Home»International»هكذا تكلمت زينب عبد العزيز -2-  » ترجمات القرآن إلى أين: وَجهان لجاك بيرك »

هكذا تكلمت زينب عبد العزيز -2-  » ترجمات القرآن إلى أين: وَجهان لجاك بيرك »

4
Shares
PinterestGoogle+
 

أحمد الجبلي
اعتبرت ترجمة المستشرق الفرنسي جاك بيرك  أحدث ترجمة للقرآن الكريم، لذلك تم تكريمه في القاهرة، إذ احتفى به المصريون وتغنى به الإعلاميون والأدباء من مثل أحمد عبد المعطي حجازي، رئيس تحرير  جريدة إبداع المصرية، الذي تغنى بعبقرية صاحب هذه الترجمة و أشاد بها واعتبرها فريدة من نوعها، وربما ما ضخ المزيد من هذه الإشادات هو كون الرجل صديقا للعرب والمسلمين وعضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة، بل وذهب بعضهم كما فعلت مجلة القاهرة إلى أن هذه الترجمة هي القرآن نفسه بالفرنسية.
ولكن كان هناك من له رأي آخر، والأمر يتعلق بالباحثة الأكاديمية الدكتورة زينب عبد العزيز، حيث عرت هذه الترجمة أمام الملأ وكشفت زيفها وتهافتها، بل وخبثها حيث أفردت لها كتابا خاصا ضمن سلسلة كتب فضائح الحضارة الصليبية سمته:  » ترجمات القرآن إلى أين، وَجهان لجاك بيرك »  وبذلك تكون الدكتورة زينب قد  أخرجت المعركة من مصر إلى ساحة العالم الإسلامي، بل والعالم أجمع  حتى يتعرف كل مسلم على وجه البسيطة حقيقة جميع ترجمات القرآن الكريم التي قام بها المستشرقون والتي أدت دورها كما يجب في تشويه ذات الله وصفاته وما يليق به سبحانه، وتشويه الإسلام، وصنع صورة مشوهة لرسولنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم، كما سنبين ذلك بالحجج والبراهين انطلاقا مما ورد في هذه الترجمة قيد التعريف.
لقد قسمت الدكتورة زينب عبد العزيز مصنفها إلى قسمين، فجعلت القسم الأول قسما خاصا بالحديث عن ترجمات القرآن الكريم التي سبقت ترجمة جاك بيرك، ثم جعلت القسم الثاني قسما خاصا بتبيان مكر وخبث ترجمة هذا المستشرق الذي يعتبر صديقا للعرب والمسلمين.
لقد بدأت الدكتورة زينب كتابها بإهداء جميل و وجيه حيث قالت: إلى الذين دافعوا عن جاك بيرك بالباطل: علهم يتقون، وإلى الذين بيدهم تصويب الأمر بالحق: علهم يفعلون. فكانت، بحق، منتمية لهذه الفئة الثانية فقامت بتصويب الأمر بالحق والحجج الدامغة والبراهين الساطعة انطلاقا من ترجمة جاك بيرك مع ذكر الكلمة والجملة كما وردت دون زيادة أو نقصان، موضحة أن جاك بيرك عندما يحاضر أو يخاطب الناس والمسلمين تحديدا حول القرآن يخاطبهم بوجه، يختلف هذا الوجه اختلافا إلى حد التناقض وهو يتحدث في ترجمته عن القرآن الكريم ويترجم كلماته ومعانيه كما سنبين ذلك.
ففي القسم الأول يمكن أن نكتفي فقط بذكر بعض الإحالات المهمة التي جاءت بها الباحثة لتبين الهدف والمغزى من وراء اهتمام المستشرقين بعمليات ترجمة القرآن الكريم، حيث منذ القرن الثاني عشر إلى القرن العشرين والترجمات تسعى لنفس الغرض وهو إدانة القرآن وتشويهه بما يحقق ابتعاد غير المسلمين عنه ويحقق في نفس الوقت ارتداد المسلمين الذين سبق لهم وآمنوا به. يقول روبر كاسبار في كتابه الفاتيكان الجزء 2 ص209:  » إن الغرب المسيحي قد اكتفى لمدة قرون طويلة بتلطيخ الإسلام ومؤسسه بأسخف الأقوال، إن أول ترجمة لاتينية للقرآن لم تظهر إلا في القرن الثاني عشر، أي بعد خمسة قرون من ظهور الإسلام، إن هذه الترجمة وكل الترجمات التي تليها لم يكن لها أي هدف آخر سوى أن تكون الأساس لتوجيه المزيد من الإدانات ضد القرآن، وتلك الإدانات التي امتدت سلسلتها على مدى قرون تتناثر عليها بعض أشهر الأسماء » والسر الذي تكشفه السيدة زينب عبد العزيز بتنقيبها وبحثها أن عمليات ترجمة القرآن ما هي إلا امتداد للحروب الصليبية، وتتم بالإشراف المباشر للبابا، حيث تأتي بشهادة المستشرق الفرنسي رجيس بلايشير إذ يقول في كتابه « القرآن » في الصفحة العاشرة متحدثا عن البابا المبجل عندما ذهب إلى إسبانيا سنة 1141 هـ:  » وكان طلبه لترجمة القرآن استمرارا لروح الحروب الصليبية، ومن جهة أخرى لحاجته لما يمحو به أية آثار مازالت عالقة بذهن المسلمين الإسبان الذين تم تنصيرهم حديثا ..ويبدو أن الترجمة التي تمت في مدينة توليدو لم تكن أمينة بالمرة ولم تكن كاملة » ومرورا بالعديد من المستشرقين مع ذكر تجاربهم المشؤومة التي لا تخرج عن الخط الأعرج الذي خطه البابا بطرس، إلى أشهر ترجمة لأشهر مستشرق هو الألماني نولديكه الذي تعتبر ترجمته من أروع وأحسن الترجمات والتي تمت بأعلى مستوى من العلمية و إتقان اللغة وهو الذي يقول عن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعن القرآن الكريم:  » صائغ غير موهوب لسور قرآنية مشوشة الأسلوب ».
إذن يمكن اعتبار هؤلاء مجرد أسلاف وأساتذة وشيوخ لجاك بيرك وبالتالي لن يزيغ عن الأهداف التي رسمت له منذ قرون، بل هو في ترجمته سار على نفس المنوال عاملا على تحقيق نفس الأهداف، وهذا ما سنعرفه فورا، وإن كنت أشعر بنوع من الإجحاف في حق الكتاب وصاحبته وأنا أقفز على عشرات المعاني والأفكار الرائعة والمدهشة، ولكن فقط سأضطر حتى لا أطيل على القارئ الكريم، وقد يجد أسفل المقال رابطا خاصا حتى يعود إلى الكتاب إن شاء أن يعيش في رحلة شيقة ممتع ومفيدة:
من المعاني الغريبة التي جاء بها جاك بيرك في ترجمته نذكر بعض النماذج منها ترجمته ل (نصر الله) ب (secours) و (مسجد) ب (sanctuaire ou oratoire) ورغم وجود ترجمة  (مسجد) في الفرنسية وهي معروفة (mosqué)  فهو قد جاء بمعاني تتعلق بالكنيسة أو جزء من الكنيسة حول المذبح حيث تقام الطقوس، أما كلمة  (جنة) فحتى يبعد القرآن الكريم عن السماء والبعث والنشور والجزاء أي البعد الأخروي فقد ترجمها بالحديقة حتى يعطي الانطباع عن الدنيوية المحضة مع العلم أن الجنة في القاموس الفرنسي معروفة ومشهورة (paradis) كما ترجم كلمة ( شعائر الله) ب ( les repérages de Dieu) أي وضع علامات، مع أن في الفرنسية يمكن ترجمة شعائر الله ب « rites » أما سورة الملك فترجمها ب (Royauté)والتي تعني المَلَكِية مع العلم أن معنى المُلك والملكوت موجود في العهد الجديد والقديم معا.
كما يترجم قوله تعالى ( الذين يؤمون بالغيب) بقوله: » الذين يؤمنون بالغموض » واستبدل البعوضة في سورة البقرة بحشرة أخرى وهي دودة الجبن مع العلم أن البعوضة دالة على إعجاز بليغ في القرآن الكريم ومن تمة لا يمكن تغييرها بحشرة أخرى مع أن في الفرنسية يوجد تسمية واضحة للبعوضة (moustigue)، فيترجم قوله تعالى: ( إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة) بقوله  » إن الله لا يشمئز أن يضرب مثلا بدودة » أما قوله تعالى ( فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم) فقد ترجمها بالمعنى:  » إن الله هو الذي تاب وليس آدم، لأن الله يميل إلى التوبة » كما ترجم الزكاة بالتطهر، والخليفة برتبة عسكرية  » المقدم » أما ( إن الله شديد العقاب) فترجمها إلى أن الله فضيع في عقابه ومرعب ومخيف. وأما ترجمته لقوله تعالى ( قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلموهن مما علمكم الله) فترجمها ترجمة إن لم أقل بشعة فهي على الأقل تثير السخرية وهي قوله:  » إن أكل الجوارح حلال بعدما تصبح كالكلاب)، وهو إلى جانب كل ما قاله في ترجمته من أكاذيب وافتراءات وتشويهات فهو دائما يصر على إظهار الله تعالى في صورة مرعبة ومخيفة من القسوة والفظاظة، واستخدام ألفاظ تطاول بها على الذات الإلاهية كقوله:  » قد يبدو من السخف أن نسمع الله يلجأ إلى القسم مستعينا بصيغ مشوبة بالمعتقدات الوثنية »
الخلاصة هي إن بفضل المجهودات الجبارة التي قامت بها الدكتورة زينب عبد العزيز تشكلت لجنة بأمر من شيخ الأزهر ضمت شخصيات علمية وازنة منهم الدكتور زينب عبد العزيز كلفت بالبحث والتقصي والتي انتهت بقرار من شيخ الأزهر يقول فيه:  » لم تكشف ترجمته عن أنه إنسان بوجهين فحسب بل عن عدم الأمانة العلمية، وعن استخدامه أسلوب التزوير العلمي وإعطائه معنى يطابق التحريف الذي يبتغيه، وأنه جاهل باللغة العربية، مغرض متعمد الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، وـأن السيد جاك بيرك يفتئت على النص القرآني بتقريره لمفاهيم وأحكام خاطئة وإلباسها للقرآن قسرا، من قبيل قراءته ( عالم الغيب والشهادة) التي وردت في القرآن بمعنى الله سبحانه قرأها بمعنى الدنيا، وكذلك تخليطه في تفسير آية (ليظهره على الدين كله) تخليطا يؤدي إلى الكفر البواح، والأدهى والأمر أنه يعتمد على الجهل باللغة وقواعدها ليدلل على أن في القرآن أخطاء لغوية لا تغتفر، وتأكيده على أن القرآن من صنع بشر، إنه اتخذ منحى تحريفيا لا يليق بالقرآن الكريم ككتاب من عند الله، وإنما يليق بقصة غرامية.
وهكذا يكون قد قطع الأزهر الشريف مع اعتماد هذه الترجمة اللعينة التي تحول القرآن من كلام الله ووحيه المنزه إلى علمانية جديدة تسعى لخلق منحرفين عوض مسلمين مؤمنين مدركين أن القرآن الكريم إذا سمحنا بتحريفه وتشويهه سيتحول إلى كتاب بلا معنى ولا روح أشبه بالعهد الجديد والقديم عند المسيحيين، ولكن الحمد لله الذي تولى حفظه وحمايته حيث قال: ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. أحمد الجبلي
    31/01/2017 at 18:43

    رابط تحميل كتاب: ترجمات القرآن إلى أين؟ وجهان لجاك بيرك
    link to ar.islamway.net

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.