Home»Débats»تَفْنِيغُ الدرهم

تَفْنِيغُ الدرهم

1
Shares
PinterestGoogle+
 

رمضان مصباح الادريسي

الأمازيغياتية ،باللسان العربي الفصيح:
من رحم « النضال » الأمازيغي، سواء السياسي المغرض ،أو الاحترافي الارتزاقي ، يمكن توليد العديد من المصطلحات التي تختزل رؤى تفشت فاشيةً مقيتة ،وعرقية نشازا في دولة ظلت، عبر تاريخها، استثناءً في وحدتها الهوياتية، وعقيدتها ، و مذهبها.
ووحدتها اللغوية أيضا ؛لأن الأمازيغيات المغربية ،لم تدخل أبدا في صراع الابتلاع؛ ابتلاع بعضها البعض، كما تحاول اليوم هذه الايركامية « العالمة » ،التي انقلبت على التوجه الملكي والدستوري ،الساعي الى الرسملة اللغوية و »اللهجاتية « والثقافية ؛ضمن بنك الثروة اللامادية المفتوح لجميع المغاربة اليوم ،كما الأمس ،وعلى مدى عشرات القرون من التاريخ.
ولم يسجل أي مؤرخ ،أو لغوي، دخول هذه الأمازيغيات في صراع مع اللغة العربية؛ ولو حصل هذا – كما ينظِّر له المحترفون اليوم- لأبيدت اللغة العربية كلية، من هذا الغرب الإسلامي القصي، لأن أغلب الدول المتعاقبة على حكمه كانت أمازيغية اللسان والهوى والسيف.
وهل كان هذا سيُعجز الملوك العظام من المرابطين والموحدين وغيرهما؟
ولو قُيض لهؤلاء المناضلين الأمازيغياتيين أن يعيشوا في تلكم الأزمنة ، بِرؤاهم اليوم، لعُدوا خونةً مندسين ضمن ظهراني الأمازيغ والعرب معا.
ولو كانت لهم الغلبة لسار التاريخ في وجهات أخرى غير التي نعرف اليوم؛ وجهات تعاود الافضاء الى حواضر الفينيقيين والرومان وغيرهما .
وهل يخفون اليوم هذا النزوع الى التملص من القضايا الاستراتيجية للأمة؟
وهل يخفون شماتتهم ،وهم يعاينون الوضع المأزوم للعروبة ،جراء تخريب هوياتي من جنس تخريبهم؟
ماهو ثابت ،لغويا وأدبيا، في مغرب الأمس ،مغرب القبائل والحواضر ،هو غزارة الإنتاج الأمازيغي العربي ، اللغوي ،النحوي ،الشعري ،الفقهي ،والمعرفي العام.
يقابل هذه الغزارة فقر مُدقع في الإنتاج المعرفي ، العالِم، الأمازيغي الأمازيغي.
وما هو ثابت اليوم– أيضا- هو كون أغلب النضال الأمازيغي ، الاحترافي والصادق معا ، فصيح اللسان العربي ،متين البيان ؛وفي هذا استعادة لخدمة الأسلاف من علماء الأمازيغ للغة العربية؛ بفارق كون هذه الخدمة ،اليوم، انتهازية ليس الا؛ اذ تكرر التصريحُ بكون الكتابة باللغة العربية ،بالنسبة لمثقفي الأمازيغ ،اضطرارية فقط، وهي الى حين استقواء الدرس الديداكتيكي الأمازيغي.
يومها ،وفي مغربنا هذا الذي أبدع تنوع الوحدة ، سنجرب تنوع الفُرقة في جميع المجالات ،واشتغال مختلف ذرائع العزوف عن القراءة التي نسعى جاهدين لتجاوزها.
في ماذا يفيد تفنيغ الدرهم؟
لا علاقة ل « مصطلح » التفنيغ ،المنحوت من « تفناغ » ، بالتمزيغ ؛ومن هنا لا علاقة له بدسترة الأمازيغية ،المزعومة مرجعا للمطالبة بتثليث لغة النقد المغربي: العربية، الأمازيغية والفرنسية.
لم تتم بعد دسترة أبجدية « تفناغ » الايركامية، حتى يصح هذا الطرح ،ويُحمل السيد والي بنك المغرب على الامتثال لهذا المطلب الذي لا عائد من ورائه ؛عدا تحقيق مكاسب « فلكلورية »
للأمازيغياتيين ،إضافة الى تمكين بعض الأحزاب السياسية الحاملة للمطلب من مكاسب انتخابية ليس الا.
حتى القانون المتعلق بتنزيل الأمازيغية ،تأسيسا على وعي عميق ،لا يُلزم بحرف معين.
ما جرى من تصويت على الحرف الايركامي طبعته الارتجالية ، والنكوص غير المقنع وغير المؤسس، من حرف الى حرف.
ما كان لأمر لغوي أكاديمي ،بالغ الخطورة، أن يُحسم بتصويت مرتجل ،وكأن الأمر يتعلق بانتخاب رئيس جماعة قروية نائية بالطريقة التي نعرف جميعا.
ان من يدفعون هنا بوجود ظهير ملكي شريف يرسم تفناغ ،يغفلون كون الظهير يزكي النتيجة التي رفعت الى النظر الملكي ،ولا يزكي المنهجية المرتجلة التي اعتمدت في التصويت.
ماذا لو انكب القضاء وقتها على هذا التصويت ،بطعن من الأعضاء الغاضبين- الأغلبية – الذين أكرهوا على تغيير قناعاتهم في دقائق معدودة؛ وفي أمر أساسي من أمور الدولة؟
ان الظهير الملكي الشريف حجة عليكم ،وليس لكم ؛تماما على غرار ظهير أجدير الذي زاغ عنه كثيرا المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ،وسبق أن فصلت رأيي في هذا.
لقد ظل ضرب السكة بالاسم الملكي، تكريسا لاستتباب الأمر لسلاطين المغرب عبر التاريخ؛ يعزز الدعاء على المنابر ،وبقية رموز وشارات الملك .
ان المطالبين بتفنيغ السكة يدركون هذا ،ومن هنا فهم يتلهفون على ظهير ملكي من نوع آخر ،يرسم تفناغ حرفا وحيدا للأمازيغيات المغربية كلها، ولو كره الكارهون.
لا اعتراض على تمزيغ السكة اذا كان سيراعي مطالب الجميع ،المؤسسة على دسترة الأمازيغة ،وترسيم تعليمها :دعاة الحرفين العربي واللاتيني.
وهذا التثليث غير منطقي طبعا.
لقد بني اعتماد تفناغ على منهجية باطلة ،شابها اقصاء مريع لكل الحساسيات الأمازيغة الأخرى.
وسيرا على نهج الاقصاء هذا تم ابداع لغة مخبرية ،في منتهى العصبية القبلية ،على حساب قبائل أمازيغية أخرى ،عيبها الوحيد عدم وجود تمثيلية لها ضمن الايركام.
أعتقد أنه بدلا من تفنيغ « السكة » ،والمُضي قدما في الاستغلال المغرض لظهير ملكي شريف، يزكي النتيجة وليس المنهجية؛وحمل الدستور على غير ما يتضمنه ؛بدل كل هذا ،وحتى قبل صدور القانون المنزل ،العودة الى الصواب الأبجدي ،الذي يخدم الأمازيغيات كلها خدمة حقيقية ،بعيدا عن الفلكلورية.
ولا يمكن أن يكون هذا الصواب الأبجدي نابعا من غير لجنة أكاديمية تشكل لهذا الغرض ،بعيدا عن أي تأثير سياسي وفولكلوري ظرفي.
ان أخطر ما أصاب الأمازيغيات المغربية، أصابها من هؤلاء « التفنيغيين  » الذين ابدعوا لها سجونها ، وحرموا حتى القبائل الأمازيغة من زيارتها مواساة .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.