Home»Correspondants»الرهان على الورقة الرابحة : قراءة في الانتخابات المقبلة

الرهان على الورقة الرابحة : قراءة في الانتخابات المقبلة

0
Shares
PinterestGoogle+
 

الرهان والمراهنة و التنبؤ و التوقع الربح  وقراءة المستقبل لغة المقامرين عندما يضعون أموالهم على الرهان على الورقة الرابحة أو على الحصان الرابح أو مجموعة أحصنة أو على أرقام رابحة  أو فرق  رياضية ستربح و قس على ذلك. و في الحقيقة أن المقامرة (الرهان بالمال لكسب المزيد من المال ) على هذه الأمور تعرف سوقا رائجة و مؤسسية لها قواعدها  وقوانينها و طقوسها ، بل لها مراجعها من الكتب و المجلات التي تعطي للاعب الثقافة التي يحتاجها و المعلومات عن ما يراهن عليه . ودور الرهان (القمار) تمارس مهامها في النور و ليس في الظلام و على نظر و سمع العامة و الخاصة  . و رغم أن القمار محرم شرعا بحيث ورد ذكره إلى جانب الخمر وقراءة المستقبل  بالرمل و العظم و حبات القمح و مواقع النجوم و الكواكب  وما شابه ذلك.إلا أن المجتمع لا زال يمارس هذه الطقوس بطريقة عادية جدا.و لهذا ميز المثقفون في الثقافة الدينية بين الإسلام كما جاء في الكتاب المقدس (القرآن) وبين ممارسات المسلمين في حياتهم اليومية من الاستيقاظ إلى النوم.

الرهان لا يكون على أمل كسب المال فقط، بل يكون الرهان على المناصب و المكاسب المالية و الغنائم أيضا.و لأكون واضحا جدا ألاحظ مع مجموعة من الناس الذين يتابعون المشهد السياسي المغربي ظاهرة الترحال من حزب إلى آخر.فهم أيضا لهم قراءاتهم للمستقبل و أين ستكون لهم حظوظ أكثر في الحصول على المناصب.إنهم يراهنون على الحزب الذي سوف يتصدر المراتب الأولى في الانتخابات المقبلة.فلا فرق إذن من وجهة نظري الخاصة بين المقامر بالمال على حصان أو رقم أو فريق رياضي سينتصر أو أي  شيء آخر يستحق أن  يراهن عليه،  و بين الرهان على حزب سياسي سوف يحقق انتصارات في الانتخابات المقبلة.

مناسبة الموضوع هو ما تتبعه المغاربة المهتمون بالشأن الوطني عن ترحال مجموعة من المناضلين صنفوا أنهم من العيار الثقيل من حزب العدالة و التنمية إلى حزب الأصالة و المعاصرة. و الكل يعلم على الأقل ظاهريا تلك العداوة العميقة و القوية والمتمكنة بين الغريمين المتنافسين(حزب ديني يمارس السياسة بالدين مقابل حزب علماني يمارس السياسة بالسياسة، على الأقل هذا ما سربوه لنا نحن المتلقين في هذا الميدان).

وطبعا كان رئيس الحزب وأمينه العام فرحا مسرورا بهذا الحدث و رأى فيه البعض أنها البداية لتآكل و انهيار  حزب العدالة من الداخل،و محاولة من أجل إفراغ بنيته القوية  من كل أطره القوية،  و أنه بدأ في فقدان  قوته من خلال هروب مجموعة من الصقور منه . طبعا قدم (المناضلون  الرحل) تفسيرات تبرر خروجهم عن الطاعة و الانتماء للحزب الجديد.لكن القارئ رأى أن الأمر لا يعدو إلا  محاولة من انتهازيين ومصلحيين و باحثين عن فرص حقيقية للوصول إلى البرلمان أو إلى مناصب سامية أو إلى الاستوزار في الحكومة المقبلة، و أن الوصول إلى هذا الهدف يتطلب طرق أبواب من يراهن عليه للفوز بالانتخابات المقبلة .فقراءتهم للوضع السياسي ربما بينت لهم أن حزب العدالة و التنمية سيدخل ثلاجة  الأموات شأنه شأن كل الأحزاب التي مرت من نفس الطريق.و الحزب الذي يحضر أن يجلس على الكراسي الساخنة هو حزب الأصالة و المعاصرة…

و بغض النظر عن هذا الموضوع، و لكي نبقى دائما مرتبطين بالموضوع (الرهان و القمار) نرى أن كثيرا من الأحزاب لها انتظارات و توقعات و رهانات  وحسابات  و قراءات للمستقبل و قراءات لاستطلاعات الرأي  أنها ستلج الرتبة الأولى: منها حزب العدالة و التنمية الذي أبدى يقينه أنه الأول في الاستحقاقات المقبلة، و إذا كانت النتيجة غير ذلك، فانه من المؤكد حسب استنتاجاته أن الأمر خضع للتزوير، وكذلك الأمر لحزب الاستقلال  الذي أكد أمينه العام أنه سيكون في اللائحة الأولى إذا لم يحدث تزوير ،و حزب الأصالة و المعاصرة يذهب في نفس الطريق.هي تخمينات ومراهنات سياسية بدون دفع مال على الورقة الرابحة…

من الآن يبدو أن هناك اصطفاف لحزب الأصالة و المعاصرة مع حزب الاتحاد الاشتراكي يمكن أن يضاف لهما حزب الأحرار(الذي بدأ في الانقلاب على حليفه في الحكومة فهو من الأحزاب الباحثة عن الكراسي بأي ثمن) و الحركة (العنصر الذي أيضا له نفس التوجه لا زال ينتظر  أين ستهب رياح الانتخابات ليتموقع مع الرابح ، فهو حزب المناصب و ليس حزب المهمات) وهناك  أحزاب أدارية  صغيرة أخرى ترى ما ستحصل عليه من مكاسب (ربما ستخرج بلا فول و لا حمص). أما حزب الاستقلال فقد راهن على الاقتراب من حزب العدالة و التنمية و أظهر الندم على  ما فعل في السابق عند خروجه من الحكومة لحسابات خاطئة.

الأيام المقبلة ستحفل بالمفاجآت ، وكما يقال دائما السياسة كالمرأة العاهرة ليس لها صديق و ليس لها حبيب فهي تتبع من بيده المال و لو كان قردا.  في السياسة لا عداوة دائمة و لا صداقة دائمة، بل هناك مصالح دائمة.

وما لعبته الأحزاب في الحكومة و في المعارضة من تلاعب بمصالح المواطنين لخير دليل على الميوعة و الاستهتار بين ما يسمى أحزاب حكومة و أحزاب معارضة على السواء. فهي معارضة بالكلام  و الصخب و الصراخ أو النوم  أمام عدسات كاميرا  التلفزة عندما تمسك بها فجاة… و لكن عندما يكون الجد و(المعقول ) و تفويت قرارات لاشعبية تراهم  ينسحبون أو يتغيبون أو يمتنعون عن التصويت فأي فرق بين هذا و ذاك؟

 أليس هذا هو الاستهزاء بكرامة المغاربة؟

 أليس هذا هو الاستهتار بالمسؤولية؟

أليس هذا هو نوع من الفساد الأخلاقي و المهني ؟

أليست هذه سرقة للمال العام بطرق مشروعة ؟

أليس المنصب البرلماني نوعا من الريع كباقي أصناف الريع الأخرى ما الفرق؟

نتمنى حتى لو من الكذب على أنفسنا و التمويه عليها أن تكون التكتلات في صالح المصلحة العامة و مصلحة الوطن و المواطنين.و لكن كيف نقنع أنفسنا بهذا و بخيرية  و صلاح هؤلاء ،و الزمن و المنصب و الغنيمة  أظهرت  البرلمانيين و الوزراء و الموظفون السامون  على حقيقتهم البشرية (بشراهتهم  وجشعهم ونهمهم للمال العام و استيلائهم عليه( وجعل ذلك مشروعا بمبررات  كثيرة) بلا وازع أخلاقي أو ديني أو وطني أو إنساني أو ثقافي … فحيث يكون المال و السلطة  تغيب الملائكة وتحضر الشياطين ،إلا ما رحم ربنا،  و رحمته تكون عندما يتواجد أناس مستقيمون و نزهاء  ونظيفون و هم قلة بكل تأكيد …

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. anonyme
    08/08/2016 at 08:18

    كل يوم نكتشف مهنيتك العالية في تقديم المواضيع فشكرا و دامت لهذا المنبر المهنية و الحيادية و الموضوعية ،وقناة مشرفة للمغرب الشرقي شكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.