Home»International»من ثمرات المنابر : الخطبة 3 ــ دولة رسول الله ووجود دستور للحكم، واتخاذ وزراء للاستشارة، ووجود حاشية للخدمة، ومراسيم لممارسة مختلف الأنشطة

من ثمرات المنابر : الخطبة 3 ــ دولة رسول الله ووجود دستور للحكم، واتخاذ وزراء للاستشارة، ووجود حاشية للخدمة، ومراسيم لممارسة مختلف الأنشطة

1
Shares
PinterestGoogle+
 

الخطبة الثالثة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله… أما بعد أيها المؤمنون، متابعة للرد على مزاعم أن الإسلام لم تكن له مؤسسات في عهد النبي نواصل اليوم حديثنا عن وجود دستور للحكم، واتخاذ وزراء للاستشارة، ووجود حاشية للخدمة، ومراسيم لممارسة مختلف الأنشطة.

1- الدستور: لقد كان من الأشياء الأولى التي قام بها النبي عند نزوله بالمدينة، أنه سن ميثاقا للتحالف والتعايش بين مختلف المكونات الاجتماعية من سكان المدينة من الأنصار والمهاجرين واليهود خاصة، ثم تم توسيعه بالتدريج ليشمل كثيرا من القبائل المحيطة بالمدينة، كبني ضمرة، وجهينة، وغيرهما. وقد جاء هذا الميثاق في جزين، أو فصلين كما يلي:

– فصل أول هوعبارة عن ميثاق للتحالف بين المسلمين، وتوثيق المؤاخاة بين المؤمنين، قصد به رسول الله إزاحة ما كان بينهم من حزازات أو نعرات جاهلية، أونزعات قبلية ليصهرهم في وحدة إسلامية شاملة‏ لا ولاء فيها إلا للإسلام…

– وفصل ثان هوعبارة عن معاهدة للتعايش والتسامح بين المسلمين وغيرهم من ساكني المدينة من المشركين، واليهود خاصة.. قصد به النبي توفير جو من الأمن والسلام داخل مجتمع المدينة مع تنظيمه في وفاق واحد، وقد تضمن هذا الفصل من بنود التسامح والتعايش، ما لم يكن معهودا من قبل في ذلك العالم المحكوم بالتعصب للجنس والعرق وأهواء الأقوياء.. وذلك أنه رغم موقف القوة الذي كان عليه فإنه آثر أن ينهج منذ البداية سياسة الإدماج ، والاستيعاب ونأى عن سياسة الاستئصال أو التطهير الديني ضد غير المسلمين، كما يبدو ذلك من الصياغة الدقيقة لمواد هذه الوثيقة الدستورية الأولى. وذلك في وقت لم يكن العرب قد عرفوا أو مارسوا فيه أية تجربة سياسية واسعة، ولا أي اجتماع تحت لواء حكومة ذات تمدن عريق، أو نظم سياسية مكتوبة، أكثر من بعض العهود والمحالفات بين القبائل في نطاق جد محدود . وهكذا تحقق لكافة المواطنين داخل الدولة الإسلامية أو خارجها، للمسلمين أو لغير المسلمين، ما يعبر عنه اليوم بمصطلح المواطنة، حيث أصبح لكل مواطن حقوق وواجبات متساوية أمام الشريعة، دون أي انفلات شعبي ضد السلطة، أو قيام حرب أهلية أو تناحر طائفي داخل المجتمع الواحد.. وفي شأن هذا الدستور الأول يقول المستشرق الروماني جيورجيو: » حوى هذا الدستور اثنين وخمسين بندا، كلها من رأي رسول الله. خمسة وعشرون منها خاصة بأمور المسلمين، وسبعة وعشرون مرتبطة بالعلاقة بين المسلمين وأصحاب الأديان الأخرى، ولاسيما اليهود وعبدة الأوثان. وقد دُون هذا الدستور بشكل يسمح لأصحاب الأديان الأخرى بالعيش مع المسلمين بحرية، ولهم أن يقيموا شعائرهم حسب رغبتهم ومن غير أن يتضايق أحد الفرقاء.

والخلاصة – أيها المؤمنون- أن دساتير الدول الراهنة والراقية التي تروم العدل والمساواة، لا تزيد نصوصها على ما نصت عليه صحيفة المدينة هذه، من تحديد علاقات السلم والأمن، والتناصر بين مختلف مكونات المجتمع المدني، وعلى أن يتمتع الناس على اختلاف ألوانهم، ولغاتهم، وأديانهم، بجميع الحقوق والحّريات، في إطار من السلم الاجتماعي، من غير إحداث أي فتنة، أو نصرة محدث لأي فتنة بين مختلف الأطراف.
ثم العجب بعد هذا كله ممن يزعم أن محمدا ، لم تكن له دولة ترعى شؤون الدنيا كما ترعى شؤون الدين، أو أن الدين لا يقود الدولة، إلا أن يكون هذا المنكر جاهلا، أو جاحدا.. وبالله نعوذ من الجهل والجحود. آمين والحمد لله رب العالمين..

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.