Home»Femme»نساء حلب تصرخن: وامعتصماه !

نساء حلب تصرخن: وامعتصماه !

0
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
جاء في بعض كتب التاريخ أن الخليفة المعتصم لما وصله نداء المرأة المسلمة التي صرخت ضد التاجر الرومي قائلة: « وامعتصماه » أن من داخل البلاط الأميري كان هناك منجمون قاموا بثنيه عن تلبية نداء المرأة والمبادرة لنجدتها، فأخبروه وملأوا عقله بأن عمورية لا تفتح في هذا الوقت وإنما تفتح في موسم العنب والزيتون.
والحقيقة كما يقول الشيخ المحقق محمود الشاكر أن الخليفة المعتصم كان في مجلسه وفي يده قدح يهم أن يشرب ما فيه، فجاءه رسول يبلغه أن الروم طغوا في البلاد وأخذوا النساء سبايا، وأن امرأة منهن صاحت: « وامعتصماه !  » فوضع المعتصم القدح من يده، وأمر أن يحفظ حتى يؤوب من نجدة هذه المرأة المسلمة.
فخرج المعتصم بجيشه توا في اتجاه عمورية، ولما وصل الخبر الروم بعثوا له يخبرونه أنهم يجدون في كتب رهبانهم ومنجميهم أن عمورية لا تفتح إلا حين يأتي موسم جني العنب والزيتون، وأن شهورا عدة لازالت تفصل بينهم وبين زمن هذا الموسم خصوصا وأن الوقت الراهن لا يصلح للفتح نظرا لأنه موسم برد وثلج.
فاستهزأ المعتصم بجهل وخرافة الروم وسذاجتهم وأوقد لهم نار الحرب فأكلت من صنانيدهم تسعين ألفا ذكرها أبو تمام في رائعته قائلا:
تسعون ألفا كآساد الثرى نضجت       جلودهم قبل نضج التين والعنب
ففتحت عمورية وتمت عملية إنقاذ الحرائر من المسلمات في مدينة ملطية التي منها صاحت المرأة المسلمة الهاشمية والتي تسمى  » شراة الهاشمية »
ومما تذكره كتب التاريخ عن الاستعداد للمعركة والعزم على إنقاذ المسلمات الحرائر المحتجزات في سجون الروم واللائي وصل عددهن إلى ألف امرأة، أن المسلمين ضجوا في سائر الأمصار واستغاثوا في الديار والمساجد، وتحرك الشعراء كمنابر إعلامية تصدح بتحرير حلب، عفوا تحرير ملطية وما فيها من نساء محتجزات وأسرى تجدع أنوفهم ويمثل بهم، فدخل الشاعر إبراهيم بن المهدي على المعتصم فأنشده قصيدة طويلة يذكر فيها ما نزل بالمسلمين ويحضه على الانتصار لهم ومنها:
يا غارة الله قد عاينت فانتهكي        هتك النساء وما فيهن يرتكب
هب الرجال على أجرامها قتلت      ما بال أطفالها بالذبح تنتهب
فلبى المعتصم نداء العامة الغيورين على عرض نساء مسلمات وأطفال أبرياء وشيوخ لا حول لهم ولا قوة، واختار مدينة عمورية هدفا له لأنها المدينة الرومية الأقوى والأكثر حصانة ومنعة و هي أشرف عند الروم من عاصمتهم بيزنطة، فكانت النتيجة أن لم تفتح عمورية فحسب وإنما كان هذا الثأر والهَبة لنجدة الحرائر هي سبب إجلاء الروم فلم تقم لهم قائمة من حينها.
ومن عجائب التاريخ أنه يعيد نفسه، ولكن هذه المرة لم تصرخ امرأة واحدة فحسب وإنما صرخت آلاف النساء الحرائر من حلب وصرخن وصرخن حتى تعبت حناجرهن، وصرخ معهن أطفالهن بصوت شجي يزلزل الجبال ويشق الجدران، ولا من مجيب، فلا داعي للصراخ يا نساء حلب فما عاد عندنا هنا معتصم يلبي النداء.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *