Home»Débats»يا أمة ضحكت من جهلها الأمم …

يا أمة ضحكت من جهلها الأمم …

1
Shares
PinterestGoogle+

بقلم مصطفى قشنني

في عز ما تمر به العديد من بلاد المعمور, من اعصارات مدوية اتت على الأخضر واليابس, أبلغها شدة وجبروتا إعصار إرما الذي ضرب بعمق سواحل فلوريدا وكوبا وغيرها من البلاد الامريكية,طلعت علينا تدوينات وتعليقات وفتاوى فيسبوكية نشاز متوحشة,مغلفة بالحقد والضغينة والتشفي فيما وقع لأمم تتقاسم معنا المشترك الانساني,علما ان اعصار إيرما او اعصار تسونامي قبله اوكاترينا اوغيره كثير, »يبوصله » التحليل العلمي العميق للظواهر الكونية,والتي سماها الخالق ب »السنن الكونية »,والتي هي سنن عادلة ودقيقة وموضوعية,ولا تصدر ارضاء لهوى مقيت,او ملبية لحقد جبان,او تغذية لنهم متأصل في نفوس مريضة امّارة بالسوء,يستنفرها المكر والخبث وتجيشها الشماتة …القبيلة الفيسبوكية من ابناء جلدتنا لا يهنأ لها بال إلا اذا طلعت بسخام ما يتكلس في دواخلها من رفض ومقت ومناكفة واستعداء للأخر …وهذه الافرازات الخطيرة من السموم المنفوثة هي التي تصنع لنا اشباه مواطنين »موقوتين » حاقدين على الاخر,متشبعين بأوهام الغلبة والتفوق المزعوم والنصر المؤزّر,ولو كان ذلك على ظهر عاصفة قاصمة تفتك « بالعدو الكافر »الهولامي « الحاقد »او انكسارات مدوية –بين الفينة والاخرى-في تلابيب اوطان اخرى من بلاد « الكفر »كما تسميها الانكشارية الفيسبوكية.التي يظهر انها اصبحت في وضعية ذلك الجمل الذي يسخر من سنام صنوه…دون وعي من ان كثيرا من بلاد العربان تعيش ولمدة تتجاوز نصف العقد من الزمن,الويلات من المصائب والنكبات,فهل ما يحدث لبلادنا تحت مسمى الربيع العربي,يمكن ان يستنتج من خلاله الآخر »الكافر »انه غضب ومقت من الله علينا,نحن ايضا,علما ان بعض كتابنا ومبدعينا يغالون في سوداويتهم وسرياليتهم حتى النخاع,حين يعتبرون اننا ميتون مدى الحياة ونحاسب بوجودنا في هذا الوطن العربي الكبير, الذي يسمونه التابوت,وهذا في حد ذاته حساب عسير لنا…فمن يستطيع احصاء هزائمنا في كل شيء,مئات الآلاف من القتلى وملايين المشردين والمنكوبيت والمهجّرين في بلاد الدنيا,وملايير الدولارات المسفوحة مثل الدم العربي,,,فبماذا نفسر جسامة الخطب وهول المشهد؟هل هو عقاب إلاهي وغضب رباني على خير امة اخرجت للناس,,,ان قبيلتنا الفيسبوكية بالرغم مما ترفل فيه من نعم السباحة في لزوجة عالمها الازرق-الإفتراضي- حدّ الإنتشاء,لم تستطع-إلا نادرا-الرقي الى ما يمليه هذا التفاعل مع الاخر ,من ارتقاء وتطور في الثقافة والفكر والسلوك والحوار, وما يصاحب ذلك من نجاح لشروط العيش المشترك..ليتحول في مثل هكذا مواقف الى داعم ومكرّس للوعي البائس المشوه الزائف المدجن,وما يصاحب ذلك من تكثيف للعنف كوسيلة للإحتراب بين الشعوب والامم, وتصادم بين الملل والنحل,بدوافع زائفة او مشاعر دينية طائفية اثنية موهومة,لا تبقي ولا تذر ,,,وتحول شعوب الارض-على-هذا الاساس- الى شعوب متناحرة والاوطان الى ثكنات عسكرية وجبهات للحرب والقتال,و »النحن »الى ما يشبه شيزوفرينيا الذات والوعي (حسب أطروحة كيركراد) المتفوق والمتعالي على الامم ,,,
إن خسران مؤشرات التسامح والتعايش والعيش المشترك مع الآخر واحترامه وتقديره,مهما كانت عقيدته وفلسفته وايديولوجيته, تشكل تراجعا في سلم القيم, وفي تقدم المجتمعات ونضج الحضارات,,وإذا ما حاولت ان تدبج رأيا أو موقفا مناوئا لهم, فستضرس بأنياب وتوطأ بمنسم كما قال الشاعر الجاهلي زهير بن ابي سلمى,وتواجه بسيل جارف من السب والجلد والتجريح الفوري,ودون احترام لرأيك وموقفك ..أو ابداء أي رأي حضاري منطقي عقلاني في نقدهم ومعارضتهم لك,في اعتقاد وهمي منهم,أنهم هم من يمتلك الحقيقة,وهذه الاخيرة هي على سجيتهم,وطيعة لغرائزهم واهوائهم,ومتناغمة مع قداسة وجلال فكرهم,وما عدا ذلك,فهو في نظرهم مثل ذلك الخارج على مقاس سرير »بروكرست »فمآله حتما سيكون قص الأطراف وشدها حتى الموت-الماجازي- في احسن الظروف…إنه الوعي الشقي,او الدرجة الصفر في التمزق الفكري والتشظي الروحي,بل اسفل من الصفر بعدة أمتار « يا أمة ضحكت من جهلها الامم »…

مصطفى قشنني كاتب وشاعر
عضو اتحاد كتاب المغرب

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *