Home»Débats»وزارة التربية الوطنية تجازف بمصير المنظومة في تعاقدها مع من لا تكوين لهم

وزارة التربية الوطنية تجازف بمصير المنظومة في تعاقدها مع من لا تكوين لهم

1
Shares
PinterestGoogle+
 

هل ترغب الوزارة الوصية على التربية حقا في النهوض بالمنظومة التربوية وهي تتعاقد مع من لا تكوين لهم  متعمدة المجازفة بمصير المتعلمين؟

محمد شركي

إن ما أقدمت عليه وزارة التربية الوطنية من تعاقد مع من لا تكوين لهم يعتبر مجازفة خطيرة  بمصير المتعلمين وبالمنظومة التربوية المعول عليها لتحقيق التنمية . ولا شك أن الذي حمل الوزارة على هذه المغامرة هو النقص الحاصل في أطر التدريس المدربة والخاضعة للتكوين والمراكمة للخبرة  .

 سيقول قائل من الذين ينظرون إلى هذه المجازفة أو المغامرة على أنها عملية إنقاذ شباب جامعي عاطل عن العمل إنها مبادرة  تحمد للوزارة ، ونقول له هذا صحيح، ولكن فوائد هذا الشباب العاطل  هي مصائب الناشئة المتعلمة والمنظومة التربوية معا . ولقد كان بإمكان الوزارة الوصية أن تخضع الشباب الجامعي العاطل المتعاقد معها لتكوين أساس تضطلع به ما يسمى مراكز تكوين مهن التربية التي تعرف هي الأخرى بطالة أو عطالة . وكان لا بد أن تعد الوزارة العدة لعملية التعاقد ،فتجري  اختبارات ومقابلات مع المتعاقدين للتأكد من أهليتهم المعرفية حسب دراستهم الجامعية  ثم تحيلهم بعد ذلك على مراكز تكوين مهن التربية ليتلقوا خلال حول كامل تكوينا أساسيا  خاصا بالتدريس يؤهلهم لتعليم الناشئة ، وهو تكوين  يكون له شطر نظري وآخر عملي هو عبارة عن تدريب يخاض  داخل الفصول الدراسية في المؤسسات التربوية تحت إشراف ذوي الخبرة والكفاءة من المدرسين وبحضور أو معية أو تتبع  أو مصاحبة المشرفين التربويين ، وهكذا يعد كل فوج من المتعاقدين قبل مباشرة ممارسة التدريس، وبهذه الطريقة تكون الوزارة قد أثبتت حقا  نيتها  الصادقة وحرصها الأكيد على مصلحة  الناشئة المتعلمة وعلى صيانة  المنظومة التربوية من الاختلال . أما ما أقدمت عليه الوزارة من تعاقد مع الشباب الجامعي الذي لا خبرة تدريسية  سابقة له  إلا ما احفظت به ذاكرته من ذكريات يوم كان متعلما في الفصول الدراسية فهو محض عبث . ولقد تداولت الأوساط التربوية المشرفة على عملية انتقاء المتعاقدين حديثا عن مستوياتهم الجد متواضعة كشفت عنها الامتحانات الكتابية و المقابلات الشفوية على حد سواء . وكذر للرماد في العيون أخضعت الوزارة المتعاقدين لأقصر مدة تكوين حيث لم تتجاوز الأسبوع أو يزيد  عن ذلك بقليل لتوزعهم  بعد ذلك على المؤسسات التربوية مغررة بهم ليواجهوا صعوبات مهمة التدريس التي لا يعرفها إلا من عانها مع  خضوعه للتكوين الأساس في مراكز التكوين وخضوعه لأشكال مختلفة من التكوين المستمر أو المصاحب . وسيقول قائل ما بال أجيال سابقة كانت تلج مجال التدريس دون سابق تكوين عن طريق التوظيف المباشر. والجواب إن الوزارة كانت تجازف حينذاك أيضا بمصير الناشئة المتعلمة وبالمنظومة التربوية ،وذلك دأبها حين تكون في حاجة ماسة إلى أطر التدريس أو غيرها من الأطرالأخرى . ولا شك أن  ما سيحصل من مجازفة بالمتعلمين مع المتعاقدين اليوم هو تماما ما حصل مع الذين تم توظيفهم التوظيف المباشر في السابق  . وقد يعترض البعض على القول  بفكرة المجازفة بمصير المتعلمين سواء بالنسبة للمتعاقدين أوبالنسبة للموظفين توظيفا مباشرة بأنهم ليسوا جميعا دون مستوى القيام بمهمة التدريس على الوجه المطلوب بل قد يكون  فيهم من يتفوق في ذلك ، وتكون مردوديته أفضل بكثير من مردودية الذين يخضعون للتكوين الأساس والمستمر ، والرد على هذا الاعتراض هو السؤال التالي : كم  هي نسبة الذين سينجحون في مهمة التدريس دون الخضوع للتكوين ؟ والجواب عن هذا السؤال معروف ولا يكابر فيه إلا مكابر .وقد يقول قائل إن التكوين الذي خضع له المتعاقدون  خلال أسبوع يكفي ليضعهم على سكة قطار التدريس  في انتظار دورات تكوين مصاحب أو مستمر، والرد على ذلك نتركه لأهل الميدان والخبرة من المدرسين والمشرفين التربويين . ولئن كان التكوين خلال أسبوع مجديا، فلا حاجة لمراكز تكوين وهو ما سيوفر على الوزارة نفقات تنفقها على تلك المراكز.

وفي اعتقادي أن الوزارة لها هدف يمكن أن تخامرنا الشكوك فيه ذلك أن عملية التعاقد هي من جهة  طريقة لسد الخصاص في أطر التدريس اضطرت إليه الوزارة اضطرارا  بسبب النقص في الأطر ، ومن جهة ثانية وفرت  على نفسها مبررا للتخلص من المتعاقدين حينما تريد ذلك علما بأن وضعيتهم  لا تزيد عن كونهم مسجلين بقلم من رصاص يسهل عليها  محو أسمائهم متى شاءت وبأية ذريعة ولأدنى سبب ، وهنا يأتي التغرير بالمتعاقدين الذين تنفسوا الصعداء باختيارهم وفرحوا بذلك وشيدوا قصور أحلامهم فوق كثبان من رمل أو خطوها على صفحة ماء ليجدوا أنفسهم بعد  يمسكون أنفاسهم على الدوام  تحسبا لإنهاء الوزارة تعاقدها معهم  في كل لحظة ، ومن جهة ثالثة قد يكون هدف الوزارة أبعد من ذلك وهو التخلص من طريقة التوظيف عن طريق أسلوب التعاقد على غرار ما هو معمول به في القطاع الخاص أو ما هو معمول به في دول أخرى يقوم التعامل في كل قطاعاتها على التعاقد .

وأخيرا على آباء وأولياء أمور المتعلمين الذين سيتعلمون على أيدي  هؤلاء المتعاقدين أن يقدروا حجم الخسارة التي ستلحق بهم ، ويكفي أن  يتابعوا وتيرة تعلم أبنائهم عن كثب وما سيحصلونه من تعلمات للتأكد من مغامرة الوزارة غير المحمودة العواقب  . ومن المؤكد أن المتعاقدين سيكتسبون  لا شك خبرة مع مرور الأيام  ولكن بأي ثمن وبأية خسائر ؟، وسيخلفون ضحايا في صفوف المتعلمين  الأبرياء  تماما كما يتعلم الحجامة في رؤوس اليتامى على حد  المثل الشعبي  عندنا .كان الله في عون الناشئة المتعلمة التي ستتعلم على يد المتعاقدين ، وكان الله في عون المنظومة التربوية ، وغفر الله لمن سن سنة التعاقد حتى لا أقول لا سامحه الله لأن من عرض مصلحة الناشئة المتعلمة للضياع فكأنما ضيع الأمة برمتها . وأرجو ألا يسيء المتعاقدون الظن بهذا المقال أوبصاحبه ، فأنا أريد لهم توظيفا يبعث الطمأنينة في نفوسهم لا تعاقدا لا يفارقهم بسببه هاجس الخوف من تسريحهم في كل وقت ، كما أريد لهم تكوينا مناسبا يساعدهم على النجاح في مهمتهم والله من وراء القصد .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. yahia bahari
    14/09/2017 at 22:36

    أجل نحن مع توظيف الشباب ولكن شريطة تكوينهم اما الدفع بهم مباشرة الى قطاع التعليم وهم لا بمتلكون المنهجية فوداعا للتعليم ورجمة الله عليه

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.