Home»Enseignement»اقرأ مادمت حيا

اقرأ مادمت حيا

0
Shares
PinterestGoogle+

  »اقــرأ ما دمــت حيـا »

بقلم : ذ. عبد الفتاح عزاوي   

 

      من النافل القول أن الجميع يكاد يتفق على أننا نعيش أزمة قراءة بامتياز ، وأنه آن الأوان  لنفض غبار الجهل والتخلف عن وجوهنا  والالتحاق  بركب الأمم المتقدمة  ، فالشعوب التي تقرأ  لا تستعبد ولا تجوع  .

  * أمة اقرأ لا تقرأ:

      تشير آخر الإحصائيات الرسمية أن نسبة القراءة بالمغرب لا تتجاوز 1,5 في المائة ،كما أن دور النشر البالغ عددها 32 دارا لا تصدر سوى 1000 عنوان سنويا . مما يؤكد أن البلد يعيش بحق أزمة قراءة .فـــكيف نفسر عزوفنا عن القراءة وهجرنا للكتاب الذي قال عنه الشاعر أبو الطيب المتنبي : خير جليس في الزمان كتاب .

   * أبرز عوامــل العزوف عن القراءة   :  

     هناك العديد من  الأسباب والعوامل التي أدت إلى عزوفنا عن القراءة والتي نذكر منها على سبيل المثال :

1- العامل  السياسي : ويتجلى في غياب الإرادة السياسية الحقيقية  لدى القائمين على  تسيير الشأن  العام  الوطني، ومصادرة حق المواطن المغربي في التثقيف والتوعية . ولعل  الميزانية الهزيلة التي تخصصها الدولة لوزارة الثقافة والتي  » لا تكفي حتى لبناء محلبة  في عاصمة غربــية كبرى  » على حد تعبير أحد السياسيين المغاربة ، خير دليل على ذلك .

2- العامل  التعليمي : ساهمت كثافة المناهج الدراسية في جعل المتعلم يشعر بالملل إلى حد كراهية الكتاب والقراءة .كما أنه اعتاد على القراءة النفعية التي تمكنه من اجتياز الاختبارات فقط .  بالإضافة إلى افتقاد أغلب المؤسسات التعليمية للمكتبات المدرسية التي تلعب دورا محوريا في نشر ثقافة القراءة، وحتى إن وجدت هذه المكتبات فان دورها يعد ثانويا.     

3- الـعـامل  الثـقافي  : حيـث أن هـناك هوة كبيرة بين خطـاب النخــبة والقـارئ العادي ، فهل يجب عـــلى المثـــقف أن ينـــزل بمعرفته ليصل بخطـابه إلى الــقارئ العادي ،أم العكس ؟المـفروض أن تكون هناك نقطـــة تلاقي بين الطرفين حتى لا يتسع الخرق على الراقع .

4- العامل الاجتماعي: ساهم تدهور الأوضاع المادية للغالبية العظمى من الأسر المغربية 

في عدم قدرتهم على اقتناء الكتب ، وهذا يظهر جليا خلال كل دخول مدرسي ،حيث يعاني العديد من الآباء والأمهات من ارتفاع أسعار الكتب والمستلزمات الدراسية، مما يجعل أمر تشجيع الأبناء باقتناء الكتب أمرا شبه مستحيل ،ناهيك  عن تراجع  التقاليد القرائية داخل المنازل .

5- العامل التكنولوجي : أدت  الثورة التكنولوجية الحديثة المتمثلة في ظهور القنوات العابرة للقارات ،الأنترنت  ووسائل التواصل الاجتماعي إلى ابتعاد القارئ عن اقتناء الكتب  . فالمعلومة أصبحت في متناول الجميع ، والنشر الإلكتروني أصبح بسرعة البرق ،مما أفقد القارئ متعة الاقتناء.

     هذه  العوامل  وغيرها ، تطرح العديد من التساؤلات حول مستقبل القراءة بالمغرب، خصوصا في ظل الحديث عن عهد التنمية البشرية . فالرتبة 162 التي يحتلها المغرب في لائحة القراءة والكتابة حسب تصنيف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، لا تبعث على التفاؤل والارتياح  .   فهل اصبح إذن شعار  »اجعل المواطن أكثر جهلا، يجعلك أكثر استقرارا في منصبك  » هو عنوان المرحلة ؟

     * قطعا لا .. المواطن المثقف والواعي هو الضامن لاستقرار الوطن و تنميته

     كثيرة هي الأدوار الإيجابية التي لعبها العديد من مثقفي الأمة في ميادين شتى ، تمكنوا خلالها من ترك بصماتهم الخالدة في استنهاض الهمم وتشريح واقعنا المزري. فالمهدي المنجرة ،رغم الحصار والمنع الذي تعرض له، كرس جزءا من  حياته للدراسات المستقبلية وناضل بأفكاره من اجل تعليم منتج وتنمية مستدامة تضمن الكرامة الإنسانية .كما أن  المفكر الكبير محمد عابد الجابري ساهم في إغناء المكتبة المغربية والعربية بمؤلفاته القيمة والتي أعطى فيها دورا محوريا للعقل في إعادة قراءة العقل العربي . وقد ذكر الجابري في مذكراته ذلك الطابع الذي كان يضعه على كتبه في دراسته الثانوية ، والذي كان يشتمل  على  اسمه وعبارة  »أقرأ ما دمت حيا » واعترف أن هذا الطابع قد طبع مساره الدراسي. وقد أضاف في آخر أيامه عبارة أخرى إلى ذلك الشعار لكي يجعله يقدم إلى الأجيال الصاعــــــدة ، فكتب ما يلي :  »اقرأ ما دمت حيا تشق لنفسك مسارا قابلا للقراءة   ». إن لائحة النساء والرجال الذين صـنعوا أمجاد هذه الأمة طويلة ولا يتسع المجال لذكرهم.

 

       وتحضرني هنا حكمة بليغة ، فقد سئل ذات يوم  أحد الحكماء :لماذا تقرأ ؟ فأجاب : عندما يؤلف أحد العظماء كتابا فانه يختزل فيه تجارب حياته كلها ،فعندما تقرأ كتابا عظيما فكأنك قد عشت حياة مؤلفه ،وعندما تقرأ الكثير من الكتب فكأنك تعيش ألف سنة أو يزيد ، وان ابتعدت عنها فانك تعيش حياتك فقط.   

fattahazz@yahoo.fr

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *