Home»Débats»قراءة في المذكرة 18/140 في موضوع برامج الدراسة والحصص والكتب المستعملة في التعليم الخصوصي.

قراءة في المذكرة 18/140 في موضوع برامج الدراسة والحصص والكتب المستعملة في التعليم الخصوصي.

0
Shares
PinterestGoogle+

قراءة في المذكرة 18/140 في موضوع برامج الدراسة والحصص والكتب المستعملة في التعليم الخصوصي.

أصدرت وزارة التربية الوطنية بتاريخ 8 أكتوبر 2018 المذكرة 18/140 في موضوع برامج الدراسة والحصص والكتب المستعملة في التعليم الخصوصي، تشير فيها إلى أنه قد  » لوحظ لجوء مجموعة من مؤسسات التعليم الخصوصي إلى اعتماد كتب مغربية أو أجنبية غير مصادق عليها من طرف الوزارة دون مبررات بيداغوجية مقنعة ناهيك عن الانفلاتات المتعلقة باحترام المنظومة القيمية المغربية »، ولتصحيح هذا الوضع طَلبتْ من مديري الأكاديميات إصدار أوامرهم بمنع كل مطبوع لا يحترم ثوابت المملكة المغربية كما هو منصوص عليها في الدستور مع اتخاذ كل التدابير والإجراءات الإدارية مع المخالفين.

استعملت المذكرة صيغة المبني للمجهول في وصفها لواقع استعمال الكتب غير المرخص لها، مساوية في ذلك بين الكتب المغربية والكتب الأجنبية وهي تَعلم علم اليقين أن الأمر يتعلق بالأساس باللغة الفرنسية، كما أنها متأكدة بأن هذه الكتب بدون استثناء تحمل في طياتها قيما تخالف بل وتعاكس في مجملها قيم وثوابت الأمة المغربية المنصوص عليها في الدستور نظرا للارتباط الجدلي بين اللغة والقيم بصفة عامة. ولعل استعمال صيغة المبني للمجهول من بين المؤشرات الدالة على تهربها من المسؤولية وإلقائها على عاتق الأكاديميات وكأنها ليست هي المسؤولة الأولى عن القطاع. لقد كان عليها أن تتحمل مسؤوليتها كاملة في اتخاذ الإجراءات الحازمة في حق المؤسسات التي لاحظت وتأكدت من استعمالها لهذه الكتب والتي لا ينبغي أن تنحصر في منعها من التداول وإنما إصدار عقوبات زجرية في حقها، لأن لا حق لمؤسسة كيفما كانت ألا تلتزم بثوابت الأمة وخاصة عندما يتعلق الأمر بتربية الناشئة، وهو ما يعتبر في الدول التي تحترم ثوابتها وقيمها خيانة للأمانة ويالها من أمانة، ثم بعد هذا وذاك ما الذي يميز المدرسة الخصوصية عن المدرسة العمومية حتى تسمح لنفسها باستعمال كتب أجنبية سوى اكتساب نوع من الحظوة والشهرة المغشوشة على حساب المدرسة العمومية مع العلم أنها تضرب في العمق أحد المبادئ الأساسية للتعليم ألا وهو مبدأ التوحيد تزامنا مع ضرب مبدأ التعريب الذي تساهم فيه المدرسة الخصوصية أكثر من غيرها، وهذا لا يمكن إلا أن يخدم الأجندة الغربية والفرنسية بالخصوص، من خلال التطبيع مع قيمها ويا لها من قيم !!! باستعمال هذا النوع من الكتب دون ذكر الممارسات العملية الأخرى التي لا مجال لذكرها في هذا المقال.

إذا كان شعار المرحلة هو « روح المسؤولية والعمل الجاد » كما ورد في افتتاح صاحب الجلالة لخطابه بمناسبة السنة التشريعية الثالثة من الولاية التشريعية العاشرة، فإننا من هذا المنطلق نتوقع أن تتم محاسبة كل المسؤولين كل من موقعه ومنصبه خاصة تلك المناصب والمواقع التي لها علاقة مباشرة بالتربية على القيم واحترام الثوابت من مثل التعليم والإعلام بمختلف أطيافه  على اعتبار أن  » المنصب لا يعطي امتيازا أو يمنح قوة، وإنما يفرض مسؤولية » كما قال الخبير في الإدارة بيتر دراكر، هذه المسؤولية التي لا يمكن لأحد تفاديها، وإنما يتعين ربطها بالنتائج التي يمكن قياس آثارها في الواقع، ذلك أن تفادي المسؤولية لا يسمح بتفادي النتائج المترتبة على ذلك حسب الكاتب والشاعر السوري أحمد الأميري حيث قال  » من السهل أن نتفادى مسؤولياتنا، ولكن لن نستطيع أن نتفادى النتائج المترتبة على ذلك ».

وإذا تركنا جانبا مسؤولية الإعلام في محاربة القيم الوطنية والدينية للمجتمع المغربي، وهي مسؤولية عظمى لا تخفى على أحد، واقتصرنا على مسؤولية المدرسة الخصوصية في هذا المجال من زاوية استعمالها إن لم يكن فرضها للكتب الفرنسية رغم ارتفاع أثمنتها التي تتجاوز في حالات عدة عشر مرات ثمن الكتب المقررة، سنجد أن هذا الاستعمال غير المبرر يخضع لمنطلقين اثنين لا ثالث لهما، إما أنه ناتج عن الجهل بثوابت الأمة وقيمها، وهذا أمر غير جائز في حق مؤسسة تربوية تتوفر أو على الأقل يفترض أن تتوفر على طاقم تربوي وآخر إداري وجمعية لآباء وأمهات التلاميذ بالإضافة إلى مجالس المؤسسة التي تضم  أعضاء من مختلف هذه المكونات، وإذا كانت كل هذه الفعاليات تجهل ثوابت الأمة وقيمها وكيفية الدفاع عنها، فإن أقل حكم يمكن أن يصدر في حقها هو أن تُغلقَ أبوابُها حتى تتعلم كفية الحفاظ على هذه الثوابت وغرسها في نفوس الناشئة. أما المنطلق الثاني فيكمن في التواطؤ بشكل من الأشكال على هذه الثوابت والقيم، وهو أمر لا يمكن استساغته، ويمكن إدراجه في خيانة الأمانة التي يتعين على مرتكبيها التوبة منها وإبراز حسن النية من خلال حذف كل ما له علاقة بالإساءة إلى قيمنا العتيدة وإلا أُصدرت في حق المسؤولين على هذه المؤسسات أقصى العقوبات.

إن هذا الكلام لا يعني أننا ضد تدريس اللغات، وإنما ندعو إلى القيام بذلك في سياق منظومتنا القيمية، وذلك على الأقل في المستويات الدنيا التي يَعلم كل من له أدنى معرفة بعلوم التربية أنها المرحلة التي تتكون فيه شخصية المتعلم أو ما يسمى في لغة الإعلاميات ب: Bios ، وذلك في إطار من المسؤولية الحقة لكل الأطراف المعنية دون أن يُلقي بها طرف على طرف آخر. وفي هذا السياق أود أن أختم هذا المقال بالمقولة التالية للمجاهد الكبير محمد بن عبد الكريم الخطابي  » عدم الإحساس بالمسؤولية هو السبب في الفشل، فكل واحد ينتظر أن يبدأ غيره »

 فليكن كل غيور على مستقبل أبناء هذا الوطن في مستوى المسؤولية، وعدم الترويج لقيم قوم يسعون بكل ما أوتوا من قوة الإبقاء على استعمارهم لنا واستغلال خيراتنا من خلال زرعهم فينا هذه القيم التي ستكون في حالة تشربنا لها لا قدر الله هي الحالقة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *