Home»International»عندما تنهض الصين ، يختل العالم وينهار ، والبداية من أمريكا

عندما تنهض الصين ، يختل العالم وينهار ، والبداية من أمريكا

0
Shares
PinterestGoogle+

عندما تنهض الصين ،  يختل العالم  وينهار ،  والبداية من أمريكا

عزيز باكوش

   شكك غسان إبراهيم مدير تحرير جريدة العرب الأسبوعي التي تصدر من لندن  فيما تروجه  وسائل الإعلام » لظهور الصين على الساحة الدولية كعملاق جديد يدخل نادي الكبار من أوسع الأبواب « وأوضح غسان في مقال له نشر على نطاق واسع الأسبوع ما قبل الماضي « أ ن هذا  الترويج مشبوه و يعتمد معطيات ملتبسة أكثر منها واضحة ومنطقية  ،  مؤكدا في ذات الموضوع إن اقتصاد الصين مزيف ، وواقع حاله ليس أكثر من  » ورشة عمل دؤوبة تنتج لحساب الدول المتقدمة على حساب الدول الفقيرة    » والحصيلة الصادمة  يضيف المقال  » أن  الصين تنتج ، والفقراء يدفعون الثمن ، والدول الغنية تجني الأرباح » فيما العرب يستهلكون ويكبرون ويستغفرون  بحمد الله .

     وقال غسان  مؤكدا   »  إن التنين الصيني ينهض، ولكن،  يبدو أنه  نهوض هزيل وتابع  » موضحا  »   أن الصين غير قادرة على أن تأخذ دورا حقيقيا في الاقتصاد العالمي، لتظهر كلاعب مستقل يأخذ مكانا بارزا في المجتمع الدولي ويفرض شروطه التي يفضلها  ، عكس ما هو الوضع عليه الآن حيث  تتقبل   شروط الآخرين،   وتخدم مصالحهم ، أملا في الحفاظ على نصيب من الأرباح ،   أو على بعض من الفتات المتبقي ».

   وبخصوص ولوج الصين الاقتصاد العالمي حيث يعتبره  الترويج قفزة اقتصادية نوعية  » سجل المقال معطيات تدحض ذلك ، مبرزا   في السياق نفسه   » أن  الصين أسرع الاقتصاديات العالم  نموا (11% سنويا)، وتحتل المرتبة الأولى في ادخار الاحتياطات الأجنبية حيث بلغت  1534 مليار دولار (بالدرجة الأولى الدولارالأمريكي). وتمتلك أكبر جيش في العالم من حيث العدد (يتراوح بين2.5 – 3 مليون فرد)، ورابع أكبر ميزانية دفاع في العالم والتي تتزايد بنسبة 10% سنويا » إلا أن ذلك لا يشكل رهانا حقيقيا يحسب له حساب .  ولتأكيد موقفه ، أشار رئيس تحرير العرب الأسبوعي إلى ما أورده  » بنك (مورغن ستانلي) من أن انتقال الكثير من الشركات الأمريكية إلى الصين بغرض الإنتاج،  وفر على المستهلك الأمريكي خلال عشر سنوات (1996-2006) أكثر من 600 مليار دولار. وأبرز غسان  ،الدور السلبي للاقتصاد الصيني ، الذي يمكن تشبيهه بأرنب سباق ،في حلبة اقتصاد عولمي متكالب ،  كيف  ساهم الاقتصاد الصيني بإنقاذ الاقتصاد العالمي في بدايات هذا العقد من ركود عالمي محقق،  خصوصا بعد الأزمات المالية التي ضربت الاقتصاد الأمريكي على فترات متواترة .مشيرا في هذا الصدد »أن الصين  » تعتبر الأولى عالميا في إنتاج الحديد والمعادن والاسمنت، والثانية في استهلاك الطاقة بشكل عام، والثالثة في استهلاك النفط تحديدا،  كما تعتبر ثالث اقتصاد من حيث الدخل القومي الإجمالي الذي بلغ  6991 مليار دولار أمريكي. وفيما  » تضاعفت صادرات الصين  إلى أمريكا 16 مرة خلال 15 عاما  » يسجل المقال تواضع  وارداتها   من أمريكا والتي تضاعفت  أربع مرات فقط،.

      ذلك إن  شركة « Wal-Mart » الأمريكية (التي يمثل دخلها حوالي 2 إلى 3% من الدخل القومي الأمريكي)  استوردت 80% من منتجاتها من الصين، ففي عام 2006 استوردت أكثر من 18 مليار دولار من المنتجات الصينية.وهي أرقام جديرة بالتأمل في نظر الكاتب ،  من وجهة نظر اقتصادية بحتة.

        وفي سياق متصل أبرز غسان    » مغالاة الكثير من المحللين  في تعظيم الدور الصيني عالميا من خلال اعتبار أن الظهور الصيني يمثل مرحلة ثالثة من مراحل التطور في الساحة العالمية خلال القرون الأربعة الماضية، حيث تمثلت المرحلة الأولى بظهور القوة الأوروبية في القرن السابع عشر. ثم المرحلة الثانية المتمثلة بنهوض الاقتصاد الأمريكي في نهايات القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، أما المرحلة الثالثة » التي يعتبرها كاتب المقال  « مبالغ فيها »  تتمثل في بزوغ قوة جديدة من الشرق وهي القوة الآسيوية ، وتحديدا في الصين بالدرجة الأولى ومحيطها من الهند وكوريا واليابان.

       وبالعودة إلى تاريخ هذا التطور العالمي  يضيف  الكاتب » نجد أن الانتقال من مرحلة إلى أخرى كان مترافقا مع أزمات ومحاولات من طرف للتغلب على الآخر ليحل محله ، ويتابع مسيرة جديدة في النظام العالمي، مؤكدا أن » بروز أمريكا كقوة عالمية وقطب أوحد لم يصل إلى هذا المستوى ، إلا بعد الاستفادة من انتصارات عسكرية  لها ولحلفائها في الحروب العالمية وانتهاء مرحلة الحرب الباردة بإزاحة أي منافس عن المشهد العالمي بكل الطرق. وسابقا الظهور الأوروبي والنهج الاستعماري التقليدي الذي غذى النهضة والثورة الصناعية وقدم اروربا كقوة عظمى. »

    وحسب غسان إبراهيم « اليوم فيبدو أن المرحلة الجديدة الصينية لا تحمل هذا البعد (من انتصارات، إزاحة، استعمار..) لا لكونها أكثر إنسانية ، بل لكونها غير قادرة على أن تزيح اللاعبين الرئيسيين في الساحة الدولية ، ولا تزال عاجزة أن تفرض نفسها بشكل مستقل.

   وتابع غسان تشكيكه  قائلا « إن ظهور الصين كقوة حقيقية منافسة في المجتمع الدولي أو بديل عن أقطاب رائدة في العالم أمر مشكوك فيه، فهي لا تعدو عن كونها ورشة عمل تنتج لحساب الدول المتقدمة على حساب الدول الفقيرة.

   ويقدم المقال توضيحات داعيا إلى  أخذ تفاصيلها الدقيقة بعين الاعتبار:

–      1   قطاع الصناعة الصينية عبارة عن مصنع أو معمل  ينفذ تصاميم وطلبات العالم المتقدم.

2  العالم المتقدم هوالذي يحدد معايير الإنتاج ومواصفاته وتصاميمه ومدة الإنتاج ونوعية المنتج وجودته ، لتتناسب مع السوق الذي تختاره الدول المتقدمة. وبذلك تبدو الصين تعمل جاهدة  حيث تنفذ وتنتج  ذلك بأرخص التكاليف

4   الهامش الأكبر  من الربح لفائدة  الدول المتقدمة،  وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي نقلت جزءا كبيرا من خطوط إنتاج شركاتها إلى الصين.

5  إن النمو الاقتصادي في الصين لم يخلق قطاعات إبداعية، لأن أغلب المنتجات الصينية قائمة على تنفيذ الأوامر المحددة مسبقا وتخلو من أي إضافة صينية إبداعية في أغلب مجالاتها..

–       6   الصناعة الصينية تقدم منتجا مصنعا من مواد أولية مستوردة بأسعار رخيصة جدا من الدول الفقيرة. وتعيد تصنيعها لتحويلها إلى سلع تحتوي قيمة مضافة لترفع أسعارها إلى أضعاف ما استوردته من مواد أولية. لتقدمه للعالم المتقدم بأسعار رخيصة نسبيا (في حال إذا ما قارنا عملية الإنتاج هذه بين الصين والعالم المتقدم) ليتكفل مهمة تسويقه وجني الأرباح على حساب الدول النامية المصدرة للمواد الأولية الرخيصة، والصين المنتج للسلع باستخدام القوة العاملة الرخيصة.

    وبذلك يخلص  المقال إلى  بقاء  العالم الثالث (بما فيه الصين طبعا) في المرحلة المقبلة عالماً متخلفاً لا يجد أي فرصة لتحقيق تنمية تخرجه من هذه الدائرة المغلقة.

–         مؤكدا أن « النمو الصناعي الكبير الذي تحقق في الصين لم ينعكس على المستوى المعاشي للشعب الصيني   » وهذه هي الخلاصة الصادمة والمرعبة في آن »  بل تضاعفت الفجوة بين طبقات الشعب ، وتحول أغلب الطبقة المتوسطة إلى طبقة عاملة بدخل محدود، بينما ظهرت طبقة ثرية تستثمر بالتعاون مع الشركات العالمية التي توظفهم كوسطاء ينقلون أوامر الإنتاج إلى الشركات الصينية التي تقتصر مهمتها على الإنتاج بأرخص التكاليف.

    وبذلك يظل   » النمو الاقتصادي الصيني  في نظر الكاتب »  لا يحمل في طياته بعداً تنموياً حقيقيا ،  بل نمواً متسارعاً نتيجة دخول استثمارات أجنبية يهمها الإنتاج الرخيص،  وليس تحقيق تنمية مستدامة  تخدم الشعب الصيني.

–    ولمزيد من الإقناع يسوق الكاتب أن   »   الثورة الصناعية في الصين خالية من مضامين النهوض الاجتماعي بسبب  كونها لم تترافق مع انفتاح في الحريات وحقوق الإنسان والتحرر الفكري والثقافي،  بل ظهرت كطفرة في مسيرة النمو على عكس ما شهدته التجربة الغربية في أوروبا.

  إن  التحقق من أن  المنتج الصيني ليس له معايير وطنية ودولية ثابتة ، لا يحتاج إلى كبير عناء ، في نظر الكاتب ، يكفي القول إن ما  تنتجه الصين من منتجات موجه إلى أوروبا مثلاً لها مواصفات الإنتاج الأوروبي. وما ترسله إلى الدول المتخلفة  خال من أية معايير ومقاييس للجودة ،  ولا تتشابه  » المصنعات الصينية  » مع ما ترسله إلى الغرب ، إلا في الشكل فقط  ، أما ما تصدره إلى إفريقيا والبلدان المتخلفة عموما ، فهي مجرد سلعة رخيصة للاستخدام بدون معايير الجودة والسلامة والأمان، المهم أنها رخيصة.

–    ولعل الأخطر في الولوج إلى اقتصاديات الدول الكبرى  يورد المقال  مرحلة   دخول  الصين نادي كبار الملوثين للبيئة ،  ذلك أن احتلال الصين لهذه الرتبة المأسوف عليها كوكبيا ، لم يتأت   » نتيجة الأعمال التنموية التي تحققت في الصين،  بل جاء « نتيجة تحولها إلى أكبر منتج ومصنع  لحساب الآخرين ، على حساب تحمل الصين أعباء بيئية أمام شعبها من جهة، حيث أصبحت أغلب المدن الصينية مصنفة من بين أسوأ المدن للعيش عالميا  نتيجة ارتفاع مستويات التلوث في الجو والتربة والهواء. » لاحظ ما قامت به الصين في هذا المجال كأولوية إبان تنظيمها للألعاب الاولمبية الأخيرة  » ومن جهة أخرى، تتحمل الصين عبئاً بيئياً دولياً أمام المجتمع العالمي الذي بدأ يضغط على الدول الصناعية لتحمل مسؤولية التلوث المسبب لاتساع ثقب الأوزون،  واعتبار الصين أحد أكبر المسؤولين، متناسين أن الانبعاثات الملوثة للبيئة الصادرة عن الصين،  ليست نتيجة بناء وتنمية ، بل نتيجة ما تقدمه وتنتجه بالنيابة عن العالم المتقدم،  والذي وجد في الصين « كبش الفداء » لتحميلها أغلب الأعباء بتصنيفها أكبر الملوثين الآن، ومتناسين أيضا أن العالم الصناعي التقليدي وتحديدا الولايات المتحدة الأمريكية ظلت تلوث خلال الخمسين عاما مضى ، رافضة أن توقع على اتفاق « كيوتو »، ولكن بعد أن نقلت اغلب صناعاتها إلى الصين، أظهرت الدول الصناعية اهتماما بقضية التغير المناخي وحماية البيئة ومطالبة الصين عن ذلك وتحميلها مسؤولية عن الكوارث المناخية.

–      وبخصوص حصيلة هذا الدخول غير المشرف يورد  الكاتب أن   »   جزء كبيرا  من الإنفاق العام الحكومي الصيني يتوجه لخدمة عمليات الإنتاج المخصص للتصدير (التي تخدم السوق الخارجية) مع إهمال قطاعات حيوية (التي تخدم الشعب الصيني) مثل الصحة والتعليم والتربية.

–        ويضيف إن  النمو الصناعي حمل أثراً سلبياً على قطاع الزراعة حيث سحبت الصناعة الأيدي العاملة من الزراعة التي تخضع إلى العامل الموسمي غير الثابت من جهة. ومن جهة ثانية، تراجع دعم الحكومة للقطاع الزراعي وبالتالي انخفاض المستوى المعاشي للفلاحين على عكس ما يفعله الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية من دعم غير محدود للزراعة.

–         ومع اعتماد  الصين الدولار الأمريكي كعملة لتقييم كل الأصول الصناعية والاستثمارات ، مما يعني أن الاقتصاد الصيني سيعمل جاهدا على حماية الدولار من الانهيار من خلال ضخ المزيد من الأموال لشراء سندات الخزينة الأمريكية لتغطية العجز في الميزانية الأمريكية والعجز في ميزان التجارة الخارجية ولدعم الدولار. وبكلام آخر يبرز المقال   لا يكتفي  المستثمر الأمريكي مما يجنيه من أرباح السلع الصينية رخيص التكاليف ، بل يضع الصين في موضع لا يمكنها أن تتخلى عن الاقتصاد الأمريكي أكبر مستورد للسلع الصينية. مما يجعل الصين تابعا بشكل غير مباشر للسياسات الاقتصادية (النقدية والمالية) التي تصدرها واشنطن، وواجب عليها أن تصلح وتتحمل أعباء ما تخربه الإدارة الأمريكية في الاقتصاد العالمي ككل. والأمر هنا تحديدا ،  فاجعة ، لا جدال .

–      وخلص غسان إبراهيم في نهاية  مقاله التحليلي إلى أن   »  النمو الاقتصادي السريع الذي تنعم به الصين يسير في مستقبل ضبابي لكونه معتمداً على تلبية احتياجات السوق الدولية (أي تنتج للخارج فهي اقتصاد تصدير) مما يعني أن مستقبل هذا النمو الاقتصادي يعتمد على مدى استقرار السوق الخارجية، فأي أزمة في السوق الأمريكية ستنعكس على الاستهلاك الأمريكي وبالتالي على الإنتاج الصيني وعلى مستقبل النمو الاقتصادي هناك، لغياب سوق صيني حقيقي وغياب عملية تنمية مستدامة في البلاد.

–    مؤكدا  انه على  » الرغم من كون نموها معتمداً على التصدير فهي تعتبر من أكبر مصدري السلع في العالم من ناحية الكم، أما من ناحية قيمة صادراتها فترتيبها الرابع بما يقدر بحدود 1217 مليار دولار بينما تفوقت ألمانيا على الصين في قيمة ما تصدره 1334 مليار دولار بالرغم من الأزمات الاقتصادية التي تعانيها « العجوز الأوروبية ». لذا لا يمكن تصنيف الصين كقوة اقتصادية خارقة حتى مع الأخذ بعين الاعتبار أهم عنصر من عناصر نموها وهو التصدير.

   الصين إذن « غير قادرة على أن تلعب دور مركز مالي عالمي يضاهي لندن أو نيويورك. ، ليس بسبب كونها  تعاني  من عدم وجود سياسيات نقدية فعالة يديرها بنك مركزي تابع لسياسات الحكومة المركزية ذات التوجه المشوش بين الاشتراكية والرأسمالية، بل   إلى غياب قطاع مصرفي يتناسب مع الأنظمة البنكية العالمية، فلازالت أغلب الاستثمارات الأجنبية في الصين تدار من قبل بنوك وصناديق استثمارية غربية بالدرجة الأولى.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *