Home»Débats»الملتقى المغاربي الثالث لأدب المناجم المنجم دعامة للاقتصاد وملهم للإبداع الدكتور السهلي عويشي

الملتقى المغاربي الثالث لأدب المناجم المنجم دعامة للاقتصاد وملهم للإبداع الدكتور السهلي عويشي

1
Shares
PinterestGoogle+
 

الملتقى المغاربي الثالث لأدب المناجم

المنجم دعامة للاقتصاد وملهم للإبداع

الدكتور السهلي عويشي

       بعد نجاح الدورتين السابقتين من الملتقى المغاربي لأدب المناجم في مدينة جرادة ،وتنفيذا لتوصيات النسخة الثانية من الملتقى، وبتنسيق ناجح مع جمعية طارق بن زياد للتضامن والتنمية والتواصل حاسي بلال جرادة ،نظمت جمعية مبادرة القوافل للتنمية والتواصل باليوسفية، وبدعم من المجلس الإقليمي والمكتب الشريف للفوسفاط للمدينة النسخة الثالثة من الملتقى المغاربي لأدب المناجم ،والذي تعددت فقراته بين الفكر ،والتاريخ ،والأدب، والتراث، لما تعرفه مدن المناجم بكل من جرادة ،واليوسفية ،وأسفي من مؤهلات طبيعية ،وطاقات فكرية، وتراثية، وبشرية، وجب استغلالها أحسن استغلال في أفق الحفاظ عليها، واستثمارها لخلق تنمية حقيقية بمدن المناجم، وربط جسور التواصل بغية تبادل الخبرات، والتجارب بين كل الفاعلين ،والمهتمين بثقافة وأدب المناجم الذي يجد امتداداته التاريخية في رواية جيرمينال لإميل زولا، باعتبارها رواية حاولت إبراز معاناة عمال مناجم الفحم الحجري في فرنسا وواقع البؤس والفقر وظروف عملهم المأساوية في القرن التاسع عشر، وهي صورة تكاد تتكرر وتتشابه في جميع الأعمال الأدبية حيث كانت المناجم، فما يتغير سوى الأمكنة وأسماء الشخوص ،دون أن ننسى بطبيعة الحال رواية زوربا لنيكوس كازانتزاكيس ، وهي أعمال كلها تم تحويلها إلى أعمال سينمائية، أما في العالم العربي ،فيجد امتداداته التاريخية في رواية زهرة زوجة المنجمي للكاتب الجزائري عبد القادر حاج حمو المكتوبة باللغة الفرنسية والمنشورة سنة 1925 باعتبارها أول عمل روائي منجمي في العالم العربي ،حاول الوقوف عند معاناة عمال المناجم ،والتي للأسف الشديد لم تحظ بالكثير  من الدراسة والتحليل من لدن الدارسين ،والباحثين رغم أهميتها ،ورواية فساد الأمكنة للكاتب المصري صبري موسى المنشورة سنة 1963، وخماسية مدن الملح الرائدة للروائي عبد الرحمن منيف والتي رصت مختلف التحولات التي عرفها مجتمع شبه الجزيرة العربية، من مجتمع البداوة والصحراء ،والتخلف ،إلى مجتمع الحضارة ،والانفتاح على التكنولوجيا، وما وصل إليه الغرب خاصة الولايات المتحدة الأمريكية من تطور، وما كان له أن يعرف ذلك لولا البترول، باعتباره مادة منجمية كان لها الدور الفعال في إحداث الكثير من التحولات على مستوى البنيات الاجتماعية ،والسوسيواقتصادية ثقافية، وغيرها من الأعمال الشعرية، والسردية خاصة في كل من المغرب وتونس ،إذ برز العديد من الأدباء كرسوا إبداعاتهم لهموم المدن المنجمية، كالشاعر محمد عمار شعابنية، وسالم شعباني، وابراهيم درغوثي، ونصر الدين الزاهي …والقائمة طويلة أما في المغرب فنجد الدكتور السهلي عويشي، ومحمد العرجوني، والدكتور جلول قاسمي، وحليمة الاسماعيلي، وعكاشة البخيت، وبوجمعة لكريك من مدينة جرادة، وعبد الرحمن مسحت ،وعثمان أشقرا، من مدينة خريبكة، ومحمد مومني، وعبد الجبار الساكت، ومحمد الحبيب العسالي… من اليوسفية وغيرها من الأسماء خاصة بمدينة جرادة التي راكم كتابها وشعراؤها العديد من الأعمال الشعرية، والروائية، باعتبارها مدينة منجمية ،ظلت لأزيد من سبعين سنة منتجة لمادة الفحم الحجري ،ولازال أبناء المناجم بمختلف المدن المنجمية يبدعون ،وينتجون كشهود على ما كان يحدث بها من مآسي ،وأدب المناجم وهو يرصد تناقضاتها، يحاول أن يحول عبر الكتابة الألم إلى أمل والسواد إلى بياض والحزن إلى فرح والقبح إلى جمال حتى ينبثق النور من الظلام ،لأن الكتابة بوسعها تغيير المعادلة ،وما الملتقى المغاربي لأدب المناجم إلا واجهة يسعى من خلالها أصحاب الفكرة إلى ترجمة هذا الفعل الثقافي على مستوى الواقع ،لأن الفعل الثقافي رافعة أساس لتنمية سياحية، مجالية بهذه المدن المعطاء، وذلك للتعريف بمقدراتها، وإمكاناتها، وتوثيق تاريخها باعتباره تاريخا مشتركا جمعيا يحق لأجيال المستقبل التعرف عليه بكل تناقضاته .

وهكذا فالنسخة الثالثة من الملتقى المغاربي لأدب المناجم، تأتي في هذا الإطار وبالإضافة إلى الطابع الفكري ،والأدبي ،والتاريخي من خلال العديد من الجلسات العلمية التي أغنته ،والتي ساهم فيها العديد من المثقفين والباحثين الدكتور السهلي عويشي محمد العرجوني من جرادة نصر الدين الزاهي من تونس مهدي ناقوص  المصطفى حمزة أحمد فراجي من اليوسفية مريم بن بختة من الدار البيضاء كان لعشاق الشعر والكلمة مع العديد من القراءات الشعرية شارك فيها كل من عكاشة البخيت بوجمعة لكريك محمد مومني عبد الجبار الساكت محمد الحبيب العسالي عبد الحميد إبراهيم السهلي عويشي ….كما تخللت الملتقى تنظيم زيارات للعديد من المعالم التاريخية، والسياحية بالمنطقة كبحيرة زيما وزاوية الخنوفة وزيارة سيدي شيكر، باعتبارها مزارا صوفيا عريقا له امتداداته التاريخية، إذ ترجح الكثير من الأبحاث أن سيدي شيكر من أصحاب عقبة بن نافع الفهري، حيث أتى في فترة الفتوحات الإسلامية للمغرب الأقصى ،وقد تركه ليعلم الناس دينهم الجديد الذي هو الإسلام، مما جعله مهدا للتيار الصوفي بالمغرب، حيث تعدت شهرته إلى المغرب العربي عموما، وقد كان للوفد المغاربي الزائر للمنطقة فرصة التعرف على العديد من الأشكال التراثية، كالفروسية من تنظيم جمعية الخيالة بسيدي شيكر، ورقصة لعلاوي لفرقة لبراهمة برئاسة عبد الحميد ابراهيم من جرادة ووجدة ، وأنشطة تربوية تلاميذية أبدع فيها تلاميذة سيدي شيكر، كما تم تنظيم زيارة لمنطقة إيغود غير بعيد عن مدينة الشماعية كموقع أثري اكتشف فيه بقايا عظمية للإنسان العاقل يزيد عمرها عن 315000 سنة لتحطم الرقم القياسي إذ كان يعتقد سابقا أن عمر الإنسان الحالي هو 195000 سنة اعتمادا على بقايا أومو في إثيوبيا ،وهي مناسبة تم التعرف من خلالها على ما تزخر به المنطقة من مؤهلات سياحية وجمالية ،كما تم تنظيم زيارة أخرى لمدينة أسفي حاضرة المحيط كما سماها ابن خلدون، حيث تمت زيارة دار السلطان الشيخ أبو محمد صالح ،ومتحف أسفي، والمتحف الوطني للخزف، والبرج الأثري، وعلى هامش الملتقى كان موعد الهتمين والباحثين والمتابعين لأشغال الملتقى مع العديد من اللوحات الفنية ،والتراثية، والفلكلورية، قدمتها كل من فرقة لبراهمة برئاسة الشاعر عبد الحميد إبراهيم  ،والأغنية البدوية مع الشيخ رمضان، والشيخ بوطيبة من جرادة أولاد سيدي علي، والفنان الملتزم ابن اليوسفية جمال زعلول، وفي ختام أشغال الملتقى تمت صياغة العديد من التوصيات التي تمثلت أساسا في العمل على ترسيخ الفكرة وتكريسها فعلا ثقافيا سنويا والانفتاح على مختلف الأشكال التعبيرية والجامعات القريبة، وتمتين أواصر الصلة بين المهتمين والفاعلين لحفظ التراث المنجمي، وتوثيقه، والعمل سوية على تسويقه سياحيا خدمة للمدن المنجمية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.