أحمد الجبلي
عندما دخل المجرم والإرهابي برينتون تارانت إلى مسجد النور بنيوزيلاندا رآه أحد المسلمين الأفغان واسمه داوود نبي البالغ من العمر إحدى وسبعين سنة فقال له: « مرحبا أخي » فرد عليه المجرم بتحية كلها كره وعنصرية وإجرام: خمس رصاصات اخترقت جسده فسقط على الأرض غارقا في دمه.
إن كلمة « مرحبا أخي » صنعت حدثا إعلاميا كبيرا فانتشرت في أوساط الغربيين قبل العرب والمسلمين، فتلقوها ككلمة شكلت أعظم رسالة ترجمت الإسلام في أبهى صوره وأبلغها.
وتفاعلا مع كلمة « مرحبا أخي » السلمية التي عكست روح المسلم النقية والمشحونة بالحب والترحاب والتواصل، بادر مصمم جرافيك اسمه « أكبر بيسول » إلى صناعة صورة لرجل بلا ملامح ولكنه يبتسم ويردد « مرحبا أخي » يقابله سلاح قد أشهر في وجهه ردا بالرصاص على تحية السلم والأمان. وقد انتشرت هذه الصورة بسرعة البرق حيث لقيت إقبالا كبيرا وتقاسمها الرواد في مواقع التواصل الاجتماعي، كما كانت أرضية خصبة للتعبير عما اختلج في النفوس والعقول من معاني تجاه هذا الموقف النبيل الذي صدر عن مسلم معبرا بذلك عن نهج متأصل في الإسلام والمسلمين.
فقالت مغردة معبرة عن هاشتاج « مرحبا أخي »: « ألقيت عليك السلام محبة وألقيت علي الرصاص كراهية أردتك للسلام وأردتني مقتولا عند باب المسجد لعل الملائكة تلقي عليك التحية عند باب الجنة »
وقال مغرد آخر:  » مرحبا أخي: قالها مسالم ليس له أي أفكار متطرفة »
وقال ثالث: « يحدث أن تذهب لتصلي، ثم ترى غريبا عند باب المسجد، تلقي عليه التحية ظنا منك أنه سيردها عليك، لكنه يردها رصاصا فيرديك قتيلا. يحدث أن يكون البشر بكل هذا القبح »
وقال رابع:  » من الإرهابي يا ترى الذي يستقبلك بالترحاب أم الذي يستقبلك بالرصاص؟؟ »

وقال خامس:  » مرحبا أخي وأعتذر لك لأن الوقت وقت الصلاة وإلا كنت جلست معك وقدمت لك الحليب والتمر وجلسنا نتحدث كي نتعارف أكثر، ولكن الرد كان قاسيا رصاصات قاتلة أردته قتيلا من مجرم لا يعرف معنى للسلام »
إن كلمة « مرحبا أخي » لخصت منهاج حياة يعيشها المسلمون الذين يعرفون أن دينهم دين الرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) ودين ابتسامة وترحاب « المؤمن هش بش » أي ضاحك الوجه باسم الثغر، ودين انفتاح وتواصل (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا) ودين سلم ومحبة « من آذى ذميا كنت خصيمه يوم القيامة » « سلم على من عرفت ومن لم تعرف ».