Home»Débats»الانتصار المؤقت…. قضية الصحراء في مفاوضات الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي

الانتصار المؤقت…. قضية الصحراء في مفاوضات الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي

0
Shares
PinterestGoogle+

الانتصار المؤقت….

قضية الصحراء في مفاوضات الصيد البحري مع الاتحاد الأوروبي

د.محمد بوبوش:باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي-جامعة محمد الخامس-الرباط

يرجع أول اتفاق للصيد البحري وقعه المغرب مع الاتحاد الأوربي إلى 1995، واعتبر آنذاك أهم اتفاق يوقعه الاتحاد الأوربي مع بلد أجنبي، واستمرت البواخر الأوربية تصطاد بالمياه المغربية إلى غاية 1999، عند انتهاء الفترة التي حددها الاتفاق. ولم يتوصل الطرفان إلى تجديد أو تمديد العمل بهذا الاتفاق، وظلت المفاوضات متواصلة إلى غاية 2007، إذ تم التوصل إلى اتفاق جديد، ودخل حيز التنفيذ في 28 فبراير 2007، وذلك لفترة تمتد على مدى أربع سنوات، وذلك إلى غاية 28 فبراير 2011.  وتقرر، مع انتهاء المدة،  تجديد الاتفاق ضمنيا لأربع سنوات إضافية، أي إلى غاية 2015. لكن دون التوصل إلى توافق بشأن البروتوكول المصاحب للاتفاق، الذي تم تجديده.  وتجدر الإشارة إلى أن الاتفاق الأول كان مصحوبا ببرتوكول يحدد مجموعة من الالتزامات بين الطرفين، منها عدد البواخر المسموح لها بالصيد في المياه المغربية، إذ يتيح لـ 119 باخرة أوربية بالصيد بالمياه الإقليمية المغربية. كما أن البروتوكول أقر للمغرب مقابلا ماليا في حدود 36.1 مليون أورو، منها 13.5 مليون أورو خصصت لدعم سياسة الصيد البحري بالمغرب. وبما أن هذا الاتفاق كان مقرونا باتفاق الصيد الذي وقعه المغرب مع الاتحاد الأوربي، خلال 2007، فإنه وصل، بدوره إلى نهايته، في 27 فبراير 2011. وتم التوصل إلى اتفاق، خلال فبراير من السنة نفسها، لتمديد سريان هذا البروتوكول لسنة إضافية بالشروط نفسها، واستمر العمل به إلى غاية دجنبر 2011، إذ رفض البرلمان الأوربي المصادقة على البروتوكول  .

وبادرت السلطات المغربية، ممثلة في وزارة الفلاحة والصيد البحري، إلى مطالبة الأسطول الأوربي بمغادرة المياه المغربية بعد رفض البرلمان الأوربي.

وكانت إسبانيا الأكثر تضررا من قرار البرلمان الأوربي، إذ أن البواخر الإسبانية تمثل حوالي 90 في المائة من العدد الإجمالي للبواخر الأوربية التي يخول لها الاتفاق الصيد بالمغرب. وظلت إسبانيا تضغط على الاتحاد الأوربي من أجل تجديد الاتفاقية، كما تطالبه، في انتظار التوصل إلى اتفاق، بتعويض أرباب البواخر التي كانت تصطاد بالمياه المغربية. وبالفعل تمكن الصيادون الإسبان من الحصول على تعويضات من الاتحاد الأوربي.

بالموازاة مع ذلك، واصل الاتحاد الأوربي التفاوض مع المغرب من أجل التوصل إلى صيغة توافقية حول اتفاق جديد، واستمرت المفاوضات خمس جولات دون التوصل إلى أرضية مشتركة، وفي كل جلسة مفاوضات كان يتم تدليل بعض الصعوبات  بسبب تشدد الاتحاد في ملفات تمس السيادة المغربية، وتحديدا ملف الصحراء الغربية حيث قبل المغرب بأن تشمل الاتفاقية إشارة إلى حقوق الإنسان في منطقة الصحراء.إلى حين الجولة السادسة التي عقدت بالرباط  وتم التوصل خلالها إلى اتفاق وقعه من الجانب المغربي، عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، ومن الجانب الأوربي، ماريا دامانكي، المفوضة الأوربية في الصيد البحري يوم الأربعاء 24 يوليوز 2013  [1].

ويشمل البروتوكول الذي وقعه وزير الفلاحة والصيد البحرِي المغربي، عزيز أخنوش، ومفوضة الاتحاد الأوروبِي للشؤون البحرية والصيد، ماريا دمناكِي خمسَة مجالاتِ للصيد، وسمت بتراجعٍ مقارنة مع البروتوكول السابق، الذِي كانَ يفتحُ السواحل المغربية أمام 137 باخرةً، فيما لا يسمحُ الاتفاق الحالِي إلا بـ126 باخرة.

وحددت القيمة المالية السنوية للبروتوكول، فِي المجمل، بـ40 مليون أورُو، سيتمُّ تخصيص 14 مليون منها لمواصلة تنفيذ مخطط ‘آليوتيس′، لأجل تمكين المغرب من تطوير قطاع الصيد، وَمراعاةِ لإحداث تنمية مستديمة. وأبدَى وزير الفلاحة والصيد البحرِي المغربي ترحيبه ببلوغ مرحلة التفاهم مع الجانب الأوروبِي، بعد طول مباحثاتٍ، وقال أن البروتوكول الذِي ينتظر الضوء الأخضر من البرلمان الأوروبِي، يشكلُ حلقةً من حلقاتِ التعاون المثمر بين المغربِي والاتحاد.[2] وتأخر توقيع الاتفاقية بسبب اعتراضات نواب بالبرلمان الأوروبي على شمول الاتفاقية للمياه الإقليمية المغربية المواجهة للصحراء الغربية باعتبارها مناطق متنازع عليها مع جبهة البوليساريو وبعد مفاوضات تم الاتفاق في البروتوكول السابق على تخصيص العائدات المالية للتنمية في المنطقة. إلا أن البرلمانيين المعترضين طالبوا فيما بعد بإشراف الاتحاد على صرف هذه العائدات.
وحذرت جبهة البوليساريو من إقدام الاتحاد الأوروبي على توقيع الاتفاقيات الجديدة دون استثناء واضح للمياه الإقليمية الصحراوية منها، لان ذلك بالنسبة لها ‘يشكل ‘تناقضا صارخا’ مع القانون الدولي والأخلاق، ومناف لاحترام حقوق الإنسان في الصحراء الغربية.
واعتبرت وكالة الأنباء التابع للجبهة عن مصدر في بروكسل ‘إن إقدام الحكومات الأوروبية على المصادقة على هكذا اتفاقيات دون مراعاة الحقوق المشروعة للصحراويين، يشكل ‘توريطا’ جديدا لأوروبا في نهب الثروات الطبيعية في إقليم ما زال مشمولا برعاية ومسؤولية الأمم المتحدة’.
وبعث محمد عبد العزيز الأمين العام لجبهة البوليساريو في وقت سابق، رسالة لمفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، إزاء ‘مخاطر’ عدم التنصيص على استثناء الصحراء الغربية في أية اتفاق للصيد مع المغرب، معتبرا مثل ذلك ‘مكافأة للمغرب على انتهاكاته المتواصلة لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية’.
وأشارت الرسالة، إلى أن هذه الخطوة قد تترتب عليها ‘تداعيات وخيمة’ على القضية الصحراوية والجهود الأممية المتواصلة والساعية إلى إيجاد حل سريع، عادل و دائم لإنهاء هذا الصراع الذي طال أمده.
واعتبر عبد العزيز أن الخطوة ستزيد من ‘زعزعة’ الوضع غير المستقر في المنطقة، و بالتالي تقويض جهود الأمم المتحدة التي تسعى إلى إيجاد حل للنزاع.
و ذكرت الرسالة بتصريح ممثل الحكومة الأمريكية فيما يتعلق باتفاق التجارة الحر مع المغرب في 20 تموز/ يوليو 2004، حيث قال ‘ بأن الولايات المتحدة و الكثير من الدول الأخرى لا تعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، وان اتفاقية التجارة الحرة ستشمل التجارة والاستثمار في الأقاليم المغربية المعترف بها دوليا، ولن تشمل الصحراء الغربية’.[3]

وقد وقع وزير الفلاحة والصيد البحري عزيز أخنوش ورئيس لجنة الممثلين الدائمين للدول الأعضاء في الاتحاد الأوربي  ونائب السفير الممثل الدائم لـ لتوانيا فانسيوناس أروناس، الاثنين 18 نوفمبر 2013، في بروكسيل، على البروتوكول الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوربي.ويدخل البروتوكول ، حيّز التنفيذ بمجرد الموافقة عليه من قبل البرلمانين المغربي والأوربي، وسيتم التصويت عليه في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في لجنة الصيد في البرلمان الأوربي في بروكسيل، ثم في جلسة عامة في كانون الأول/ديسمبر المقبل في ستراسبورغ.وفي انتظار التصويت النهائي في ستراسبورغ، فإن بروتوكول الصيد قطع شوطًا مهمًا، وصوتت لجنة الموازنات في البرلمان الأوربي في بروكسيل مؤخرًا على إبرام هذا الاتفاق. كما صوتت لجنة التنمية في البرلمان الأوربي أيضًا، مطلع الشهر الجاري، لصالح الموافقة عليه، مشيرةً إلى أنّه يُقدم تحسينات تستجيب بشكل كبير للمطالب التي عبر عنها البرلمان الأوربي في كانون الأول 2011.[4]

ومعلوم أن سلطة الحكومات الذاتية على مواردها الطبيعية واستغلالها تتفاوت بتفاوت طبيعة ونوعية الحكم الذاتي ودرجته التي تتمتع بها، ففي الحكومات الفيدرالية القوية نجد أنها تنزع إلى السيطرة على هذه الموارد واستغلالها، خصوصا في قطاع المناجم والمعادن، وتحظى كثير من الوحدات الذاتية بالسيطرة على مواردها الطبيعية، كإريتريا و »غرينلاند » نظرا لأهمية هذه الموارد الطبيعية في هذه الأخيرة، فقد تشكل مجلس مشترك بين حكومة الإقليم والحكومة الدانمركية للإشراف على هذه الموارد واستغلالها.

وفي حالة إقليم الصحراء، فإن للحكومة المركزية بالرباط الصلاحية المطلقة فيما يتعلق بحق إصدار التشريعات الأساسية الخاصة بحماية البيئة، والأخشاب، وكذلك تنظيمات البحرية والصيد، وسلطة ضبط المياه ومصادرها وتصريحات التجهيزات الكهربائية عندما تؤثر طاقتها في الأقاليم الأخرى، إضافة إلى الطاقة والمعادن، في حين أن سلطة الحكم الذاتي للصحراء تحتفظ بمسؤولية عن الجبال والغابات والزراعة والصيد في المياه الداخلية ومصادر المياه الداخلية وقنوات الري وإنتاج وتوزيع ونقل الطاقة الداخلية، طالما ظلت هذه المسؤولية في الحدود التي لا تمس الأقاليم الأخرى، ويحتفظ إقليم الصحراء كذلك بمراقبة التخطيط المديني، والأشغال العامة، وبناء الطرق في الإقليم.

صادق البرلمان الأوروبي بالإيجاب، في جلسة عامة،   الثلاثاء 10 دجنبر 2013، بستراسبورغ، على البروتوكول الجديد لاتفاقية الصيد البحري بينالمغرب والاتحاد الأوروبي والمجمد منذ أكثر من عامين بسبب خلافات بين المغرب والاتحاد حول وضعية المياه الإقليمية المواجهة للصحراء الغربية المتنازع عليها بين المغرب وجبهة البوليساريو.

واعتبر المغرب الاتفاق انتصارا كبيرا له وهزيمة لأنصار جبهة البوليساريو المدعومة من الجزائر وخصومه الذين حاولوا استثناء المياه المقابلة للصحراء من الاتفاقية رغم حرص الأوروبيين على التنصيص بالاتفاقية على تخصيص جزء من عائدات الاتفاقية لهذه المناطق وربطها بحقوق الإنسان.
وحصل الاتفاق على أصوات 310 من أعضاء البرلمان الأوروبي ورفضه 204 برلمانيين وامتنع عن التصويت 49 لينهي بذلك أشواطا صعبة من المفاوضات دامت سنتين على ست جولات من النقاش، لعبت أطراف عديدة وظروف ضاغطة على كل هذه الأطراف للمصادقة عليه أو رفضه.
وقال بيان لوزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية إن الاتفاقية ضمنت احترام ثلاثة مبادئ كبرى: الاستغلال المستدام للموارد البحرية، تحديد المقابل المالي بالاعتماد على إمكانيات الصيد المتاحة وتعزيز الحكامة في مجال استعمال الموارد المالية المندرجة ضمن الدعم المالي الأوروبي لسياسة الصيد البحري للمغرب.

ويتضمن الاتفاق التتبع المنتظم للكميات التي سيتم اصطيادها من طرف السفن الصيد الأوروبية لتقييم الأثر على الموارد، بالإضافة لتعزيز إجراءات مراقبة الأسطول الأوربي المرخص له وخاصة عبر التبادل الإلكتروني للمعلومات المتعلقة بأنشطة الصيد بالمياه الإقليمية وذلك مقابل مالي يبلغ 40 مليون يورو سنويا ضمنها 30 مليونا من ميزانية الاتحاد الأوروبي و10 ملايين يورو سيتحملها أرباب السفن لأداء الواجبات والرسوم المرتبطة بالرخص. وسيتم تخصيص 14 مليون يورو من المبلغ السنوي لمساهمة ميزانية الاتحاد الأوروبي لتنمية قطاع الصيد البحري ومواصلة تنزيل إستراتيجية أليوتيس. [5]

وضغطت اللوبيات الاسبانية من اجل توقيع الاتفاقية نظرا لاستفادة أسطول الصيد الاسباني بالدرجة الأول من هذه الاتفاقية منذ إلغاء البرلمان الأوروبي الاتفاقية السابقة يوم 14 كانون/ ديسمبر 2011 بعدما نجح اللوبي الموالي لجبهة البوليساريو في إقناع النواب بأن الاتفاقية غير قانونية لأسباب متعددة منها، النزاع القائم على سيادة مياه الصحراء والذي لم تحسم فيه الأمم المتحدة.

ومن المقرر أن يتم عرض الاتفاقية على وزراء الصيد البحري في الاتحاد الأوروبي للمصادقة عليها الأسبوع المقبل، كما يجب أن يصادق عليها البرلمان المغربي الأسبوع المقبل لتدخل حيز التنفيذ[6].

[1]- اتفاقيات الصيد البحري تتحول إلى مفاوضات سياسية،جريدة الصباح بتاريخ 05 غشت 2013.
[2]- توقيع اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، القدس العربي 24 يوليوز 2013.

[3]- محمد معروف بدء مناقشة مشروع اتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، القدس العربي 4 نونبر 2013
[4]- في انتظار التصويت عليه في 27 تشرين الثاني الجاري في بروكسيل التوقيع على البروتوكول الجديد للصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مصر اليوم، الاثنين, 18 تشرين2/نوفمبر 2013،
http://www.egypttoday.co.uk/main-1/20131118/173597.html
[5] البرلمان الأوروبي يصادق على اتفاق الصيد البحري مع المغرب،فرانس 24

http://www.france24.com/ar/20131210-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D9%8A-%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82-%D8%B5%D9%8A%D8%AF-%D8%A8%D8%AD%D8%B1%D9%8A
[6]- محمد معروف: لبرلمان الأوروبي يصادق على البروتوكول الجديد لاتفاقية الصيد البحري مع المغرب رغم اعتراض البوليساريو،القدس العربي 10 دجنبر 2013.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *