Home»Correspondants»قبيل السقوط .. الشرق الأوسط 2017

قبيل السقوط .. الشرق الأوسط 2017

0
Shares
PinterestGoogle+
 

بقلم : شيرين فريد
هناك حقيقة يستشعرها ويؤمن بها « معظم العقلاء » ممن يتأملون فى الأحداث التاريخية والسياسية المتتابعة خلال العقود أو ربما القرون الماضية ، وفى المقابل يعتبرها « البعض » محض أكاذيب ونوعاً من الدجل بسبب أن بعض دجاجلة السياسة والدين والإعلام والشعوذة إستخدموها بسفاهة وحماقة لمصلحة الأنظمة الحاكمة التى ينتمون إليها .. وهناك « البعض الآخر » ممن لا يؤمنون بنظرية المؤامرة تماما فيتجاهلونها بالكلية ..

وهذه الحقيقة هى أنه منذ عدة قرون أصبح من الواضح والجلى لكثير من الساسة والمفكرين والمثقفين فى الشرق والغرب أن هناك « أيادى خفية » تتعمد أن ترسم مستقبل « العالم » وخاصة منطقة « الشرق الأوسط » لأسباب تاريخية وجغرافية ودينية ، لتعيد رسم خريطته السياسية والإجتماعية والإقتصادية كل مائة عام تقريباً ..

ومن المؤكد بأن تلك « الأيادى الخفية » لا يعلم كنهها أحد إلا ما ندر ، وكل ما يُنشر أو يُذاع هنا أو هناك ما هو إلا محض إفتراضات وتحليلات شخصية ، فتارة يقولون أنها « الماسونية » وتارة يقولون أنها « حروب الجيل الرابع » وتارة يقولون أنها « الإرهاب » وتارة أخرى يشطحون بسذاجة فيقولون أنها « مؤامرة كونية من سكان كواكب أخرى » .. ومع هذا فربما تكون بعض النتائج التى يتم التحذير منها صحيحة ولكن لا يقابلها تفسيرات مقنعة ..

ومن المؤكد أيضاً بأن القائمين على « أنظمة الحكم » فى منطقة « الشرق الأوسط » وغيرها و »أجهزة مخابراتها » يعلمون جيداً هذه الحقيقة ، وربما أغلبهم يعلمون حقيقة كنه تلك « الأيادى الخفية » ولكنهم لا يستطيعون أن يبوحوا بكنهها ، وهذا يندرج تحت بند « التقاليد السياسية والأمنية » المُتعارف عليها دولياً !! ..

فخلال عدة قرون سقطت « الإمبراطورية الفرنسية » بإقطاعييها لتتحول « فرنسا » إلى « نظام حكم عسكرى » ثم تعود « للنظام الإمبراطورى » ثم ترجع « للنظام العسكرى » ثم تنتهى « للنظام المدنى » الحالى ، وفى كل مرة كان « النظام الحاكم » بها يرفع شعار « المؤامرة » قبيل سقوطه ويشير بأصبع الإتهام هنا وهناك لكنه لم ينطق ببنت شفه عن حقيقة تلك « الأيادى الخفية » التى تسببت عمداً فى إسقاطه ..

وفى بدايات القرن العشرين سقطت أكبر إمبراطوريتين فى العالم وهى « الإمبراطورية العثمانية التركية » و »الإمبراطورية الروسية » وحينها إنبرى المثقفون والمفكرون والإعلاميون ورجال الدين التابعون لتلك الإمبراطوريتين برفع شعار « المؤامرة » وتوجيه الإتهام إلى « الماسونية العالمية » هذا اللهو الخفى والذى أصبح « شماعة » لأى فشل أو تقصير لكل « نظام سياسى فاشل وغبى » ، ولم يتم أيضاً الإفصاح حينها عن « الأيادى الخفية » الحقيقية والتى أدت إلى إنهيار هاتين الأمبراطوريتين ..

وخلال منتصف القرن العشرين سقطت ممالك وإمبراطوريات وأسر حاكمة وتشكلت أنظمة حكم أخرى غالبيتها كانت عسكرية الهوى والتوجه فى الشرق الأوسط وأفريقيا وأسيا وأمريكا الجنوبية ، وأيضاً لم يبح من سقط بكنه تلك « الأيادى الخفية » التى تسببت فى إسقاطه ..

وخلال العقود الماضية سقط « شاه إيران » وسقط « جعفر نميرى » وسقط « صدام حسين » وسقط « مبارك » وسقط « القذافى » وسقط « غيرهم » ، وبالرغم من أنهم سقطوا « سقوطاً مخزياً » من وجهة نظر غالبية شعوبهم لكنهم لم يوجهوا سهام إتهامهم لمن ورطهم فأسقطهم ، ولكنهم وجهوها لـ »عدو وهمى » هم من صنعوه .. حتى « القذافى » صاحب الشهرة العالمية والتاريخية فى إفشاء الأسرار صمت للأبد !! ..

وبرغم أن تلك « الأيادى الخفية » لا يعلمها أحد من « عامة الناس » ومن يعلمها من « علية الساسة والعسكريين » لا يستطيع أن يبوح بكنهها ولكن « رائحة أثارها » دائماً تفوح بعد كل سقوط بما يمكن أن نتأمل فيه وندرسه ونعرف منه كيف تفكر عقول تلك « الأيادى الخفية » وكيف تخطط ..

وأول ملاحظة هامة يمكن أن يكتشفها « الفاحص المتأمل » بسهولة من آثار تلك « الأيادى الخفية » أنها دائماً تعتمد على تواريخ محددة للبدء فى تنفيذ أى مخطط لهم وفى تواريخ محددة فى إنهائه .. وأيضاً من الواضح أنهم يقدسون علم الإرقام ويعتمدون على إشارات وإستنتاجات حسابية وتاريخية معينة لتحديد وقت البدء ووقت الإنتهاء ووقت إعادة المحاولة إن فشلت المحاولة الأولى ..

ومن خلال بحثى فى علم الأرقام والتواريخ ومطابقته على الأحداث السياسية والإجتماعية التى وقعت خلال الأربعة قرون الماضية فى « العالم » وخلال القرنين الماضيين فى منطقة « الشرق الأوسط » إكتشفت بأن عام 2017 هو عام بدء السقوط لكافة « الأنظمة الحاكمة » فى « الشرق الأوسط » إن كانت « مدنية أو عسكرية أو حتى ملكية » ، وأن عام 2020 أو 2021 هو عام الإنتهاء .. وخلال تلك الفترة ستنتقل كل المنطقة وشعوبها إلى « مرحلة الفوضى » والتفتيت لدويلات أقل حجماً وأضعف قوة .. « وسوف أكتب مقال منفصل لشرح هذا البحث بتفاصيله » .. وللعلم فأنا أتحدث عن « أنظمة » ولا أتحدث عن « حكام » ..

وبالتأكيد سيتبادر سؤال هام إلى الذهن إن كان إستنتاجى هذا صحيحاً ، لأنه برغم قناعتى بنتيجة إستنتاجى ولكننى أتمنى وأحلم من داخلى أن أكون مخطئة وأن يكون إستنتاجى خاطئاً ..

والسؤال هو : ما هو « الحل » .. أو ما هو « البديل » لعدم « السقوط » والدخول فى هذا « النفق المُظلم » ؟؟ ..

ولكن قبل أن أجيب على هذا السؤال يجب أن أقص على القارئ واقعتين هامتين ثابتتين فى ذهنى ولن أنساهما أبد الدهر لأنهما يعتبران تمهيداً للإجابة على السؤال المطروح :

– الواقعة الأولى : فى فبراير 2011 عندما ألقى « مبارك » خطابه الأخير والذى إختزله الكل كعادة « غالبية الشعب المصرى » فى عبارة « أنا أو الفوضى » ، فمعارضوه إعتبروا هذه العبارة تهديداً منه لهم ، ومناصروه إعتبروها توقعاً منه لما سيحدث محلياً ، لكن لم ينتبه أحد للرسائل التى حاول « مبارك » أن يرسلها لشعبه ، فهو ظن حينها أن شعبه يمكن أن تصل « درجة وعيه » ليفهم ما بين سطور كلماته ، ولكنه بالتأكيد قد نسى ربما لضعف ذاكرته بسبب « الشيخوخة » أنه هو نفسه من دمر « وعى شعبه » على مدار ثلاثة عقود .. !! ..

و »مبارك » فى هذا الموقف التاريخى ذكرنى بـ »الرجل المسن » الذى كان يحتضر ومن حوله « أبناؤه وأحفاده » جالسون ينتظرون أن يقول لهم شيئاً هاماً ، وأكتشف فجأة وهو على هذه الحالة بأنه قد ضل وأضل وخدع « كل أبنائه وأحفاده » طيلة سنوات تربيته لهم ، وحاول أن يخبرهم بتلك الحقيقة وهو يحتضر وأن هناك « مخاطر » ستواجههم من « عدو خفى » ، ولكنه عجز عن فعل هذا ، ولم يقل لهم غير أن أحد « البراغيث » يحاول أن يمص دمه ..

و »مبارك » نفسه حاول فى هذا الخطاب أن يوجه أصابع إتهامه إلى « جماعة الإخوان » ولبقايا « اليسار المصرى » ولم يتحدث صراحة عمن تسبب فى إسقاطه تمهيداً لإسقاط « النظام » ككل ، وهذا برغم أنه طيلة فترة حكمه لم يكره أو يعادى غالبية معارضيه لا من « جماعة الإخوان » أو من « بقايا اليسار » أو من « باقى معارضيه » ، ولكن الوضع كان عبارة عن صراع بين كافة الأطراف على مكاسب سياسية وشعبية محلية ليس أكثر ، ثم تطور الوضع للصراع على إرضاء « الأيادى الخفية » دولياً .. بالإضافة إلى أن ما بين ثنايا وسطور خطابه كان موجهاً للجميع بما فيهم أعضاء « جماعة الإخوان » وليس لفصائل محددة .. وأيضاً « مبارك » لم يكن يكره « البرادعى » أو مؤيديه ، ولكنه كان يكره شخصاً واحداً فقط وكان هذا الشخص هو أكثر شخص يخشاه « مبارك » ونظامه !! ..

– الواقعة الثانية : قبيل إسقاط حكم « جماعة الإخوان » بحوالى شهر إستضافت إحدى القنوات الفضائية التابعة لإحدى « الأجهزة الأمنية المصرية » هذا الشخص الذى كان يكرهه « مبارك » ونظامه ويخشونه وقال له مقدم البرنامج بنبرة « متوسلة » : « لقد تسببت فى وصول « جماعة الإخوان » لكرسى الحكم ونطلب منك كما تسببت فى وصولهم لكرسى الحكم أن يتم إزاحتهم عنه ؟؟ !! » .. فرد عليه هذا الشخص بكلمة واحدة فقط وبنبرة الواثق من نفسه : « حاضر » .. !! .. وهذه الكلمة  كانت « الضوء الأخضر » والذى أعطى إشارة البدء لنجاح « 30 يونيه » !! ..

هل تعلمون من هو هذا الشخص الذى كان يكرهه نظام « مبارك » وفى نفس الوقت يخشاه ، وأيضاً يكرهه « النظام المصرى الحالى » وفى نفس الوقت يخشاه ؟؟ !! .. إنه عالم الإجتماع الأمريكى المصرى « سعد الدين إبراهيم » أحد أذناب « الأيادى الخفية » فى « مصر » .. !! ..  وللعلم فكل دولة فى « المنطقة » يوجد بها نسخ من هذا « الشخص » !! ..

وربما لا يعلم الكثيرون أن « سعد الدين إبراهيم » هو « المصرى الوحيد » الذى عندما حاول نظام « مبارك » كعادته أن يلعب معه بـ »فزاعة الترهيب القضائى » لترويضه فى عام 2000 كأى « مواطن مصرى » حتى ولو كان « مزدوج الجنسية » إنتفضت « الأيادى الخفية » فقامت الدنيا ولم تقعد ، وهددت « الولايات المتحدة الأمريكية » حينها بإيقاف المساعدات الإضافية عن « مصر » ، حتى أن « إرييل شارون » رئيس الوزراء الإسرائيلي حينئذ قام بتكليف « وزارة خارجيته » باستدعاء « القائم بالأعمال المصري » في « تل أبيب » وتحميله رسالة عاجلة « للحكومة المصرية » تُعرب فيها « إسرائيل » عن الصدمة التي مُنيت بها نتيجة صدور حكم قضائي بحبس الدكتور « سعد الدين إبراهيم » بإعتبار الحكم انتهاكاً لحقوق الإنسان ، وربما تكون هذه هى المرة الأولى والوحيدة منذ إقامة علاقات بين « مصر » و »دولة الكيان الصهيونى » عام 1979 التي تحتج فيها إسرائيل على « شأن مصري داخلي » لا علاقة لها به .. ومن بعد هذا الموقف وإنتهاء القضية بدأ « نظام مبارك » فى التعامل بحذر مع « سعد الدين إبراهيم » وتجنب الصدام معه بالأساليب التقليدية ..

والأن نعود لإجابة السؤال المطروح : « ما هو « الحل » .. أو ما هو « البديل » لعدم « السقوط » والدخول فى هذا « النفق المُظلم » ؟؟ » ..

الإجابة ببساطة هى أن من بيده مسؤولية الحل هم طرفى المعادلة : « الشعوب وأنظمة الحكم » .. فـ »الشعوب » مسؤوليتها أن تقف وراء « أنظمة حكمها » الوطنية وتساندها لأقصى درجة فى هذه « المرحلة الحرجة والخطرة » على الجميع ، بشرط أن تكون هذه « الأنظمة » على قدر مسؤولية وقوف « شعوبها » خلفها  .. و »أنظمة الحكم » مسؤوليتها أن تضع نصب أعينها أن منبع قوتها الحقيقية هو فى حب « شعوبها » لها وإصطفافها خلفها وليس فى رضى « الأيادى الخفية » عنها ، لأن رضى « الأيادى الخفية » عن أى « نظام حكم » مهما بلغت سطوته لـ »شعب جائع وعارى ومريض وجاهل » لن ينقذ « عنقه » من « السقوط » !! ..

ولذا يجب على هذه « الأنظمة » وبسرعة أن تقوم بإصلاحات جدية تصب فى المقام الأول فى صالح شعوبها كلها وليس فى صالح أفراد بعينهم ، وهذا ما يستلزم منها بأن تقوم بإختيار « رجال أكفاء » للقيام بهذه المهمة ، وأن تركز على إعادة هيكلة « منظومة التعليم والصحة والعدالة الإجتماعية والإعلام » ، وقبل هذا كله يجب إعادة هيكلة « المنظومة السياسية المتهالكة » والتى عفا عليها الزمن ..

ويجب أن تتذكر كل « أنظمة الحكم » فى « الشرق الأوسط » واقعة تاريخية هامة وذات عبرة وهى عندما وصل الحال بأخر حكام أسرة « بنى أمية » الخليفة « مروان بن محمد » والشهير بـ « مروان الحمار »  إلى أن « يتسول الحماية » الشخصية من « الرعية » ولم يجدها ، فسقطت « رأسه » وسقطت « دولته » !! ..

فإستقيموا يرحمكم الله ،، ..

بقلم : شيرين فريد – رئيسة تحرير « جريدة شيرى بريس »

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.