Home»Débats»عمار سعداني ..ضرْبُ الحراكِ بقنبلة الصحراء

عمار سعداني ..ضرْبُ الحراكِ بقنبلة الصحراء

4
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الادريسي
كنت أثرت سابقا مفارقة الغياب الكلي لتورط الدولة الجزائرية العسكرية ،في قضية الصحراء المغربية ،عن مطالب وشعارات الحراك الشعبي ؛ رغم كون هذا التورط يكبد ،ومنذ عشرات السنين، المال العام أرقاما فلكية ،ناهزت الألف مليار دولار ،حسب بعض التقديرات.
يحدث هذا في دولة المحروقات التي تعيش بعض مناطقها ،في الجنوب الصحراوي بالخصوص ،ظروفا اقتصادية ومعاشية محسوبة على القرون الوسطى.
وفي دولة يبتلع البحر شبابها الذي سُدت في وجهه كل أبواب الرزق.
كما سبق أن نبهت الى كون الاعتراف الرسمي بوجود عصابة سيرت البلاد لسنوات ،من داخل وخارج المؤسسات الدستورية، يخول للمغرب – وحتى باقي دول المغرب العربي- المتضرر الخارجي الكبير ،من هذه العصابة ، الانتصاب طرفا – رمزيا – في المحاكمات المقبلة؛ حينما تستوي الجزائر دولة مدنية بقضاء مستقل ؛وليس قضاء هذه المرحلة الانتقالية ،الذي يعتلي ركح الملهاة.
وسبق أن لا حظت غياب قضية الصحراء حتى عن صدارة أجندة الحكومة الجزائرية، خلافا لما كان عليه الأمر قبل « انهيار » نظام بوتفليقة .
وتحديتُ قادة « بوليساريو » أن يجدوا من يستقبلهم في أركان الجيش أو قصر المرادية.
وفي تقديري لم يكن هذا الغياب ،فقط، نتيجة انشغال قيادة المؤسسة العسكرية بزخم الحراك وتصعيداته ،وصولا الى المطالبة بالإطاحة بقايد صالح نفسه؛ بل كان ترتيبا مفكرا فيه ،حتى على مستوى الجهات الخارجية الحاضرة ،همسا وتخذيلا في الحراك.
من شدة الحضور الخفاء:
ان تورط الجزائر الرسمية – الدولة المستحدثة، سياسيا وخرائطيا- في ملف الصحراء المغربية ،تجاوز مجرد التدافع الجيوسياسي مع المغرب التاريخي ؛وهو التدافع الذي يسعى الى الهيمنة ،والتطويق، بانتزاع منفذ الى مياه المحيط الأطلسي، باي ثمن مادامت الأرض تُخرِج من غازها وبترولها، ما يغطي كل فاتورات الاحاشة الدولية .
تجاوز مجرد التدافع الى فرض الوجود في المحافل الدولية ، ركوبا على مسمى جزائر الشعوب ،والحق في تقرير المصير ،وشعار حقوق الانسان ؛وهو موظف فقط كقميص عثمان .
انها ،كما سبق أن ذكرت، دولة عسكرية ،ثرية ، لا شرعية لها ؛تشتغل في الأزقة والأروقة الخلفية الدولية، بمنطق العصابة .
وما دامت تعي وضعها هذا فهي تتأبط دائما جغرافية المغرب الصحراوية وتاريخه ، تطاعن بهما خيلا تراها ولا نراها.
جزائر مغربية الهوى والمنزع ، لم ترشد بعد لتؤسس الجزائر الجزائرية ،القائمة بدون ضغائن للجيران؛ التي يناضل الشعب الجزائري من أجلها.
انها جزائر الغطرسة التي تجد في ثرواتها ما يغنيها عن جيرانها ، متفرقين ،أو ضمن اتحاد مغاربي.
وهي لم تفهم أبدا معاني الثروة اللامادية ،بما فيها ثروة التاريخ والقيم والاستقرار ،التي تخول لبلد بلا محروقات أن تكون له،رغم كل المثبطات، الصدارة التنموية في المنطقة ؛ وأن تكون له الثقة في النفس، ليتصدر ويقْطُرَ التنمية في محيطه الافريقي.
وعليه فان للصحراء المغربية – بما هي جغرافية وتاريخ وواقع وتنمية وعمران- ظِلاًّ ،أو شبحا، يرافق – مكرها – الجزائر الرسمية في المحافل الدولية ،تمارس به حقوقها كدولة. انطبع في وجدانها ،عبر تاريخها القديم والحديث، ألا تكون الا مغربية .
ما دامت دولة الجنرالات قائمة فلن تكون هناك جزائر جزائرية.

ورقة الصحراء لتفكيك الحراك:

سيرا على نفس النهج انتبهت أركان الجيش النافذة الى ورقة الصحراء المغربية؛ خصوصا والرئاسيات المفروضة على الحراك تتجه صوب الجدار ، وحتى صوب الكارثة ؛ولا نريدها للشعب الجزائري البطل.
لا يمكن أن تكون هناك عصابة دولتية، مدنية وعسكرية، بدون مخرجات كارثية ،تثقل كاهلها – ولو صوريا- أمام الشعب المتنمر والهائج.
قضية المس بالمؤسسة العسكرية غير كافية ؛ خصوصا وهذه المؤسسة ظلت ،زمنا، الى جانب العصابة؛ تأتمر بأوامرها، وصولا الى تزكية العهدة الخامسة للرئيس بوتفليقة.
تريدون جرائم ضخمة اقترفتها العصابة ؛ ها هي جريمة الجرائم في حق الجار المغربي ،وكل المغاربيين.
انها قضية الصحراء التي اقتطعت من أراضي المملكة الجارة ، ظلما استعماريا وعدوانا.
ذُهل الشعب الجزائري وهو يرى عمار سعداني –قايد صالح الآخر- يوقع بأصابع يديه ورجليه ،بأن الصحراء مغربية ؛ويتضمن هذا ظلم كل رؤساء الدولة ،والحكومات السابقة ،للمغرب .
كما يتضمن كون العصابات كاذبة ، وكونها مضللة للمحافل الدولية؛ وكونها صانعة للعصابات العابرة للقارات ،بما فيها عصابات الإرهاب والمخدرات وتجارة الأسلحة.
ها أنت ترى أيها الشعب الحراكي – تقول رسائل عمار سعداني – أن وطنية قائد صالح والمؤسسة العسكرية ،لا تحجم حتى أمام الملفات السيادية المحرمة؛ وهذا عربون على الصدق ،في مواجهة زيف وخبث الدولة العميقة( دولة المخابرات البائدة، المسنودة فرنسيا ) التي تسعى لضرب المؤسسة العسكرية ،وتفكيك البلاد لصالح امبراطوريات المحروقات.
ويواصل عمار سعداني رسائله « العسكرية والرسمية » الى الحراك الرافض للرئاسيات:
انها مبالغ فلكية تلك التي صرفت على بذخ عصابة الصحراء ،في ارقى الفنادق وعلى مدى خمسين عاما ،وأنت أيها الشعب تتوسل الى الدولة، في ما هو ضروري لحياتك وكرامتك ولا تجده.
لقد القوا بشبابك في البحر ، وبرؤوس العصابة البوليزارية في مسابح أرقى الفنادق، متوسدين فحشهم وشرههم.
الآن وقد حصحص الحق ،وركَّبت مؤسسةُ الجيش طقم أسنان جديدا ،لتكون ابتسامتها لك ولجيراننا المغاربة مغرية ،ندعوك لتردد – ونرددها معك – بكون الصحراء مغربية ؛وبكون الحق يعلو ولا يعلى عليه.
وفي ركاب هذه الهَبة الى الحق المغربي ،وهذا الدَّحْر للعصابة وذراعها الصحراوي ،لا يوجد غير المستقبل المغربي والمغاربي المفعم بالأمل .
بشرط الانحياش لقايد صالح:

في تثبيت المؤسسة العسكرية الوطنية ، وتقويتها بتبتي اختياراتها الدستورية ،القاضية بانتخاب رئيس للبلاد ،بكيفية ديموقراطية ونزيهة.
وفي محاربة العصابة وكل الغوغائيين الذين يستهدفون قلبَ الدولة الوطنية وأركانها.
وفي كلمة واحدة إعادة انتاج نفس الدولة الجزائرية العسكرية .
لقد ضرب قايد صالح ،على لسان عمار سعداني ، الحراك بقنبلة الصحراء المغربية ؛ليفتح باب الأمل واسعا للشباب الجزائري ،خصوصا في غرب البلاد ،المتضرر كثيرا من اغلاق الحدود.
الأمل في دولة جزائرية مغاربية ،قوية سياسيا واقتصاديا، في منطقة تحيط بها الأطماع الدولية .
لبلوغ الحلم الجزائري والمغاربي لابد من الاقبال الشعبي على الرئاسيات؛ خصوصا في وجود النموذج التونسي ،الحار والملتهب ؛والذي دفع بالمراقبين الى سياسة المقارنات.
هل علمت الرباط بهذا التحول قبل وقوعه؟
يفرض هذا السؤال نفسه ونحن نعاين ما آلت اليه أمور صلاح الدين مزوار ، جراء نصف انتصار للحراك الشعبي ،ونصف انتصار للمؤسسة العسكرية.
أراد أن يحمل العصا من الوسط ؛ فاذا بها حية تسعى..
على أي فالسياسة ،كما الفلاحة، مواسم ؛على حد عبارة المرحوم الحسن الثاني.
مابين رسالة مزوار وتبعاتها، ورسائل السعداني علاقةٌ ما ؛ستكشف عنها الأيام.
ومهما يكن فان الخلاصة الآتية تفرض نفسها على كل متتبع:
انها دينامية جديدة في قضية الصحراء ؛ وهي غير مألوفة جزائريا ومغربيا ودوليا .
هذا في حد ذاته مكسب لقضية المغرب الأولى.
لقد تعودت المملكة المغربية على الجزائر ، وهي تجر وراءها شبح الصحراء في المحافل الدولية ؛ولهذا فهي لا تهتم كثيرا بإلقائها كقنبلة على الحراك الشعبي.
العبرة بالخواتم ؛ ونتمنى ألا يكون كلام السعداني حقا أريد به باطل ،يصيب الشعب الجزائري ،من مؤسسته العسكرية.
ماهو أكيد أن افتعال قضية الصحراء بين المغرب والجزائر ،لا يخدم سوى أجندة ناهبي المحروقات وتجار الأسلحة ،من الدول التي نعرف.
ان الشعب الجزائري أرقى من الزج به في قضايا خاسرة ، وأرقى من حكمه بفكر العصابات.
ان الصحراء مغربية ،ولسنا بحاجة الى توقيع عمار سعداني، مهما تكن رسائله.
ويبقى على الانفصاليين أن يعو الرسائل جيدا؛ هلموا الى الوطن الغفور الرحيم ،قبل فوات الأوان.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *