Home»Débats»هل المغرب فعلا، غابة يأكل فيها القوي الضعيف

هل المغرب فعلا، غابة يأكل فيها القوي الضعيف

1
Shares
PinterestGoogle+
 

أحمد الجبلي
يروى عن الفنان الشعبي « عبد الله المكانا » رحمه الله أنه قال، مازحا، عندما ماتت كوكب الشرق الفنانة الكبيرة أم كلثوم: « الموت تجي فينا غي حنا الفنانة »، هكذا، بالضبط، حاول أحد كتاب هسبريس أن يقحم البهائية ويعتبرها إلى جانب الدين الإسلامي مسؤولة، هي كذلك، عن سوء أخلاق الناس وعدم التزامهم ب »الروحانيات والمدنية » على حد تعبيره.
وبدهاء منه راح يتسلل خلسة ليوهم المغاربة أن البهائية دين له وجود، وعدم التحلي بتعاليمها هي وباقي الديانات ( الأخرى) من شأنه أن يحول المجتمع المغربي إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف، حيث، كما يرى، تفشت بين المغاربة الأنانية والحسد والنزاعات مما نتج عنه عدم الأمان والسعادة والسلم والاحترام. ويتساءل قائلا بمكر: أين هي آثار هذه الديانات؟
يقول: من المفروض لَمَّا نرى شخصا يدخل قريتنا أو مدينتنا، فإن سلوكه وأخلاقه يعكس تأثير الدين عليه إلى درجة أننا لا نستطيع أن نقول هذا الشخص مسلما أو نصرانيا أو بهائيا أو يهوديا أو بوديا أو زردشتيا مثلا. نعرفه إذا من سلوكه الطيب وأخلاقه النبيلة وليس بلقبه الديني »
أولا من حيث اللغةُ لا نقول: « لا نستطيع أن نقول هذا الشخص مسلما أو نصرانيا » بل نقول « مسلم أو نصراني »، ثم إن من تعاليم البهائية أن تجعل جميع الأديان في كفة واحدة وما على الناس إلا أن يتعايشوا مع الجميع. وهل أخلاق المسلم هي نفس أخلاق النصراني واليهودي والبودي والزردشتي؟
إن هدف الكاتب هو أن يجعلنا نألف ذكر هذه الديانات في المغرب، ونتحدث عنها، ولذا راح يتحدث عنها في صيرورتها المنافية للواقع، أي رغم عدم وجودها أصلا فهو يتحدث عنها كأنها موجودة ومؤثرة إلا أنها عجزت كما عجز الإسلام في تثبيت أخلاق الناس.
فهو وإن يمشي الهوينا، ويحتاط كثيرا، ويسرد الأفكار بلباقة وحسن تقدير حتى لا ينزلق فيفتضح أمره، وقعت منه زلة لسان كبيرة حيث قال:  » المغربي تائه، وحتى الأديان بتنوعها (لاحظ بتنوعها) عجزت عن تحويله إلى إنسان روحاني ومدني » ليقول، وهو الشاهد هنا: « العديد من المغاربة هجروا (الدين) وتحولوا إلى ديانات أخرى ». هذه سقطة قاتلة تفضحه، وتكشف أحابيله وحيله، ففي الوقت الذي يحمل المسؤولية لما آلت إليه أخلاق المغاربة إلى جميع الديانات، وكأننا في الهند، ليوهم القارئ بأن ديانات كثيرة موجودة في المغرب بفرض الواقع وهي تشتغل وتعمل، وإن هو هنا يحاسبها لأنها فشلت في تحقيق الروحانية والمدنية تلبيسا. ليقول « العديد من المغاربة هجروا الدين وتحولوا إلى ديانات أخرى » إذن الأمر واضح، أنت من البداية لم تكن تتحدث عن الديانات الأخرى وتحملها المسؤولية إلا لتثبت وجودها في الواقع المغربي (تلفيقا وتلبيسا). وعندما تحدت عن هجران المغاربة للدين، حددت الهجران لدين واحد هو الإسلام، فقلت: « العديد من المغاربة هجروا الدين وتحولوا إلى ديانات أخرى ».
ألم يقل قبل قليل أن الديانات كلها تتحمل مسؤولية هذا التردي الذي حول المغرب إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف؟ فكيف إذن لم يهجر المغاربة كل هذه الديانات المتورطة فيما آلت إليه أوضاع الإنسان المغربي. واكتفوا بهجران دين واحد والتحقوا بباقي الأديان. لم أر استحمارا أفضح من هذا الاستحمار، ولا خبثا أخبث من هذا الخبث.
ثم إن الذي قرأ ما كتبه هذا الطبيب النفساني الذي يحتاج إلى طبيب نفساني كي يعالج ما فيه من خبل، لن يرميه إلا بالخبل والحمق، فهل يصدق أحد أن المغرب عبارة عن غابة يأكل فيها القوي الضعيف، هل الناس في منازلهم يشحذون السكاكين والسيوف والبلط ويصنعون الدروع ليقطعوا الطرقات على بعضهم ويقتحمون الدكاكين ليفرغوها مما حوته من سلع ومتاع، ويحطمون زجاج المتاجر ويسرقون الثلاجات والتلفازات، وينهبون المارة ويسرقون الأطفال الرضع، ويغتصبون النساء على مرأى ومسمع الجميع؟
هذا هو منطق الغاب الذي نعرفه، ولا نعرف غيره، كيف لهذا الرجل أن يفوته أن يرى أخلاق المغاربة، أخلاق الكرم والتسامح والتعاون، وأن الأسر بالدين قائمة والعلاقات بين الجيران يغلب عليها طابع (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) حيث يساعد بعضها بعضا في الأفراح والأقراح، وقد حضرت شخصيا في العديد من المرات في نفس المدينة التي يقطنها صاحبنا أثناء ولائم العزاء كيف لأهل الميت لا يوقدون نارا، بل الجيران هم من يتكفلون بكل شيء من نصب الخيمة إلى استقبال المعزين وتهييء الأكل والشرب إلى غير ذلك. وما هذا إلا على سبيل المثال فحسب.
ومن قال أن الدين الإسلامي غائب حتى يترك مكانه لديانات أخرى فهو يريده في الحقيقة أن يغيب، وما ذكره هو تعبير عن حلم وإرادة يكذبها واقع المغاربة أجمعين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.