Home»Débats»مأساة فتاة قروية من ريف تاغجيرت تصير راعية غنم بعد حصولها على شهادة الدروس الابتدائية

مأساة فتاة قروية من ريف تاغجيرت تصير راعية غنم بعد حصولها على شهادة الدروس الابتدائية

1
Shares
PinterestGoogle+

   مأساة فتاة قروية من ريف تاغجيرت تصير راعية غنم بعد حصولها على شهادة الدروس الابتدائية

محمد شركي

 

اعتاد أخي الفاضل وزميلي في العمل الأستاذ السيد محمد عالم مفتش مادة اللغة الفرنسية بالتعليم الثانوي  بنيابة بركان على الاتصال بي هاتفيا كلما  علم بحكاية معاناة الناشئة المتمدرسة خصوصا في البوادي و الأرياف ، أو الناشئة المعرضة للضياع بسبب إجراءات  ناكبة عن سواء السبيل في مؤسستنا التربوية ، كما كان الشأن بالنسبة لبعض تلاميذ الثانوية التأهيلية بمؤسسة النهضة بأحفير ،والذين حكم عليهم بالفصل  ، وأعيدوا بعد جهد جهيد ، فنجحوا جميعا ، وفيهم من  نجح بامتياز كما أخبرني الأستاذ محمد عالم ، وكان ذلك تبكيتا للجهات التي تعنتت  بخصوص إرجاعهم ، كما كانت نجاحا لسعي الجهات التي  راهنت على ناشئتنا التي هي  ضحية منظومتنا المختلة لأكثر من سبب .  وزوال اليوم اتصل بي  الأخ الأستاذ السيد محمد عالم ليقص علي حكاية فتاة قروية من ريف تاغجيرت بضواحي مدينة أحفير ،والتي  أنفقت من عمر زهورها ست سنوات لتحصل على شهادة نهاية الدروس الابتدائية بتضحيات جسام حيث كانت تقطع ما يزيد عن 12 كلم يوميا مشيا على الأقدام بين مسكنها والمدرسة وفي ظروف الشتاء بوحله وأمطاره  وزمهريره ، والصيف بقيظه  وسمومه ، ولما  نالت الشهادة التي تخول لها الانتساب إلى إعدادية أغبال ، فوجئت بعدم حصولها على منحة أو  سرير بداخلية هذه المؤسسة المحدودة الطاقة ،والتي لم تستطع أن تستوعب أكثر من 40 فتاة قروية ، وهي داخلية عانى من أجل  خلقها سكان ريف أحفير الويلات لمواجهة الأمية التي تهدد بناتهم  ، وكانت نتيجة جهود أهل الخير جزاهم الله كل خير.

ومع أن النيابة الإقليمية بمدينة بركان لم تدخر جهدا في  تحقيق تمدرس الفتيات القرويات حيث تم توزيع الدرجات الهوائية على فئة لا تفصلها مسافات بعيدة عن الإعدادية ، كما تم إيواء اللواتي يسكن بعيدا عنها إلا أن الطاقة الاستيعابية لداخلية المؤسسة  لا يمكنها أن  تغطي حاجيات الساكنة القروية كلها. ومعلوم أن الثقافة القروية في هذه المنطقة تتحرج من إرسال الفتيات بعد حصولهن على شهادة نهاية الدروس الابتدائية إلى المؤسسات الإعدادية خوفا عليهن ، لهذا  يتردد الآباء والأولياء في إرسال بناتهم إلى داخلية مؤسسة الركادة أو داخليات مؤسسات مدينة بركان ، وهو ما يجعل مصير  هؤلاء الفتيات القرويات الانقطاع عن الدراسة والاشتغال  بأعمال الريف بما في ذلك الرعي . والفتاة التي أخبرني بحكايتها الأستاذ الفاضل السيد محمد عالم  اضطرت للانقطاع عن الدراسة خلال الموسم الدراسي الفارط لأنها لم تجد سريرا بداخلية مؤسسة أغبال ، ولا هي استفادت من منحة دراسية ، كما أن والدها القروي لم يسمح لها بالانتقال إلى داخلية مؤسسة الركادة ، فكان مصيرها  هو  الاشتغال بالرعي بعد 6 سنوات من التمدرس. ولقد اخترت الكتابة عن هذه الفتاة الضحية لأنها نموذج عشرات ومئات وآلاف الفتيات القرويات ومنذ استقلال المغرب  اللواتي  حرمن التعلم بسبب ظروف الدراسة ، وبسبب  ثقافة  سكان الأرياف  ولهم عذرهم  في ذلك  لظروفهم القاهرة  التي تجعلهم يتحملون كل أنواع الشقاء ،ولا يطيقون أن تمس كرامة بناتهم  وهن شرفهم وأغلى ما يملكون في حياتهم .

فعلى الذين يقيمون الدنيا ولا يقعدونها بسبب ما تعاني منه الفتاة المغربية القروية  بعد ضياع فرص تعلمها أن  يتدخلوا الآن من أجل إنقاذ هذه الفتاة وقريناتها  بإجراء بسيط هو  تمكينها من منحة دراسية أو هبة مالية تخول لها  سريرا بداخلية مؤسسة أغبال من أجل إنقاذها من مصير محتوم  وهو الرعي اليوم ومن حياة بئيسة في ريف  ظروفه لا ترحم غدا حين تبلغ سن الزواج . وعلى الجهات المسؤولة أن  تفكر في  إعادة تأهيل داخلية مؤسسة عبد الرحمان الداخل بمدينة أحفير لتستقبل التلاميذ الذكور ، وتخصص داخلية مؤسسة النهضة لاستقبال التلميذات  أو العكس  تشجيعا لأبناء وبنات الأرياف على الدراسة خصوصا وأن معظم الآباء في هذه الأرياف فقراء  وأجراء   يقل دخلهم اليوم عن 50 درهما أو يزيد قليلا . ونريد من مؤسسات المجتمع المدني ومن  أصحاب الأريحية أن  يبادروا إلى حل معضلة الفتيات القرويات المتمدرسات في ريف  مدينة أحفير وغيرها من أرياف هذا الوطن. وعلى الذين يصرفون المال العام على المهرجانات العابثة ويؤتونه السفهاء من  مطربي العبث  ، ومن المهرجين من داخل الوطن وخارجه أن يخجلوا من عبثهم   وتبذيرهم  للمال العام الذي تحتاجه الأمة من أجل إنقاذ الناشئة القروية والريفية من  مخالب الجهل والأمية . وعلى الذين يصرفون أموالهم على المشروبات الكحولية  والسجائر والمخدرات  والفساد الخلقي أن يخجلوا من أنفسهم  وفي الأمة فتيان وفتيات  في الأرياف لا يجدون سريرا بالداخليات  ولا يجدون منحا تمكنهم من وجبات يومية بسيطة لمواصلة دراستهم في ظروف صعبة . وعلى  أغنياء الأمة الذين  يبالغون في  دلال أبنائهم وبناتهم أن  يخصموا جزءا بسيطا من نفقات دلال أبنائهم  وبناتهم لفائدة أبناء وبنات الفقراء الذين قد يفتح الله تعالى عليهم فيصيرون بقدرته وهو القادر على كل شيء  أطرا عليا تنفع البلاد والعباد . هذه صرخة الأستاذ الفاضل محمد عالم  ترجمتها إلى هذا المقال المتواضع عسى  أن  تجد من يستجيب  لها بمجرد تعاطف ، أو بمجرد إبلاغها إلى أصحاب القلوب الرحيمة ، والضمائر الحية  ، وإلى المسؤولين عن ناشئة  الأرياف من  وزيرهم إلى أصغر مسؤول . فجزى الله صاحب هذه الصرخة الأبية الأستاذ الفاضل الأخ السيد محمد عالم  الذي ندب نفسه   لذلك ، والذي يبذل كل جهد من أجل  إعادة البسمة إلى شفاه البؤساء والبائسات من  أبناء هذا الوطن الغالي.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. حمادة حمادة
    01/09/2012 at 19:12

    و مابالك بالتي هي بالمدينة حصلت غلى معدل17.5 ولم تجد مكانها لا في الاقسام التحضيرية ولا في كلية الطب ولا ولا قي بقية المعاهد العليا الاخرى والان هي طريحة الفراش تنتظر السنة القادمة لعلها تجد ضالتها في هذه المعاهد ..نشكوا الله ظلم وتقصير مسؤولينا على هذه الاوضاع التعليمية المزرية ببلادنا

  2. Mhammed Alem
    02/09/2012 at 01:54

    Merci Si Chergui ; toujours égal à toi-même, toujours présent quand il s’agit d’agir, par l’acte et par la voix porteuse quand bien d’autres malheureusement font la gloire « du silence citoyennement national » par rapport aux « otages » -tous azimuths- statistiquement innombrables quand ils se font vociférants lors des mises en vitrines…
    Merci au nom de cette fillette qui pour moi est la mienne, merci au nom des jeunes « expulsés » en qui on a juste cru à un moment où elles/ils se sont vus jeter à un âge où -nous le savons tous pour l’avoir vécu- ils avaient besoin de sens, d’appui, de repères (…)juste besoin que quelqu’un croit en leur compétences, en leur intelligence, en leur volonté… et qui ont relevé le défi et ont « réusi à tous réussir » cette épreuve (et pour certains avec mention). Belle leçon, pas seulement aux « professionnels » mais à tout le système supposé socialisant…
    Je continue à être fier de ta fraternité pour tout le temps qu’elle a duré, pour les bases qu’elle a su se donner et essentiellement pour pouvoir au-delà de toutes divergences être à même de ne pas perdre le cap.
    A une prochaine « action » porteuse, mon frère.
    Merci à Oujda City pour se faire levier au service des idéaux qui l’animent

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *