Home»International»عدم الرد على مُتهِم ابن بطوطة بالكذب خيانة للأمانة

عدم الرد على مُتهِم ابن بطوطة بالكذب خيانة للأمانة

2
Shares
PinterestGoogle+
 

بسم الله الرحمن الرحيم

عدم الرد على مُتهِم ابن بطوطة بالكذب خيانة للأمانة

قرأت مقالا تحت عنوان « أنثروبولوجي فرنسي يُكَذِّبُ زيارة ابن بطوطة إلى الصين وروسيا »، ويتعلق الأمر بفرانسوا كزافيي فوفيل، مدير البحوث بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي. وهذا أمر مألوف  لو كتبه صاحبه في كتاب أو جريدة أو شيء من هذا القبيل، أو في الوسائل السمعية البصرية مثل بعض القنوات ذات التوجهات المعروفة، لأنه من أبجديات  الاستشراق والعلمانية ومن يَدورون في فلكيهما العمل على محو كل المعالم والصفات الإيجابية التي تعتبر مصدر افتخار واعتزاز للمغاربة، لكن أن يقال هذا الكلام في قلب مؤسسة من طينة أكاديمية المملكة المغربية، فذلك أمر يثير الاستغراب و يُطرح بشأنه أكثر من سؤال، ابتداء بمن المسؤول عن استدعاه؟، وانتهاء بموقف أعضاء الأكاديمية الذين لم يُسمع لهم أي صدى في شأن هذا القذف وهذا الاحتقار لرحالة من أكبر الأعلام التي يفتخر بها المغاربة حكام ومحكومين، وأصبح اسمه يُطلق على مجموعة من المنشآت الحضارية الكبرى، إضافة إلى تلقيبه بأمير الرحالة المسلمين من قبل جمعية كمبريدج.

وإذا كان هذا الاحتقار يشمل ضمنيا كل المغاربة فإنه يطال بالضرورة أعضاء الأكاديمية أنفسهم وعلى رأسهم المرحوم عبد الهادي التازي الذي حقق كتاب: « رحلة ابن بطوطة: تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار » لصاحبه شمس الدين أبي عبد الله محمد بن عبد الله اللواتي الطنجي، وقدَّمه ووضع خرائطه وفهارسه، والذي طبعته الأكاديمية نفسها ضمن سلسلة التراث سنة 1997، والذي يقول في صفحته 13 من المجلد الأول: « وقد رأيت مما يقربنا إلى الصورة أن أضع عند بداية كل فصل من الفصول الثمانية عشرة التي وُزِّعت الرحلة عليها، خريطة جغرافية ترسم معالم الطريق المسلوك حتى يتسنى للقارء أن يستأنس بها لمتابعة خطوات رحَّالتنا، على أن أجعل في آخر المجلدات خريطة شاملة كاملة لمسالك ابن بطوطة من طنجة إلى الصين« ، وحتى يُبرز أن المدن الصينية التي ذكرها ابن بطوطة هي فعلا مدن صينية، فقد استعان ببعض المختصين للتأكد من وجود بعض المواقع التي ذكرها ابن بطوطة والتي تغيرت أسماؤها، حيث أورد في حاشية الصفحة 125 من المجلد 14 أن مدينة الزيتون على سبيل المثال هي التي يطلق عليها اليوم Quanz-hou ، وكتب  في شأن ذلك ما يلي: » كان هذا الموقع في صدر الأَعلام الجغرافية التي استنجدتُ فيها بزملائي أعضاء الوفد الصيني في المؤتمر العالمي لتنميط الأعلام الجغرافية (نيويورك)، وقد بعث إليَّ البروفيسور Du Xiangming مدير المعهد الطوبوغرافي في بيكين بالمعلومات التالية: « الزيتون التي عُرفت عند بعض المعلقين تحت اسم Tsu-thong هي التي تحمل اليوم اسم Quanz-hou « .

لا أريد من خلال هذا الكلام أن أُثبت وصول أو عدم وصول ابن بطوطة للصين خاصة وأن أستاذا باحثا في العلاقات الإفريقية الصينية بجامعة « صن يات سين » قام بالرد على المقال بمقال علمي ضمنه معطيات مهمة في الاستدلال على أن ابن بطوطة زار الصين فعلا وذلك تحت عنوان: « هذه حقيقة وصول الرحّالة ابن بطوطة إلى الصين » ، قلت ليس هذا مهما بالقدر الذي أكشف فيه عما أصابني من غَبن ناتج عن استضافة شخص من عائلة مستعمر الأمس وإعطائه فرصةَ تسفيه عظماءنا وخدش كبرياءنا في عقر دارنا، دون أن يوقفه أحد عند حده ممن حضروا عموما ومن أعضاء الأكاديمية خصوصا، وهم من خيرة العلماء أو يفترض أن يكونوا كذلك، مما جعلني أتساءل عما إذا كان هذا الشخص صادقا أو كاذبا فيما زعم، فإذا كان صادقا وجب على أعضاء الأكاديمية إنصافا للتاريخ وعملا بمبدأ الأمانة العلمية أن يصرحوا بذلك ويشرحوا للمغاربة الأسباب التي أدت بابن بطوطة اختلاق أمور لم يقم بها ولم يشهدها، وأن يعيدوا تحقيق الكتاب المشار إليه أعلاه وطبعه من جديد مع حذف كل الأمور المُختَلَقة، وإن كان كاذبا وهو ما أُرجِّحه، فيتعين في المقام الأول محاسبة المسؤول عن استدعائه لأنه من المفروض أن يطلع على ملخص العرض الذي ألقاه، وما عدى ذلك فلا يمكن القبول به في مؤسسة علمية من طراز أكاديمية المملكة، ثم بعد ذلك الرد العلمي الرصين على تَجَرُّأ هذا الذي يتدثر بإدارة البحوث بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، على تكذيب وتسفيه أحد رموزنا التاريخية، ورد الاعتبار لكل المغاربة عموما وللمجهود الجبار الذي قام به المرحوم عبد الهادي التازي في تحقيق الكتاب على وجه الخصوص، ثم مراسلة المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي لتجريد المعني من لقبه العلمي والوظيفي حتى يكون عبرة لغيره ممن يستغلون ألقابهم العلمية لخدمة الأغراض الاستعمارية التي تعمل على تجريد شعوب مستعمراتها القديمة بكل ما لديه صلة بعناصر القوة التي يزخر بها تاريخها والتي يمكن أن تعيد لها الثقة في نفسها والانطلاق من جديد في بناء الحضارة  العالمية، لو عرفت كيفية استثمارها.

لا شك أن أكاديمية المملكة لا تخلو من أعضاء غيورين على رموزنا الوطنية سواء كانت مادية أو معنوية، ومن ثم  فالعزم معقود عليهم للانتصار للحقيقة ولو كانت غير تلك التي نعتقدها، وإعلام المغاربة بها حتى يتبين لهم الخيط الأبيض من الخيط الأسود، أما إذا أصروا على السكوت وعدم الجهر بالحقيقة فالتفسير الوحيد الذي يتبادر إلى الذهن هو التواطؤ مع خادم الاستعمار الجديد هذا، مما  يدرجهم ضمن الذين تنطبق عليهم مقولة « الساكت على الحق شيطان أخرس »، وأرجوا ألا يكونوا كذلك على اعتبار ما يفترض فيهم من الحكمة والتبصر وتقدير الأمور.

الحسن جرودي.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. عكاشة أبو حفصــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة .
    19/03/2019 at 11:34

    يُكذبون رحـــــــــــــــــــلة الرحالة ابن بطوطة، التي كانت على الأرض، ويريدون منا تصديقهم على ادعائهم بأنهم مشوا على سطح القمر، تلك الرحلة التي لم تتكرر منذ أواخر الستينات من القرن الماضي الى يومنا هذا .
    الرد يا أستاذي لابد من أن يكون من ذوي الاختصاص ، و للاسف الشديد أن التكذيب كان على أرضنا .

    أبو حفصــــــــــــ*عكاشة*ــــــــــــــــــــــــــــة .

  2. سمير
    19/03/2019 at 19:03

    على من تنادي يا أخي؟؟؟هؤلاء الأكاديميون بسكوتهم على شخص هو بمثابة ضيف عندهم يحتقرهم في عقر دارهم ولم يتجرأ ولو واحد منهم حتى بالتنديد بالانسحاب من جلسة محاكمة شخصية بارزة في تاريخ المغرب الذي اتهم أمامهم بالكذب وهو ميت لا يملك أن يدافع على نفسه. إنه موقف مخزي لا تفسير له إلا انبطاح هؤلاء للفرنكفونية البئيسة عنوان التخلف والتسلط ونهب الثورات أينما وجدت وأينما وجد من يرعاها أمثالهم. لربما أحدهم يطمع في الفيزا فخاف أن يحرم منها إن هو تدخل وردع هذا المثقف البئيس!!!!لو كنت حاضرا لرميت بالحذاء في وجهه حتى وإن افترضنا أن ما قاله صحيحا لأن الضيف لا ينبغي له في أي حال من الأحوال الإساءة إلى مضيفه في عقر داره احتراما لقيم الضيافة.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.