المختار عويدي
ما أجمل خريف هذه المدينة الساحرة باريس .!
فبرغم ما يمثله هذا الفصل من موعد للإحتضار وموسم للذبول والموت ودنو فترة البيات الشتوي الطويلة البطيئة، فإن باريس ترتدي خلال هذا الفصل حلة قشيبة من الألوان الفصلية الزاهية، تمدها بنفس جديد، وتزرع فيها الحياة. ألوان الخريف الرائعة المتشكلة أساساً من أوراق الأشجار النفضية (الأشجار التي تنفض أوراقها خلال فصلي الخريف والشتاء)، التي لا تستطيع تحمل قساوة فصلي الخريف والشتاء، فتبدأ في فقدان لونها الأخضر الفاقع الجميل، وتستبدله بألوان صدئية زاهية بكل تدرجاتها، تتراوح بين الاصفر والبرتقالي والأحمر أكثر جمالاً وجاذبية وروعة، ما يجعل الأشجار ترتدي بذلك حلة خريفية رائعة مزركشة، وتظل هذه الأوراق الموشكة على الموت والذبول والتحلل مع ذلك عالقة ممسكة بأماكنها في أغصان الأشجار، محاولة مقاومة زحف الخريف، لكنها سرعان ما تستسلم لقوة لفحات الرياح وزخات المطر المتساقطة، فتتناثر راقصة في أجواء المدينة، قبل أن تحط على أرصفة الشوارع والممرات والساحات، وتتراكم على جنبات الطرق، راسمة لوحات مزركشة جميلة في كل فضاءات المدينة المختلفة ومرافقها ومساحاتها المفتوحة. قبل أن تتفسخ وتتلاشى وتختفي، منخرطة في دورة الحياة المتجددة التي لا تنتهي ولا تنقضي.
من قال أن فصل الخريف ليس فصل سحر وجمال وحياة؟!!