Home»Débats»المتأففون من زحف المساجد

المتأففون من زحف المساجد

0
Shares
PinterestGoogle+
 

رحابةُ صدرِ العنكبوت أتاحت المجال لكلّ من ضاق ذِرعاً بالجوامِعِ المُنتشِرة أن يعبّر عن آرائه المستهجِنة منها و المُستنكِرة .

في ظِلّ انتشار المساجد على حساب المدارس و المستشفيات،يتقاسَم النّاقِمون على الوضعِ أفكارهم عبر الفضاء الأزرق و الأخضر في كلّ وقت و حين. تحركهم في ذلك غيرتهم على صحّة وعقول المواطنين ، وكأن لسان حالهم يقول بدون تردّد و لا نفاق أن الأمر استفحل و لم يعد يطاق. باراكا ! بزااااف هاد الشي. كثرو الجوامع. Stop !

يعلم الجميع أن  الجوامع يبنيها المحسنون من أموالِهم الخاصّة بعيداً عن الميزانية العامّة. و لو تُرك الأمر لبعض المسئولين لكان نصيبُ كل مدينة مسجدان أو ثلاثة لا أكثر مع إمكانية أن تشكّل الاستثناء مدينة كالدّار البيضاء.

  لا يخفى على أحدِ أنَّ بناء المساجد و المدارس و المستشفيات من اختصاصات الدولة. فهل ذنب المحسنين أنهم  مارسوا حرّيتهم الفردية و اختاروا التصرّف في ثروتهم حسب قناعاتهم الفكرية و دون المساس بالقوانين ؟ هل يجب تذكير  المنتقدين و خاصة منهم المدافعين عن الحرية الشخصية أن  المسئولية الأخلاقية  تقتضي إلقاء  اللّوم على المسئول المقصّر عوض ذمّ  المُحسن الموسِر؟

يجب التّوجّه مباشرة إلى العنوان الصّحيح ومطالبة الجهات الرّسمية  ببناء المرافق العمومية بَدلَ توجيه قذائف النّقد من منصّات المقاهي و أعمدة الجرائد إلى  المنفقين  على المساجد.

وليتكتّل السّادة المُتضايقون من عدوى دور العبادة التي تجتاح المدن و القرى  بغرض توقيع العرائض و تنظيم الوقفات للمطالبة بتوفير المؤسسات. وليكن الأمر بمثل تلك الحماسة التي تطبع المطالبة  بالزيادة في التعويضات و تسريع الترقيات و بالشراسة التي تخاض بها معركة الحريات الفردية و الحق في العلاقات الرضائية.

  و في انتظار أنْ يتحقّق المطلب المشروع، دَعُوا جموع الجهلَة المتخلّفين يرفعون الصوامع و ادعوا لهم بالهداية الحداثية و تقدَّموا أنتم بخطى ثابتة  لاجتثاث الجهل و مجابهة التّخلف و الرجعية. أثبتوا للنّاس بالملموس الفرق بين الثرثرة و الإيثار و كيف تنتصر الأفكار كلّما ردفت الأفعال الأقوال و عضد النّقدَ النّقدُ.

بادِروا إلى تَشييد المدارس و المستشفيات و لا تخشوا لومة لائم في توفير المال اللازم. افتحوا باب المساهمات و انخرطوا في العملية بعلو هِمّة و نُكران ذات. معركة التغيير و التنوير تحتاج إلى التّضحية و النّضال و ما أصعبَهما عندما يتعلّق الأمرُ بالإنفاق و بذلِ المال. أبعدوا عنكم شُبهة الشُّح. شجّعوا بعضكم البعض و شدّوا على مبادئكم بالنّواجد حتى يتوقف طوفان المساجد. شُدّوا الهمَم ،فما همّ أن تكون البدايات بدُريهِمات.ألم تقل العرب قديما: « ما دجلة و الفرات إلاّ قطرات ضمت إلى قطرات »؟

  لو استغنى الغيورون على دُورِ العلم و الفكر، على سبيل المثال لا الحصر،  عن مصروف القهوة اليومي وثمن التعبئة و عن هواتفهم الذكية كذلك لتحقق الكثير (الإيمان بقضية التعليم و العلم طبعا درجات و على قدر الإيمان يكون الإحسان). أمّا  إذا انخرط في العطاء محبو الحانات و المواخير  فسيوفرون من الدراهم  الملايير .

و لو عدَل المتحمّسون لبناء المدرسة و الثانوية عن عادة عُطلهم السّنوية و تبرّعوا بميزانياتها للهدف النّبيل فكم يا ترى ستُبنى من أقسام في كل عام؟ كم يهون كل شيء حين تَعْلو الهِمَم و تضع على سلّم الأولويات الأهم. أو ليس التّعليم أولى من الاستجمام؟ فكيف يَطيبُ لمُثقّف مُتنوّر غيور على التّعليم الاصطياف في الشاطئ  أو الجبل بينما يئن  الوطن تحت وطأة التّخلّف و الجهل؟

   نُريد أن نرى في الرّيادة تلك الهيئات السّياسية و الجمعيات المدنية، المتذمّرة من زيادة عدد دور العبادة ، ولتقم بالإسهام في قلب الأرقام لصالح المدارس و الأقسام. يكفي أن ترفع التحدّي وتحثّ مُنخرِطيها على الجود من أجل قطع الطّريق على بناة المساجد و التقدم في سباق الإنفاق.

ما يمنعها من البذل و العطاء بحماسة تحت شعار: » مقابل كل مسجد مدرسة »؟ ولم لا تجتمع هذه الجهات و الأصوات في خندق واحد للعمل على تشييد المستشفيات و المدارس و وقف زحف المساجد ؟

 لماذا لا  تُخصّص الهيئات المتنوّرة والحَداثية نسبةً مئوية عن كُلّ بطاقة انخراط سنوية لمشروع بناء مؤسسة تعليمية أو استشفائية ؟ ماذا لو فتحت لذَويها و حَواريّيها باب البذل للمساهمة في محاربة الظلام و الجهل؟

  أيّها السّادة! إهدار الميزانيات  صار عادة. و بدون رادع و لا لائم  تصرف الأموال الضخمة على حشو البطون و الولائم .

يحدثُ هَذا عند كُلّ الهيئات على اختلاف المشارب و التوجّهات و ينسى الجميع  عندما تنصب الموائد  كل حديث عن نقص المؤسسات و كل ما ردّدوه من القول الشائع: « إطعام جائع خير من بناء جامع ».  و عندما يصاب القوم بالتخمة يبدأ التجشؤ و الجرأة على منفقي الأمة.

الانتقاد صار موضة العصر،  و بلا حسيب و لا رقيب. وحين يجدّ الجدّ و يُنادى لإخراج ما في الجيبِ، لا يُسمع حسيس و لا أحد يجيب.

الكلام بالمجّان و التّدوين في شبكة العنكبوت بلا قيد و لا عنان.  و عند الإنفاق و الإحسان يعز المرء أو يهان.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. أحمد الجبلي
    10/12/2019 at 00:32

    بوركت أخي عبد الحفيظ

  2. عبد الحفيظ كورجيت
    10/12/2019 at 17:47

    بارك الله فيك و لك

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.