Home»Débats»الارتسامة الرابعة: 18 يوما قبل وفاة المرحوم الحسن الثاني

الارتسامة الرابعة: 18 يوما قبل وفاة المرحوم الحسن الثاني

0
Shares
PinterestGoogle+
 

يهتم الناس كثيرا بآخر خطاب للمرحوم الحسن الثاني.. وآخر أعماله.. لكنهم لا يربطون ذلك بأوائل أنشطة ولي عهده في ظل حكومة الأستاذ عبد الرحمان يوسفي..
لقد كانت هناك إشارة قوية.. لم يتم استثمارها في حينه.. ففي أواخر عهد حكم المرحوم الحسن الثاني.. وفي ظل حكومة التناوب التوافقي.. قبل المرحوم بمقترح لولي العهد يتمثل في إنشاء هيئة تختص بقضايا المعوزين والمحتاجين والفقراء وذوي الإعاقة يترأسها بنفسه.. كان ذلك بتاريخ 5 يوليوز 1999 أي بالضبط 18 يوما قبل وفاة الحسن الثاني.. تحت اسم « مؤسسة محمد الخامس للتضامن ».. وهي المؤسسة التي تم تخصيص فقرة لها بخطاب عيد العرش لسنة 1999 من قبل عاهل البلاد الجديد الملك محمد السادس..

في ظل هذا التحول.. سيتم ثاني لقاء لي مع الأستاذ عبد الرحمان يوسفي.. طبعا ليس معنى هذا أنني لن أحدثكم عن اللقاء الأول.. فتسلسل المواضيع (وليس الأحداث) يفرض ذلك.. في أول لقاء حضرته برئاسة بالوزارة الأولى.. كانت القاعة تجمع عدة وزراء.. وكنا ثلاثة مستشارين (مستشار للوزير الأول، مستشار للأمين العام للحكومة، ومستشار للوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان)..

دخل الأستاذ يوسفي.. وقف الجميع وقفة رجل واحد..
سلم علينا واحدا واحدا.. يسأل عن أحوال هذا.. يضحك مع ذاك..
كان متبوعا بكل من الأستاذين محمد اليازغي وأحمد الحليمي.. وزيرين من عيار ثقيل..
سلمت عليه بما يفرضه واجب الاحترام..
نظر الي نظرة تأمل أحسست أنها طويلة..
سألني: أظنني أتذكرك..
قبل أن أجيب كان الأستاذ محمد اليازغي قد ناب عني: « إنه صاحب العرض الشهير حول الإصلاحات الدستورية.. سنة 1992.. ممثل منظمة العمل الديمقراطي الشعبي آنذاك.. السيد … »؛
ورفعا للإحراج أكملت له الجملة « بنيونس المرزوقي »..
لن أنسى أبدا ردة فعل عبد الرحمان يوسفي.. « كنتَ رائعا.. مرحبا بك معنا »..
بصراحة.. أحييت بنوع من « النشوة ».. الوزير الأول/الكاتب الأول يتذكر عرضا حول الإصلاحات الدستورية يرجع لسنة 1992!! (لهذا العرض قصة غريبة سأحكيها لكم لاحقا)..

أحسست أن (المرحوم) محمد بوزوبع يكاد يطير فرحا.. لأنه أحس بحسن اختياره لي لحضور سلسلة اجتماعات ولقاءات.. وحتى بعض الحاضرين ممن لم يكونوا لا يعرفونني غيروا نظرتهم عني لاحقا..
وحتى المستشاران الحاضران..
كان ذلك بداية لسلسلة اجتماعات حضرتها..
ولكل اجتماع قصة وسياق..

وحتى لا يضيع مني الموضوع.. سأعالج ما كان مطروحا ليس وفق الترتيب الزمني لأن هذه مهمة المؤرخ (ولن أقوم بهذا الدور).. ولكن وفق أهمية المواضيع لدى الرأي العام والإعلام آنذاك حتى أضع القارئ في الصورة..
في الفترة الانتقالية ما بين 1998 و1999 عرف المغرب أحداثا كثيرة.. أهمها أن الصحافة المكتوبة الجديدة أصبحت ذات تأثير على الرأي العام.. فإضافة لما أشرت له في الارتسامة السابقة حول « الصحافة المستقلة »، فقد أصبح لجريدة « الأحداث المغربية » مكانة متزايدة في المشهد الإعلامي (تأسست في أكتوبر 1998).. خاصة أمام الأسماء التي كانت تُدير الجريدة أو تكتب بها.. وكثرة التأويلات عن سبب صدورها.. كما أن التيار « الإسلامي » بدأ يوحد إعلامه عن طريق جريدة « التجديد ».. ولم يكن الإعلام العمومي آنذاك إلا إعلاما جامدا يمشي وفق قواعد لا تسمح لمقدمي البرامج حتى بالابتسام أمام الكاميرا..

باختصار شديد.. كان كل الإعلام « القوي » و »الأكثر انتشارا » ضد حكومة التناوب.. لذلك لم يكن الرأي العام يتوصل إلا بكل شيء سلبي عن هذه الحكومة.. أما مُنجزاتها فقد ضاعت في خضم الأحداث..
هي فرصة لأحكي لكم عن بعض منها.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Taha
    06/08/2019 at 23:18

    نحن أيضا نحس بنشوة كبيرة ونحن نتابع سردك الماتع للأحداث.. ومتشوفون أكثر لمعرفة بعض حيثيات بعض القضايا التي غيبت عنا كباحثين على الأقل.. عساها تساعدنا في استقراء وفهم الوقائع السياسية على الخصوص.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.