Home»Débats»فلتشنقوا المدرس، وترحمونا من افتراءاتكم ومغالطاتكم !

فلتشنقوا المدرس، وترحمونا من افتراءاتكم ومغالطاتكم !

0
Shares
PinterestGoogle+
 

منذ فجر الاستقلال والمغرب يتلمس الطريق بحثا عن مخرج من دائرة التخلف،  وتجاوز ما تراكم من اختلالات عميقة، جراء إسناد المسؤوليات لغير أصحابها وسوء التدبير وتفشي أشكال الفساد، ويتصدر قائمة انشغالاته بعد قضية الوحدة الترابية، التراجع الرهيب للمنظومة التعليمية، التي لم يعد يخلو خطاب ملكي من التنبيه إلى ما بلغته من إفلاس، يتهدد مصير البلاد ومستقبل العباد، حيث تعددت التشخيصات، توالت الوصفات، تضاعفت الجهود وأنفقت ميزانيات مالية ضخمة بدون فائدة.
وبما أن الحكومات المتعاقبة، أخفقت جميعها في إيجاد حلول ملائمة للمشاكل المتعددة والمطروحة بحدة، لم تجد حكومة السيد بنكيران من مشجب لضعفها سوى المدرس، ما يذكرنا بالحكاية الشهيرة « طاحت الصمعة، علقو لحجام »، ويتجلى ذلك بوضوح تام من خلال إصرارها على التقليل من شأنه، عبر من أسندت إليهم مسؤولية إدارة الشأن التعليمي في نسختيها الأولى والثانية. وإذا كان السيد محمد الوفا سبق له الإقدام على مجموعة من الخرجات الإعلامية للتضييق على نساء ورجال التعليم، كتلك التي عمد فيها إلى نشر أعداد الرخص الطبية المدلى بها من قبلهم، لتحميلهم أمام الرأي العام مسؤولية ما آل إليه مستوى التحصيل لدى المتعلمين من تدن، فقد جاء السيد رشيد بلمختار مستكملا ما بدأه سلفه، عندما قرر حرمان العاملين بالقطاع من متابعة دراساتهم العليا، تحت ذريعة التأثير السلبي لتغيبات المستفيدين من الترخيص على أداء تلاميذهم، ولم يقف عند هذا الحد في حربه المعلنة ضد هيئة التدريس، بل زاد بإصدار بلاغ آخر مستعينا في ذلك بوسائل إعلام، حولها إلى طبول تنذر بالويل والثبور…
وهكذا أوردت القناة الثانية 2M على لسان مذيعتها الرئيسة، في إحدى نشرات الظهيرة الإخبارية، التي تحظى بنسبة متابعة عالية في الداخل والخارج، بأن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، قررت بشكل قاطع منع تنظيم المدرسين دروس خصوصية مؤدى عنها لفائدة تلامذتهم، وفي المقابل تدعو هيئة التدريس إلى تكريس الجهود من أجل الرفع من مستوى المتعلمين في إطار الحصص القانونية، ومواكبة المتعثرين منهم خلال دروس الدعم الرسمية. ما يفيد بالفصيح الصريح، أن ليس لتعليمنا من مصيبة أكثر من إصابته بورم سرطاني يدعى « الساعات الخصوصية ». ونعم الاكتشاف المبهر !
إن ما يكشف قصور الحكومة، وعجزها البين عن وضع تصور شامل للتعاطي مع ملف التعليم، وابتكار وسائل جديرة بتدارك النقائص الحاصلة، هو عودة السيد الوزير بنوع من التهديد والوعيد واستعمال الأبواق، إلى إشهار مذكرة صيغت منذ عقود حول محاربة إعطاء المدرسين لتلامذتهم دروسا إضافية بمقابل مادي، وظلت حبيسة الرفوف دون تفعيل، ما أثار سلسلة من ردود الفعل المتباينة بين المدرسين والأسر، التي أبدت ارتياحا واسعا دون استيعاب فحوى المذكرة وأهدافها. أما كان حريا به البحث عن أسباب تنامي الظاهرة؟ ثم ألا تعتبر هذه الدروس وجها آخر لفشل المنظومة التعليمية؟
لقد كان من الممكن أن يبدو قرار سيادته صائبا، لو أنه اعتمد على القنوات الإدارية المعهودة، دونما عجرفة وصخب وتأليب الرأي العام ضد المدرسين. وليست وحدها الأسر المتضررة من انخراط أبنائها قسرا في دروس إضافية، ينظمها أساتذتهم الأصليون سيما في التعليم الأساسي، التي استحسنت هذا الإجراء الذي يزيح عن كاهلها عبئا ماديا لا قبل لها به، فكل الشرفاء من هيئتي التدريس والإدارة، لم يتأخروا يوما في شجب الانحرافات المرصودة بأقلامهم وكافة الوسائل المتاحة، وفضح المسيئين إلى قدسية الرسالة التربوية المنوطة بهم على قلتهم……
نحن مع تحريك المتابعة الأدبية، ليس فقط ضد من يثبت في حقه تنظيم دروس إضافية بمقابل مادي لتلامذته، بل ضد كل المتهاونين في القيام بواجباتهم المهنية، ومع إبلاغ الدوائر المعنية عن كل مخالفة، تساعد في وضع حد للمشاكل القائمة وإيقاف النزيف المتواصل، بعيدا عن الوشايات الكاذبة أو تصفية الحسابات الضيقة، شريطة توفير آليات حديثة لمواكبة سير الدروس الرسمية بشكل سليم، مراقبة حصص الدعم التربوي المخصصة للمتعثرين، ومراجعة نصوص الفروض وطرق تنقيطها وتصحيحها، لتعميم الفائدة وضمان مبدأ تكافؤ الفرص. وأكيد أنه خارج ذوي النفوس العليلة، ليس هناك من يعترض على تخليق المنظومة التعليمية، وترسيخ ثقافة القيام بالواجب، بما يكفل حماية حقوق المتعلمين والحد من مظاهر الاستهتار المنافية للقيم الأخلاقية والقوانين الجارية. بيد أن ما يغيب عن أذهان المسؤولين، هو أن مثل هذه الحملات مجرد فرقعات إعلامية غير ذات جدوى، ولا تعمل سوى على توسيع الهوة بين الأسر والمدرسين، ما لم تتوفر إرادة سياسية حقيقية للقيام بإصلاحات جريئة، تعيد لمدرستنا العمومية قوة إشعاعها والثقة في خدماتها…
فلا يحق بهدلة المدرس، والنفخ ملء الأوداج في مشكل يهم فئة معزولة، في حين أن إصلاح التعليم، مسألة أعمق من أن يعالجها نشر مذكرة وزارية وإثارة موجة من السخط العابر. ذلك أن المهتمين بالشأن التربوي، يذكرون جيدا ما أحدثه تقرير المجلس الأعلى للتعليم، من هزة قوية في أروقة الوزارة الوصية سنة2008 ، وما تلاها من مخطط استعجالي للرفع من وتيرة الإصلاح، قبل متم عشرية الميثاق الوطني، الذي أخطأ مواعيد تنفيذ دعاماته الأساسية. لكن الوزير آنذاك السيد: محمد الوفا كان له رأي آخر، حين بادر إلى نسفه بجرة قلم، ما أثار غضب ملك البلاد محمد السادس وتوجيه انتقادات شديدة اللهجة للحكومة، إثر إخفاقها في استثمار التراكمات الإيجابية لسابقاتها. وليفكر السيد بلمختار عميقا، في إجراءات جذرية بخصوص الساعات الخصوصية وفق ما يخدم الصالح العام، وسيجد المدرسين يقفون بجانبه وقفة رجل واحد كما هي عادتهم، كلما دعا الواجب الوطني إلى ذلك، منذ امتثالهم لنداء القيام بثلاث ساعات تضامنية بالمجان إلى اليوم، على ألا يتم تحويلهم إلى أكباش فداء أمام أي تعثر أو إخفاق..
لنكن واقعيين، ونعود إلى الكم الهائل من التقارير الوطنية والأجنبية، التي ما برحت تنذر بهشاشة الأوضاع التعليمية المزرية، انطلاقا من عدة مؤشرات: الهدر المدرسي المتزايد بأعداد مخيفة، حتى دون بلوغ سن الخامسة عشرة، ضعف التعلمات في اللغات والكفايات الأساسية كالقراءة والكتابة… فمن المسؤول عن تراجع مستوى تلامذتنا؟ أهي الساعات الإضافية المخدومة، أم غياب الوسائل التعليمية والديداكتيكية، أم اهتراء البنيات التحتية، أم تنافر برامج ومناهج التدريس مع واقع المتعلمين، أم نقص الموارد البشرية وغياب المراقبة التربوية نتيجة المغادرة الطوعية، أم تقليص عدد الحصص الأسبوعية وحذف التفويج في المواد العلمية واللغات الأجنبية…؟ ثم بالله عليكم كيف للمدرس، الارتقاء بأداء تلامذته ودعم المتعثرين منهم، أمام انتفاء الشروط التربوية وسط فصول مشتركة وأخرى مكتظة عن آخرها؟
فمنظومتنا التعليمية قضية مجتمعية، تشكل ركيزة أساسية في سلم التنمية البشرية الشاملة، لذلك نحن مطالبون برسم استراتيجية واضحة ومتكاملة، تتبلور بموجبها أسس مدرسة قوية، تعمل على تلبية حاجيات الأفراد والمجتمع، التجاوب مع محيطها، والإسهام في خلق مواطن صالح قادر على تحقيق المشروع التنموي المنشود وبإمكانه بسط أسباب العيش الكريم والأمن والاستقرار…
اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. Acteur pédagogique
    23/12/2014 at 13:38

    « ليس لتعليمنا من مصيبة أكثر من إصابته بورم سرطاني يدعى “الساعات الخصوصية”. ونعم الاكتشاف المبهر ! »
    صحيح نماما. فرغم تعدد إشكالات تعليمنا، تبقى المصيبة الأكبر هي سرطان الساعات الإضافية الذي ينخر الجسم التربوي للمغرب والمرتبط وجوده في الأصل بمسألة المراقبة المستمرة. إلا أن الاستهزاء بموقف الوزارة في الشأن هو في ما أرى في غير محله بالمطلق. ذلك أن الجديد هو جرأة الوزارة ونحملها مسئوليتها في الإقرار بالواقع كما هو ومواجته في إطار القانون وبخلفية إدراك المصلحة العامة. ولو قام الوزراء السابقون باللازم لما وصلت المسألة إلى الوضع الكارثي التي هي عليه. وللتوضيح، أقول لست ضد الأستاذ مبدئيا، ولا يمكنني أن أكون كذلك ما دمت رجل تعليم. لكني وفي الآن ذاته لن أقف بجانبه وأنصره لما يكون ظالما ويتصرف ضد مصلحة تلامذته المغلوب على أمرهم
    مع التحية وبدون ضغينة

  2. abdellah
    25/12/2014 at 13:24

    السلام وعليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
    اولا المنظومة التعليمية نسق متكامل تتدخل فيها مجموعة من الاطراف المعلم،البيت،الوسط المحيط بالطفل،لهذا يجب ان لا نلوم الاستاذ وحده،ولاننسى ان هناك الكثير من الاساتذة الذين يقومون بواجبهم كاملا،فهم بدورهم اباء وامهات٠
    ثاني يجب ان لا ننسى ان هناك كثير من الاساتذة يعملون في القطاع الخاص ويضطرون الى اللجوء الى الساعات الاضافية لان الراتب الذي يعطى لهم اقل من الراتب الذي يعطى في المدارس العمومية٠ليس معنى هذا انهم يهملون واجبهم في القسم بالعكس،هناك اساتذة يقومون بواجبهم على اكمل وجه،ويصححون اخطاء غيرهم
    من الاساتذة،ويدعمون كذلك التلاميذ الذين لايتمكنون من الاستعاب في القسم لظروف صحية،او ضعف الاستعاب عند ذلك التلميذ،او المستوى المتاخر له عن اقرانه،الاكتضاظ الذي يحول دون استعاب هؤولاء التلاميذ٠
    اذن دروس الدعم ضرورة في بعض الحالات

  3. رجل تعليم يقر بجزء من مشسؤوليته عن ورطة التعليم
    25/12/2014 at 13:57

    كتب أحد الظرفاء من رجال التعليم مايلي وبالمناسبة أتفق معه وأنا رجل تعليمأيضا:
    رمي اللوم في تفشي الفواحش الكثيرة على الموظفين الصغار هو جبن ليس إلا ، تنمر ، وظلم . هل هذا يعني أننا نساء ورجال التعليم معفيون من المسؤولية . لا ، وألف لا ، ومليار لا أيضا . نحن مسؤولون عن نجاح أو فشل المنظومة التربوية على الأقل بنسبة أربعين بالمائة .
    – أين تكمن مسؤوليتنا ؟ – أين أخطأنا ؟ – وأين كنا أغبياء ؟
    عندما وجدنا التعليم حديقة من دون سياج لم نتوانى عن دوس الأزهار . وعندما وجدنا أمامنا أطفالا بدوا ، بأسر بعادات قديمة لم نتوانى عن فرض ضريبة البيض والخبز والزيت . وعندما وجدنا أن لا رقابة هناك حقا على أدائنا لم نتوانى أبدا في القيام بشكليات التعليم ، مذكرة يومية ، وجذاذات ، وتوازيع ، وخطط دعم لا نقوم به أبدا . لم تكن لدينا شجاعة الغوص في جوهر فعل التعليم فالغوص ناحية الجوهر متعب وشاق ، واكتفينا بجملتنا المشهورة :
    – واش فهمتو ؟
    واكتفينا بالرد الشهير :
    – نعم أستاذ فهمنا .
    طبعا ، مسؤوليتنا كبيرة وعظيمة وإذا أنزلتها على جبل لخر ساجد من عِظَم وهوْل ما اقترفته أيادينا الآثمة .
    ألديك أستاذتي الكريمة ، أستاذي الكريم شك أننا نتحمل جزء كبيرا من الانحطاط الفكري الذي ساد المجتمع كله وليس فقط قطاعنا المترهل .
    ألا تزال تعتقد نفسك قديسا وقديسة لأن نقابيا غبيا يقول لك أنك لا تتحمل المسؤولية بل يتحملها المسؤولون الكبار وأنهم يجدونك حائطا قصيرا فيحاولون تخطيك ، وأنه هناك كي يحفظ كرامتك ، وما إلى ذلك من كلام منمق معاد مكرر يدغدغ مشاعرك ويخدرها .
    أستاذي العزيز هل لا تزل تصدق البيت الشعري البليد ، أنك كدت أن تكون رسولا وبالتالي أنت تكاد أن تكون مقدسا .

  4. pere d éléve
    25/12/2014 at 23:49

    ne croyez vous pas que ce ces cours supplémentaires sont quand même bénéfiques aux élèves;par expérience je vois bcp d élèves ont décroché de bonnes moyennes et meme accéder a la faculté de médecine grâce a ces cours de soutien même s ils sont issus de classe moyenne .maintenant qu on va priver ces élèves de classe moyennes de ces heures supplémentaires ne voyez vous pas qu on a va avantager davantage ceux de classes aisées car ils étudient dans des écoles privés ou ils ont les moyens de donner des cours supplémentaires a domicile??????

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.