Home»International»الطعن في الإسلام تحت غطاء الطب النفسي

الطعن في الإسلام تحت غطاء الطب النفسي

0
Shares
PinterestGoogle+
 

أحمد الجبلي
لا أعتقد أن المغاربة أغبياء إلى درجة أنهم لا يفقهون التورية التي يختفي وراءها أحد المغاربة البهائيين، والذي قد دأب في كل مقالاته على دس السم في الدسم، فهو في الوقت الذي يتحدث عن تسامح الأديان يتحدث عن الإسلام كدين تعصب يربي أطفاله على الحرب والإقصاء والمواقف الراديكالية العدائية من الآخر، ولكن في نفس الوقت لا يمكنه أن ينسى أن يدعو إلى البهائية ولو من ضمن ديانات ومذاهب أخرى بدهاء كقوله في مقال له بعنوان:  » فكر المؤامرة عند العرب سبب انغلاقهم الفكري » إذ يقول: « تغييب تعليم الطفل في المناهج التعليمية أن في كل المجتمعات « العربية » هناك تنوعات دينية ومذهبية، فهناك يهود ومسيحيون وبهائيون وصابئة وزرادشتيون وبوذيون ولا دينيون  من مختلف التيارات الفكرية والفلسفية يجب احترامهم على اختلاف طوائفهم، لأن هذا الاختلاف تنوع طبيعي يُغني مجتمعنا ويوحدنا في خدمة العالم الإنساني »
وكما هو واضح فالسيد البهائي يريد أن يُطَبِّعَ المغاربة مع البهائية وأن يحترموها، وهي حليفة الصهيونية العالمية، وشقيقة الماسونية كما يقول الأستاذ أنور الجندي والدكتور محمد إبراهيم عبد الله، ولكن دائما على حساب الإسلام، كما فعل في مقال له نشر هذا الأسبوع ظاهره التحليل النفسي لظاهرة العنف ضد النساء وباطنه الهمز واللمز ضد الإسلام الدين الذي لا يوجد دين ولا ملة ولا مذهب حمى المرأة وأنصفها وأكرمها أكثر منه.
فهو في الوقت الذي يدعو فيه إلى الوحدة خدمة للإنسانية يشن حربه الشعواء على الإسلام منسبا له كل الأسباب التي أدت إلى تعنيف المرأة المغربية منها اعتقاد الناس بأن الملائكة تغضب على المرأة إذا رفضت تلبية الغرائز التي سماها ب (الحيوانية) الجنسية لزوجها، كما اعتبر من أسباب العنف الذي تتلقاه المرأة حرمانها من التمتع بنفس الحرية والسيادة مثل الذكر وعليها الحصول على موافقة الزوج حتى تسافر أو تزور والديها وحرمانها من التصرف بكل حرية في ميزانية المنزل.
كما أرجع الأمر إلى اعتبار المجتمع المغربي الدورة الشهرية الدموية خللا في جسم الأنثى وله تأثير سلبي عظيم في مخيال الفتاة والفتى..!
لينتهي في الأخير إلى حل مهم لهذه المعضلة والذي هو المساواة بين الجنسين.
كما هو واضح فالطبيب النفسي ابتعد كلية عن التحليل النفسي واتجه نحو تحميل الإسلام مسؤولية هذا العنف على أساس أن المجتمع المغربي يعلم أطفاله منذ الصغر العديد من الأحاديث النبوية الشريفة التي تجعله ينظر نظرة دونية إلى المرأة، وبالتالي يعتبرها كائنا يستحق كل هذا العنف.
لنعلم في الأخير أن الرجل ليس محللا نفسيا ولا طبيبا بقدر ما هو محلل سياسي يجرح في الإسلام ويعتدي عليه بعنف أشد مما تتلقاه المرأة المغربية التي لم تجد الرحمة والحب والاحترام والتقدير إلا في الإسلام. ممتطيا أولائك النساء البريئات ضحايا العنف فقط من أجل الضرب في الإسلام وتشويه سمعته. كما سنرى أن الرجل يتحدث في أمور لا يعلم شيئا عن حكم الإسلام فيها ولا كيف عالجها الإسلام وتعامل معها.
وربما أصل هذا التجني هو تحليل الظاهرة ارتكازا على نصوص وتعليمات إسلامية صحيحة لكن قام السيد الطبيب النفسي بلي أعناقها وإعطائها تفاسير وشروحا بعيدة كل البعد عن الحقيقة، كعادته، وأكاد أجزم أن الرجل يتعمد في جزء كبير مما قاله إعطاء صورة مرعبة ومخيفة عن الإسلام تحت غلاف التحليل النفسي.
وفي جزء آخر يخلط معتقده البهائي بالإسلام وهذا منهج قديم في البهائية فعله بهاء الله عندما كتب كتاب « الأقدس » بأسلوب ركيك لكنه أنهى كل جملة فيه بأسماء الله الحسنى نقلا من القرآن، حتى يضفي عليه نوعا من السجع القرآني الجميل.
وقبل أن نعده أننا سنعود إلى كتابة عشرات المقالات حول البهائية وجذورها البابية وعلاقتها تاريخيا بالصهاينة وعن منهج التقية الذي يعتمده البهائيون لأغراض خسيسة، وعن الجذور المجوسية والعلاقة مع الماسونية العالمية حتى يعرفها المغاربة جيدا ويحذروا منها، لابد أن أذكر أننا لو جمعنا كل الاتهامات التي كالها هذا البهائي للإسلام في علاقته بالمرأة والعنف الذي يطالها، لوجدناها أمورا تعود إلى مسألة واحدة هي قوامة المرأة على اعتبار أن القوامة منحت للرجل ولم تمنح للمرأة، وبدعوته إلى المساواة فهو يريد المناصفة والتحرر وأن تتصرف المرأة كما تشاء وتسافر وحدها كما تشاء وتزور والديها في أي وقت شاءت دون أن تحتاج إلى إذن من زوجها.
وأعتقد أن كل هذه الأمور ستذوب سواء علم هذا البهائي أو لم يعلم معنى قوامة الرجل على المرأة، إذ أن الأسرة شاء الله لها أن تتهيكل كمؤسسة كسائر المؤسسات التي تقوم على أنظمة وحسن التدبير لأهميتها وأهمية الدور المنوط بها.
وهي مسألة، للأسف الشديد، يخطئ فيها العديد من المحسوبين على النخب المثقفة من مثل هذا الطبيب، إذ يقدمون تفسيرات دكتاتورية تجعل من الدين مجحفا في حق المرأة ومستعبدا لها لتتحول إلى خادمة في البيت، وأن الرجل هو البطل القومي الذي لا يشق له غبار، أو هو ذاك الآمر الناهي، أما مَنْ دونه فهم مجرد حشم وخدم، فيُفهِمون الناس أن القوامة في الإسلام نوع من السلطة المطلقة التي تعتمد على الأمر والنهي وفرض الوصاية على المرأة لتكون عبدا تحت أقدام الرجل، أو خادمة مغلوبا على أمرها لا تحسن إلا الاستجابة والخضوع لما تمليه رغباته دون أن يكون لها الحق في إبداء الرأي، أو المساهمة في اتخاذ القرار.
وردا على هؤلاء نقول: بداية كل من يلغي حق الرجل في القوامة فهو يلغي القرآن الكريم (الرجال قوامون على النساء)، ولذلك لا يوجد مسلم فوق الأرض ينكر أن الله تعالى أعطى حق القوامة للرجل لقدرته على تحمل أعباء الحياة، لكن ليكون في بيته بما أمر الله ورسوله، وبهذا فهي رحمة من لله على المرأة، وليست قيودا تصنع منها خادمة للرجل ومربية لأطفاله، ولم يخلق الرجل لإطعام النسوة وكسوتهن كما قال الشيخ عبد الحليم ابو شقة رحمه الله، بل كما قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) أي أن القوامة تكليف للرجل بالقيادة في مؤسسة البيت. والقرآن يطرح على هذه المؤسسة أن تقيم بناءها التنظيمي على ما يقام عليه كل مجتمع إسلامي، ألا وهو مبدأ الشورى وإبداء الرأي والمشاركة الإيجابية من جانب كل الأعضاء، وهكذا تشارك المرأة الرجل أعباء مسؤولية الحياة الأسرية. وقد جاء ذلك صريحا في القرآن الكريم في مجال إبداء الرأي بشأن رضاع الأبناء وفطامهم فليس من حق الرجل منفردا أو المرأة منفردة حق الاستئثار باتخاذ القرار دون الرجوع للطرف الآخر يقول الله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تراض منهما وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا)(البقرة 233 ) في هذا الإطار المفاهيمي والتصوري العام تتنزل قوامة الزوج في البيت الزواجي على أنها شكل تنظيمي للجماعة الأسرية مطبوع بالشورى وليس مطبوعا بالاستبداد، مطبوع بالتكامل بين أعضائها وليس بالتنافي والإلغاء والإقصاء.
فالجماعة الأسرية هي بالتالي مؤسسة مهيكلة يحتكم فيها أعضاؤها إلى ما يؤمنون به كسلطة مرجعية عقدية وتشريعية تضبط العلاقات بينهم بالعدل ويلتزمون هم بها على أساس المودة والرحمة أي على أساس الإحسان الذي يتجاوز الاعتبار الحقوقي.
وهي بذلك ككل مؤسسة يؤمن أفرادها بالسلطة التشريعية التي يحتكمون إليها، ولا يمكن للموظف مثلا في المؤسسات الإدارية أن يخرج من الإدارة ويغادر إلى إدارة أخرى أو إلى أي مكان آخر دون استئذان من المسؤول الأول كالمدير أو الرئيس لأن القوانين واضحة في هذا الأمر وليس هذا انتقاصا من الموظف ولا تحقيرا له، ولم نسمع عن موظف شعر بالدونية والاحتقار وقامت جمعيات حقوقية تدافع عنه وتطالب بحقه في التمرد على من يرأسه كما أن قوامة الرجل وتحميله مسؤولية تسيير مؤسسة الأسرة ليس انتقاصا من المرأة ولا تحقيرا لها.
ولا يمكن أن يكون منصب الرئاسة شاغرا، كما لا يمكن أن يكون للمؤسسة الواحدة مسؤولان يأمران أوامر متناقضة مما يجعل المؤسسة في مهب الريح.
وأما عن كون الملائكة تغضب على المرأة إذا أبت دعوة زوجها إلى الفراش، فالأمر كما يقول الفقهاء ليس على إطلاقه، أي إذا كانت المرأة معذورة شرعاً فلا حرج عليها أن تأبى دعوة زوجها لها إلى الفراش، كما لو كانت في صوم قضاء، أو كانت مريضة والجماع يؤلمها، أو يزيد من مرضها، أو مات أحد أقاربها وهي في حالة نفسية سيئة لا تحتمل معها أن يواقعها زوجها.
وقد ذهب البعض إلى أن في الأمر مراعاة لمصلحة المرأة، لأن من مصلحتها أن تلبي نداء زوجها إذا لم يكن هناك مانع، لأن الزوج في حالة لم يجد من زوجته رغبة وتلبية قد يلجأ إلى غيرها من النساء، أو يفكر في الزواج من غيرها. وإذا كانت تحب زوجها فلها أن تلبي حاجياته الطبيعية كما يلبي حاجياتها حتى يعم الاستقرار داخل الأسرة.
كما ذهب بعضهم أنه ليس من منهج العدل والإنصاف في شيء عند استظهار نظرة الشرع للمرأة أن تؤخذ نصوص من الشرع مجتزأةً تُجعل أصلاً يحكم على الإسلام به، وتنسى أدلة أخرى كثيرة مستفيضة تؤكد للرجال حقوق النساء، وتأمرهم بمراعاتها، وتزجرهم عن التهاون فيها أشد الزجر.
فلا بد أن تُسْتَقْرَأ جميع النصوص الواردة في شأن علاقة الرجل بالمرأة، وفي شأن حقوقها عليه، وحقوقه عليها، ومن استقرأها أدرك بيقين أن الإسلام أنصف المرأة كما أنصف الرجل، وأعطاها بقدر ما لها من الحق، ولم يأخذ منها إلا بقدر ما عليها. وقد ذهب الفقيه المقاصدي الدكتور أحمد الريسوني إلى القول بأن الرجل آثم إذا دعته زوجته إلى الفراش فلم يلبي طلبها سواء بسواء.
وقد قال ابن كثير – في تفسير قوله تعالى: ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) أي: طيِّبُوا أقوالكم لهن، وحَسّنُوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها، فافعل أنت بها مثله.
أما عن الدورة الشهرية وكون دم الحيض دما نجسا فالله تعالى قال (فاجتنبوا النساء في المحيض) وقال: (يسألونك عن المحيض قل هو أذى) والدم هو النجس وليس المرأة كما هو في المفهوم المسيحي، وهذا لا يعني إطلاقا بأن الرجل يبتعد عن زوجته ولا يقربها أو يأكل معها أو يجالسها، وإنما الاجتناب هنا اجتناب الجماع الذي يقره العلم ويزكيه نظرا لما يترتب عنه من أمراض سواء بالنسبة للمرأة أو الرجل. ومن جميل الأمور أن نجد أبوابا كثيرة في الفقه الإسلامي تتحدث عن كيفية استمتاع الرجل بزوجته وهي حائض، أي بما في ذلك من قرب وملاطفة ومداعبة دون الوطئ، مما يعني أن الطبيب النفسي المغربي كان واهما عندما ظن أن الإسلام يخلق النفور في مخيال الرجل والمرأة عندما تكون المرأة حائضا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.