Home»Débats»من يحمي مدرسة الفلسفة المثيرة للجدل؟

من يحمي مدرسة الفلسفة المثيرة للجدل؟

0
Shares
PinterestGoogle+

جاء في  قصاصة الأخبار في القناة الثانية 12h45خبر مدرسة الفلسفة في إحدى ثانويات مدينة الرباط(مدينة العرفان)- بدون ذكر اسم الأستاذة-أن لجنة نيابية قامت بزيارة تفتيشية و توقيف المدرسة بسبب كتاباتها على صفحتها الخاصة في الفيسبوك،مقالات و كتابات تعرض فيها رؤيتها الخاصة لبعض المواضيع تتعلق بالجسد و المرأة و مواضيع تتعلق بالحياة اليومية..على الأقل هذا ما جاء في القصاصة الإخبارية.

و الأستاذة استغربت من هذا التصرف الصادر عن النيابة الإقليمية لوزارة التربية الوطنية(والأكاديمية باعتبارها الجهة المسؤولة إداريا و تربويا عن المؤسسات التعليمية في كل المستويات في الجهة).وكون  العقاب الفوقي صدر من دون أن يكون لها الحق في إسماع صوتها آو الدفاع عن نفسها. وبدوري كمدرس أستغرب من هذا التصرف الذي أصنفه كتصرف لامعقول و ارتجالي و ظالم.

كما جاء في الفيديو عن القناة الثانية رأي القانون في شخص محامي بالدار البيضاء الذي صرح أن الأكاديمية ليس لها أي حق في هذا التصرف. بل إنها خرقت القانون بتعديها على خصوصيات مواطن.وان المعتدي هو الأكاديمية و ليس الأستاذة.و يدخل هذا السلوك في باب الإجرام لأنه تعدي و اعتداء على حرية الآخرين و على حياتهم الشخصية.وهذا ما يجرمه القانون..

وجاء أيضا من تدخلات التلاميذ أن الأستاذة تعتبر من المدرسين الأكفاء في المادة ،رغم اعتراض بعضهم على ما تكتبه،لان لهم رأي آخر مخالف…

 أليس لكل فرد الحق في الاختلاف؟هذا ما أشار إليه احد المستجوبين من التلاميذ.

المحامي و رجل القانون ،صرح أن ما ينبغي محاسبة الموظف عليه هو انضباطه في العمل و القيام بعمله بكل مهنية. أما ما يكتبه أي مواطن على صفحته الخاصة فهو حر فيها،و هي ملك لصاحبها.

بصفتي واحدا من الذين قادتهم دراستهم إلى ميدان شعبة الفلسفة،أسجل أن الهجوم على الفكر الفلسفي ليس وليد اللحظة،فكتب التاريخ حافلة بالمضايقات و المحاكمات و إحراق الكتب و الإعدامات لحاملي الفكر المختلف الذي هو الفكر الفلسفي،الذي وقف في يوم من الأيام مدافعا عن الدين أمام الأقوام الجديدة التي ليست عربية، و كانت تملك نصيبا من الحضارة و الثقافة و العلم، لم  يكن  للعرب نصيب فيه.و التاريخ يؤكد ذلك …

و كانت الفلسفة في السبعينات من القرن الماضي محاربة من طرف الأحزاب اليمينية المغربية،وخاصة عندما اسند إليها تدبير قطاع التربية و التعليم.فلم تيأس أن تقول علانية أن المجتمع و المدرسة لا حاجة له، بهذه المادة التعليمية و لا بمدرسيها، الذين هم فوق الطاقة الاستيعابية للمدرسة المغربية.و عليه لجأت الوزارة إلى الانتقام و محاربة المدرسين لهذه المادة، بتكليف المتخرجين منها بتدريس مواد لا صلة لها بالفلسفة كاللغة العربية والتاريخ و الجغرافية و التربية الإسلامية،و في بعض الأحيان بالأعمال الإدارية ،التي من المفروض أن يقوم بها المعيدون و الحراس العامون(كتسجيل الغياب وورقة الدخول وغيرها من الأعمال الإدارية).وهذا إمعان في المس بالكرامة الإنسانية.لان أستاذ الفلسفة وحده من كان يلقى هذه المعاملة…

كما لجأت الوزارة في ذلك الوقت،تحت وصاية الحزب اليميني إلى خلق شعبة جديدة (ظن من اقرها أنها ستكون السيف الذي يقطع دابر الفلسفة و مريديها)و هي شعبة الدراسات الإسلامية التي كانت هجينا غير منسجم من المواد من شعب مختلفة كالأدب العربي و الشريعة و الفقه الإسلامي،والأدب الإسلامي،وشيء من الفكر الأشعري الكلامي الخ..وهذا كله من اجل خلق مواجهة بين تيارين مختلفين في العقيدة الفكرية (حرية الفكر مقابل الانغلاق على فكر واحد)…

إن الدافع إلى هذا هو الاعتقاد الذي يوجد عند مجموعة من الناس، التي تربط ربطا عضويا-عن جهل طبعا- بين الفلسفة و الإلحاد و الماركسية و الشيوعية و فكر لينين و ترو تسكي و غيرهم…و حجتهم في المطاردة و المضايقة، أن البلد إسلامي ومذهبه مالكي أشعري وسلفي…وان الفلسفة هي عدوة الأديان..

و في إطار محاربة الفكر الفلسفي لجأت الوزارة إلى تقليص ساعات التدريس في كل الشعب الأدبية و العلمية..و الى دمج الفلسفة التي كانت مستقلة عن الفكر الإسلامي إلى دمجهما معا،و بدون التمييز بينهما. ثم الاستغناء عن الدرس الفلسفي الحقيقي، بتدريس نصوص مبتورة من هنا و هناك …و لعل هذا كان له غرض في نفس يعقوب.

و أصبحت الفلسفة الآن تدرس في غياب الروح الفلسفية كما أرساها المفكر المغربي و العالمي الدكتور عابد الجابري و الأستاذ احمد السطاتي و الأستاذ محمد العمري، في كتابهم المعروف(دروس في الفلسفة) و الكتاب الآخر المرافق له( دروس في الفكر الإسلامي).

و الكتاب الذي أنجزوه، و يعتبر مرجعا و كتابا مدرسيا في الوقت نفسه.كان يجعل التلميذ في الباكلوريا يعرف و يتعرف على كل أصناف التفكير الإنساني ابتداء من التفكير السحري إلى التفكير العلمي،و التعرف على كل المدارس الفلسفية التقليدية و الحديثة و المعاصرة، و أصناف العلوم و اشكالياتها الابستمولوجية،مرورا إلى الايديولجيات…  وغيرها من المواضيع التي تجعل المتعلم في وضعية المتلقي الفاحص و المنتقد لما يقدم له…و الناقد المشاغب الفضولي الباحث بنهم عن المعرفة المنطقية.

ما تعرضت له المدرسة هو شطط في استعمال السلطة. و يحيلنا هذا الفعل غير المسبوق، إلى محاكم  التفتيش في القرون الوسطى.فهو تعدي على مواطنة  لها الحق أن تكون لها كتابات شخصية و ذاتية.و لم تلزم أحدا بقراءة ما تكتبه ،ولا احد له الوصاية عليها آو على التلميذ،في ما يجب أن تكتب و ما لا يجب أن تقرا . و لا لأحد الحق في التدخل و الإملاء في ما يجب أن يفكر فيه. فالله سبحانه خلق التنوع في البشر.و خلق لكل إنسان عقلا في رأسه(ليعرف خلاصه).ولم يخلق لكل البشر عقلا واحدا أو موحدا.

الإنسان خلقه الله ليعمر و يبني ،وهذا ما يميزا لاختلاف بين الخلق الإلهي و الخلق البشري.

الله يسبحانه خلق الجن و الإنس،و الملائكة و الشياطين.

و القران يبين أن الشيطان عصى الأمر الإلهي،ومع ذلك أمهله إلى يوم يبعثون.و الشيطان الآن، و كان و لازال ،يتمتع بكل حريته المطلقة، في الإغواء و التحريض و كل الأعمال الشيطانية…فكيف لإنسان عادي أن يصادر حق الآخرين في التفكير؟ و الحق في قطع رزقهم؟ و الحق في وجودهم؟؟

أبلغت الفلسفة مرحلة استفزاز العقول المتحجرة و المتعصبة؟ و التي ترى في الحرية الفكرية خطرا على المستمع و على طالب العلم؟؟؟

 من يحمي التلاميذ و الإنسان المغربي بصفة عامة من المسلسلات المنحرفة التركية و المكسيكية و البرازيلية و الأفلام الأمريكية التي تروجها قنواتنا التلفزية و القنوات المرقمة؟من يحمي الإنسان من الأفلام  المغربية التي لا تخلو بعض لقطاتها من الإباحية؟ من يحميه من دور الدعارة و المواخير و دور القمار و النوادي الليلية و الخمارات وغيرها.؟

هل نمارس وصاية على عقول التلاميذ؟هل نحن من ندلهم على الطريق؟الم يصل سيدنا إبراهيم إلى طريق الله بدون مساعدة؟

لو كانت الوصاية و الحجر على التفكير له النفع لخلت الحانات من مريديها و دور القمار و غيرها؟فمنذ البعثة المحمدية و المسجد يقوم بالدعوة إلى الآن ،فهل صنع يوما من الأيام مجتمعا صالحا؟و فاضلا؟و متخلقا كما يدعو القران إلى ذلك؟

لا حق لأحد في ممارسة الوصاية على التلميذ في مرحلة الشباب.و كما كنا سابقا إن التلميذ في مرحلة النضج العقلي(التفكير الصوري المجرد)و في مرحلة بناء الشخصية و تبلورها،ومعرض على جميع التيارات السلبية و الايجابية،و ملزم أن يمر بكل الطرق ،حتى يكتشف طريقه الخاص به.

ماذا تقول الوزارة و المجتمع في الدكتور الطبيب المرحوم مصطفى محمود الذي بدا حياته كملحد منكر للأديان..و لكنه اهتدى إلى طريق الله بفكره و ليس بنصائح الناس و الدروس الدينية.و أصبح من الداعين باستخدام المنهج العلمي التجريبي و العقلي، إلى الخالق عز و جل. مستخدما الإقناع العلمي و العقلي  وليس الخطابي العاطفي المستخدم للمؤثرات الصوتية.

الم يعلم هؤلاء المتعصبون أن من  يهدي إلى الله تعالى، هو الله نفسه(إن الله يهدي من يشاء).و الله هو صاحب الملك يتصرف في ملكه كما يريد؟ فمن أعطانا الحق في التصرف في أرزاق الآخرين و التصرف في فكرهم و أفكارهم؟؟من نحن حتى نحاسب الناس في فكرهم و نقطع أرزاقهم؟

إذا كان الأمر كما تريدون أيها المسؤولون ،فاغلقوا شعب الفلسفة،و احرقوا الكنب الفلسفية،و اسجنوا كل مدرسي الفلسفة.و امنعوا الهواء عن العقول..لتصنعوا مجتمعا صالحا خال من الأفعال و الأفكار(الهدامة في نظركم طبعا)؟

.ماذا فعلتم مع الأفلام الإباحية و الأفلام الخليعة التي تمر في بيوتكم و دور القمار المنتشرة هنا و هناك وغيرها؟؟؟هل  بإغلاق باب التفكير،تصنعون مجتمعا فاضلا صالحا  طاهرا؟

هل بإمكانكم التصرف و التحكم في أبواب الرحمة الإلهية؟

إنها دعوة الى كل الإخوان و الأخوات مدرسي الفلسفة و جمعيتهم المناضلة(جمعية مدرسي الفلسفة) إلى الوقوف مع أستاذة مادة الفلسفة ودعمها مناصرتها و الدفاع عن حرية الفكر  كحق من الله إلى عباده: والى جمعيات حقوق الإنسان المغربية أن تسمع صوتها في الموضوع:و أن لا تبقى متفرجة أمام ما يحدث.

فهل نريد أن تكون المدرسة للوطن فكرا داعشيا يؤمن بالطريق الواحد.ومن اخذ الطريق الآخر أو اختلف معه، يقطع رأسه من الوريد إلى الوريد،و ينحر كما تنحر الشاة،؟ و تؤكل كبده أمام العالم؟ أهذا ما تريد وزارة التربية الوطنية  صناعته من عقول بشرية؟؟

انجاز:صايم نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. philo.
    20/01/2015 at 19:13

    ان الفلسفة كفكر حر متحرر، تلتقي عنده جميع الافكار وتنطلق منه جميع الرؤى، يعتمد في تناوله وتحليله للظواهر الاجتماعية و العلاقات الانسانية مناهج عقلانية صرفة ومقاربات علمية منطقية منأجل تحرير العقل والفكر البشري وبالتالي بناء مجتمع مدني متجانس، ولكن هذا بالنسبة لاوروبا والشعوب المتحضرة التي تمجد العقل و اامنطق أما الالفلسفة وا الفكر الفلسفي في الرول العربية معناه الكفر والالحاد وتحرير الفكر وتنوير العقل وتحريض الشعوب على الثورة ضد الانظمة المستبدة وحكامها وبالتالي يجب محاربة الفلسفة و التصدي لاساتذتها وقمعهم بكل الوسائل

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *