Home»Débats»حادثة سير مروعة فوق منبر الجمعة

حادثة سير مروعة فوق منبر الجمعة

3
Shares
PinterestGoogle+
 

أحمد الجبلي
كانت خطبة اليوم الجمعة 17 فبراير 2017 موحدة حول حوادث السير أو حرب الطرقات، ولكن السيد الخطيب بإحدى مساجد مدينة وجدة لم يقرأ الخطبة على أهميتها، بنفس الحماسة والصراخ والتفنن اللغوي المعهود فيه، كما لم يبدل جهدا في استعمال صوته الجهوري المزلزل كما ألفه الناس من قبل، بل مر عليها مرور الكرام وبسرعة البرق، وحتى تلك الأرقام المهولة والخطيرة التي تضمنتها الخطبة لم يقرأها بطريقة واضحة حتى يعلم الحاضرون فداحة هذه الحرب ويعلموا مدى حجم الخسائر  التي تخلفها يوميا، إذ قرأها بسرعة مفرطة وبطريقة أخلط فيها بين الوحدات والعشرات والمئات والآلاف، وأنا على يقين أن تلك الأرقام لم تصل إلى أذن أي واحد من المومنين. مع العلم أن الأرقام تشكل عنصرا هاما في التعبئة للحد من حوادث السير، وتسهم في تبليغ الخطاب بشكل قوي يجعل الناس تستوعب الرسالة فتعمل على المحافظة على أرواح الناس وتجتنب التهور في السياقة والإفراط في السرعة.
إن السرعة التي ساق بها السيد الخطيب خطبته كانت أخطر من السرعة التي تحصد الأرواح في الطرقات، حيث إن الطريقة التي ألقى بها الخطيب هذه الخطبة الواردة من وزارة الأوقاف جعلت الناس وأنا واحد منهم تعي أن الأمر ليس ذا أهمية والدليل أن الخطبة لم يعرها الخطيب أي اهتمام ولذلك قرأها في وقت وجيز قياسي بامتياز مقارنة مع المدد الزمنية التي يقضيها في الترويج لخطابه، خصوصا وأن الناس هنا يعرفون جيدا طريقة الإلقاء التي يتميز بها هذا الخطيب المفوه المعروف بحماسته وهو يصرخ باذلا جهودا مضنية حرصا منه كي تصل رسالته إلى كل مسلم وبكامل الوضوح.
وبعد انتهاء الخطبة تساءل الناس واستفسروا راغبين في معرفة ما الذي جعل الخطيب يحول خطبة خطيرة كهذه إلى مجرد نص أدبي خال من كل معنى ومن كل روح، ويقرأها بسرعة مفرطة وكأنه في سباق.
قال لي أحدهم إن نفس الخطبة لو كانت من نسجه وصناعته وحول نفس الموضوع لنفخ فيها الروح كعادته ولحولها إلى مأثم حقيقي سيشعر الناس معه بفداحة الموقف وحجم الخسائر، وأننا في حرب ضروس لا عدو فيها سوى تهور المتهورين وطيش الطائشين. ولكن هل كان لابد أن يكون هو صاحب الخطبة كي يبدع في إلقائها من أجل إيصال معانيها. أليس الأهم هو تلك الأرواح البشرية التي تزهق بغير وجه حق صباح مساء؟ أليس حي القدس القريب من هذا المسجد، لازال مروعا على إثر تلك الحادثة الفاجعة التي ذهبت ضحيتها تلك الطفلة الصغيرة البريئة يوم 7 فبراير 2017.
وهل إذا كان الخطيب قد هيأ خطبته مسبقا، وجاءته خطبة مهيأة من طرف الوزارة لتكون هي الخطبة الموحدة الرسمية التي سيعتمدها في خطبته، هل هذا مبرر كاف يجعل الخطيب يعمل على تهميش خطبة من شأنها أن تعالج موضوعا خطيرا يمس جميع المغاربة صغيرهم وكبيرهم؟
أليست الجمع المقبلة كافية ليظهر فيها خطيبنا مهاراته في صياغة الخطب وإنشائها، ويتفنن بإلقائها بعريضته القوية وحنجرته الخارقة، وصراخه المدوي؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.