Home»Débats»امتهان السياســة .. نضال أم احتيال

امتهان السياســة .. نضال أم احتيال

3
Shares
PinterestGoogle+

عندما يفكر أحد ممتهني السياسية في اللحاق بالسلطة من بعد طول نوى أو ممانعة، فإنه يتفنّن في إيجاد المسوغ السياسي المُـبَرِّر لذلك، غايته الأولى، حيازة الوزارة، والتربّع على كرسي أو إمارة !! وهو بهذا المسلك يعتقد في قرارة نفسه أنه يضحك على ضحاياه من المداويــخ والعامة، والحقيقة، أنه إنما يضحك على نفسه أولا، ويكشف عن خوائه الأخلاقي والإنساني، إذ فكر يوما أنه بفعله المشين هذا، سيمتطي رؤوس الضحايا، ليَعْبُر إلى أهدافه و أطماعه الخسيسة.
في الواقع ، فإن أحجام التبريرات التي يسوقها المهرولون الجدد ـ من أمثال هؤلاء المحتالين ـ إلى أعتاب السلطة تختلف في مقاديرها الفكرية، و الثقافية، و الأخلاقية ، حسب الكفاءة الاحتيالية و القدرة التمويهية لكل محتال سياسي.. ففي الوقت الذي يلجأ فيه الملتحقون الجد بمظلة السلطة، إلى التركيز على مخادعة العقل الجمعي وتخويفه من خطر محذق بالوطن، مثلما حدث بعيد الحراك الاجتماعي الذي واكب انتفاضات الربيع العربي، نجد البعض الآخر ــ القدامى منهم على الخصوص ـــ يَعزِفون على نغمة الإرث الثقيل الذي خلفته الحكومات السابقة، مما يشكل لديهم تجارة رائجة ومُربحة، حين يحمّلونها وِزْرَ إخفاقهم وتخبطهم غير المحسوب.
إن التحايل على الوطن وأهله، يبدأ بالعمل على حشد الآراء في اتجاه واحد يخدم فئة معينة دون سواها، والعمل على تبخيس العمل السياسي و تنفير الناس، وخاصة الشباب من النضال النقابي و العمل الجمعوي الهادف و المثمر، والتضييق على الإبداع والمبدعين في كل المجالات، وسن رقابة قبلية على الكتاب و الصحافيين، ليأتي بعده دور المحاباة بمختلف خلفياتها الإثنية و الإيديولوجية في التوظيف و التعيين، وما إلى ذلك من الكدر السياسي الذي يلازم البناء الوطني .. هذا البناء الذي من المفروض أن يستدعي استجماع كل القوى السياسية والفكرية والاقتصادية، وصبّها في بوتقة واحدة، تتعايش فيها كل الكائنات الحزبية والنقابية والاجتماعية والثقافية، من أجل التعبير عن كيان واحد وهوية واحدة، تعكس الصورة الحضارية للشعب المغربي العريق، وتكرس العمق التاريخي و الهوياتي للمغرب.
وما دام أن الواقع عكس ذلك، فعلى أي أساس يمكن أن يُبنى الوطن بالشكل الذي يحقق التقدم والأمان للجميع، وعلى أي مرجعية يتم الحـوار والمشاركة، والمحاور لا يكاد يجد حتى فرصة الإنصات إليه بشكل مسؤول وجدّي؟؟ أما إذا ما ارتأى المالــك للسلطة، في وقت من الأوقات، أن لغة العصا الغليظة أبلغ من أي لغة أخـرى، فهذا شيء آخــر .. حيث سترى بأم عينك إلى أي مدى يستبد الاستقواء بالسلطة و الاعتداد بالمال و الجاه بالبعض، و المؤسف إذا كان من بين هؤلاء، بعض المحتالين الذين كانوا بالأمس القريب يشتكون من التضييق و التهميش و الملاحقة . وقد دلّت التجارب على أن انضمامهم إلى السلطة، لم يغير شيئا من واقع الناس، بل زاد من تَردي أوضاع أهــل القاع، و زاد في تعميق الأزمات، وإغراق البلاد في الديون و المطبات التي كانت البلاد في منآى منها .. ولكنهم رغم ذلك، لا يزالون مصرين عـلى خداع الناس و خداع الوطن !!
إن آفة الاحتيال السياسي التي خبرها الكثير من ساسة هذا الوطن، لم ولن تؤدي سوى إلى تفريخ المزيد من الحوانيت السياسية، وسماسرة الانتخابات وباعـة الأحلام والأوهـام المتجوّلين، والرّحّــل المُتسيّسيــن. كما أنها لن تـفضي، إلاّ إلى نفور الناس من السياسة وأهلـها وكل ما يحيط بهـا من قريب أو من بعيد، وما النسب المتدنية جدا للمشاركين في جميع الاستحقاقات الوطنية، سوى مؤشر أولي على ذلك، الشيء الذي سيُخلي الساحة لمحتالي السياسة، ومُقامري المصالح الحزبية والمآرب الشخصية، ليُمعنوا في إفساد وتدمير مصائر البلاد والعباد.
المأمول ــ والأمل مطلوب ــ أن يعمل القائمون على شؤون البلاد والعباد، على إبادة هذه الطفيليات السياسية، والشوائب البشرية التي أفسدت الحرث والنسل، وذلك من خلال تفعيل كل قوانين الرقابة والتخليق ـ التي لدينا منها ما يكفي- وإعمال قانون ربط المسؤولية بالمحاسبة بشكل حقيقي وفعال، وإحقاق مبدأ العقاب و الجزاء، لتطهير الحياة السياسية و العامة ، بالشكل الذي يُحررها من عقالها ، ويتيح لها فرصة التقدم والنماء والتطور، وكل ذلك في سبيل الوطن وأهلـه، أما إذا ظلت مرهونة لدى مُمتَهِني السياسة و الاحتيال ، فرحمة الله على الأحــلام و الآمــال !!
محمد المهدي ـ تاوريرت
05/04/2018

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *