Home»Débats»عندما يقدم « ختم الرسول » قربانا للعهر والفساد

عندما يقدم « ختم الرسول » قربانا للعهر والفساد

1
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي
يعرف الجسم السعودي عدة تحولات فيزيولوجية مرضية خطيرة يصعب تشخيصها، فمن حصار دولة عربية مسلمة شقيقة كقطر، إلى اعتقال العلماء، وحجز خطيب مكة المكرمة، إلى قتل خاشقجي، إلى إصدار قوانين ومراسيم ملكية تسمح بتنظيم المهرجانات وجلب المطربين والراقصات من كل أنحاء العالم إرضاء لغرب أمريكي صارت ملوك الدولة تدفع له الجزية عن يد وهم صاغرون.
ومن أقبح هذه التقرحات وأخيرتها وليست آخرتها، هو تكريم الممثلة والمغنية المصرية المثيرة للجدل سمية الخشاب بختم الرسول صلى الله عليه وسلم، مما أثار موجة غضب عارمة في صفوف شباب سعوديين اعتبوا هذا التكريم إهانة للمرأة السعودية لكون الخشاب لا تمثلها، كما اعتبروا الأمر إهانة لختم الرسول ولذلك أطلقوا هاشتاج بعنوان « ختم الرسول ليس للعبث ». ومن التغريدات المثيرة والغاضبة التي عبرت بوضوح عن قبح ومعرة هذا السلوك ما كتبته المدونة السعودية فايزة الغامدي على موقعها على الفيسبوك قائلة: « هذه إهانة للمقام الشريف ومساس بعظمته من قبل فاسقين وفاسدين ولقد عبثوا عبثاً خطيرا لابد من معاقبتهم أشد العقوبة وعدم التجاوز والتغاضي فهو اعتداء على مقام ختم خاتم الأنبياء ».
ومن موقعه قارن الناشط السعودي المعروف عمر بن عبد العزيز بين دعايات تمكين المرأة في السعودية عبر تكريم الخشاب واعتقال وتعذيب الناشطات السعوديات، وتساءل عن أي دور قامت به الخشاب حتى تستحق عليه التكريم.
وقال الكاتب جبران بن يحيى المالكي في تغريدة له: « أن يتم تكريم الراقصات والفنانات، والممثلات ويُـقـدّمْـن َ للشابة السعودية على خشبة المسرح على أنهن خير من يمثل المرأة، ويُصْرَف النظر عن تكريم المرأة السعودية، التي سطعت في علوم الشريعة واللغة والطب والتمريض والهندسة والصناعة والتجارة، لهو أمر مريب خلفه شهوات ».
وأما المغردة لين العنزي فصوبت كلامها تجاه النساء السعوديات بالقول: « رسالة لكل البنات السعوديات، لكل من صدقت الإعلام وانساقت وراءه وعملت في عمل لا يليق بها كامرأة مسلمة وسعودية أو نزعت حجابها بحجة أننا كنا متشددات، أختي: انظري من يتم تكريمهن حتى تصلك العبرة والغاية »
فما قصة هذا الختم النبوي الشريف؟ الذي رفض بعض الشباب والمثقفين في السعودية منحه لمغنية وممثلة ماجنة اشتهرت بزيجاتها المتعددة التي لا تكاد تحصى عددا؟ ولماذا لا يتوافق إطلاقا ومثل هذه الفعاليات الخارجة عن البناء والتنمية ودفع عجلة التقدم؟
جاء في صحيح الإمام محمد بن إسماعيل البخاري عن أنس ابن مالك، أن النبي حينما أراد الكتابة إلى الروم قيل له: « إنهم لن يقرؤوا كتابك إذا لم يكن مختوما، فاتخذ خاتما من فضة ونقشه: « محمد رسول الله ».
ومن هنا بدأت الحكاية مع الخاتم النبوي الشريف، الذي كان يلبسه عليه السلام في الخنصر من يده اليسرى، كما أجمعت أغلب روايات الحديث. وتوجد نسخة من ذلك الخاتم في متحف « توب كابي » في اسطنبول بتركيا، وهو تمثيل للخاتم الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يختم به مراسلاته لسلاطين العالم، حيث نقلت الدولة العثمانية مقتنيات الحجرة النبوية في المدينة المنورة عام 1917 واحتفظت بها في تركيا.
إن رمزية هذا الختم لا يجهلها أحد سواء كان مسلما أو غير مسلم سعوديا أو غير سعودي، ولذا تم طرح السؤال القائل: ألم يجد هؤلاء سوى ختم الرسول الكريم حتى تكرم به فنانة هابطة؟ أليس بوسع السعودية صناعة مجسمات تدل على السينما أو الموسيقى أو الرقص تتماشى والحدث وتنسجم وطبيعة المهنة التي يزاولها المحتفى بهم؟
ولكن قد يكون الجواب كما قد تكون الرسالة التي أراد هؤلاء إيصالها للعالم مبنية على فعل واع وذي بال، حيث لا أحد يستطيع أن يجزم بأن هؤلاء فعلا لا يعرفون ماذا يفعلون، أي إنهم أثناء اجتماعاتهم ناقشوا التكريم وطرحوا معايير محددة للأوسمة والنياشين والمجسمات التي سيتم تقديمها لراقصات وممثلات ومغنيات احتفاء بهم لما قدمن للأمة من تفسيخ وتفسيق وتضليل ونشر للهوى، وبالتالي فاختيار ختم الرسول الكريم حتما جاء بعد نقاش وتداول مما جعل الفعل مقصودا يدخل في سياق تسويق بلاد الحرمين للغرب على أنها تتخلى تدريجيا عن الإسلام وقيم الإسلام وتنحى نحو علمنة المجتمع إرضاء للأسياد.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *