Home»International»(4)الاسلام والبيئة:دروس وعبر

(4)الاسلام والبيئة:دروس وعبر

2
Shares
PinterestGoogle+

الإسلام والبيئة:دروس وعبر(4)

         حينما يعتنق الإنسان الدين الإسلامي أو يزداد المسلم تدينا ،فإنه على الفور تنشأ بينه وبين الأرض صلة وثيقة .وطبيعة هذه العلاقة هي في الواقع جزء من عقيدته وإيمانه .من عقيدة المسلم الصريحة أنه من الأرض خُلق، وعليها يعبد ربه،وإليها يرجع، ومنها يُبعث يوم القيامة. وقد اختارالله هذه الأرض من بين الكواكب العديدة،ليكون الإنسان فيها خليفة. وعلى هذه الخلافة سيسأل وسيحاسب.ولما قال الله تعالى للملائكة في سورة البقرة: » إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ. »آية30.انتبه المسلمون إلى أن إفساد الأرض حرام كحرمة سفك الدماء.وعلى هذا الأساس يكون المسلمون المصلحون ما أفسده الناس هم خلفاء الله في الأرض. لأن الخليفة في الأصل هو الذي يخلف غيره، أو يكون بدلاً عنه في عمل يعمله ، فهو فعيل بمعنى فاعل. والمراد من الخليفة أيضا الوكيل والوصي، أو المدبر الذي يعمل ما يريده الله في الأرض .

         ولفظ (الأرض)كما في معجم « لسان العرب » لابن منظور يفيد الأَرْض: التي عليها الناس. والأَرْضُ: كل شيء يسفل، ويقابل السماء. والعجيب أن بعض معاني الأرض يفيد الإقامة والإصلاح الخير و الشدة والصلابة، والنبت والعشب الوافر والزكاة، والسهولة والخصب وحسن الحال.فكأن العربي لا يسمي هذه الأرض باسمها حتى تكون على هذه الأحوال يقال: بَعِيرٌ شديد الأَرْضِ إِذا كان شديد القوائم .وتَأَرَّضَ الرجلُ: قام على الأَرض. وقيل: تمكن. ويقال: أَرَّضْت الكلامَ إِذا هَيَّأْتَه وسَوَّيْتَه. وتأَرَّضَ النَّبْتُ إِذا أَمكن أَن يُجَزَّ. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ: زكيَّةٌ كريمة مُخَيِّلةٌ للنبت والخير. ويقال: أَرْضٌ أَرِيضةٌ بَيِّنةُ الأَراضَةِ،إِذاكانت لَيِّنةً طيبة المَقْعَد كريمة جيِّدة النبات. وقد أُرِضَت بالضم :أَي زَكَتْ. ومكان أَرِيضٌ: خَلِيقٌ للخير. ويقال: ما آرَضَ هذا المكانَ أَي ما أَكْثَر عُشْبَه.وما آرَضَ هذه الأَرضَ أَي ما أَسْهَلَها وأَنْبَتَها وأَطْيَبَها. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ أَي مُعْجِبة. وتقول: جَدْيٌ أَرِيضٌ أَي سمين.ورجل أَريضٌ بَيِّنُ الأَرَاضةِ:خَلِيقٌ للخير متواضع.ورَوْضةٌ أَرِيضةٌ: لَيِّنةُ المَوْطِئِ؛وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ:وَلُودٌ كاملة. وتأَرَّضَ المنزلَ: ارْتادَه وتخيَّره للنزول؛ والأَرَاضةُ: الخِصْبُ وحسنُ الحال. والأُرْضةُ من النبات: ما يكفي المال سنَةً. والأِرضة، بكسر الهمزة وضمها: الكلأ الكثير.. والتأريض: تشذيب الكلام، وتهذيبه، والتثقيل، والإصلاح. ورجل أريض للخير: أي خليق له.

         لقد ورد لفظ (الأرض) في القرآن الكريم في ثمانية وخمسين وأربع مائة موضع، (458موضعا). جاء في جميع تلك المواضع بصيغة الاسم، نحو قوله تعالى في سورة الرحمان « وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ »آية 10.وهذا الرقم في اعتقادي كبير.وهو يوحي بأن هذه الأرض لها مكانة كبيرة في الإسلام .وعلى المسلمين إدراك هذا الأمر.كما عليهم أن يكونوا في مستوى هذا الاهتمام الرباني الذي جاء بهذا التكرار الكبير.والتكرار أقل ما يقال عنه في البلاغة العربية أنه يفيد التوكيد.فكيف بتوكيد المؤكد.

د:خالد عيادي.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. حميمي
    24/12/2016 at 20:08

    شكرا مرة أخرى للأستاذ الدكتور خالد عيادي على هذه المحطات التأملية.
    أنا بدوري أريد أن أساهم في إغناء الموضوع. حقيقة أن الأرض ببرها ومائها، إنما خلقت لتكون مسخرة للإنسان، وأن يتفرغ من جهته للعبادة. فإذا كان مسؤولا عن حماية موارد الأرض وعدم التبذير، فليس له أي عذر يوم القيامة. فلا يوجد على الأرض ما يعيق أو يعرقل هدفه التعبدي هذا. بل بالعكس فالأرض تستر مخلفاته وتحلل الجثث وتقضي على العفن والنفايات كي لا يمرض الإنسان. وقد زودت هذه الأرض البحار والمحيطات بمختلف المعادن وجعلتها مالحة كي لا يتأذى الإنسان ولا تصله الأمراض، بل جعلها الله بذلك طاهرة حلال ميتتها. كما لا ننسى أن الأرض وكل ما تحمله في داخلها وخارجها تسبح لله وتشهد له بالوحدانية. وهذه دروس يجب على الإنسان أن يعيها ويتخذها قدوة….

  2. عبدالإله الرياحي
    24/12/2016 at 23:19

    بسم الله الرحمان الرحيم.
    أما بعد.
    فمن وراء الحطب نار، ومن وراء السكة قطار، ومن وراء السحاب أمطار، و هذه مصطلحات مرتبطة ببعضها البعض، مثل ارتباط فتيل الحبل وتماسكه، وإن سألت يوما من أين أشجرت ؟ لقيل لك من ترابها، ومن أين أثمرت؟ من أشجارها،و أين ذهبت ثمارها؟ عادت إلى ترابها التي أشجرت منه شجرتها، هكذا مثل الإنسان، مخلوق من تراب، مأكله ومشربه من تراب، ومرجع جسده التراب، هنا تكمن الصلة التي تربط الإنسان بالأرض، بل تجعله جزء منها، لا يخرج من أصلابها إلا ليعود إليها، كما تعود قطرة ماء البحر المتبخرة إلى بحرها.
    هذا من جهة، أما من جهة أخرى، فالإنسان فوق الأرض خليفة لله عز وجل، خلفه الله فوق الأرض ليصلحها ويصلح فيها وينقيها من الدنس وما أحدث القوم فيها، وقد أمر الله بذلك في آية من آياته حين قال في سورة النحل: (إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ) الآية: 90، ومن هذا نخلص إلى أن إنسان عليه ما على المصلح من العدل والإحسان وإتاء ذي القربى ونصر أخاه الإنسان ظالما ومظلوما، ظالما بكفه عن الظلم والمنكر والبغي والفساد وسفك الدم والفحشاء وغيرهها من المظالم، أما نصره مظلوما فليس كالذي تعرفه البشرية في عصرها هذا، أي الثأر له حتى يشفى غليل صدره، بل الإصلاح بين المظلوم ومن ظلمه.

  3. no name
    22/06/2017 at 15:59

    موضوع جميل ورائع جزاك الله خيرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *