Home»International»دلالة التناقضات في الرواية السعودية بخصوص مقتل خاشقجي

دلالة التناقضات في الرواية السعودية بخصوص مقتل خاشقجي

0
Shares
PinterestGoogle+
 

دلالة التناقضات في الرواية السعودية بخصوص مقتل خاشقجي

محمد شركي

كانت أول رواية سعودية متعلقة بالصحفي جمال خاشقجي  المختفي في قنصليتها بتركيا هو أنه  غادر القنصلية ، وهو ما لم يصدقه الرأي العام العالمي الذي عاين عبر الكاميرات خارج القنصلية دخوله، ولم يعاين خروجه ، الشيء الذي أثار الشكوك في البداية حول اعتقاله أو تصفيته . وما لبثت الرواية السعودية وتحت ضغط الدولة التركية أن اعترفت بمقتله بسبب شجار وقع بينه وبين من كان في القنصلية ، ثم اعترفت بعد ذلك بأن تصفيته كانت متعمدة وعن سبق إصرار ، وأنه قد تم التخطيط لها مسبقا  بعد نشر السلطات التركية معلومات متعلقة بمقتله .

و يكفي هذا التناقض ما بين التصريح بخروجه من القنصلية ، وموته بسبب شجار، وموته المتعمد للحكم على أن النظام السعودي حاول التمويه على مقتل هذا الصحفي المعارض، لكن افتضاح أمره جعله يغير رواياته بعدما حاصرته التحقيقات التركية . ولا يمكن أن يصدق الرأي العام العالمي موت هذا الصحفي بسبب عراك بعد كذبة موته بسبب شجار ثم مقتله المتعمد بعد ذلك .

ولو كانت رواية موته بسبب شجار لما تكتمت السعودية على موته، وكان بإمكانها لو صحت الرواية أن تطلع الأمن التركي على الحادثة  ليحضر للتو، ويقوم بالتحقيق في الموت بسبب الشجار ، ويقدم له تسجيل  الشجار والموت المترتب عنه ،إلا أن قنصلها طلع على الصحافة بتصريح مفاده أن الكاميرات داخل القنصلية لا تسجل ، وهو ما لا يمكن تصديقه  بل هو ما أثار الشك في صدق رواية الموت بسبب شجار ، وليسافر أيضا على جانح السرعة فريق من محققيها إلى عين المكان قصد التأكد مما وقع .

والمشكل الذي واجه كذب روايات المسؤولين  السعوديين على أعلى مستوى هو اختفاء جثة الضحية والتي لم تظهر لحد الساعة ، فهل الذي يموت بسبب شجار تختفي جثته ، وما الداعي إلى اختفائها ؟ وكان بإمكان الطب الشرعي المتخصص أن يكشف عن سبب الموت فيصدق أو يكذب رواية موته بالسبب المزعوم .

ومع ثبوت كذب روايات موت خاشقجي ، فلن يصدق الرأي العام العالمي رواية نسبة قتله لجماعة مارقة كما تزعم القيادة السعودية . وحكاية المروق في فضاء قنصلية لا يمكن أن تصدق، لأن الأمور داخلها تسير حسب الأعراف الدولية بأوامر من أعلى  سلطة ، ولا يمكن  أن يتصرف قنصل أو من يعمل تحت سلطته خروجا أو مروقا عن التعليمات الصادرة إليهم من أصحاب  صنع واتخاذ القرارات  وإصدار الأوامر بتنفيذها . وكان على هؤلاء أن يستجيبوا بأقصى سرعة  ممكنة لطلب الدولة التركية التي لها حق متابعة من ارتكبوا الجريمة فوق أرضها لإثبات أنهم بالفعل مارقون ، وهو ما لم يفعلوه لحد الساعة ، ولا يستطيعون فعله لأن تسليم القتلة إلى العدالة التركية يعني الكشف عن الجهة التي أعطت الأوامر بالقتل. وكما أن هذه الجهة ترفض تسليم المجرمين، وقد كشف النقاب عن هوياتهم وفيهم المقربون منها ، وترفض الكشف عن مصير جثة القتيل ، فإنها تقيم على نفسها الحجة والبينة بأن القضية لا تتعلق بمن سمتهم مارقين بل تتعلق بأوامر من الجهة صاحبة صنع القرار ، وما بقي سوى تعييها بالاسم والصفة ، وهو ما لم يحصل لحد الآن، لأن جهات دولية  ليس من مصلحتها أن يكشف النقاب عنها . ومما يؤكد ذلك توسط رئيس وزراء الكيان الصهيوني ومتزعم الانقلاب العسكري على الشرعية والديمقراطية  في مصر لدى الإدارة الأمريكية دفاعا عمن يتحمل قانونيا وأخلاقيا المسؤولية في هذه الجريمة باعتبار سلطته . وتوسط شخصين أيديهما ملطخة بدماء الأبرياء فلسطينيين ومصريين هو دليل إدانة صريحة لمن توسطا له ، كما أن التوسط لدى الإدارة الأمريكية في قضية لا تعنيها أصلا إلا باعتبار القتيل كان مقيما في بلدها وقتل خارجه ،هو دليل آخر على أن هذه الإدارة لها مصلحة في طمس حقيقة الجهة المسؤولة عن الجريمة كما أنه دليل على أن من توسطا من أجل هذا الطمس  لهما مصالح أيضا . ومعلوم أن القانون الجنائي في كل دول العالم يدين التستر على الجرائم خصوصا جرائم القتل ، ويعتبر المتسترين شركاء فيها . فهل للمتشفعين والمتوسطين يد في موت خاشقجي فضلا عن وجود مصالح لهم في التستر عن القتلة ؟

إن ما وقع  داخل القنصلية السعودية يعتبر جريمة قتل من النوع البشع الذي يحاول القتلة فيها طمس معالم جريمتهم بالتخلص من ضحاياهم ، والذي يعني التمثيل بتلك الجثث وهو إمعان في الجرم .

وأخيرا نختم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيها :  »  عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ،وما يزال الرجل يصدق ، ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا ، وإياكم والكذب ، فإن الكذب يهدي إلى الفجور ،وإن الفجور يهدي إلى النار ، وما يزال الرجل يكذب ، ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا « 

ونأمل أن يتولى علماء السعودية شرح هذا الحديث للذين رووا روايات كاذبة عن مقتل الصحفي خاشقجي .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.