Home»Débats»حكايا استاذ متقاعد : ذكريات داخلية عبد المومن … الداخليون يحطمون الرقم القياسي في النجاح بالباكالوريا

حكايا استاذ متقاعد : ذكريات داخلية عبد المومن … الداخليون يحطمون الرقم القياسي في النجاح بالباكالوريا

7
Shares
PinterestGoogle+

تابع 5
حقق التضامن غايته، واصبح بامكاننا أن نرتدي الوزرة لما صنعت من اجله، وفهم المسؤولون أن تطبيق القانون لا يجوز أن يتجاوز الحدود المسطرة له.
لقد كان مدير المؤسسة يمتلك صفات المسؤول الذي يجمع بين حسن التدبير والحس الثقافي الذي لمسناه في مبادرات عديدة، حيث كان يلقي علينا عروضا قيمة ويستدعي فرقا موسيقية للترويح عنا احيانا، مما رفع من شأنه في اعيننا، ولسنا ندري كيف انساق مع استيهامات ،، المساعد،، السيء الحظ!
كان الحارس العام للداخلية شخصا ذا طباع خاصة ، ولكنه امتلك قلوبنا لأنه كان حريصا على مصلحة الداخليين الذين وقفوا ذات يوم وقفة بطولية للمطالبة بالافراج عنه عندما وصل خبر اعتقاله، وما لبث أن عاد الى استئناف عمله- رحمه الله-فقد كان شخصا يجمع بين الصرامة والدعابة وتقلب المزاج!
واذا كانت المنحة قد اتاحت لنا أن نحيا حياة تتوفر فيها شروط يفتقدها أغلبنا في بيت ألأسرة من حيث الغذاء والنظام، فان ذلك كله لم يحل دون شعورنا بنوع من الاعتقال بين جدارن مؤسسة نقضي فيها كل وقتنا، حيث لم يكن بوسعنا أن نزور الاهل بانتظام.
كنا نلجأ الى الخرجات القصيرة في اواخر الاسابيع لنتيه
في جنبات المدينة، ولا نعود الا مع اقتراب وجبة العشاء.
كنت محظوظا نسبيا، لأنني كنت اتردد على بيت احدى خالاتي المقيمة بوجدة منذ الثلاثينات من القرن الماضي، حيث كانت توفر لي كل الظروف لتحضير الدروس، وكانت- رحمها الله- اول من تلقى خبر حصولي على شهادة البكالوريا !
كانت تقاليد حياة الداخلية متوارثة بين الافواج المتعاقبة، وكان المبدأ السائد بين اصحاب الطموح، هو تجاوز عقبة البكالوريا بأي وجه كان لأن هذا الانجاز يفتح باب حياة حالمة في رحاب الجامعة التي جعلتنا أخبارها نتلهف للوصول اليها.
تميز الفوج الذي انتمي اليه من الداخليين بمنافسة قوية حول التحصيل لا سيما حينما نستحضر قتالية ابناء فكيك ودبدو الذين أبانوا عن طاقات هائلة في البحث والتنقيب عن المعلومة.
لم يكن امامنا خيار اخر،ذلك أن المترشح لامتحان البكالوريا ، كان مطالبا باستيعاب المقرر باكمله ، وفي جميع المواد بما فيها الكتابية والشفوية !
وبالرغم من ضخامة المقرر ، فان الغش الذي قد يخطر على البال في مثل هذه الاحوال، لم يكن يحصل الا في حالات نادرة، وذلك لسببين اساسيين:
أولهما، أن ضبط حالة الغش كانت تعني حرمان المدان من اجتياز الامتحان لمدة خمس سنوات، ويكتب اسمه فورا على لوحة ليطلع عليها الجميع وتستخلص العبرة الضرورية.
ثانيا، كان أحد المراقبين على الاقل أجنبيا، مما يغلق الباب أمام أي تدخل أو اغضاء للطرف !
أذكر أننا تعرضنا لهزال في أجسامنا بسبب السهر والارهاق اللذين لم نجد بديلا عنهما لتتويج أقامتنا بالداخلية بتخطي أهم عقبة أمام أحلام لا حدود لها.
تمكن فوج الداخليين من تحطيم الرقم القياسي في النجاح يومئذ، مما جعل مدير المؤسسة يشيد بهذا الانجاز ، ولا أبالغ اذا قلت بانه لم يخفق الا عدد محدود جدا من زملائنا الذين تداركوا الموقف في السنة الموالية.
مرت السنوات الثلاث بالداخلية في لمح البصر، وتمكن العديد من الزملاء من ايجاد أماكنهم في الحياة العامة وفي مختلف القطاعات، بل ان منهم من وصل الى مناصب سامية والحمد لله.
غير أن ما يحز في النفس وانا أنهي هذه الجولة السريعة في حقبة بعيدة من حياتنا الدراسية، هو هذا التحول الدرامي الذي الت اليه الدراسة في الحاضر.
عندما استحضر الامكانيات المتاحة في زماننا واقارنها بالوفرة الهائلة اليوم، أشعر بمرارة: كنا قادرين على القاء عروض شفوية باللغة الفرنسية، ونمتلك احاطة بجغرافية العالم وتاريخه وادبه…فاذا المترشح للبكالوريا يتوجه اليوم للامتحان مثقلا بقصاصات الغش والادوات التكنولوجية ليغتصب شهادة بريئة منه لا يستطيع الدفاع عنها في اول محك للحياة !
لقد اختزلت المقررات الى ابعد الحدود، وخلت من كل ما كان يشكل عقبة، وغرقت الساحة بتجارة الساعات الاضافية وووو
لكن هل بقي من حامل البكالوريا الا اللقب في جل الحالات ؟
اعرف سلفا بأن مثل هذا الكلام لن يعجب الكثيرين، وسينبري البعض لتعليق كل اشكال الفشل على الدولة من خلال الاسطوانة المشروخة التي مللنا سماعها…
لقد جرب المتهافتون على الاصلاح كل شيء ولم ينجح أي شيء،فما العيب اذا جربوا العودة الى الارتفاع بمستوى التلميذ من خلال مساءلته عن المقرر باكمله كما كان الحال في الماضي دون التسامح في دور المدرس كمحرك اساسي في العملية بضمان كرامته كشرط اساسي؟
انه مجرد حلم تمليه الحسرة على مستوى جل ابنائنا الذين ينتقلون الى القسم الاعلى العلمي بمعدل مخجل !
اتمنى في الختام أن يدع كل اطراف العملية التعلمية عدم الاستعداد للتجاوب المسبق جانبا من اجل التفكير في شيء أهم اسمه المغرب !

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *