Home»Enseignement»ظاهرة العنف في المؤسسات التعليمية

ظاهرة العنف في المؤسسات التعليمية

0
Shares
PinterestGoogle+

المدرسة ليست مجرد جدران وفصول وفناء ولكنها عتبات مقدسة نخلع
عندها أثواب التعصب والحقد والكراهية ونتبرأ على أبوابها من خطايانا ونتطهر من ذنوبنا،
وهي أيضا ليست مجرد مقررات وكتب وبشر ولكنها مصانع للعقول الواعية والنفوس المتسامحة
والقلوب القادرة على الحب. لذا فعندما تتحول مواطن الفضيلة إلى
معاقل للرذيلة وبيوت الإصلاح إلى أوكار للفساد، وعندما تصبح للقوة الكلمة العليا
في المؤسسة التعليمية وتصل الأمور بين المدرس والتلاميذ إلى العراك… ، وبين أولياء الأمور
والمدرسين إلى الشتم…، وبين التلاميد وبعضهم إلى استخدام الأسلحة البيضاء
كوسيلة لحسم خلافاتهم الصغيرة، عندما تصل الأمور إلى هذا الحد فلابد من أن نشعر
بالخطر وندرك أن الأمور تسير في عكس الاتجاه وأن منظومة قيم المجتمع تعاني من خلل
غير عادي قد تدفعنا إلى حافة الهاوية.

قد نتساءل لماذا يقوم تلميذ بالتخطيط للاعتداء ؟ ولماذا لم يكن بالإمكان توقع هذه الأحداث والتدخل لمنعها قبل
وقوعها؟ وكيف يمكن منع وقوعها مستقبلا؟
أسئلة تعود إلى الواجهة بعد عدت إحداث.

 فخبراء علم النفس وعلم
الاجتماع يحاولون منذ زمن فهم الأسباب
الحقيقية وراء العنف في المؤسسات التعليمية. ورغم أنه من الصعب
التوصل إلى جواب شاف واف في هذه المسألة إلا أن هذا لا يمنعنا من محاولة فهم هذه الظاهرة.

وارى أن ظاهرة العنف تتعلق بفقدان البعض الإحساس
بقيمة الحياة الإنسانية وقدسيتها، والتقليل من قيم الآخرين والازدراء
بهم. فالبيئة المحيطة بالإنسان لها تأثير خاص على سلوكه. فعندما تكون هذه البيئة موبوءة بالعنف والقتل والأفكار المنحرفة
والمسمومة تنشأ عند الإنسان حالة تبلد وفقدان شعور وانعدام
إحساس بقيمة الحياة وبشاعة انتهاك حرمتها. ولك أن
تتخيل نسبة العنف الذي يتعرض له الشباب، في ظل غفلة الآباء
والمجتمع، من خلال تأثرهم بما يشاهدونه على شاشات التلفاز من
أفلام الحرب والموت وصور القتلى والدماء، أو عن طريق ممارسة
ألعاب الفيديو المختلفة التي تحاكي أعمال العنف وتمكن
من تقليد ارتكابها، أو من خلال الأعمال الفنية التي تصور هذه المشاهد
بطريقة أكثر تأثيرا ودموية، أو تلك المشاهد والحكايات التي تنقص من مهن ذات تأثير إنساني واجتماعي كمهنة التدريس وتحقر دور المعلم وتعتدي
على كرامته.  لذا نجد أن بعض الشباب في مجتمعنا أصبح أقل إحساسا بهذا
الخطر غير مدرك أو متصور للمعنى الحقيقي للتعدي
بأي نوع من أنواع الانتهاك للفرد والمجتمع.

ومن هذه الحقائق أيضا انعدام
الروابط والقيم الأخلاقية المشتركة. فبدون
هذه الروابط يقل الاهتمام برفاهية وصالح الآخرين.
وعندها يصاب البعض بالعزلة والتهميش مما يجعل المجتمع هدفا لأعمال العنف.
كما أن العنف يتولد عندما يسمح المجتمع بتوغل العصبية والطائفية
وعقيدة الكراهية التي تنشئ نوعا من الطبقية بين أفراده. فالكراهية تولد العنف وبالتالي يتولد الخوف
وسوء الفهم والبغيضة المنتجة للعنف والعنف
المضاد. كما يساعد على استشراء الظاهرة انتشار الآفات الضارة كالخمر والمخدرات المشاعة باسم
الحرية. وتزداد ظاهرة العنف بازدياد إقبال
المتعاطين الجدد ذوي الخبرة المحدودة والتجربة
الناقصة.

 ورغم الاهتمام بدراسة هذه
الظاهرة والوقوف على أسبابها، فإن العلاج الحقيقي في رأيي يبدأ
من فرض الأسرة للرقابة السليمة التي يتم من
خلالها بناء السلوك الإيجابي، والحد من التعرض لكل ما يعزز
السلوك العدواني، وبناء العلاقة الاجتماعية الصحية بين الأسرة
والمحيط الخارجي، والتحلي بأخلاقيات الإسلام لتكون حصنا حصينا في مواجهة المعتقدات الخاطئة والآفات المدمرة.
ومن الجنب الأخر أرى ضرورة إعادة بناء الهياكل التعليمي من جديد بإقامة
إدارات قوية وسليمة و علي درجة عالية من الكفاءة.  وتعيين مشرفين وأخصائيين اجتماعيين ونفسيين ،
وتدريب وتأهيل أطراف العملية التعليمية على مهارات التواصل الفعال وحل المشكلات
والتسامح ونبذ العنف واحتواء التلاميذ أصحاب المشكلات الاجتماعية والنفسية
والسيطرة على تمردهم .*

كما أرى ضرورة ملحة في النظر في  المقررات لتكون أكثر تعزيزا للمبادئ
والأخلاقيات الحميدة والنابذة للعنف  في نفوس التلاميذ، وكذلك أهمية إعادة
الاعتبار للأنشطة المدرسية: دورات رياضية
او فتح نواد… حتى يمكن تفريغ طاقات التلاميذ فيها بدلاً من تفريغها في صورة عنف
بين بعضهم البعض أو بينهم وبين المدرسين وغيرهم. كما يجب على المؤسسة
التعليمية أن يكون لها نظام داخلي واضح في الموضوع وان يطبق بدون تمييز، بحيث يكون
مقبولا من الأهل والمعلمين والتلاميذ مما يسهل الالتزام
به، والدي
يضمن التحلي بالاحترام و التسامح اتجاه الآخرين، و إيثار الحوار في حالة نشوب خلاف
ما والعناية و المحافظة على الممتلكات و
معدات المؤسسة باعتبارها ملكا عموميا. كما أشيد بالإجراءات اليومية لمعالجة الظاهرة مثل انعقاد مجالس التأديب من اجل الإبعاد لفترة محدودة اوالانتقال إلى مدرسة أخرى….

هذه الخطوات مقبولة ومتبعة ولها تأثير في رأيي على تقليص العنف، كما يجب إقامة ورشات ومحاضرات دائمة بمرافقة طاقم مختص مهني من جمعيات، محامين، أطباء، شرطة، رياضيين، رجال دين، شخصيات ذوي
سيرة حسنة وغيرهم… الهدف المنشود والناجع خلق أجيال
لا تعرف العنف، وان تتعامل مع بعضها البعض
باتصال ايجابي وتصرف لائق وان تتحلى بالأخلاق الحميدة، وتعرف كظم الغيظ والعفو
والتسامح. وانهي مداخلتي بان القضية في نظري ليست
سيادة للأهل وإنما قضية تواجد الأهل
وكيانهم، حب ومحبة وحضن دافئ، وفي المدارس السيادة
الفاعلة هي شخصية وكفاءة المعلم والمربي.
كما لا نغفل التعاون الثلاثي و منذ الطفولة (آباء معلمين وتلاميذ) والدي يساهم لا
محالة في
تحصيل مستوى منخفض من العنف، خلال تطورهم وهذا هو المطلوب. ولا بد للجانب الاخر من التدخل كطرف شريك، فلابد للشرطة أن تتعامل مع العنف في
الشارع المجاور للمؤسسات والوزارة في الصف والمدرسة،… لذلك إذا اجتمعت وتكاتفت هذه الجهات معا وعملت بشكل مشترك وتعاونت بشكل تام،
عندها يمكن التأثير والتغيير والعلاج…

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Orientaliste
    20/02/2010 at 20:19

    من جد وجد و من زرع حصد. هنيئا لنا بهذا الجني الذي زرعته أيدينا فقد وصلنا ما كنا اريده. المهم أن يخرج أبناؤنا من الثانويات و المخدرات في جيوبهم و هم في نشوة المرح و البنات في أيدي أولاد يظهر عليهم أنهم أصحاب سوابق أسنانهم متسخة و ملابسهم تدل على أحوالهم. فهنيئا لنا مرات عديدة. فعوض أن تصبح مؤسساتنا للتهذيب و التربية و الأمل في مستقبل مشرق ها نحن في بداية الجني و الكل راض

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *