Home»Débats»عندما يحزن المسيحيون لمصابنا

عندما يحزن المسيحيون لمصابنا

1
Shares
PinterestGoogle+

أحمد لجبلي
على مرمى حجر من توقيع ميثاق « لأخوة والتسامح » من طرف شيخ الأزهر والبابا فرنسيس، اهتزت الكرة الأرضية على وقع مجزرة إرهابية دموية في مسجدين من مساجد نيوزيلاندا، ذهب ضحيتها أزيد من 49 مسلما ومسلمة كانوا يؤدون صلاة الجمعة في أمن واطمئنان، قام بها سفاح مسيحي متعصب تحت يافطة « محاربة الغزاة ».
نعرف أننا نعيش غربة في هذا العالم لأن موتاهم ليسوا كموتانا، موتاهم يتجمع من أجلهم كل رؤساء العالم، بما فيهم رؤساء العرب، في ساحات عواصم أوربا يحملون الورود ويوقدون الشموع وربما يذرفون الدموع أيضا. وأما موتانا فيكتفي العالم باستنكارات باهتة تجاه العملية الإجرامية التي أزهقت أرواحهم، وربما البعض صرح مؤيدا للإرهابي المجرم.
نحن لا تهمنا الاستنكارات الباهتة التي لا يعقبها عمل كتوقيع اتفاقيات عالمية للحد من الإسلاموفوبيا، أو اتخاذ أي إجراءات تصب في مثل ذلك، ولكن يهمنا كثيرا أن تكون هذه المجزرة هي الأخيرة، وأنها لن تتكرر أبدا، سواء في صفوف المسلمين أو المسيحيين أو أي كان حتى ممن لا دين له، إن الأوان قد حان لكل دول العالم أن يتفقوا على منظومة واحدة من شأنها أن تضرب على يد أي عنصري حاقد مهما كان دينه وانتماؤه. فإذا كانت تلك التصريحات والإدانات لهذا الفعل الإجرامي الشنيع صادقة فلابد أن يعقبها فعل جاد يضع حدا لإراقة الدماء والاعتداء على أقلية دينية في الدولة الواحدة مهما كان دينها.
لقد قٌتِلَ مسلمون رجال ونساء وأطفال، وجاءت أفواج من المسيحيين تحمل الورود والشموع ويدرفون الدموع أسفا وحسرة على ما وقع لإخوانهم في الإنسانية، لقد فقد هؤلاء المسيحيون جيرانا مسلمين طيبين، ورفاق عمل منضبطين، ومواطنين يساهمون بجانبهم في اقتصاد البلاد وتنميتها،
إن الشاب « ويل كونلي » عندما قام برشق السيناتور الأاسترالي العنصري المتطرف لكونه أيد الإرهابي فيما فعل بالبيض، والطالب النيوزيلاندي عندما دخل إلى المسجد باكيا ومعتذرا وبيده الورود وموضحا بأن النيوزيلانديين ليسوا كلهم مثل ذاك الوحش الكاسر، جعل المسلمين في كل بقاع الأرض يوقنون أن المسيحيين ليسوا سواء، بل جلهم يؤلمهم ما يؤلمنا ويضرهم ما يضرنا، يريدون العيش بسلام جنبا إلى جنبنا، نتعاون في بناء الأوطان التي ننتمي إليها فنعمل معا لتنمية اقتصادها وندعم فرقها الرياضية لأنها فرقنا، ونرفع أعلام تلك البلدان لأنها أعلام أوطاننا التي يولد فيها أبناؤنا، ويدفن في ترابها موتانا، نحترم قانونها وننتخب لمجالسها من نراه أنسب حتى لو كان من غير ديننا.
إن المسلمين يعلمون جيدا أنه من الظلم أخذ جميع المسيحيين بجريرة مجرم متطرف، لأننا نحن كذلك، قد اكتوينا بتلك النار، أي إلى حد قريب، كنا نغضب حينما كان يؤخذ جميع المسلمين بجريرة أحمق مسلم وإرهابي يقتل الأبرياء بغير وجه حق.
ولكن ندعو العالم إلى قراءة متأنية في الرسالة التي تركها المجرم الإرهابي لأنه ذكر أصولا إرهابية ورموزا تاريخية لها قدم سبق في الإرهاب وقتل المسلمين على رأسهم البابا أوربان الثاني زعيم الحروب الصليبية ضد المسلمين. أي لا يمكن السماح بتدريس مثل تلك النماذج في مقررات دراسية مسيحية أو وضعها كأبطال في أفلام كارتونية أو سينمائية موجهة لليافعين، إذا أراد المسيحيون أن يخطو خطوة أولى في اتجاه حقن الدماء وتوفير السلم والتعايش الآمن في بلدانهم وبلداننا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *