Home»International»الإمام القرافي وصناعة »الروبوت » الجزء (2)

الإمام القرافي وصناعة »الروبوت » الجزء (2)

0
Shares
PinterestGoogle+
 

                  الإمام القرافي وصناعة »الروبوت » الجزء (2)
خالد عيادي

موسوعيته:

        كان الإمام « القرافي » رحمه الله يحث على الاستزادة من العلوم،  لأنه كان يعتقد أن من تمام آلة الفقه وصفات الحاكم ،معرفة العلوم بشتى أنواعها قال:  » وكم يخفى على الفقيه والحاكم الحق ،في المسائل الكثيرة، بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة . فينبغي لذوي الهمم العلية أن لا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم »([1]).  فمن ثمرة هذا التوسع في العلوم العقلية، أنه كان من المنبهين الأوائل  إلى ثبوت رؤية الهلال  ببلاد المغرب قبل بلاد المشرق، فقد قال رحمة الله عليه: »فقد يطلع الهلال في بلد دون غيره بسبب البعد عن المشرق والقرب منه ، فإن البلد الأقرب إلى المشرق هو بصدد ألا يرى فيه الهلال ، ويرى في البلد الغربي. »([2]) وبعد عرضه للأسباب الفلكية عرض المتخصصين، استنتج ما هذا نصه: »فيرى الهلال في المغرب دون المشرق، وهذا مبسوط في كتب هذا العلم. »([3])  وهذه المعلومة الفلكية أصبحت اليوم من المعلوم بالضرورة الفلكية، وذلك لتطور علم الفلك ووسائله التكنولوجية. لمثل هذا ، شهد له العلماء بالإمامة والعلم، وأثنوا عليه بما هو أهله، فقال عنه الإمام « السيوطي » بأنه أحد الأعلام. وحلاه بصفة « العلامة » الذي إليه انتهت رياسة المالكية في عصره.كما برع في الفقه وأصوله والعلوم العقلية([4])

ذكاؤه:  

     العجيب أن « القرافي » كان  مع تبحره في عدة فنون لغوية وأخرى شرعية، من البارعين في عمل التماثيل المتحركة والمصوتة والمصفرة، وتصميم الآلات  المتحركة، والأدوات الميكانيكية، والساعات الذكية، ذات الحركات الذاتية والموصولة بحركة الفلك الدقيقة، بما يتعجب له. فقد ورد في كتابه « نفائس الأصول في شرح المحصول » قولة بلغت حد التواتر، فلا يذكر « القرافي » إلا ويذكر معه ما هذا نصه: « بلغني أن الملك الكامل وضع له « شمعدان »([5]) كلما مضى من الليل ساعة انفتح باب منه، وخرج منه شخص يقف في خدمة الملك، فإذا انقضت عشر ساعات، طلع الشخص على أعلى الشمعدان، وقال: صبح الله السلطان بالسعادة، فيعلم أن الفجر قد طلع . وعملت أنا هذا « الشمعدان »، وزدت فيه أن الشمعة يتغير لونها في كل ساعة. وفيه أسد تتغير عيناه من السواد الشديد إلى البياض الشديد، ثم  إلى الحمرة الشديدة، في كل ساعة لهما لون،فيعرف التنبيه في كل ساعة.وتسقط حصاتان من طائرين ويدخل شخص ويخرج شخص غيره، ويغلق باب ويفتح باب، وإذا طلع الفجر طلع شخص على أعلى « الشمعدان »، وإصبعه في أذنه يشير إلى الأذان، غير أني عجزت عن صنعة الكلام.وصنعت أيضا صورة حيوان يمشي ويلتفت يمينا وشمالا ويصفر، ولا يتكلم ».([6])

         في هذا النص التاريخي الثمين جملة من المفاجآت العلمية والدينية والثقافية، وبناء على هذه المفاجآت تترتب عدة تساؤلات ،الجواب عن بعضها يكون ميسرا، والبعض الآخر قد يكون في بطون المخطوطات التي،هي في أحسن الأحوال، لم تحقق بعد. الظاهر أن قطيعة ابستمولوجية رهيبة، وانتكاسة حضارية خطيرة، وقعت للأمة العربية والإسلامية.نحن الآن مع أحد فقهاء القرن السابع الهجري،وهو العصر الذي سيتمخض فيلد لنا ظاهرة علمية فريدة من نوعها تمثلت في « عبد الرحمان بن خلدون » مؤسس علم الاجتماع، وصاحب مفاجأة ،ما يطلق عليه في عصرنا الحالي،  الإخصاب خارج الرحم ، أو أطفال الأنابيب([7])

          من خلال هذه الوثيقة العلمية ،نكتشف أن فكرة « الروبوت » فكرة عربية وإسلامية ،فالإمام « القرافي » وهو العالم بالحلال والحرام،يصنع صورة حيوان يمشي ، وتصدر عنه حركات ذاتية، تماما مثل « الروبوت ». كل هذا والإمام « القرافي » لا تخفى عليه النصوص الشرعية المحرمة لاتخاذ الأصنام والتصاوير .ولكنه الفهم المقاصدي للنصوص الشرعية.ولكي يصنع الإمام « القرافي » هذه التماثيل المتحركة، لا يبعد أن كانت لديه ورشة عمل خاصة به في ذلك الزمن.وقد يكون « مختبرا » صغيرا لائقا به ،به مستحضرات طبية، ولوازم عمل دقيقة، من أدوات ميكانيكية،وأخرى فلكية لقياس الأوقات والاتجاهات، كالربع المجيب، والربع المقنطر،والأسطرلاب… ومواد أولية،وتصاميم وما إلى ذلك.فضلا عن خزانة من …؟الكتب المتنوعة.وإذا كان هذا هو حال فقيه مالكي بالأصالة والاحتراف،ومهندس بالهواية.فكيف يكون حال من اتخذ علوم الحيل والميكانيكا صناعته الأساسية

…………………………………………….

[1] ) أنوار البروق » في أنواء الفروق-الإمام القرافي – ضبطه وصححه- خليل المنصور ط -1- 1998-ج4- منشورات محمد علي بيضون- دار الكتب العلمية –بيروت- لبنان – ص31 .

[2]) أنوار البروق في أنواء الفروق- الإمام القرافي – مرجع مذكور ج-1- ص24-25.

[3]) المرجع نفسه  ص-.25 .

4) حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة- الإمام السيوطي- ت- محمد أبو الفضل إبراهيم- ج:1- ط:1-1967 ص316 .

5) الشمعدان في الأصل آلة من نحاس أو غيره، ويسمى أيضا منارة تركز عليها الشموع للاستضاءة.وهو مركب من كلمتين:الشمع ودان:ودان تعني بالفارسية الوعاء أو المكان.

[6] ) نفائس الأصول قي شرح المحصول – القرافي- دراسة وتحقيق وتعليق – الشيخ عادل أحمد عبد الموجود والشيخ علي محمد معوض ،وقرظه عبد الفتاح أبو سنه- مجلد-1 – مكتبة – نزار مصطفى الباز- ط -1-1995.ص:441-442.

[7] ) انظر في إشارة »ابن خلدون »إمكانية تخليق الإنسان، من المني، إذا توفرت لدى أحدهم: » الإحاطة بأجزائه ونسبته وأطواره وكيفية تخليقه في رحمه، وعلم ذلك علما محصلا بتفاصيله، حتى لا يشذ منه شيء عن علمه، سلمنا له تخليق هذا الإنسان ،وأنى له ذلك. » ،فصل :في إنكار ثمرة الكيمياء واستحالة وجودها وما ينشأ من المفاسد عن انتحالها .المقدمة- عبد الرحمان  ابن خلدون- ت- عبد الله محمد الدرويش.توزيع دار يعرب- دمشق- ج-2- ط-1-2004.ص:337.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.