Home»Correspondants»سلام عليك يا تويسيت 8

سلام عليك يا تويسيت 8

4
Shares
PinterestGoogle+

على بعد بضع كيلومترات.لا تتجاوز الثلاثة,من مدينة تويسيت,شيدت قرية سميت باسم الولي الصالح سيدي بوبكر,ولا زلت اتذكر,ان هذه القرية كانت في مجدها خلال الستينيات من القرن الماضي,فقد زرتها صغيرا على مرات متفرقة,ولم تكن تلك الزيارات للاستجمام,بل كان والدي رحمه الله يكلفني بالذهاب الى مطحنة للحبوب لطحن الشعير او القمح هناك,كانت هذه المطحنة تقع على مشارف جبل للنفايات في حي يسمى القيسارية,هذا الحي الذي كان يسكنه العمال المغاربة,بينما احياء سيدي بوبكر الراقية انذاك,كانت مسكنا للغربيين من كل الجنسيات,وهي حي الساعة,وحي الوسط وحي ب ب أ

ولا زلت أذكر ايضا ان هذه الاحياء كانت مقتصرة على سكانها,ويمنع دخولها على الغرباء,ولم ندخلها الا بعد اغلاق الشركة المعدنية ابوابها في منتصف السبعينيات,وقد قدر الله ان نسكنها ونحن نزاول مهنة التعليم بهذه القرية الجميلة.

اما الحي المخصص للمغاربة,فلم يكن ينقص هذه الاحياء جمالية ورونقا ,ومما زاد من جماليته,انتشار البراريك التي كانت تستعمل للتجارة,حيث كانت التجارة مغرية ومربحة,خاصة وان اغلبية سكان القرية هم من عمال الشركة,ولهم دخل لا باس به.

ولعل الميزة التي تتميز بها قرية سيدي بوبكر,ان جانبا منها شيد على سفح جبل صغير,مما جعل طرقها ذات منعرجات تغري الناظرين,اما الراجلين فقد شيد لهم درج للصعود الى منازلهم,انطلق من قاعدة الجبل الى قمته تقريبا.

ولا زلت اذكر ان الراغبين في التنقل من مدينة وجدة الى هاتين القريتين(تويسيت وسيدي بوبكر)كانوا يمتطون الحافلات في مكان يسمى ساحة المغرب,وهناك كنت اسمع احد الاشخاص ينادي على الركاب المتجهين الى سيدي بوبكر او تويسيت,وكنت اتساءل كثيرا حين سمعت هذا الشخص يذكر تارة سيدي بوبكر وتارة اخرى زليجة,فعلمت ان كلمة زليجة كانت تعني اسم الشركة التي حطت رحالها بسيدي بوبكر.

وتجدر الاشارة الى ان الحافلات كانت تنطلق على راس كل ساعة باتجاه القريتين,وهذا ان دل فانما يدل على انهما كانتا تعجان بالساكنة,في حين لا نرى اليوم ولو حافلة واحدة تتجه الى هناك,فنحس من الاعماق لوعة على التاريخ الزاهر للقريتين,ونحس لوعة اعمق حين نرى اليوم ابناء هاتين القريتين,يظلون في غياهب الغيران التي تفتقر الى ابسط شروط السلامة,بحثا عن بقايا المعادن,وغسلها ان وجدت لبيعها الى اصحاب الرساميل الذين يكنزون الاموال الطائلة,بينما الشباب يواجه الموت المحقق في كل لحظة وحين.

وقد افتح قوسا لاتالم باعتباري من مواليد قرية تويسيت,واستاذا بمجموعة مدارس ابن تومرت,لمدة ليست بالهينة,وانا اسمع عن وفاة تلميذين في غياهب غيران سيدي بوبكر,وهما يبحثان عن بقايا المعادن الملعونة,بعد انقطاعهما عن الدراسة.

اما شباب تويسيت,فلا يقل عناء عن شباب سيدي بوبكر,وكلاهما يواجه نفس المصير,بحث يومي عن المعادن,وغسلها في واد بدوار اولاد كاري,لتقديمها الى اصحاب الشركات,مقابل دريهمات.

رغم كل هذه المعاناة,لازال الساكنة يشكلون طودا شامخا,لتنمية القريتين الماجدتين,حتى لا يذهب تاريخهما الزاهر,ادراج الرياح,خاصة وان الدولة بنت المؤسسات التعليمية,لجميع الاسلاك,بينما ابناؤهما البررة,الذين غادروا القريتين من موظفين وعمال بالخارج,شكلوا الجمعيات المدنية للمساهمة في التنمية.

لك الله يا قرية تويسيت,منبت نبعتي,ومعهد صباي وطفولتي,ولك الله يا قرية سيدي بوبكر,وقد قضيت فيك ما يفوق العقدين من الزمن,خدمة لابنائك,رفقة زملائي الذين ابلوا البلاء الحسن في مهنة المتاعب,ومنهم الاستاذ ابراهيمي يحي والحسين صغير وبنيوسف بقالي والحسن الهاملي ومحمد لحميدي ودالي الوازاني,والحسان زليزل,ومحمد الربعي وعلال ملكي والحسين زروقي,والاستاذة زهور وكلثوم والمرحومة بوشطاح,واللائحة لازالت طويلة.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *