Home»Débats»قنص النمرة .. الحسيمة، من قلب الحسيمة

قنص النمرة .. الحسيمة، من قلب الحسيمة

1
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الادريسي

لا تفكر في الحجل ،وأنت تروم قنص النمرة:
ما أن تنعرج يسارا ،صوب الحسيمة – في مدخل الناضور،قادما من جبال الزكارة(وجدة) حتى تحشرك التضاريس الجبلية الوعرة،في تفاصيلها المهيبة. لا عليك يا رمضان ،تقدم فأنت في حضرة الريف ،الوريف والعَصِي؛وليس العاصي.
يتقمصني القناص الذي يسكنني ،فتتراءى لي القمم الريفية جنات للحجل والأرانب. أتصورني ماشيا صُعدا، صوب منافي الأحجار والأشجار،هذه؛ وبين يدي كلبي « ريكس » ،يتشمم كل الآجام ،عساه يقنعني بدوام شبابه ، حتى وهو على مشارف شيخوخته الكلبية.
انْتَبِه ؛تصرخ بها الزوجةُ حادة،في وجه سيارات الاتجاه المعاكس .
اطمئني عزيزتي- وشريكتي في هذا السفر المحفوف بالمخاطر – واعذري سرعة مهاجرينا الريفيين، الوافدين على الوطن،فأمامهم شهر فقط ،ليتزوجوا،ليبيعوا ويشتروا،ليُوزعوا الزيارات العائلية؛وليشاركوا في الحراك،مادام قد اصبح فرض عين،وعمرة وطنية.
تعاود القمم جذبي الى ملاحقة كلبي – خياليا – ويدي على الزناد. عجبا يا هذا ،تفكر في حَجَلِ الريف ،وأنت في الطريق لقنص النمرة؟
اعاود القبض على عقلي السياسي،وأنا أقارن بين تعالق المنعرجات،صوب الحسيمة ،وتلاحقها ،وكأنها أنفاس متقطعة؛وبين صعوبة فهم حراك الريف ،والحراك الدولتي ضد الحراك. فعلا هنا ،حتى طوبوغرافية الطريق ،تمارس السياسة،بكل تعقيداتها.
مثلا، لو انفتحت ،وانبسطت كل الطرق صوب الريف، ومنذ زمان – بما فيها طريق التاريخ – لما كنا نواجه اليوم حراكا ،يزداد تعقيدا ،باطراد الحلول الرسمية المقدمة؛حتى الميدانية،و الغبراء منها.
هنا المشارف، حيث الغنى الوارف:
كما أسَرَني توحش القمم ،واستيقظ في أبُ وجد القناص الذي استعمرني منذ الشباب ؛وقعت زوجتي في أسر المعمار الريفي الجبلي. فحينما تلاحق عيناي جناحي نسر ؛معتليا سماء القمم ،وأتذكر نسر عمر أبي ريشة ،وهو يرفض الموت معفرا بالتراب،مع بغاث الطير؛تشير على هي لأنتبه الى أناقة المساكن الريفية الجبلية:
انظر الى شموخ ذاك المنزل في سفح الجبل. تمعن في ألوان ذاك؛من اين كل هذا الذوق؟
على مدى السفوح كلها ،من الناضور الى مشارف الحسيمة،لا تخطئ العين معمارا بَيِّن الثراء ،ينتشر هنا وهناك. وكما تتصاعد المسالك المتربة ،صوب المساكن المتباعدة،حد العجب،تنحدر أخرى صوب شاطئ شديد السخاء ،زرقة ونظافة ،وجمالا آسرا.
تمهل فأنت أيضا في حضرة الريف الأنيق والنظيف؛الريف الذي تجند له أبناؤه منذ عشرات السنين ،ليعارضوا به قصيدة هجاء ،تجشأ بها استبداديون ،واحتقاريون،لا يفهمون في خلجات الوطن الجبلي، الذي يبدع في وشم الأجساد بالعزة والأنفة والكرامة.
ومن مات موشوما بالوطن حقت له الجنة.
هنا الحسيمة:
لم أزرها منذ دفنت بها أخا لي في مستهل ثمانينيات القرن الماضي.رحمك الله يا عبد الوهاب ،فقد قضيتَ ،مرابطا بمجموعتك المدرسية ،كما أراد الله.
تركتها مدينة صغيرة رزينة و متفائلة- وان كانت سمفونيتي بها ، يومها ، جنائزية- لأعاود اليوم (23 يوليوز2017) زيارتها بحثا عن المعنى في عيون أهلها.
معنى هذا الذي يحدث ،وكثيرا ما يُمتطى من جهات داخلية وخارجية ، لتحقيق مآرب شتى.
في كل ما كتبت ،الى الآن ، عن الريف يحضر الريف الحقيقي ؛الذي ارتبطت به مهنيا ،خصوصا الناضور الكبير.
لكن ما أكتبه اليوم ،أحسست باختلافه حتى قبل انكتابه. ولعلي أفيد به من يملك قرار الحسم ،ومن يملك قرار الحراك،ومن يروج الأباطيل ،من الرسميين ، من الصحافيين،ومن هؤلاء الأجانب، الذين سَرَّهم تثاقُلنا في تقديم الحلول ،ليتفرغوا لرسم خرائط الاستثمار السياسي الخبيث.
سألت :أين يسكن الانفصال؟
هل يسكن في الحضور الأمني الكثيف ،الذي يجعلك تحس بالاطمئنان ،حيثما وليت بوجهك،أنت السائح السياسي – وحتى غير السياسي – الذي ؛وان امتلك اللسان الأمازيغي الريفي ،لا يأمن رواسب ،ودواهي، الحسيمة العنيفة، التي رسمها الاعلام المغرض.
لم أجد أي عنوان للانفصال في أي حي من أحيائها. حتى gps،زرقاء اليمامة في عصرنا، لن يدلك على عنوان لهذا الذي تزعم. يحتضنك في البحث عن جميع العناوين ،ويأخذ بيدك ؛عدا عنوان الانفصال ،فهو يجهله تماما.
ألا بئسها من حكومة رسخت في أذهان العالم أن ساكنة الحسيمة تهم بالقائها في البحر.
لا ياسادة وقفت عليها وهي تستحم في شواطئها – والصورة شاهدة على وقفتي- فلم ألحظ نفيرا ،ولا ترقبا ،ولا حراكا بأضراس. يومها كانت في بعض جنبات شواطئها ، حركة شبابية ،راقصة،مغنية،تزيد الشاطئ بهاء.
حتى الحضور الأمني في أعالي « كيمادو » انصرف – والوقت عصرا- الى تبضع « سندويتشات « من هنا وهناك؛ يقدمها لهم بائعون منشرحو السرائر.
أين الحراك الشاكي الحجارة؟ أين الأمن المزنجر الضروس؟ أين الوجه العبوس للمدينة الذي خالط نومك ؛وقد عزمت على قنص النمرة ،غداة؟
كل هذا تبخر فما عليك الآن إلا مجاراة زوجتك ،والطفلة حجيبة السعيدة، في التهام مثلجات الريف.
فكر أيضا في عشاء الأسرة ،وقد اقترحت عليك الشريكة ،أن يُحمل حملا الى الفندق.
وزير مُعَفَّر بالتراب:
بعد الحضور الأمني الكثيف – لكن المنظم والمؤدب،مع الراكبين والراجلين،وهذ شهادة لله- لا تخطئ العين قيامة حقيقية ،وقومة صادقة لإتمام أوراش المدينة ،بسرعة قياسية.
آه يا بلادي؛ما المانع من المضي ،على هذا المنوال ؛ ليس في بلاد أنوال فقط،بل في الوطن كله.
قلت لزوجتى ،راقبي معي ؛فقد نجد وزيرا مُغبرا،مُشمرا على ساعديه وسط العمال.
انها الأوامر الملكية تفعل فعلها في البشر والحجر. كل ما يخطر على بالكم من آليات الصدق الحديدي في العمل حاضرة في الحسيمة التي رأيت.
حتى ليلي في النزل لم يكن هادئا ،نظرا لتحالف الشاحنات ،وأبواق الأعراس، في تحويله الى يقظة بيضاء. نعم في الحسيمة يفرح الناس أيضا ،ويتزوجون عل هواهم. بل رأيت عاشقات وعشاقا – وان بقلة -في أدراج « كيمادو »،ولم يكن شغلهم الحراك الذي نعرف.
المهدوي حاضر في الذهن:
تزامن تواجدي – قناصا للنمرة – مع محاكمة الصحفي المهدوي- الذي رأى القضاء أن تواجده بالحسيمة ،يقع خارج عمله الصحفي.في حين يرى هو ودفاعه أن عمل الصحافة اما أن يكون عملا عضويا صادقا،ومنخرطا ،وإما ألا تكون.
مرة أخرى تُقدم قراءات للنازلة ،لتزيدها تعقيدا ؛وطبعا يركب الراكبون.
وفي رأيي أن ما وقع للمهدوي ،هو نفس ما وقع للحسيمة وللريف. تخوفات رسمية ليس لها ما يبررها في الواقع،وتأويلات مسهبة ،تراكمها القراءات المختلفة،الصادقة والمغرضة.
شخصيا أقدر العطاء الصحفي ،المجدد،للمهدوي، وان كنت أختلف معه في بعض قناعاته، وفي تعاطيه مع رموز الدولة المغربية والنظام. و هل نقدم الاجتهاد في هدم المعبد ،على تقوية بنائه؟
لكن كل هذا لا يبرر اعتقاله ،ومحاكمته؛ خصوصا وهو متواجد في منطقة تحتاج فيها الدولة الى التأطير والإرشاد،والعمل الناصح.
ومادام الحضور السياسي، بالمنطقة، غدا غير مرغوب فيه؛فهل تحارب الدولة حتى الحضور الصحفي الملتزم. كيف يتم تدويل التغطية الصحفية- كيفما اتفق – وتعمد الدولة الى اسكات صوت مسموع ، لم نجد فيه أي ولغ في التزييف.
في العالم آذان لا تعشق سوى الأصوات الثورية،فهل نحرمها من سماع صوت المهدوي؟
وهل نتوهم أنها ستصدق أصواتنا الرسمية. لكل فائدة في مضماره ،وبين قبيله ؛فرجاء لا تبعثوا بمنيب الى حكومة اشتراكية سويدية ،وتحرموا أحرار الوطن والعالم من صوت المهدوي.
والنمرة ،ياهذا؟
بدت لي مَهاة وديعة ،فلملمت عتادي ،وامتشقت قلبي ؛عساه يسعفني شعرا.
اذا كانت الحسيمة منخرطة في الحراك المطلبي الذي نعرف ،ونفهم ،فهي صادقة في مطالبها ؛وان كانت أحسن معمارا ،ونظافة ،ومستوى معيشة،من العديد من مدننا ،الواقعة في أحزمة الخصب والنماء؛حتى لا أتحدث عن المغرب العبوس.
لا يوازي حراكها غير حراك الحكومة ، في الأوراش العديدة ،بالمدينة.
أما عن الحضور الأمني ،فاني اشهد على رؤية الانهاك باديا على الوجوه الأمنية التي رأيت.أحيانا رأيت حتى التهيب والانكسار ،والمبادرة بالمجاملة.
رأيت أمنا مغربيا واقعا في اسر حراك مدني ،مغربي ايضا.
ورأيت سياقة حسيمية على هواها ،والأمن ينظر.نعم اقسمت ألا أقول غير الحقيقة.
وإذا كانت الأجمة تخفي ما وراءها ،فلا ينفع في شيء اخفاء الحقيقة،حتى يكون الوطن شاهدا .
اياكم من اخفاء الانفصالي – ان وجد – في جبة الريفي المطالب بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية.
شخصيا لم أعثر للانفصالي على عنوان في الحسيمة ،حتى وأنا مخفور بالأقمار الصناعية.
نصيحتي أقدمها لمن بيده الأمر:
عودوا بالأمور الى حجمها الحقيقي ؛حتى لا تزداد أضراسها الاعلامية توحشا.
ليس في الحسيمة التي رأيت ما يبرر وجود اسرى في السجون ،ولا اسرى من رجال الأمن في الأزقة والتقاطعات.
رأيت غزالة ترعى في جبال الريف ،فاتركوا لها المرعى؛حتى من تاريخ ،هو لها أبا عن جد.
ورأيت شبابا محملا بملفات ،بأبواب بعض الإدارات صباح الاثنين ..
لعل بداية الحل من هنا ؛ من شباب يجب أن يجد لوجوده معنى في هذه الحياة ،وإلا استرخص كل شيء ،ولن يقدر أحد على وقف التدمير.
تحيتي ،والى زيارة أخرى ؛بعد جديد يحدث في تدبير الملف

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *