتهون اطباق البيتسا والكوكاكولا بسبب الحصار المفروض عنوة عليهم ، غير ان الحقيقة تكشف واقعا اسودَ للحصار لا يوازي معشار حبة خردل مما توقعناه ، فلا المريض يجد دواءا لتسكين الاوجاع،ولا الام تجد اجابة تشفي بها صدر ابنها حينما لا تتمكن من اعطائه مصروفه اليومي  » النصف شيكل » لايام معدودات , فالحصار يعني أن عشرات المصانع أغلقت أبوابها وعشرات المشاريع توقفت ،وآلاف العمال انضموا إلى آلاف عمال سبقوهم وفقدوا مصدر دخلهم الوحيد.

ويعتصر قلب ام محمد ألما حينما تقول : » أصبح اللحم من النوادر الذي من الممكن أن يدخل بيتنا وربما لم يعد أطفالي يتذكرون شكل الفاكهة فمع ارتفاع أسعارها تمر مواسم الفاكهة وأطفالي يطلبونها ولكن « ما باليد حيلة »
تحت وطأة الحصار والخنق والتضييق على أطفال وشيوخ غزة هاشم يسطع مجددا نجم مؤسسة الاغاثة الانسانية في الداخل الفلسطيني ، لتساهم في تلطيف المعاناة وغرس الامل في قلوب ما يزيد عن ال 16000 يتيم وفقير في الضفة الغربية وقطاع غزة كما بين لنا الشيخ علي مصاروه مدير مؤسسة لجنة الاغاثة الانسانية ، مؤكدين بأن ما يقوم به كفلاء الايتام والفقراء مشروع حياة وواجب ايماني وانساني باستطاعة معظمنا ان يلتحق به ، فصدقة كفالة اليتيم ( 130ش.ج) أثرها بالغ في الدنيا وأجرها عظيم في الاخرة ، واذا كنت ممن انعم الله عليه بكفالة اليتيم ، فلا تبخل على اقربائك وجيرانك بنصحهم وابلاغهم عن مشروع كفالة الايتام ، فهيا لنفك الحصار معا !
غزة هاشم
يعيش في قطاع غزة، ذلك الشريط الضيق المحاذي للبحر الأبيض المتوسط والبالغ مساحته 362كم مربعا، حوالي 1.4 مليون فلسطيني؛ وهو ما يجعله من أكثر المناطق المكتظة بالسكان في العالم ،حيث يقطن في كل كيلومتر مربع نحو 2.350 فلسطينيا.
ويقع قطاع غزة على الحدود مع مصر ويبلغ طوله 45كم ويتراوح عرضه بين 6 و10 كيلومترات وحوالي 900 ألف نسمة من سكان قطاع غزة هم من اللاجئين الذين تم طردهم من منازلهم غداة قيام دولة إسرائيل في العام 1948, ونصف هؤلاء يعيشون في 8 مخيمات تديرها الأمم المتحدة.
الفلسطينيون يعيشون الفقر.

حذّر اقتصاديون وأكاديميون من خطورة تحول غالبية مواطني قطاع غزة إلىفقراء، بفعل الانهيار الذي لحق بمختلف قطاعات اقتصاد القطاع، وأكدوا أن الحصار المفروض على قطاع غزة أدى إلى انهيار كلي غير مسبوق في مجمل الأنشطة الاقتصادية , وقد قدر تقرير صادر عن الغرفة التجارية الفلسطينية إجمالي الخسائر المباشرة التي تكبدها الاقتصاد الوطني نتيجة إغلاق المعابر التجارية بحوالي 150 مليون دولار منذ منتصف حزيران بواقع مليون دولار يوميا استنادا إلى التقديرات الدولية والمحلية ،وتشير أرقام رسمية فلسطينية إلى أن نحو 45% من اليد العاملة عاطلة عن العمل ، وتشير المعطيات الى انهيار القطاع الصناعي وتعطل أكثر من 90% من مصانع القطاع بواقع3900 مصنع، من جهتها أعلنت منظمة العمل الدولية أن 70% من العائلات الفلسطينية بمعدل 2.4 مليون نسمة، تعيش تحت خط الفقر بزيادة بلغت 26%.
وأوضح التقرير أن 53 بالمائة من الأسر الفلسطينية التي تعاني من الفقر المدقع و45 بالمائة من الأسر الواقعة تحت خط الفقر لا تتوافر لديها آليات بديلة للتأقلم مع الوضع الراهن وأن نسبة 49 بالمائة من الأسر الواقعة تحت خط الفقر بالكاد تستطيع أن تتدبر أمورها الحياتية اليومية.
فرحة المكفولين بالقسط الشهري
تؤكد الاختصاصيه الاجتماعية ام عامر مندوبة لجنة الاغاثة الانسانية في قطاع غزة ،ان فرحة الاطفال بالقسط الشهري مثل نقوط العيد يغمر قلوب الاطفال بهجة وسعادة وتضيف ، صحيح ان الاوضاع قاسية وان المصروفات كبيرة بسبب الحصار والبطالة وغلاء الاسعار الا ان القسط الشهري يوفر الحد الادنى لاستمرارية الحياة .
وعن الظروف المعيشية القاسية في ظل الحصار تقول، ان الكثيرين أصبحوا يعتمدون على المشي بدل الانتقال بالمواصلات نظرا لارتفاع الاسعار بسبب نقص الوقود ،كما اننا أصبحنا نشهد الاهتمام البالغ بالطب الشعبي لان (كشفية) الطبيب العام تصل نحو 30 شاقلا ، وليست هذه العقبة الوحيدة ، ولكن  » الروشيتة  » التي يعطيها الطبيب لا قيمة لها بعد ان اصبحت الصيدليات خالية من الدواء .

ونلاحظ انه بدأ الحطب يعود كوقود منزلي,حيث بات ضرورة ملحة لدى المجتمع الفلسطيني وخصوصا بعد أن بات شراء الوقود اللازم يشكل عبئا اقتصاديا كبيرا على الأسر الفلسطينية نظرا للغلاء الكبير الذي طرأ ويطرأ يوميا على أسعار المحروقات ومنها الغاز المنزلي الذي يعتبر مصدرا أساسيا في كل بيت فلسطيني .
قلوب مكسورة من يجبرها
تستذكر ام عامر موقفا واجهته ضمن عملها في رعاية الايتام لن تبليه زحمة الايام ، تقول : » بان احدى الامهات الفاضلات رافقت ابنها الصغير الى مكتب الاغاثة في غزة ،وانشغلت مع ام عامر في تعبئة النماذج ،وظل الصغير يلح على امه ان تسرع في قضاء مشاغلها ، وام عامر التي جهلت اسرار فؤاده ، سألته عن الحاحه الشديد ، فأخبرها ان امه حينما اغلقت باب البيت لم تضع المفتاح جنب الباب في ( القوّارة ) قارورة الازهار ، بل رآها بأم عينيه تحفظ المفتاح في حقيبتها الخاصة ، وعليه فأن اباه سيعجز عن دخول البيت ويعود من حيث أتى !!
كانت هذه الكلمات كافية لتنبش الجرح الذي لم يندمل عند امه ، وبعد ان مسحت دمعاتها الساخنة قالت لصغيرها « الم اخبرك مرارا ان اباك ينعم مع اهل الجنة ولن نراه قريبا  » .

وتضيف ام عامر، ان الحصار الاسود على قطاع غزة ينال من الاطفال على وجه الخصوص , فقد كسرت قدم الطفل عبد الله ولم يجد من يجبرها الا بعد ثلاثة ايام من العناء والالم، لينكسر قلب الام بعد ان كسرت قدم ابنها الغالي , فمستشفى غزة أصبح عاجزا امام مرضاه لنفاد الادوية والمعدات , وبعد جهد جهيد وجدت عيادة خاصة طلبت منها ضعف مدخولها الشهري ,قام اهل الخير بجمع المبلغ ليبرأ عبد الله من الالم الشديد ، ولكن العشرات من المرضى لا زالوا ينتظرون من يشفق عليهم ويخفف الامهم بعد ان خربت المستشفيات ومنع المرضى من السفر خارج غزة للعلاج !
فالشابة ايمان ( 27 ربيعا ) كأنها جثة هامدة لا تقوى على الحركة , الا ان جسدها الهش يحمل قلبا صلبا ينبض بذكر الله واياته فقد شارفت ايمان على حفظ كتاب الله , تحتاج ايمان لرعاية مكثفة من المشفى فطعامها خاص ، وحال ايمان كغيرها من المرضى شح الادوية وافتقادها للغذاء الخاص , فاين القلوب الرحيمة تخفف هموم الحافظة لكتاب الله .

كفالة المحتاجين , بركة الدنيا وجنة الآخرة
يؤكد معظم من تحدثنا اليهم من الكفلاء للايتام والمحتاجين ان السعادة تغمرهم لانهم يساهمون ولو بالقليل في رفع الحرج والعنت عن اخواننا المحاصرين في قطاع غزة و الضفة الغربية , وتضيف الاخت عرين لهواني ،ان زوجها ( الاخ موريس لهواني ) قام بكفالة يتيمة قبل عدة سنوات من زواجهما , وقد تراجع لفترة محدودة عن الكفالة لازمة مالية واجهته، فطلب من احد اخوانه ان يكمل كفالة اليتيمة بدلا منه , ولم يمض وقت طويل حتى يقرر زوجها العودة عن قراره بالتخلي عن الكفالة بعد ان استمع لمحاضرة تتحدث عن فضل الصدقة وبركتها , الا ان أخاه رفض ان يعيد الكفالة بعد ان شعر ببركة كفالة اليتيم ، فلم يبق للاخ موريس الا ان يكفل اخت اليتيمة ابنة السبع سنوات ، لتنشأ على عينيه ويقوم بدور الاخ الكبير على أحسن حالاته , فهمها أهمّه وفرحها اثلج قلبه , وتوالت الايام حتى أصبحت ابنتنا اليتيمة طالبة جامعية وبعد سنتين اكتملت الدائرة السعيدة بدخولها عش الزوجية , وكانت فرحتنا الغامرة تملأ الدنيا بشرا وسعادة , وما زالت علاقتنا حتى هذه الايام مع زوجها وابنتها , ولا تنهي الاخت حديثها قبل ان تخبرنا عن سر سعادتها بهذه العلاقة الكريمة فتقول انه عند الازمات وضيق الاحوال اتصل بها لتدعو لي فما البث ان اشعر بانشراح وطمأنينة !!
مع الدعاء قليل من القطران
يتوجه كافل اليتيم الاخ ابو عبد الله بشكره الجزيل لمؤسسة لجنة الاغاثة الانسانية التي أتاحت له وللكثيرين فرصة كفالة الايتام ويقول : » اعلم ان هناك الآلاف من الكفلاء للمحتاجين , ولكن اقولها بصراحة ان هذا العدد بالامكان مضاعفته دون جهود خارقة , فالقسط الشهري (130 ش.ج) لا يشكل عبئا على واحد منا , وانه ليؤلمني ان يعيش الواحد منا في ترف وبذخ ولا يبخل على نفسه ولا على ابنائه بالكماليات والمصروفات الزائدة، ويجد حرجا وضيقا حينما يطلب منه الاشتراك في كفالة الايتام , ويضيف احد النشطاء في لجنة الاغاثة : » اننا نكثر الدعاء ان يفرج الله كرب اخواننا المحاصرين في غزة ، ونتهجد كثيرا في الصلوات ، وللدعاء أثر بالغ وفضل عظيم ، ولكن الدعاء وحده لا يكفي , سيما وان الفرصة سانحة لنا جميعا بان ندعم صمودهم ونخفف احزان صغارهم وآلام مرضاهم ، وللحق اقول ان الكثيرين يتجاوبون مع مشروع الاغاثة حينما يتم عرض الفكرة عليهم شخصيا سيما في مثل هذه الازمات ، وكثيرا ما كنت افاجأ حينما يطلب مني احد الاخوة استمارة لكفالة يتيم وانا اعلم يقينا انه في ظروف مادية صعبة !, ولسان حاله يقول : »الراحمون يرحمهم الله  » , « انفق ينفق عليك « . فمن كانت لديه القدرة ان يضيف على مبلغ الكفالة او ان يزيد عدد المكفولين فليفعل ولا يتردد ، كما ان واجبنا جميعا ان نشرح للناس كافة اهمية المشروع وفضله في الدنيا والاخرة .

فضـــــل كفـــــالة الأيـــــــــــــــتام
الشيخ ضرغام صالح -عضو المجلس الإسلامي للإفتاء

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فكفالة اليتيم من الأمور التي حث عليها الشرع الحنيف، وجعلها من الأدوية التي تعالج أمراض النفس البشرية ، وبها يتضح المجتمع في صورته الأخوية التي ارتضاها له الإسلام. على أنه لابد أن يتنبه أن كفالة اليتيم ليست في كفالته ماديا فحسب، بل الكفالة تعني القيام بشئون اليتيم من التربية والتعليم والتوجيه والنصح، والقيام بما يحتاجه من حاجات تتعلق بحياته الشخصية من المأكل والمشرب والملبس والعلاج ونحو هذا.
وقد أنزل الله تعالى على نبيه المصطفى & وحيًا مباشرًا يحثه على مثل ما أراده سبحانه من سائر الأمة حيث قال له سبحانه : { ألم يجدك يتيمًا فأوى . ووجدك ضالاً فهدى . ووجدك عائلاً فأغنى . فأما اليتيم فلا تقهر .

وأما السائل فلا تنهر .وأما بنعمة ربك فحدث } (الضحى6-11) .
وكفالة اليتيم من أعظم أبواب الخير التي حثت عليها الشريعة الإسلامية قال الله تعالى: { يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ } [البقرة الآية 215 ].
ووردت أحاديث كثيرة في فضل كفالة اليتيم والإحسان إليه منها : عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله &:( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما ) رواه البخاري، قال الحافظ ابن حجر في شرح الحديث: [قال ابن بطال : حق على من سمع هذا الحديث أن يعمل به ليكون رفيق النبي & في الجنة ولا منزلة في الآخرة أفضل من ذلك].
وقال الحافظ أيضاً: [ قال شيخنا في شرح الترمذي: لعل الحكمة في كون كافل اليتيم يشبه في دخول الجنة، أو شبهت منزلته في الجنة بالقرب من النبي &، أو منزلة النبي &لكون النبي & شأنه أن يبعث إلى قوم لا يعقلون أمر دينهم فيكون كافلاً لهم ومعلماً ومرشداً، وكذلك كافل اليتيم يقوم بكفالة من لا يعقل أمر دينه ،بل ولا دنياه ويرشده ويعلمه ويحسن أدبه فظهرت مناسبة ذلك .أهـ ملخصاً ] فتح الباري 10/536-537 .
وقال النبي & :( من ضم يتيماً بين مسلمين في طعامه وشرابه حتى يستغني عنه وجبت له الجنة ) رواه أبو يعلى والطبراني وأحمد مختصراً بإسناد حسن كما قال الحافظ المنذري . وقال الألباني صحيح لغيره. انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/676 .
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ( أتى النبي & رجل يشكو قسوة قلبه ، قال: أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك؟ ارحم اليتيم وامسح رأسه وأطعمه من طعامك يلن قلبك وتدرك حاجتك ) رواه الطبراني وقال الألباني حسن لغيره . انظر صحيح الترغيب والترهيب 2/676
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي & قال: (الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله وأحسبه قال: وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم لا يفطر) رواه البخاري ومسلم ، وغير ذلك من الأحاديث.

* إنفاق الكافل على اليتيم مع عدم ضمه إلى أسرته كما هو حال كثير من أهل الخير الذين يدفعون مبلغاً ثابتا من المال بقيمة (120ش) مثلاً لكفالة يتيم هل يسمى ذلك كفالة اليتيم ؟
كفالة اليتيم تكون بضم اليتيم إلى حجر كافله أي ضمه إلى أسرته، فينفق عليه، ويقوم على تربيته، وتأديبه حتى يبلغ؛ لأنه لا يتم بعد الاحتلام والبلوغ، وهذه الكفالة هي أعلى درجات كفالة اليتيم حيث إن الكافل يعامل اليتيم معاملة أولاده في الإنفاق والإحسان والتربية وغير ذلك ، وهذه الكفالة كانت الغالبة في عصر الصحابة كما تبين لي من استقراء الأحاديث الواردة في كفالة الأيتام، فالصحابة رضي الله عنهم كانوا يضمون الأيتام إلى أسرهم.

ومن الأمثلة الواضحة على ذلك حديث عمارة بن عمير عن عمته أنها سألت عائشة رضي الله عنها: في حجري يتيم أفآكل من ماله؟ فقالت: قال رسول الله & : (إن من أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن.
وتكون كفالة اليتيم أيضاً بالإنفاق عليه مع عدم ضمه إلى الكافل كما هو حال كثير من أهل الخير الذين يدفعون مبلغاً ثابتا من المال بقيمة (120ش) مثلاً لكفالة يتيم يعيش في جمعية خيرية أو يعيش مع أمه أو نحو ذلك، فهذه الكفالة أدنى درجة من الأولى، ومن يدفع المال للجمعيات الخيرية التي تعنى بالأيتام يعتبر حقيقة كافلاً لليتيم وهو داخل إن شاء الله تعالى في قول النبي & :( أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا …).
وكفالة اليتيم المالية تقدر حسب مستوى المعيشة في بلد اليتيم المكفول بحيث تشمل حاجات اليتيم الأساسية دون الكمالية، فينبغي أن يتوفر لليتيم المأكل، والمشرب، والملبس، والمسكن، والتعليم بحيث يعيش اليتيم حياة كريمة، ولا يشعر بفرق بينه، وبين أقرانه ممن ليسوا بأيتام .
ولا بأس أن يشارك أكثر من شخص في كفالة اليتيم الواحد.

* هل هناك مفاضلة بين كفالة الأيتام وكفالة الفقراء ؟
ان المسلم مطالب بإعمال فقه الأولويات في كل عباداته ومعاملاته مع الآخرين، وليس من فقه الأولويات أن يوجه المسلم فائض ماله سواء كان زكاة أو صدقة أو غير ذلك كالهبة والتبرع لفئة من المجتمع الإسلامي وما أكثر المحتاجين في هذا المجتمع ، لأن هذا ليس مطلوبا منه شرعا وهناك مصارف عديدة أمرنا الله سبحانه وتعالى بتوجيه أموالنا إليها وحضنا الرسول & على المسارعة بتقديم زكاة المال والتصدق من أجلها ومع ذلك مازال فائض أموال القادرين لا يكفي هذه المصارف ومن هذه المصارف اعانة الفقراء الذين لا يجدون قوت يومهم والتبرع لعلاج المرضى الذين لا تتوافر لديهم نفقة العلاج، فإنك تجد مثلا أن تزاحم الأكتاف من أجل الحصول على كفالة الأيتام متجاهلين أن هناك في المجتمع من هو أسوأ حالا من حالة اليتيم، فلذلك فإن إعمال فقه الأولويات في مثل هذه الأمور ضرورة شرعية، والذي يحدد ذلك هو الحاجة والضرورة وما أكثر هذه النماذج وغيرها في المجتمعات الإسلامية التي ينتشر فيها ثالوث الفقر والجهل والمرض.
إن المجتمع المسلم هو الذي يطبق فيه الإسلام عقيدة وعبادة وشريعة ونظاما وخلقا وسلوكا، وفقا لما جاء به الكتاب والسنة، واقتداء بالصورة التي طبق بها الإسلام في عهد الرسول & والخلفاء الراشدين من بعده.
وعندما يلتزم المجتمع بهذه القاعدة يجد التكامل الاجتماعي مكانه بارزا في المجتمع بحيث تتحقق فيه جميع مضامينه، ذلك أن الإسلام قد اهتم ببناء المجتمع المتكامل وحشد في سبيل ذلك جملة من النصوص والأحكام لإخراج الصورة التي وصف بها الرسول & ذلك المجتمع بقوله: ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر .)