Home»International»هكذا تكلمت زينب عبد العزيز-7- « مراجعات مؤرخ مسيحي: الصفحة السوداء للمسيحية »

هكذا تكلمت زينب عبد العزيز-7- « مراجعات مؤرخ مسيحي: الصفحة السوداء للمسيحية »

0
Shares
PinterestGoogle+
 

أحمد الجبلي
لقد بدأ بعض المغاربة يدعون بأنهم تنصروا واعتنقوا المسيحية عن قناعة ووجدوا فيها المحبة والسلام، كما وجدوا فيها الخلاص مما كانوا يعيشونه من تيه وحيرة.
وقد ظل الكتاب والقراء المغاربة معا يطالبونهم فقط بأن يحكوا لهم عن السبب الذي أقنعهم بالمسيحية حتى اعتنقوها، ولازلنا نسمع ونقرأ عن هذا الطلب والسؤال التحدي الذي لم ولن يجد له إجابة.
ونحن في سياق تأكيد هذه الاستحالة (استحالة وجود جواب عن سؤال ما الذي جعلك تقتنع بالمسيحية)، ارتأينا أن نستمر في سلسلة « هكذا تكلمت زينب عبد العزيز، بما يحقق هذا المبتغى التحدي، وذلك بالحديث عن باحث ومؤرخ إيطالي مسيحي، قام بمراجعات مهمة حيث ظل يقرأ ويبحث ويتعمق في فهم المسيحية لأزيد من عشرين سنة، انتهى به المطاف إلى خلاصات مهمة أخذ ينشرها بسويسرا موطن إقامته، قبل أن يجمعها في كتاب أسماه « الصفحة السوداء للمسيحية ».
إن هذه الكتابات والمراجعات كانت السبب في أن يتلقى تهديدات بالقتل والتصفية الجسدية (حرية المعتقد)، حيث أصبح يعتبر المسيحية الحالية، وفقا لتاريخها المكتوب في الوثائق المتداولة، تمثل إحدى آفات الإنسانية الكبرى التي يتعين محاربتها بفاعلية.
إن هذا الحكم يرجعه إنريكو إلى مجموعة أمور منها أن المسيحية الحالية، تفرض أخلاقا متطرفة بفرضها أحكاما قاطعة إما « صح » وإما « خطأ »، إما « معنا » أو « علينا »، وأما عما يسميه « الأخلاق اللا أخلاقية » فيقول:  » كلنا نعرف أن الإنجيل بعهديه ليس المنبع المناسب الذي نستقي منه الأخلاق والمبادئ الأخلاقية، فالأناجيل مليئة بالتناقضات، وتوصي تارة بأنه يجب تبجيل الأب والأم، وتارة توصي باحتقارهما. وتنص على أن العبودية شيء لا يمكن الاعتراض عليه، وأنه يجوز بيع البنات كعبيد، وممارسة القتل العرقي، وقتل المدنيين في زمن الحرب…وأنه اعتمادا على مقولة السيد المسيح « اعط لقيصر ما لقيصر » وعلى قول بطرس: « إن العبد عليه الطاعة لسيده حتى وإن كان شريرا أو قاسيا » رفعت الكنيسة الخضوع والطاعة للسلطة القائمة إلى درجة الفضيلة. ويمكننا أن نتخيل كل ما جنته الكنيسة على مر العصور من مكاسب سياسية ومادية ».
وحول موقفه من الكنيسة الكاثوليكية يقول: « إن الكنيسة الكاثوليكية مؤسسة إجرامية، عش منحرفين جنسيا ومغتصبين للراهبات، » ويقول:  » إن شعوري تجاه تلك المؤسسة خليط من الاحتقار والرهبة، فهي مؤسسة إجرامية شديدة القوة وباستطاعتها أن تؤذي. لذلك يتعين علينا محاربتها، مع الاحتفاظ بمسافة من باب الحيطة ».
ويقول:  » إن الإديولوجية المسيحية قد أنتجت جرائم الكنائس المسيحية، …إنها إديولوجية لا تجلب الكراهية فحسب،ولكن السخرية أيضا. فهذا الخليط من الصَّلب والعذراء التي تلد وتظل عذراء رغم تكرار إنجابها، والمفاهيم الميتافيزيقية الساذجة جد مضحكة…لذلك أتساءل كيف يمكن تصديق هذه الخرافات؟ كيف يمكن للناس الذين يذهبون إلى الكنيسة كل يوم أحد ليأكلوا قطعة من لحم إلاه يعبدونه ويشربون دمه؟ إن في واقع الأمر أكثر المسيحيين جد جهلاء بدينهم، وقلة قليلة يعرفون حقيقة الإيديولوجية التي ينتمون إليها. ومعظمهم مجرد ضحايا لطائفة ما. إنني لا أكن أية مشاعر سلبية تجاه المسيحيين، لكنهم أحيانا يثيرون الشفقة وعادة ما يرعبونني بجهلهم ».
تعلق الدكتورة زينب عبد العزيز على خوف إنريكو ريبوني بقولها:  » لا ينجم شعور إنريكو بالرعب خوفا ولكن مما يطلق عليه إصابة ذهنهم « بورم التضخم الديني »، أو مرض « الجنون بالله »…وهذا التدهور الذي يصيب المخ ناجم نتيجة استهلاكهم لكثير من « العجائن الدينية » التي يحشون بها أذهان أطفالهم قبل أن يصلوا إلى مرحلة التمييز والإدراك. الأمر الذي يفقدهم روح التمييز، وبالتالي يصدقون كل ما يفرض عليهم بلا مناقشة أو اعتراض. وذلك من قبيل « أن يقال للطفل إن الله واحد لكنه في نفس الوقت ثلاثة أشخاص ».
وفي معرض حديثه عن الأخلاق، يقول: لقد نجح المسيحيون في إدخال بعض المفردات الدارجة في حواراتهم من قبيل « المحبة أو الإحسان المسيحي » وإن كان ذلك لا يتماشى مطلقا مع تاريخهم المشين. إلا أنهم قليلا ما يتحدثون عن حقيقة أفعالهم، وإنما يتناولونها بالالتفاف، فإن أرادوا وصف فعل « سيئ » قالوا « قليل المسيحية ».
ولذلك، يقول:  » يمكن التحديد بأن قلة من الناس هي التي تعرف الإديولوجية المسيحية، خاصة بعد أن أمضى المسيحيون قرونا طويلة في خلط مفاهيمها، فمن ناحية ينادون بأن « الله محبة » وفي نفس الوقت يقومون بتعذيب وحرق من هم في نظرهم « هراطقة » أي معترضون على ما يقومون به من تحريف..من ناحية يتحدثون عن « الرحمة » وفي نفس الوقت يشعلون نار المحارق، يتحدثون عن « الرأفة » ويستبعدون أو يحرمون من لا يرضخ لهم، يصيحون « أحبوا أعداءكم » ويبيدون خصومهم في الحروب التي يشنونها…
يقول إنريكو، ويشاطره في ذلك كافة المؤرخين: « إن العهد القديم عبارة عن نصوص متفرقة مجهولة الأصل، والمعروف أن مجمل هذه النصوص قد تم حرقها عندما قام الأشوريون بهدم دولة إسرائيل. وقد أعيدت كتابتها ثانية بعد عدة أجيال اعتمادا على التراث الشفهي، والنبي عزرا هو الذي كتبها. الأمر الذي نجم عنه خليط من النصوص المليئة بالمتناقضات. ويكفي المرء مطالعة سفر « التكوين » ليدرك مدى الخلط بين قصتين. ومع ذلك يعتبرونه المسيحيون « كلام الله ».
ويضرب إنريكو أمثلة على ذلك فيقول: « إن أراد أحد أن يقنعك بأن « الغنى » شيء سيئ ما عليه إلا أن يقرأ لك متى 19: 23-24 « فقال يسوع لتلاميذه الحق أقول لكم إنه يعسر أن يدخل غني إلى ملكوت الله ». وعلى العكس من ذلك إن أراد أن يثبت لك أن الغنى أو أن الأغنياء محبوبون لدى إلاههم المسيحي قرأ لك لوقا 19: 12-17 حيث نرى الاستثمار بعائد %100 أكبر ربحا من الودائع الادخارية. والعهد القديم، يقول: يتضمن عمليات قتل جماعي تتم بأمر الله، تتخللها قصص لهلاك مدنيين أيم الحرب، ومؤامرات سياسية، واعتداءات جنسية، وعلاقات زنا محارم…
ويختم إنريكو هذا الجزء من الحديث متسائلا بقوله ومستغربا: « كيف بعد ذلك يمكن للمسيحيين اعتبار هذا الإنجيل بعهديه منبعا لعلم الأخلاق؟ إنه لأمر مفزغ !
ومن ناحية أخرى يشير إلى ذلك النص الجنسي الإباحي المعروف باسم « نشيد الإنشاد » ويعجب من وجوده ومن تحريم الكنيسة للجنس. ثم يعرض لأهم كتب العهد القديم قائلا:
– التكوين: يتضمن خلق السماء والأرض عبر خليط من قصتين. وبه قصة نوح حيث قام الله بعملية قتل عرقي على مستوى الكرة الأرضية، وهي أول عملية قتل جماعي من سلسلة طويلة تزخر بها الأناجيل.
– الخروج: به قصة موسى الشهيرة. إضافة إلى قصص أخرى منها إبادة الله لكل أطفال المصريين البكر.
– اللاويين: سفر مليئ بالقوانين والحكمة، نقرأ منها « إذا تشاجر رجلان وقامت زوجة أحدهما بمسك خصيتي الآخر، تقطع يدها » يقول معقبا: ويا لها من قوانين مفيدة للحياة اليومية.
وفيما يخص العهد الجديد يقول: « إن الكنيسة تؤكد على أن الأناجيل كتبت بعد خمسين أو سبعين سنة بعد يسوع، وقد كانت هناك أعداد كثيرة من الأناجيل، وفي القرن الرابع قام مجمع نيقية الأول باختيار أربعة منها واعتبرها شرعية تتفق وأنسقة الكنيسة، بناء على مؤامرات سياسية سابقة لانعقاد المجمع. والتي تم تعديلها لاستبعاد المتناقضات الفجة الوضوح » وذلك بعد وفاة يسوع بعدة قرون. »
وأما فيما يخص الإنسان في الرؤية المسحية فيرى إنريكو أنه في نظرها مخطئ بصورة مستمرة ومتكررة والإيمان بالمسيحية وحده بلا قيد أو شرط هو الذي سينقذه ! ويعلل ذلك بقوله: « إن الكنيسة ابتدعت أسطورة مركبة حول فكرة أن يسوع قد مات من أجل أخطائنا، وبالتالي فعلينا أن نعترف بالجميل لله بأنه قتل ابنه ليشتري أخطاءنا. فكيف يمكن لله أن يقرر قتل ابنه على الصليب لكي يتمكن هو من أن يغفر خطايا مخلوقاته الذين خلقهم خطائين وفقا لمعاييره؟ !
وبعد حديثه عن ابتكار الكنيسة لما سماه » الجريمة بلا ضحية » والتي تعني تجريم كل من لا يؤمن بما تفرضه الكنيسة، حيث تنزل عليه اللعنات الأبدية وتسمه أشد العقاب، ينتقل إنريكو إلى الحديث عن « البيزنيس » الكنسي ويعطي أمثلة كثيرة حضرها هو شخصيا في العديد من الكنائس، وذلك عن طريق ابتكار وابتداع وخلق معجزات وهمية لابتزاز الأتباع مثل اختلاق ظهور السيدة مريم العذراء، أو بما يتم في كاتدرائية قديس فادو، حيث يقوم المسؤولون بعرض « أعضاء القديس أنطونيو » في علبة من الذهب والكريستال. وهذه الأعضاء هي لسان ولوزتا القديس بكامل نضارتها ! وما ينتقده هو عمليات التحايل التي تتم لابتزاز أموال الزائرين. فالزائر ينزل سلالم طويلة ليجد أمامه فجأة قسيسا في ثياب فخمة يرش عليه بعض الماء المبارك وبجواره يقف مساعده ممسكا بعصاة وفي طرفها كيس، وتظل العصاة ممدودة تمنع الزائرين من مواصلة السير ما لم يضع بعض النقود قي ذلك الكيس. ثم يواصل سيره ليجد أمامه مكانا لابتياع الشموع، وموقعا صغيرا به بقايا الشموع السابقة. وبعد ابتياع الشمعة يتقدم أحد القائمين على هذه العملية موضحا أنه لا توجد أماكن لوضعها وأنه سوف يقوم بإشعالها فيما بعد، ثم يأخذها ويعيدها إلى الكشك لتباع ثانية بنفس المبالغ الباهضة.
وأشياء أخرى تتعلق بعبادة أجزاء الموتى وبقايا القديسين، يذكر إرنيكو من ذلك القداس المقام في مدينة فريبور بسويسرا « بحضور القديسة تريزا » والمقصود بحضورها صندوق به بعض رفاتها..وما ينتقضه هنا هو التحايل الذي يتم ومضاعفة هذه الرفات بحيث إنه يوجد في إيطاليا سبعة « مسامير حقيقية » من صلب السيد المسيح، والمعروف أن عملية الصلب لا نرى بها سوى ثلاثة مسامير، وفقا لكل اللوحات والتماثيل..وأما مدينة روما فبها جمجمتان لبطرس الرسول، وكذلك خمسة قطع من عظمة الساق الكبرى !!
ويعجب إنريكو ريبوني من شغف المسيحيين بالصليب الذي يضعونه في كل مكان، في الكنائس وخارجها وعلى المباني والجدران والأبنية العامة والمدارس..وأكثر ما يعجب منه أن يتحول إلى حلية يضعونها حول أعناقهم. وما يعجب منه أن الصليب كان أداة تعذيب أيام الرومان، يخصون به عقوبة الجرائم الكبرى. وارتداء هذا الرمز حول الأعناق أشبه ما يكون بارتداء آلة المقصلة أو أداة من أدوات التعذيب أو بندقية. وينتقد من يقولون إن ذلك « رمز لمن مات من أجلنا » ثم يوضح أن « المسيحيين وحدهم هم الذين يتحلون أو يتزينون حول أعناقهم بأداة التعذيب التي أتت على زعيمهم » ويسخر إنريكو وهو يتصور الرئيس الفرنسي وقد وضع حلية من الذهب تمثل المقصلة كذكرى للثورة الفرنسية التي التهمت الآلاف من أبنائها.
كانت هذه عبارة عن شذرات ومقتطفات مما كتبته الدكتورة زينب عبد العزيز في كتابها الممتع والثمين في بعده التاريخي والعصري »الإلحاد وأسبابه « الصفحة السوداء للمسيحية » الذي يقدم شهادة المؤرخ إنريكو ريبوني من خلال كتابه الذي جاء عبارة عن مراجعات في الإديولوجية المسيحية وقراءات متأنية في العهدين القديم والجديد. والذي يوضح بما لا يترك مجالا للشك لدى قارئه، بأن الشباب المغربي المتهور الذي يدعي أنه اعتنق المسيحية عن قناعة ودليل إنما قد غرر بهم أو أنهم قد باعوا دينهم بمتاع من الدنيا قليل.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.