Home»Débats»VIDEOاجتهاد المحكمة الابتدائية بطنجة يثير جدلا قانوينا بين رجال القانون والقضاء بوجدة

VIDEOاجتهاد المحكمة الابتدائية بطنجة يثير جدلا قانوينا بين رجال القانون والقضاء بوجدة

7
Shares
PinterestGoogle+
 

خلال اليوم الدراسي الثاني الذي نظمته محكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 23 فبراير 2017 ، في اطار سلسلة الندوات المبرمجة برسم السنة القضائية ، تناولت الدكتورة  فتيحة غميظ نائبة وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بوجدة بالدراسة والتحليل القانوني الاجتماعي والأخلاقي موضوع  » حماية المرأة المعنفة  »  …وفي اطار حديثها عن العنف الاقتصادي ، ومن باب اثراء موضوع المحاضرة  استدلت   باجتهاد  [1]- حكم المحكمة الابتدائية بطنجة (قسم قضاء الأسرة)، عدد 320، في الملف عدد 1391/1620/2016، صادر بتاريخ 30/01/2017 ….

غير انه بعد انتهاء المحاضرة ، وفتح باب المناقشة ، لم يكن احد يتوقع  بان هذا الاستدلال  سيثير جدلا قانونيا وقضائيا حادا بين  رجالات القضاء والقانون بفضاء محكمة الاستئناف بوجدة  …

ففي الوقت الذي اعتبر السيد رئيس المحكمة الابتدائية بوجدة ان حكم المحكمة الابتدائية بطنجة لا يمكن اعتباره سابقة ، ولا يمكن اعتباره اجتهادا غريبا او جديدا قائلا : » كنت اتمنى ان لا نخوض في هذا الموضوع لأنه جد حساس من جهة ، ومن جهة اخرى ليس  اجتهاد ،  كما انه لحد الآن لا يعتبر حكما نهائيا ، وأكثر من كل هذا فان الخوض فيه  سيكون من قبيل تقديم اسباب الاستئناف في القرار…فجدة الحكم  المذكور تكمن بالأساس في انه لأول مرة يعتمد ثلاثية : المدني ، الفقه الاسلامي ، والاتفاقيات الدولية في قرار واحد  » وأضاف قائلا  ـ  » هذه المناقشة سوف لا اخوض فيها ــ كتحفظ  ــ   لأن القضية ما زالت امام محكمة الاستئناف ولن اقدم اسباب الاستئناف ، لذا علينا انتظار محكمة النقض في هذا الموضوع ، لكن يمكن الخوض في بعض العناصر الجانبية مثل : ما فائدة البنوة اذا لم تترتب عنها النفقة ، والارث ، والنسب ، لذا ينبغي التساؤل عن آثارها اولا ….اما بخصوص الاتفاقيات الدولية التي التزم بها المغرب ، فان المرجعية الاسلامية لا تتعارض في شيء مع الاتفاقيات الدولية ــ يقول الدكتور سفيان ادريوش ــ فكل المباديء الكونية المنطقية المؤسسة على القواعد الاخلاقية  توجد في الشريعة الاسلامية ….ثم ان هذا الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بطنجة  لا يمكن اعتباره سابقة..والدليل انه صدر للمجلس الاعلى سنة 1960 اي منذ 57 سنة ، قرارا ايام كان القضاة يحررون باللغة الفرنسية وهو القرار المنشور في المجلد الثاني من قرارات المجلس الاعلى …فكانت انذاك مناقشة قضاة  المجلس الاعلى لهذه القضية قائلين :  بعيدا عن النسب   : هل يمكن لهذا الشخص الذي كان في علاقة غير شرعية ترتب عنها مولود ، ألا يعد هذا فعلا ضارا ممكن تأسيسه بناء على مقتضيات المسؤولية التقصيرية …وبالتالي فان الضحية ــ المرأة ــ تحتاج الى تعويض ، أو على الأقل لا يمكنها ان تتحمل مسؤولية الخطأ لوحدها …آنذاك نوقشت هذه الاشكاليات امام المجلس الأعلى انطلاقا من الزاوية التقصيرية …والنتائج المترتبة عنها وتحمل الفاعل لمسؤولية فعله …وبالتالي لم يربط المجلس الأعلى آنذاك قراره بالنسب ، وانما قال  » نحن امام فعل ضار ممكن تأسيسه بناء على مقتضيات المسؤولية التقصيرية  » وهذا في نظر الدكتور سفيان ادريوش صحيح ، لأن من ارتكب فعلا ، وترتب ضرر عن ذلك الفعل ، وجب عليه التعويض للطرف المتضرر  …حيث قال المجلس الاعلى انذاك : ان ما حكم به ليس نفقة للابن ، وانما هو تعويض عن الفعل الضار بناء على اساس المسؤولية التقصيرية ، …وبالعودة الآن  الى حكم ابتدائية طنجة الذي جاء بناء على حوالي 13 حيثية ، حيث الحيثية الأخيرة تقول ، ان الفعل المرتكب  بني على المسؤولية التقصيرية وبذلك يكون قراره مسندا بقرار المجلس الاعلى سنة 1960 …حيث من الممكن التفكير في ان الافعال التقصيرية التي تنسب في الفساد يمكن التعويض عنها لأن هذه الافعال تعتبر في جميع الحالات افعالا ضارة فعلى الطرفين ان يتحملا مسؤوليتها …

ولتعميم الفائدة : ما هو موضوع  نازلة القضية  التي بثت فيها  محكمة طنجة  وما هي الحيثيات التي أسست عليها حكمها ؟

في سابقة تعد الأولى من نوعها في تاريخ القضاء المغربي، أصدرت المحكمة الابتدائية بطنجة أول حكم قضائي أقر مبدأ حق الطفل المولود خارج إطار الزواج في انتسابه لأبيه البيولوجي، وحق الأم في تعويض عن الضرر الذي لحقها من جراء إنجاب ناتج عن هذه العلاقة[1].

اعتمد الحكم المبدئي على عدد من الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل التي صادق عليها المغرب، مقرا حق الطفل الطبيعي في معرفة والديه البيولوجيين، واضعا بذلك حدا لاجتهاد قضائي ترسخ على مدى أزيد من 60 سنة مند صدور مدونة الأحوال الشخصية بالمغرب، كان يقضي بعدم قبول الإعتراف بنسب الأطفال المولودين خارج إطار مؤسسة الزواج، وإعفاء آبائهم من أي التزامات تجاههم لكونهم أبناء غير شرعيين يلحقون بنسب أمهاتهم[2].

ملخص القضية

في أواخر سنة 2016 تقدمت امرأة بدعوى أمام قسم قضاء الأسرة بطنجة (شمال المغرب)، تعرض فيها بأنها أنجبت بنتا من المدعى عليه، خارج إطار الزواج، ورفض الاعتراف بها، رغم أن الخبرة الطبية أثبتت نسبها اليه، ملتمسة من المحكمة، الحكم ببنوة البنت لأبيها، وأدائه لنفقتها مند تاريخ ولادتها.

وأجاب المدعى عليه بكون طلب المدعية غير مؤسس قانونا، على اعتبار الخبرة الطبية المدلى بها في الملف، وان أثبتت العلاقة البيولوجية بينه وبين البنت، فانها لا تثبت العلاقة الشرعية، وبأن النسب في مدونة الأسرة يثبت بالزواج الشرعي، وبأن البنوة غير الشرعية ملغاة للأب، ولا يترتب عنها أي أثر. وقد أدلى بحكم محكمة قضى بإدانته من أجل جنحة الفساد (علاقة جنسية خارج الزواج) طبقا للفصل 490 من القانون الجنائي[3]، ملتمسا رفض الطلب.

موقف المحكمة

اعتمدت المحكمة الابتدائية بطنجة على حيثيات غير مسبوقة، معللة قرارها بنصوص من اتفاقيات دولية، ومن الدستور الجديد.

وجاء في حكمها:

« بالنسبة للاتفاقيات الدولية:

حيث يؤخذ من الفقرة الأولى من المادة الثانية من اتفاقية حقوق الطفل التي صادق عليها المغرب بتاريخ 21/6/1993 أن القضاء يتوجب عليه إيلاء الإعتبار الأول لمصالح الأطفال الفضلى عند النظر في النزاعات المتعلقة بهم.

كما تنص المادة 7 من نفس الاتفاقية على أن الطفل يسجل بعد ولادته فورا ويكون له قدر الإمكان الحق في معرفة والديه وتلقي رعايتهما.

وتنص الإتفاقية الأوروبية بشان حماية حقوق الطفل الموقعة بستراسبورغ بتاريخ 25/1/1996 والتي صادق عليها المغرب بتاريخ 27/3/2014، في الفقرة الأولى من المادة السادسة على ما يلي:

« في الإجراءات التي تشمل الطفل – تقوم السلطة القضائية – قبل اتخاذ القرار:

  1. بدراسة هل لديها معلومات كافية تحت يدها من أجل اتخاذ قرار في صالح الطفل، وعند الضرورة – الحصول على معلومات إضافية، ».

وتنص المادة السابعة من نفس الاتفاقية والمتعلقة بواجب العمل بسرعة على أن « في الإجراءات التى تشمل الطفل، تعمل السلطة القضائية بسرعة لتجنب أي تأخير غير لازم، وتكون الإجراءات مناسبة لضمان تنفيذها على وجه السرعة، وفي الحالات العاجلة تكون للسلطة القضائية الصلاحية، متى كان ذلك مناسباً، لاتخاذ القرارات التي تنفذ على الفور ».

بالنسبة للدستور:

تنص الفقرة الثالثة من المادة 32 من دستور 2011 على أن: « الدولة تسعى لتوفير الحماية القانونية والإعتبار الإجتماعي والمعنوي لجميع الأطفال بكيفية متساوية بصرف النظر عن وضعهم العائلي ».

وإنطلاقا من هذه النصوص، قضت المحكمة:

1- الإعتراف بالبنوة من دون النسب

قضت المحكمة بثبوت البنوة بين الطفلة وبين المدعى عليه اعتمادا على نتائج الخبرة الطبية التي أثبتت العلاقة البيولوجية بينهما، مميزة في هذا الصدد بين البنوة والنسب الذي لا يؤخذ به وبمفاعيله إلا في حال البنوة الشرعية[4].

2- التعويض للأم بدلا عن النفقة للإبنة

رفضت المحكمة طلب المدعية بإلزام المدعى عليه بتحمل نفقة البنت، وعللت المحكمة قرارها بكون النفقة من آثار النسب الشرعي. لكنها وفي أول سابقة لجأت إلى أعمال قواعد المسؤولية التقصيرية لتلزم الأب البيولوجي بدفع تعويض للمدعية نتيجة مساهمته في إنجاب طفلة خارج إطار مؤسسة الزواج.

وقد جاء في حكم المحكمة :

« حيث يؤخذ من الحكم الجنحي عدد 4345 بتاريخ 2016/03/16 في الملف 278/16/2012 الصادر عن هذه المحكمة أن المدعى عليه توبع من أجل جنحة الفساد، وأدين بشهر واحد موقوف التنفيذ، وهو الحكم الذي أصبح نهائيا بعد تأييده استئنافيا.

وحيث لما ثبتت المسؤولية الجنائية للمدعى عليه بارتكابه للفعل الجرمي المذكور والذي نتج عنه ولادة الطفلة تكون العناصر القانونية لقيام المسؤولية المدنية ثابتة في نازلة الحال، وفقا لما ينص عليه الفصل 77 من قانون الالتزامات والعقود الذي جاء فيه: كل فعل ارتكبه الانسان عن بينة واختيار ومن غير أن يسمح به القانون، وأحدث ضررا ماديا أو معنويا للغير، ألزم مرتكبه بتعويض عن الضرر، اذا ثبت أن ذلك الفعل هو السبب المباشر في حصول الضرر ».

وهكذا ارتأت المحكمة بعد ثبوت علاقة البنوة بين البنت والمدعى عليه، وما يستلزمه ذلك من رعايتها والقيام بشؤونها ماديا ومعنويا والحفاظ على مصالحها كمحضونة، وما يتطلبه ذلك من مصاريف أن تمنح المدعية تعويضا يحدد في مائة ألف درهم ».

[1]- حكم المحكمة الابتدائية بطنجة (قسم قضاء الأسرة)، عدد 320، في الملف عدد 1391/1620/2016، صادر بتاريخ 30/01/2017.

[2]- لقد استقر القضاء المغربي على عدم الاعتراف بنسب الطفل المولود خارج اطار مؤسسة الزواج، مؤيدا بذلك موقف المشرع المغربي سواء في ظل مدونة الأحوال الشخصية الصادرة ما بين سنتي 1957 و1958، أو في ظل مدونة الأسرة الصادرة سنة 2004. وفي هذا الصدد أكد المجلس الأعلى (محكمة النقض حاليا) قاعدة عدم نسب الطفل الناشئ عن زنا ولو تقرر الأبوان على هذه البنوة، وحتى إذا أراد الأب الاعتراف بابنه؛ وهكذا جاء في أحد قراراته « لا يلحق نسب البنت المولودة قبل عقد الزواج وإن اقر الزوج ببنوتها ، لأنها بنت زنا وابن الزنا لا يصح الإقرار ببنوته ولا استلحاقه.. « .

-قرار المجلس الأعلى عدد 446 صادر بتاريخ 30 مارس 1983 في الملف الشرعي عدد 54758 ، منشور بمجلة قضاء المجلس الأعلى عدد 39 السنة الحادية عشر نونبر 1986، ص 109.

[3]- ينص الفصل 490 من القانون الجنائي على ما يلي: « كل علاقة جنسية بين رجل وامراة لا تربط بينهما علاقة الزوجية تكون جريمة الفساد ويعاقب عليها بالحبس من شهر واحد الى سنة ».

[4]- تنص المادة 144 من مدونة الأسرة على ما يلي : « تكون البنوة شرعية بالنسبة للأب في حالات قيام سبب من أسباب النسب، وتنتج عنها جميع الآثار المترتبة على النسب شرعا ». وتنص المادة 146 على أنه: »تستوي البنوة للأم في الآثار التي تترتب عليها سواء كانت ناتجة عن علاقة شرعية أو غير شرعية ». كما تنص المادة 148 على أنه : « لا يترتب على البنوة غير الشرعية بالنسبة للأب أي أثر من آثار البنوة الشرعية ».

ومن باب الأمانة الإعلامية ، والحياد الموضوعي الذي تلتزم به الجريدة الالكترونية  » وجدة سيتي  نورد الجزء الأول  من هذه المناقشة بالصوت والصورة  …

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.