Home»Débats»ارتسامات حول المعرض المغاربي للكتاب بوجدة؟

ارتسامات حول المعرض المغاربي للكتاب بوجدة؟

0
Shares
PinterestGoogle+
 

بسم الله الرحمن الرحيم

ارتسامات حول المعرض المغاربي للكتاب بوجدة؟

لا شك أنك حين تسمع بتنظيم معرض للكتاب فإن أول ما تفكر فيه قبل أن تهم بزيارته، هو إلقاء نظرة على مكتبتك للتعرف على العناوين التي تفتقر إليها، ومن ثم تكونُ زيارة المعرض مناسبة لاقتناء ما يَسمح بتغطية النقائص المعاينة فيها ولو جزئيا، على أمل أن تغطي الكتب والمراجع المعروضة كل أو جل الأجناس والتوجهات الأدبية والعلمية معا سواء القديمة منها أو الحديثة.

ومع الأسف الشديد فإنني للمرة الثانية على التوالي أُصاب بخيبة أمل اتجاه هذا المعرض لسببين أساسيين؛ الأول يتعلق بقلة الكتب والمراجع المعروضة وعدم تنوعها، والثاني يتعلق بالتوجه الفرنكفوني للمعرض.

فالنسبة للسبب الأول فإن المعرض يفتقر إلى الجديد مما جادت به قريحة الكتاب المغاربة (أقصد أدباء المغرب العربي) وغير المغاربة وإلى التنوع اللذان يسمحان بملإ الفراغ الملاحظ على مستوى المكتبات المتواجدة بهذه المدينة التي تستحق أكثر مما هي عليه، على اعتبار أنها اختيرت عاصمة للثقافة العربية خلال السنة الماضية، ومن ثم فلو خيرتُ بين زيارة المعرض في وضعه الحالي وزيارة بعض مكتبات المدينة فإني سأوثر الاختيار الثاني على علاته.

 أما بالنسبة للسبب الثاني فإن اللافت للانتباه فيه هو تعمد الساهرين على تنظيمه، استفزاز مشاعر كل الغيورين على مقومات الأمة، وفي مقدمتها استعمال اللغة العربية، ذلك أنه وحتى قبل أن تلج الفضاء الداخلي للمعرض، فإنك تلاحظ  على الجدار الخارجي للخيمة المخصصة للمعرض صورا لمجموعة من الأدباء المغاربة والأجانب جلهم علمانيين وفرنكفونيين مع مقتطف لمقولةٍ لكل واحد منهم، وكأن الكتابة انحصرت فيهم، وكأن لا تَوَجُّهَ فكري قمينٌ بالإبراز غير هذا التوجه، والأدهى من هذا فإن أحد الكتاب المغاربة الفرنكفونيون يظهر في الصورة وهو يُدخن، مما يمكن اعتباره دعوة صريحة للتدخين خاصة بالنسبة للشباب الذين يعتبرونه مثالا يُقتدى به، في الوقت الذي أصبحت آفة التدخين تُحارَب على المستوى العالمي بكل الوسائل حيث يُمنع التدخين في مجموعة من البلدان التي خبرت خطورة هذه الآفة حتى في الخمارات، وأما أن يتم استغلال صورة كاتب للإشهار للتدخين فهذا أمر يتعين على المنظمين للمعرض أن يأخذوه بالجدية اللازمة وعدم تكرار مثل هذه الأخطاء التي أتمنى أن تكون غير مقصودة، أما إذا كانت عكس ذلك، فعلى السلطات الحكومية أن تجعل حدا لهذه الممارسات التي تسيئ لنشاط يُفترض فيه تقديم نماذج من الكُتَّاب يمثلون القدوة لكل الزوار عموما وللشباب خصوصا مما يساعد على ترقية الأخلاق الرفيعة والفكر العلمي الحر الذي يسمح بالتقدم المادي والمعنوي للأمة.

هناك جانب آخر لا يقل أهمية عن ما تمت الإشارة إليه في شأن التوجه الفرنكفوني لمنظمي المعرض هو اعتماد الفرنسية لغة أساسية في كتابة البرنامج وكأنه موجه إلى جمهور غير الجمهور المغاربي. قد يُفسَّر الأمر بحضور بعض الإخوة الأفارقة الذين يتعين الاهتمام بهم، إلا أن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب اللغة الوطنية التي ينبغي أن تكون هي الأصل، على أن تُعد نسخ من البرنامج خاصة بالزوار الأجانب كل حسب لغته.

ختاما أقول نحن في حاجة إلى معارض تعمل على تنويع الكتاب وشموليته لكل التوجهات الثقافية و الأجناس الأدبية والعلمية احتراما لذكاء القارء، عوض التحيز لتوجه معين خاصة إذا كان هذا التوجه يخدم أجندات معينة ضررها أكبر من نفعها بالنسبة لمستقبل البلاد والعباد.

 بالإضافة إلى التنويع والشمولية بعيدا عن التحيز وتجسيدا لمبدأ إقرأ، يتعين الدعم المادي للكتاب حتى يكون في متناول الجميع، ولا شك أن  استثمار المبالغ المالية التي تُصرف على الجانب « الفولكلوري » الموجه أساسا للاستهلاك الإعلامي في عملية الدعم هذه ستكون أجدى وذات وقع مباشر على تشجيع القراءة التي بدونها لا يمكن أن تقوم لبلادنا قائمة.

الحسن جروديِ

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. أحمد الجبلي
    14/10/2019 at 10:05

    تحياتي الخالصة أستاذ الحسن لقد كتبت بالنيابة عن جمهور عريض وسجلت ملاحظات قيمة، فنرجو أن يتم استدراك مثل هذه الأخطاء وغيرها كثير في المعارض المقبلة.

  2. الحسين معاشو
    15/10/2019 at 17:51

    شكرا السيد جرودي.
    تقييم وضعنا في الصورة.
    دامت لك الصحة والعافية.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.