Home»Correspondants»وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

0
Shares
PinterestGoogle+

ينسب هذا الشطر من البيت إلى عنترة بن شداد على اعتبار انه الأول من حيث الولادة(في العصر الجاهلي) فقد ورد في قصيدة مطلع أبياتها كالتالي:

دهتني صروف الدهر و انتشب الغدر     ومن ذا الذي في الناس يصفو له الدهر

إلى أن يقول:

سيذكرني قومي إذا الخيل أقبلت          وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر

و قد استعمله شعراء من بعده في عصور مختلفة ،كالشاعر أبو فراس الحمداني (932 -967)على سبيل المثال،و لن نعدد كل الشعراء الذين أتوا من بعده و استعملوا هذا الشطر في قصائدهم.

مناسبة الموضوع الذي أقدمه وأعرض له هو ما قامت به الفرق البرلمانية من شتى الأحزاب المتواجدة في البرلمان بغرفتيه، من انسحابات بالجملة  أو غياب أو امتناع عن التصويت ،كلما دعا الأمر إلى التصويت على القرارات اللاشعبية التي اتخذتها الحكومة في حق الشعب المغربي و فئاته المعوزة.وكأن هذا الأمر يعتبر تآمرا فاضحا ومفضحا  وخديعة وتهكما صارخا بإرادة الشعب، و استهزاء بالمواطن المغربي الذي يتحمل التعب و العناء من أجل الذهاب إلى مكاتب الاقتراع لأجل التصويت عليهم، ليفاجئوه بهذا التلاعب من جانبهم . بل و استحمار للشعب  الذي منحهم ثقته ليتلاعبوا بها بدون حياء و لا استحياء …بعد أن ملأوا الدنيا صخبا وصراخا و بكاء أمام التلفزة على الشعب المنكوب الذي تهدر كرامته ، ولكن خارج التغطية التلفزية  و عندما لا ترصدهم أعين كاميرات التلفزة يظهرون وجههم  الحقيقي البشع المخادع  و الماكرو الانتهازي…..

و لأوضح أكثر و بعيدا عن لغة الخشب عملت الحكومة منذ توليتها أمور البلاد على :

تجميد الأجور في الوظيفة العمومة(التعليم و الصحة)والزيادة في الأجر للوظائف السامية.

-الزيادة في فاتورات استهلاك الماء و الكهرباء،لملا الصناديق المفرغة بالتبذير و النهب و السكوت عن الناهبين تحت يافطة (عفا الله عما سلف)

 – الزيادة في المواد الغذائية من سكر وزيت و دقيق وغيره

– تجميد مناقشة أجور الوزراء و البرلمانيين و الموظفين السامين، رغم حالة التقشف و الانحباس الاقتصادي التي تمر بها البلاد: (معدل النمو 1.5  لهذه السنة)

– تجميد مناقشة تقاعد الوزراء و البرلمانيين. رغم أن جلهم موظفون سامون سابقون أو أساتذة التعليم العالي أو محامون أو مقاولون كبار…

– تفويت قانون فصل التكوين عن التوظيف

 – تفويت قانون تقليص منحة التكوين  في مراكز التكوين

– سن قانون العمل بالتعاقد لإفراغ الوظيفة العمومية من أطرها وضرب مبدأ الاستقرار، و الحط من قيمتها .

– سن قانون وتفويته يتعلق بتشغيل القاصر

-رفع اليد نهائيا عن صندوق الدعم الاجتماعي (صندوق المقاصة)

– رفع سنوات العمل إلى 65 سنة

–  رفع اشتراكات الموظفين لفائدة ملأ صندوق التقاعد الذي أهدر و ساء تسييره و نهب ، بدون محاسبة السارقين و المبذرين و النهابين

– التقليص من معاشات المتقاعدين،للسبب أعلاه

– رفع اليد عن الصحة و التعليم و التشغيل

–  رفع اليد عن المسؤولية في تشغيل الخريجين من المعاهد و الجامعات و مراكز التكوين ودفعهم إلى القطاع الخاص الذي رفض استيعابهم أو تشغيلهم

– السلبية و الجمود أمام اللوبي من المفسدين و المبذرين للمال العام من بعض رؤساء الجهات و بعض المتحزبين

– تمرير المنحة (10 أشهر) و التي يطلق عليها اسم العلاوة ، كمكافأة نهاية الخدمة لفائدة سعادة الوزراء المحترمين ،رغم ما يقال عن حالة التقشف القصوى التي تعيشها البلاد.

– الاستمرار في الاقتراض من البنوك العالمية رغم وصول القروض إلى مستوى ينذر بالخطر.

كل هذه القرارات مرت في دار البرلمان ، و الفرق تناقش الأمر أمام الشعب بحرارة و حماس و صخب لا نظير له و لكن عندما تأتي اللحظة الحاسمة و الفاصلة  التي سيصوت البرلمانيون من أجل الاعتراض على مرورها نرى العجب و العجاب في أمر هؤلاء القوم : حيث ينسحب من ينسحب  تحت أية ذريعة،و يتغيب من يتغيب منهم   في عبث ظاهر فلا يحضر التصويت و لا يساهم فيه،و يمتنع من يمتنع منهم لسبب في نفس يعقوب…فيمر القرار مرور الكرام ،وتصوت عليه طبعا الأغلبية الحكومية و المتواطئين معها (كحزب الاستقلال في المرة الأخيرة بعد أن بدل معطف الولاءات و انحاز إلى الأغلبية الحكومية).

بعد كل هذا هل تستطيع أية حكومة مستقبلية  كيفما كان لونها السياسي أن تتحرر من عبودية القروض الدولية و من قبضة البنوك الدولية؟هل تستطيع أية حكومة أن تفعل شيئا بعد السيطرة على مصير قدرات  البلاد و لأجيال ولعقود من الزمن، من طرف الرأسمال العالمي. الوضعية المتأزمة هذه، هي نتاج تسيير عشوائي وتركة هذه الحكومة الحالية ذات التوجه اللبرالي المتوحش: الذي لا صوت فيه يعلو على صوت الحيتان الكبيرة، وأصحاب الملايير الجشعين…

بعد كل هذا نتساءل أليس من حق المواطن أن لا يهب صوته لأي شخص من  هؤلاء الذين  برهنوا بالملموس أنهم ليسوا إلا متلاعبين  بمصيره و مصير أبنائه؟و أن هؤلاء من الأحزاب المتواجدة في الساحة السياسية و بلا استثناء(لا فرق بين اليميني و اليساري و لا بين الديني و العلماني) لا يهمهم  من أمر الوطن والمغاربة إلا الكراسي و المنافع و المكاسب  و الصفقات و الاغتناء السريع و الغنائم  الهائلة التي يحصلون عليها؟وأن وكل ما يبحثون عنه لا يبتعد عن الريع السياسي لهم و لقبيلهم و أبنائهم. هؤلاء شعارهم في الحياة الكراسي و الغنائم و المكاسب المالية و الريعية أولا و أخيرا، وبعد…  الشعب إلى الطوفان…أو إلى جهنم الدنيوية…

  الفقراء و الفئات التي كانت من المتوسطة،  دورها –في نظرهم – أن توصل سعادتهم إلى المناصب. و لا تعتبر- في نظرهم أيضا – إلا مستودعا  ومخزنا وذخيرة للأصوات و التصويت في الانتخابات لصالحهم ( إنها ديمقراطية التصويت ) ومن أجل أن يتنعموا و ينعموا  و يتمرغوا في الخير العام و انتهى الأمر، في انتظار انتخابات أخرى، واصطياد  مغفلين وبهاليل(مفرد بهلول)  و بلهاء آخرين يثقون في كذبهم و لغوهم  إلى يوم يبعثون.

أليس من حق المواطن الفطن الاعتقاد أن ليس في القنافذ ما هو أملس، و ليس في الذئاب من يرعى الغنم، وليس في الشياطين من يدخل المسجد ويبدل لباسه و يتحول إلى ملاك طاهر… إنها سنة كونية:فالشياطين لن تغير  وجهها البشع إلى ملائكة ، و الملائكة  الطاهرة لن تتحول إلى شياطين،فالطيبون للطيبات و الخبيثون للخبيثات: إنها سنة الله في خلقه إلى يوم يبعثون.  (سنة الله في الذين خلوا من قبل و لن تجد لسنة الله تبديلا). الآية 62 من سورة الأحزاب…صدق الله العظيم …

ص. نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. aissa boutaibi
    14/07/2016 at 10:07

    السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته،
    نشكر الكاتب صائم نور الدين على مقالاته في وجدة سيتي.
    ……..
    أحيي في الأخ الصائم غيرته الوطنية والتي لا يصوم عن منكرات مجتمعية. إنما يقوم بفضحها وتعريتها حتى تنكشف عورتها للمغفلين والبسطاء .أحسن طريقة للصعود ممارسة الخداع والمكر وهذا موجود بكثرة كاثرة في ميدان السياسة الأمن رحم الله. ليست للمواطن الصالح الباني المتفائل الطموح نظرة سوداوية ولا متشاءمة، إن ذلك كله يتحطم في الواقع اليومي الذي يحتك به المواطن العادي المقهور المغلوب على أمره، الذي لا يسمع انينه إلا الله وحده.
    تحية حارة لوجدة سيتي التي تعتبر صوت من صوت له.

  2. ص نورالدين
    15/07/2016 at 10:01

    أشكر الأخ العزيز عيسى على التنبيه و على التصحيح ،فسبحان الله (الذي لا تأخذه سنة و لا نوم).كما اشكر هذا المنبر الذي يسمح بإسماع الصوت حتى لا يقال عنا كما قال عنا الوزير السابق الذي هو الآن في الدار الأخرى،أننا شعب (بقري). كما ينعت بعض المسئولين عندنا أننا شعب قاصر لا يملك إرادته و مصيره بيده و أننا لا نفهم و لا نفكر و لا نحسن التصرف، و لهذا فهم يتصرفون مكاننا و يقررون باسمنا، ومع ذلك ينعتون المغرب بأنه بلد ديمقراطي. فلا ديمقراطية عندما لا يملك المواطن سلطة الاختيار و سلطة القرار. بل يبقى دائما في مرتبة (رعية)sujet . ومن خلال هذه المنابر هنا وهناك نريد أن نسمع الصوت عاليا نحن مواطنون ومن حقنا أن يطبق القانون على الجميع لا فرق بين ابن الذوات و ابن عابر سبيل،و أن يكون لنا حق في ثروة البلاد و ليس أن يكون لنا حق في الفقر و الجهل و المرض فقط، ولهم حق في الثراء و الثروة والمناصب و العلم و الرفاهية و الصحة و العلاج في ارقي المصحات داخل وخارج البلد.فأي مساواة هذه التي لا تكون حتى أمام القانون؟

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *