Home»Débats»بشأن مصادقة الحكومة التونسية على مشروع قانون المساواة في الإرث

بشأن مصادقة الحكومة التونسية على مشروع قانون المساواة في الإرث

0
Shares
PinterestGoogle+

مصادقة الحكومة التونسية يوم الجمعة 23 نونبر 2018 على مشروع قانون للمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة يشكل منعطفا في تاريخ المؤسسة التنفيذية بل وفي بنية المجتمع التونسي ككل، فقد عرفت السنين الأخيرة نقاشا حادا حول الموضوع بين مختلف المكونات التي تختلف مرجعيتها و نظرتها للموضوع، بين من يعتبر نفسه حداثيا ويغلب منطق حقوق الإنسان وبين من يعتمد المرجعية الدينية التي تحكمها ضوابط تنظم الإرث، فالتيار الأول يشكل امتدادا للمطلب الاستشراقي المنشأ بشأن المساواة في الإرث كما ذكره كولسون في كتابه « الميراث في الأسرة المسلمة » وكذلك جولدتسهير وسميث، ثم تبعهم نصر حامد أبوزيد وحسن حنفي … إذ يبني هذا التيار أساس الدعوة للمساواة على الاعتبارات المتعلقة بحقوق الإنسان و على ما يسميه بتاريخية نصوص الأحكام، أي أن فهم التشريعات الإسلامية لا يصح إلا في الإطار التاريخي والسياق الاجتماعي لها في الجزيرة العربية، فالأحكام الشرعية مرتهنة بالشروط الاجتماعية والتاريخية التي نزلت فيها، وبالتالي إذا تغير الزمن يجب أن تتغير تلك الأحكام، فإذا كانت المرأة ترث نصف الرجل فهذا سببه أن القرآن خاطب مجتمعا السيادة فيه للرجل، ولم تكن المرأة ترث فيه أصلا، واتسمت حياتهم بالحروب والاعتداءات القبلية، وهو قول مردود عليه باعتبار أنه في إرث المرأة مقارنة بالرجل  فإن الحقيقة تقول: (30) حالة يتساوى فيها الرجل بالمرأة!! و (10) حالات المرأة ترث فيها أكثر من الرجل!! و (4) حالات الرجل يرث أكثر من المرأة

المنادون بالمساواة في الإرث، يركزون بالأساس على المستوى الموحد للقرابة مع المورث، بمعنى أنه حينما تكون المرأة مع الرجل في مستوى واحدٍ من القرابة من المورّث من ناحيةِ درجة القرابة وقوّتها (إخوة أشقاء أو لأب أو لأم) يكونُ دائماً للمرأة نصفُ نصيبِ الرجل في الميراث، مما يشكل بالنسبة لهم انتهاكا للمساواة بين الجنسين و نظرة دونية للمرأة طالما أن درجة القرابة نفسها مما يفرض نفس النصيب في الإرث،  والحالُ أنّ هذا ليس صحيحا؛ فالقرآنُ تضمَّن سبعَ حالاتٍ تكونُ فيها المرأةُ مع الرجل في مستوى واحدٍ من القرابة، من هذه الحالاتِ ثلاثٌ يكونُ للمرأة نصفُ ما للرجل أو أقل: 1- الأولادُ حينما يكونون في مستوًى واحد من القرابة {يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} . 2 – الإخوَةُ الأشقّاء أو لأب حينما يكونون في مستوًى واحد من قوّة القرابة {وَإِن كَانُواْ إِخْوَةً رِّجَالاً وَنِسَاء فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} . 3 – الأبُ والأمُّ حينما ينفردان بالميراث فيكونُ للأمِّ الثلث, وللأب الباقي (الثلثان) {فَإِن لَّمْ يَكُن لَّهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} . وثلاثُ حالاتٍ يكون فيها للمرآة مثلُ نصيبِ الرجل: أ – حالات الأب والأم مع وُجود الأولاد. {وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} . ب – الأخ والأخت للأم {وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ} . ج – مجموعةُ الإخوة والأخوات للأم يُقسم بينهم الثلث بالسوية {فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ} . والحالةُ السابعة عندما يكون مع الأب والأم زوج, فهذه الحالةُ يختلف فيها الفقهاء, فمنهم من يَرى أنّ للمرأة (الأم) نصفَ نصيب الرجل (الأب), ومنهم من يَرى أنّ للرجل (الأب) نصفَ نصيب المرأة (الأم). أمّا عندما يختلِف مستوَى القرابة من المورِّث – سواءٌ من ناحيةِ درجة القرابة أو من ناحيةِ قوَّتها – فإنه توجَد حالاتٌ كثيرة تستأثِرُ فيها المرأةُ بالميراث دون الرجل، أو يكون نصيبُها أكبر على النحو المشار إليه

خلاصة القول، أن هذا الدين الحنيف أسمى تشريع يضمن للمرأة كامل حقوقها، وأنه بقدر ما يتم العزف على وتر الحداثة وحقوق الإنسان بتجاوز بعض الأحكام الشرعية، فإن الإسلام يبقى بنصوصه وبرجاله شامخا إلى يوم الدين

عبد العزيز اسماعيلي – جرادة –

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *