Home»Débats»الرجل المناسب في المكان المناسب

الرجل المناسب في المكان المناسب

0
Shares
PinterestGoogle+
 

إعداد: صايم نور الدين

هل يعتبر نشر الغسيل الوسخ أمام أنظار القراء. على مختلف مشاربهم و انتماءاتهم حقا أم واجبا أم عملا محرما؟؟

هل من حق المواطن القارئ أن يعرف ما يدور وراء أسوار المدرسة ؟ أم يجب أن نمارس عليه التعتيم الإعلامي على مؤسسة تشاركية بين الدولة و المجتمع؟

حتى العلاج النفسي الذي يقوم الطبيب النفساني إزاء مريضه ، هو محاولة جعله يعي و يعرف نوع  المرض الذي يشكو منه. لأن الطريق إلى العلاج السريع يبدأ من مرحلة معرفة المريض لنوع مرضه ، و محاولة تقبله و التكيف معه، و قبول العلاج،خاصة إذا كان العلاج من النوع الطويل المدى.

1- هل نشر الغسيل الوسخ حق ؟

إنه حق علي، و حق لك . حق علي أن أبلغ بمنكر أريد تغييره ولو بالقلم ،و حق لك الاستماع إلي ما  دام يتعلق بمصيره أمة (ناشئتها) و مستقبل جيل بكامله. فمن مسؤوليتنا نحن الكبار توفير المناخ الصحي  و السليم لناشئتنا كي تتعلم   الأنا ، و فهم الأخر ، و التعايش مع الآخرين . و الاعتراف بالاختلاف.

إننا نهدف إلى تكوين المواطن و الإنسان . المواطن المنفتح بعقله و مشاعره و أحاسيسه و ميوله على الآخرين من بني جنسه من البشر .إني أمارس حقا من حقوقي في التعبير و التفكير . ثم إن الشفافية تقتضي أن نعيش في بيت زجاجي، لا مكان فيه للاختباء . فلا أن يعرف الناس ما هي العراقيل و المشاكل و الاحباطات ؟

و ما هي نقط الضعف و نقط القوة في هذه المؤسسة أو تلك؟ و مادا يجري وراء أسوارها من أمور طبيعية سليمة، و أمور غير طبيعية و مرضية ؟؟

إذن من حقي أن أبلغكم باسم الحرية في التعبير و التفكير عن أشياء غير صالحة يجب أن تصل ، و أمور معوجة يجب أن تستقيم.

إن النقد الممارس هنا لا يدور في حلقة مفرغة، أي نقد من أجل النقد ، بل النقد من أجل الوصول إلى التقويم (تقويم الاعوجاج).

ففي كثير من الأحيان ننظر إلى عيوب الآخرين، و ننسى عيوبنا كما يفعل الجمل ينظر ألى سنام أخيه ليعيبه.

2-نشر الغسيل واجب

إذا كان نشر الغسيل المتسخ حق باسم حرية التعبير، فهو واجب  باسم النصيحة ، و هي الرسالة التي يحملها على عاتقه كل مسلم و مسلمة إزاء أخيه أو أخته المسلم أو المسلمة. انطلاقا من المبدأ  » الدين نصيحة » أو « من رأى منكم منكرا فليغيره » و أدوات التغيير متنوعة و لها مستويات . فمن واجبك أن تعرف ما يدور في محيط في جزئياته و كلياته و لا نقول  » إن السنة حسنة، و المجهودات جبارة ، و النتائج جيدة و الحمد لله »

إننا نريد أن نمارس دور النعامة عندما نرى الخطر (كما يقول المثل) إن عمل كل إنسان لا يطبعه الكمال ، لهذا دعت الضرورة أن نسعى إلى التكامل لا إلى الكمال .نحتاج أن نعيش مع الجماعة ، و في جماعة، و مع الجماعات الأخرى القريبة أو البعيدة ، التي تربطنا معها روابط الدم أو القرابة أو الجغرافية أو الدين، أو الجنس البشري. في الوقت الحاضر، يعتبر العمل الانفرادي مذموما، بل يحتاج المجتمع إلى تبني سيكولوجية الفريق أو دينامية الجماعات و الجماعة. بحيث إن بلوغ الأهداف يقتضي وسائل ، ووقتا للانجاز، و طرقا في العمل،و عمالا يؤمنون بقيمة عملهم، و علاقات إيجابية بين العمال و قائد الفريق ، و ظروفا مادية و نفسية ملائمة، بهذا نصل إلى العمل الناجح . إن العمل الناجح يقتضي كذلك إعادة النظر في كل مكون من مكوناته، أي ممارسة الفيدباك أو التغذية الراجعة، أو ما نسميه في لغة التربية التقليدية « المراجعة ». إلا أن المراجعة في التربية التقليدية تتموقع في آخر المرحلة، أي لها زمن منفصل عن العمليات البيداغوجية الأخرى (تقديم،عرض،استنتاج،مراجعة) أما في لغة التربية الحديثة و المعاصرة فيطلق عليها اسم « الفيدباك » و هو ملازم لكل عملية إنجازية ، و لكل مكون من مكوناتها. فالفيدباك موجود في الأهداف، و المحتويات و الطرق و الوسائل و التقويم. فهو عملية تصحيحية للاعوجاج الذي يحدث في أي مكون .

إضافة إلى ذلك إن سيكولوجية الفريق، أو دينامية الجماعة ة الجماعات، تؤمن بتوزيع الأدوار و المهام ، و معرفة الأهداف (لماذا نقوم بهذا العمل) و ما هي الوسائل و الأدوات ؟ و ما هي الطرق؟ و ما هي المدة الزمنية للانجاز ؟

إذن، إذا كان مدير المؤسسة التربوية يؤمن بسيكولوجية الفريق، فهو قائد وواحد من الجماعة في نفس الوقت ، بحيث لا يمارس مهمة الإشراف بل مهمة العمل مع الفريق و تسند له أدوار كذلك ، إذن الجماعة الديمقراطية تعتمد على مبدأ التناوب على القيادة و المسؤولية.

3-نشر الغسيل محرم القيام به

إذا آمنا بهذه الفكرة ، فنحن نحمل عقدة النقص، إذ تحت ذريعة حماية السر المهني ، نتستر على كثير من الممارسات اللاتربوية، و عموما، هذا يعتبر من مخلفات ثقافة القرون الوسطى . و من سمات العقليات المتصلبة ، التي لا ترى في معرفة الحقيقة إلا كشف المستور.

إن في كل عمل إنساني ثغرات، و ينبغي أن تعرف ، فهذا حق من حقوق الإنسان (حقه في المعرفة الكاملة)، فالمعرفة ملك الجميع ، و ليست حكرا على أحد ، لأننا نعيش عصر عولمة المعرفة عبر الشبكات العنكبوتية فكل شخص يحسن استعمال الحاسوب بإمكانه أن يعرف كل شيء، عن أي شيء يريد معرفته من أخبار و معلومات و معارف و علوم الخ

إذن يعتبر هذا المبدأ(نشر الغسيل المحرم) مناقض لحرية التعبير و التفكير ، و مناقض للشفافية و لمبدأ تعميم المعرفة ، و لمبدأ الحق في المعرفة.

إن ممارسة النقد لا تعني إبراز العيوب ، لأن هذا النوع يعني الهجاء في مقابل المدح. بل أيضا إبراز النقط الإيجابية، و المعارف الصحيحة، و الطرق السليمة ، و الأهداف الواضحة، و الوسائل المناسبة. سأربط الموضوع بمثالين أعرفهما حق المعرفة و يتعلق الأمر بمديرين.

الأول :

هو مدير إعدادية القدس سابقا، و حين كانت الإعدادية في عصرها الذهبي، إبان كان أبوضمير مديرا لها .لقد حاولت تسجيل ابنتي بهذه المؤسسة ، بعد أن كانت في إعدادية خاصة مجاورة . و كنت أنتظر من السيد المدير ردا سلبيا من نوع  » ليس لدينا في الوقت الحاضر مقعد شاغر ،فالأقسام كما ترى كلها مملوءة عن أخرها،و إذا ما حصل أن انتقل تلميذ من هنا فسأخبرك » و غيرها من العبارات الدبلوماسية التي يستعملها الكثير من المدراء ، و غير خاف أن هذه العبارات تترك صدى جميلا و انطباعا حسنا، و غير خاف أن هذه أساليب رفض و ليست أساليب قبول…

لكن فوجئت أن السيد المدير(الأخ أبوضمير) بقوله: أي قسم تختاره لابنتك ا أستاذ ؟؟

و من الأمور التي تحسب للمدير حسن استقباله للآباء ، و حسن التعامل معهم (رغم أن بعض الاباء محرومون من اللباقة في المعاملة و الكلام ).و حسن التعامل مع الأساتذة و التلاميذ. كما كانت للسيد أبوضمير عقلية العمل بالفريق، و في عهده عاشت المؤسسة أوج ازدهارها، ففي كل سنة يوزع التلاميذ إلى فرق عمل و أوراش (مثلا: حقوق الإنسان–الكتابة–النظافة–الشعر–المسرح–العلوم…الخ)

و استطاعت الفرق العاملة من أساتذة طبعا أن تقدم عملها في مشروع ينجز خلال السنة الدراسية، و تكافأ الفرق الفائزة. كما استطاعت المؤسسة أن تقدم مسرحيات باللغة العربية و الفرنسية و الانجليزية ، و تحتضن المؤسسة زيارة السيد سفير الولايات المتحدة الأمريكية الذي لم يستطع إخفاء إعجابه بأنشطة التلاميذ .

إن السيد المدير( أبوضمير) مزود بثقافة التسامح لا التشدد، و المرونة لا التصلب ،و الديمقراطية لا الديكتاتورية ، و بفكرة « أتركه يعمل » فنلاحظ أن السادة الأساتذة العاملين معه ، كانوا يعملون أكثر من حصتهم الزمنية بدون كلل أو تعب ، كل في العمل الذي يتناسب مع ميوله و قدراته : المهم أن يقدم شيئا جميلا  في أخر السنة.

إن المحاسبة الدقيقة و الشاملة عن التأخيرات و التغيبات ، و هل المدرس جالس أم واقف ؟ تجعل المبادرة الفردية في مقبرة الأموات. إن التشدد في العمل و التزمت و العمل بالنص المكتوب لا بروحه يجعل الموظف المدرس لا يقوم إلا بعمله داخل القسم إذا كان له ضمير مهني طبعا، أما إذا لم يكن له ضمير فإنه يميل إلى الغش،و المكر، و الخديعة. و هذه أمور أشار إليها ابن خلدون في نصه التربوي « الشدة على المتعلمين مضرة بهم »، فألف شكر السيد أبوضمير على عقليته المتحضرة، و شعوره الإنساني النبيل الذي نحن محتاجون إليه في مؤسساتنا التعليمية.

ثانيا : الواقع الآخر

كلمة حق يراد بها حق ، و شكر و ثناء على الأخ قدوري الحوسين مدير الجريدة الالكترونية :وجدة سيتي (المدينة) . فمن خلال متابعتي المتواضعة لمواقفه، أرى أنه لا يتصف بثقافة إقصاء الآخر ، فالمجلة مفتوحة لمؤيديه و معارضيه ، لمن يتفق معهم و لمن يختلف معهم. و إنه يتقي بدون إحراج الأخر ، و عندما يتعلق بموضوع لا يساير الاتجاه العام للجريدة.

و يسمح لنفسه أن يطلع القراء على الانتقادات الموجهة إليه ، بل في بعض الأحيان التهم الباطلة التي توجه له كشخص و كمدير للجريدة، و مع ذلك لا يسمح لنفسه بأن يحجبها عن أنظار الآخرين من القراء ، ليعلم الناس أن كل إنسان له ثغرات ،و كل إنسان هو موضوع للمساءلة ، و أن النقد البناء يزيد الإنسان قيمة إذا تعامل معه بإيجابية و بالصدر الرحب ، فالنقد و الاعتراف به تواضع ، و من تواضع لله رفعه .

و كشاهد عصر ، و من الحسنات التي أذكرها للصديق و الأخ الحوسين، حينما ذكر أو كتب أحد تلاميذه القدامى ( و هو الآن طبيب بفرنسا)، بعد أن ذكر هذا التلميذ أن الأستاذ قدوري كان يسعى دائما إلى تثبيت فكرة تربوية في عقول وسلوك التلاميذ ، قلما نجدها في مجتمع الكبار، فبالأحرى الصغار و هي تتعلق بتدريبهم على الإنصات لبعضهم البعض ، أي الإنصات إلى الغير عندما يتكلم . هذا التلميذ المحكي عنه ، لم يعرف قيمتها إلا عندما انتقل إلى فرنسا،حيث وجد هذه الصفة من واجبات التلميذ الفرنسي . هذه ملاحظة بسيطة و لكن لها معنى كبير في ميدان التربية .

إذن فنجاح الشخص في مهمة من المهام مرتبط بحسن قيادة فريقه و له القدرة على الاستماع و الإنصات حتى لو تعلق الأمر بالنقد. و إن تكون له القدرة على الاعتراف بعيوبه و السعي إلى إصلاحها ، و قبول التناوب على القيادة حسب نوعية الشخص و نوعية العمل الذي يبرز فيه و يتفوق ، حتى نصل في النهاية إلى الرجل المناسب في المكان المناسب ، أو تطبيقا لمبدأ ساد في عصر الرسول صلى الله عليه و سلم و هو « إنزال الناس منازلهم ».

و الله الموفق

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. أحمد ص رجل تعليم
    19/07/2011 at 12:59

    الحق ما قاله الأخ الأستاذ : نور الدين الصايم دون مجاملة ولا محابات ،لان ما قاله في حق شخص السيد ابو ضمير هو الحقيقة التي لامستها في تعامله مع مشاكل رجال التعليم خلال زيارتي له بمكتبه ، لطرح وضعيتي عليه،بعد ان اغلق موظفون آخرون الأبواب في وجهي.

  2. احمد
    19/07/2011 at 15:58

    لا أتفق معك يا سيدي في رأيك عندما ترى أن صاحب هذا المنبر ينشر كل رأي .ان ذلك في كان في البداية أما الآن فلا.سبق أن أبديت رأيا مخالفا فيه كاتب مقال ما ، فلم ينشر إلا ما يعجبه,

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.